الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التكامل النفسي بين الواقعية والمثالية
اسعد الامارة
2005 / 8 / 1الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تقودنا تساؤلات كثيرة الى اجابات مبتسرة لم نجد فيها ما يقنع ،ومن تلك الاسئلة،ما هو ومن هو الطبيعي،من هو السوي-السليم نفسياً؟من هو المضطرب نفسياً؟من هو المضطرب عقلياً؟من هو المتوافق مع بيئته ومجتمعه؟كيف يصل الانسان الى اعلى تكيف ممكن؟هذه الاسئلة واسئلة اخرى لم يجد لها المرء الاجابة الكافية والمقنعة،وحتى لو وجد الاجابة المقنعة هل تكون ادوات القياس التي بموجبها نقيس تساؤلاتنا والاجابة عليها موضوعية؟
لو استعرضنا لبعض التعريفات والمفاهيم المهمة مثل الصحة النفسية لوجدنا انها حالة دينامية تبدو في قدرة الفرد على التوافق المرن الذي يناسب الموقف الذي يمر به او يخبره،والتوافق المرن به شقين الاول:هو جانب موضوعي يتمثل في مقدرة الفرد على عقد صلات اجتماعية تتميز بالتبادل الايجابي البناء مثل الاخذ والعطاء والتعاون والتسامح ،اما الشق الآخر:فهو الذاتية،اي قدرة الفرد على التوفيق بين ما يحمل في داخله من رغبات متصارعة مع الواقع الخارجي الذي يمثل المواجهة الحياتية من ازمات وشدائد ومواقف صعبة وبين قدرته على الموازنة بين الداخل(الذاتي)والخارج(الموضوعي)وكلما ازداد الاستبصار لدى الفرد مع نفسه استطاع ان يحل الاشكالات الذاتية العالقة او تأجيل تنفيذها خصوصاً تلك التي تتعارض او تتضارب مع متطلبات المجتمع.
اما السواء او الحالة السوية التي يكون عليها الانسان الطبيعي فهي من الصعوبة بمكان قياسها او ايجاد القياس المضبوط لها، ومن بعض الصعوبات التي تواجه المختصين في ايجاد اداة قياس ثابتة تتعلق بطبيعة الانسان كونه كائن متطور ومتغير وانفعالي،يتفاعل مع محيطه ويتأثر به ويؤثر به،تنتقل اليه السمات بالوراثة ويتعلمها ايضا من البيئة كعوامل مكتسبة وعليه فأن اختلاف العوامل المؤثرة فيه(الوراثة والبيئة)واختلاف الحالة النفسية في اليوم الواحد وفي العمل الواحد،وفي معالجة مشكلات الحياة في المواقف المتشابهة والمختلفة وهذا يدعونا ان نقف عاجزين عن كيفية ضبط الحالة السوية او الانفعالية والاتفاق على قياس ثابت ومحدد يقيس الحالة السوية لكل الناس اذا ما عرفنا ان هناك انماطاً متعددة من الشخصية مثل الشخصية المتزنة والشخصية الانفجارية والشخصية الهستيرية والوسواسية والهوسية والبخيلة والاكتئابية والانفعالية والسلبية والشبه الفصامية ..الخ من انماط الشخصية فأن اصحاب هذه الانماط في الشخصية يتعاملون مع مواقف الحياة المختلفة السلبية والايجابية بمواقف متنوعة وليس بآلية محددة،فكثيراً ما يصدر من السئ عمل حسن وكثيراً ما يصدر من الكريم عملا اقل ما يوصف بانه لا يتناسب مع شخصيته وكثيرا ما يصدر من البخيل عملا يشكر عليه،وعليه فأن الناس يتفاوتون في تجاربهم النفسية،ليس في عمق هذه التجارب الذاتية وقسوتها وتشعب نواحيها بل يتفاوتون في قدراتهم والحالات الاستثنائية التي تصدر عنهم وهم بنفس الوقت لديهم الاحساس بالحالة الانسانية في ادراك الاخرين والتقارب او التباعد معهم ولكن يبقى ان هناك اجماعاً على الحالة السوية لدى بعض الناس وتتمثل في بعض الخصائص ومن اهمها:
- انه يعاني اقل ما يمكن من الصراعات الداخلية
- لديه الرغبة القوية في اقامة علاقات متكافئة مع الاخرين
- يستطيع ان يحسم الامور بدون عناء او تأخر
- يحب عمله وينتج فيه ويتآلف مع الاخرين
- الرغبة الدائمة في البقاء في عمله ويرفض تغييره باستمرار
- لديه القدرة في اقامة اسرة متوافقة مع اقامة حياة زوجية هادئة
- يتفهم الحاجات العاطفية للاخرين ووجهات نظرهم فيها
- يتجاوب مع الكبار والصغار في البيئة الاجتماعية وبيئة العمل
اما في حالة المرض النفسي الذي يتمثل في سلوك صاحبه الواضح والذي يمكن تمييزه للوهلة الاولى عن سلوك السواء ، فهو سلوك مميز وهو سلوك عابر غير مقيم يأخذ شكل الاضطراب الغالب على الفرد فنشاهد سلوكاً هستيريا او وسواسياً او قلقاً مرضيا او معاناة من مخاوف مرضية لا اساس منطقي لها او تنتاب البعض، بعض الاحلام او الكوابيس المزعجة حتى بات هذا السلوك لكثرة تحسسه وشكواه من نفسه ومن الاخرين مصدر ازعاج يشعر به الفرد الذي يعاني من الاضطراب النفسي فضلا عن وجود اعراض الشكوى الحقيقية وليست الوهمية،هذه الاعراض نفسية وجسمية،فالاعراض النفسية في معظم الاحيان ذات دلالالة مباشرة على قيام حالة المرض النفسي ووجوده حتى اطلق عليها مجموعة الاعراض النفسية والجسمية منها القلق ،التوتر،الانقباض،الانشغال الزائد،الالام الجسم التي يكون لها سبب عضوي فضلا عن الافكار السوداء والافعال الوسواسية.ويقول علماء النفس اننا جميعا نعاني من مرض نفسي او آخر بدرجة ما،سواء علمنا بذلك ام لم نعلم،فالانسان في لحظة انفعال شديد وحالة عصبية تجعله يخرج عن سلوكه المعتاد وسواءه المعروف حتى يتحول الى انسان آخر،ليس كما هو معروف عنه،فالغضب الشديد والعصبية الزائدة في بعض المواقف الحياتية تجعل من الفرد ان يخرج عن حالته السوية وخصوصا في المواقف الحياتية الضاغطة.
