الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اقليم السنة الى اقليم الدواعش

مالوم ابو رغيف

2014 / 7 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد تكون فدرالية الاقاليم احد الاختيارات الجيدة لحل النزاع ما بين قوى السنة، وهي احزاب سياسية ومرجعيات دينية وتنظيمات مدنية وتجمعات عشائرية وانتمائات قبلية، وما بين القوى الشيعية التي تمتاز بانها قابضة على زمام السلطة.
لكن مشكلة الشيعة مثل مشكلة الكورد، هي غياب الثقة، فالكورد قد فقدوا الثقة بالعرب بعد المعاناة والقسوة المفرطة التي ميزت سياسات الحكومات العراقية منذ التأسيس لقمع وانهاء الانتفاضة الكوردية، حتى بلغ القمع درجة الابادة في عهد صدام، كما في جرائم الانفال وحلبجة وجرائم الغارات الكيمياوية، فلا حق لاحد اعابتهم ومؤاخذتهم ان قرروا انفصالهم واعلان دولتهم المستقلة. فالتاريخ سلسلة من القرائن والعبر وهو ان حدث مرة على شكل مآساة فان الشعوب الحكيمة لا تسمح ان يُعاد على شكل مهزلة.
كذلك هم الشيعة، قد فقدوا الثقة بالقسم السني من الشعب، لما لاقوه من قسوة وتمييز ضدهم وصل حد الازدراء والاحتقار العنصري والذي لا يزال يستخدمه العربان كتعابير ذات مدلولات ازدرائية في خطبهم الدينية ومقالاتهم السياسة وادبياتهم الثقافية، اضافة للمذابح الجماعية التي اقيمت لهم في كل مكان تواجدوا فيه حتى تحولت ارضهم الى مقبرة جماعية مغيبة الشواخص في السنوات التي اعقبت حرب الخليج الثانية.
لم تكن هذه المعاملة السيئة الى درجة اهمال الانسانية والطعن بعروبة الشيعة، ميزة فترة حكم معين بل كانت ميزة جميع الحكومات العراقية باستثناء فترة حكم الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم. ان ذلك خلق عقدة نفسية في داخل النفسية الشيعية تمظهرت بالتناقض، ما بين اتهام الشيعة للعرب بالتآمر عليهم وما بين استغلال اي مناسبة لاثبات انتمائهم العروبي، من اللافت ايضا ان الروس من اصول المانية، عندما يوفودن الى المانيا قد ينتمون للاحزاب النازية، تلك التي تمجد هتلر لتأكيد المانيتهم، وان المسلم غير العربي، الباكستاني والافغاني، يكون اكثر تعصبا للاسلام من العربي، لاثبات هويته الاسلامية، كذلك الشيعي المطعون بدينه وبأنتمائه القومي يكون اشد حماسا للقضايا العروبية من العربي السني، لتاكيد انتمائه العروبي.
ان ما زاد من فقدان ثقة الشيعة بالسنة، هو ذلك النكران السافر لآلامهم ومعاناتهم حتى بعد ان ازيح الغطاء عن حجم المآساة والكوارث التي المت بهم، فقد اتبع الاعلام العربي ولازال ، سياسة تجاهل المآسي التي تجرعها العراقيون والقى اللوم على الضحايا، اذ صوَر المجازر التي اقيمت لهم، استحقاقا جراء خيانتهم للوطن كما يزعم هذا الاعلام المزيف، بينما اسبغ على مرتكبي الجرائم القاب البطولة والشجاعة والشرف الرفيع والشهادة حتى انك تجد الى يومنا هذا مدارسا وشوارعا وميادينا في المحافضات ذات الاغلبية السنية( الفلوجة، الرمادي الموصل تكريت) وغيرها تحمل اسم بطل المجازر والمذابح صدام حسين.
ان ما عزز فقدان ثقة الشيعة بالسنة، هو الموقف الخاطيء الذي اتخذه السنة بعد اسقاط نظام صدام حسين دون ان ينتظروا نوعية الحكومة وطبيعة معاملتها وديمقراطية سياستها، فقد شنوا حربا لا هوادة فيها تحت ذريعة المقاومة، بالتعاون مع دول الجوار، وهي نفس الدول التي انطلقت منها الجيوش الامريكية للاطاحة بصدام حسين، وتعاونوا مع مجاميع وقطعان التكفيريين والوهابيين الاجانب ومنهم القاعدة ، بانهاء كل ما هو شيعي، فاستهدفوا المدارس وملاعب الاطفال ومساطر العمال المياومة واماكن العبادة والتقديس الشيعية ومواكب العزاء الحسيني والشوارع والاحياء.