اما مريض العقل او المرض العقلي فهو اضطراب في الشخصية يبدو في صورة اختلال عنيف اشد من حالة المرض النفسي ،يشمل القوى العقلية جميعها،هذا الاضطراب الشديد يضرب الادراك والحياة الانفعالية والتفكير والانتباه والذاكرة حتى يبدو العجز ظاهراً وواضحاً في ضبط النفس والتحكم فيها،يؤثر هذا الاضطراب في استمرار العلاقات مع الآخر،زوجة كانت او ابناً اومن بعض افراد المجتمع الاخرين بل عدم قيام توافق بين الفرد وذاته ويفقد الشخص حينها توافقه مع نفسه وجسده ومجتمعه فينطمس صوت الشكوى بداخله لدرجة ان تأتي الشكوى من المجتمع المحيط به،حتى يفقد الشخص المريض عقلياً تماسك بنيانه وتستمر حالة الاضطراب العقلي عند مرضى العقل لسنوات .
والان يمكننا القول ان هناك تباين واضح في من هو السوي –السليم والمريض النفسي او الذي يشكو من اعراض او انحرافات في الشخصية او جنسية تتراوح من الشدة الى الاعتدال،والحالات الانفعالية التي تنتاب انسان الحضارة الجديدة حتى تجعله يخرج عن طوره المألوف وصورته المرسومة لدى الاخرين باتزانه واعتداله في الحكم على الاشياء او في التعامل مع الاخرين وعليه نستطيع القول ولو نسبياً وليس بالمطلق ان التكامل النفسي هي الحالة السوية بالتوافق التي تشمل تكامل الشخصية قدر المستطاع مثل تآزر حاجات الفرد مع سلوكه في تحقيق اهدافه في الحياة،كذلك التوافق مع المطالب الاجتماعية وهو بحد ذاته انسجام مع متطلبات الواقع وايضا التكيف مع الواقع ومواجهة مشقاته للحصول على الاهداف المرسومة فضلا عن النضج الذي يرافق الانسان في حياته مع تقدم السن حتى يؤدي الى تحقيق العمليات النفسية السوية مثل التوافق السوي والتكيف الناجح والمواجهة السوية ،كل تلك تؤدي الى تكامل الشخصية اي كمال جميع سماتها بل تنسيق هذه السمات بحيث تكمل بعضها بعضاً وتمكن الشخص من ان يسلك الى حد ما سلوكاً ناجحاً مع الاخذ بنظر الاعتبار الجهد المبذول والطاقة المهيئة للعمل وفي ذلك يقول(د.عباس محمود عوض)فالتكامل Integration يفيد معنى التوافق والاتزان،فالشخص المتكامل هو الذي يدرك تماماً النواحي المختلفة للمواقف التي تواجهه ثم يربط بين هذه النواحي وما لديه من خبرة سابقة تصلح لتكيف الاستجابة تكيفاً ملائماً وازاء ذلك نقول ان التكامل النفسي هو توافق وتناسق ووحدة اتزان،هو الوحدة في التنوع والتآزر في ما ينتجه العقل وينفذه الجسد حتى تبدو الافعال والسلوكيات متوازنة باستجابات صحية ازاء مختلف المواقف الحياتية المتنوعة،اما عكس ذلك فهو انعدام مثل هذه الاستجابات وهو يعني ان هناك خللا في تكوين الشخصية وهو عكس حالة التكامل ،فالتكامل اذن هوعالم الشخصية السوية المتزنة وهو وحدة متكاملة من سمات مختلفة يأتلف بعضها مع بعض حتى عد التكامل اشمل من التوافق بل يحتويه.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس يقول إن إسرائيل ألحقت الهزيمة بح
.. وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد هزيمة حزب الله.. ماذا يعني ذلك؟
.. مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة: أكثر من 300 ألف إنسان يعيش
.. أسامة حمدان: جرائم القتل ضد شعبنا ستبقى وصمة عار في وجه الدا
.. حرب وفقر وبطالة.. اللبنانيون يواجهون شقاء النزوح ونقص الدواء