لم يكن قتل الناس حدثا عرضيا ناتج عن مهاجمة الامريكيين، بل عملا موجها مقصودا ضدهم. واذا كان لكل فعل رد فعل، فان الارهاب السني قد انتج ايضا ارهابا شيعيا استهدف السنة ولم يرحم منهم احدا، لم يكن ارهابا حكوميا، لكنه كان مليشياويا مسكوت عنه وقد يكون مدعوما من جهات حكومية متنفذة.
ان رد الفعل ليس الا نتاجا عرضيا للظاهرة، انه فعل يزول اذا ما زالت، الفعل الارهابي هو جوهر البناء الايدلوجي التاريخي السني المرتبط بتراث الفتوحات الاسلامية الدموية ومآثر الذبح وقطع الرؤس، والذي تسلل حتى الى المذاهب الصوفية المعتدلة، مثل النقشبندية وحولهم الى ذباحين بعد ان كانوا يرقصون ويغنون في موالد النبي والآئمة والاولياء.
اليوم نحن امام مذهبيَن دينيَن متخاصمَين تاريخيا ان لم نقل متعاديَن، سني واخر شيعي، ولا يمكن لهما ان يتصالحا، اذ انهما ليسا بنقائض آنية يخف صراعها ويخفت تناحرها بتغير الظروف، انهما نقائض تاريخية لا يمكن حلها الا داخل التاريخ.
لذلك لا بد من اهمال التاريخ الديني كليا كما يهمل الجوراب القديم، ان اي احياء لهذا التاريخ الدموي يعني استمرار التناقض التناحري ما بين السنة والشيعة الذي لم يهدأ يوما.
المعضلة هي ان المعبد الشيعي مسنود على دعائم من السرد الروائي التاريخي التناحري، بينما المعبد الوهابي مبني على تعاليم القتل وقطع الرؤوس وعدم الاعتراف بالاخر ومحاربة الجميع حتى يصبحوا وهابيين.
ان احد العوامل الرئيسية في عدم اقرار الاسلام السياسي الشيعي لدولة كوردستان، هو التاكيد على الانتساب للعروبة، انهم يركلون الحق باقدامهم من اجل موقف شوفيني عروبي وشراء انتساب لامة اصبحت من مهازل العالم.
بينما عدم موافقتهم على انشاء اقليم، او اقاليم للسنة، هو تخوفهم من ان يكون هذا الاقليم مركز للقوى الارهابية، نقطة انطلاق للانقلاب وانهاء الدولة وفرض واعادة حكم السنة عليهم، ذلك هو ايضا السبب الرئيس بعدم تعيين وزير للدفاع، لانه طبقا للتحاصص يجب ان يكون سنيا.
لقد رسخ هذا الاعتقاد عند الشيعة بعد ان اسس الدواعش، ليس اقليما انما دولة خلافة اسلامية. لقد عزز خطاب ابو بكر البغدادي مخاوف الشيعة من الاقليم السني، فقد جاء في خطابه:ـ
من كان يظن ان الناس لا يريدون "دولة الاسلام" فليعلم ان اكثر أهل السنة في بلاد الرافدين يؤيدونها منتظرين عودتها، ولا يسعني إلا أن اثني على عشائرنا واهلنا في بلاد الرافدين، شيوخاً وافرادا الذين كانوا وما زالوا مادة الجهاد في العراق ومأوى المجاهدين وحصنهم، والذين سيظلون ان شاء الله انصار لـ الله ورسوله ولدينه وللمجاهدين في سبيله وهذه الحقيقة التي اثبتها الواقع رغم تلبيس الملبّسين وتضليل المضليلين وقطاع الطرق إلى الله رب العالمين وقد تحطمت امالهم على صخرة صمود وآمال العشائر الكريمة الابية... نسأل الله ان يثبهم ويجيزهم عن الاسلام خير الجزاء... اصبروا يا عشائر اهل السنة فانكم على الحق وان عدوكم على باطل. انتهى
ما هو الحل للصراع المحتدم الذي لا يمكن حللحت عقده وازالة اسباب تناحره، ذلك لانها تجد نفسها في غابر التاريخ، غير اهمال التاريخ وانقاذ الدولة من تكون نقطة انطلاق له؟
هل من حل اخر؟
ان الحديث عن الوفاق ليس الا وهما عقيما وضحكا على الذقون فلم يحدث في التاريخ الاسلامي ان توصل المسلمون الى حل للصراعات الطائفية والقومية الا بشن هجمات القمع والذبح والدمار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال