الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناس والمعادن والزواج

عائشة التاج

2014 / 7 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الناس و المعادن والزواج


تراتبية الناس حسب تراتبية المعادن :

" الله يجيب ليك نقرة فين يغبر نحاسك "مثل شعبي ،يقال لغير المتزوجين وخصوصا منهم الإناث وهو يشبه الإنسان ب"المعادن " ويصنفهم إلى مراتب تعكس قيمة المعدن المشار إليه .
من هنا يفترض بأن كل إنسان أعزب هو باحث أو مرشح للزواج , ويصنف مع معدن
"النحاس" الذي " يلزمه معدن أقوى منه كي يغطي على عيوبه المفترضة ألا وهي "النقرة " أي الفضة التي تستوعب النحاس وتغطي عليه تماما لأن بريقها أقوى .

تحيل تراتبية المعادن على التراتبية الموجودة مابين مخلوقات الله البشرية ،
وهنا ليس انطلاقا من "مقوماتها الذاتية "ولكن انطلاقا من "مركز اجتماعي " ألا وهو الزواج يتم ربطه وفق التمثلات السائدة مع صور إيجابية تحيل على الاكتمال والبريق والاستيعاب
مقابل تمثلات سلبية تناط بالإنسان غير المتزوج فهو "ناقص "مهما علا شأنه ويحتاج للاستيعاب,,,والإكمال وربما التذويب والانصهار في الآخر .

معايير تراتبية المعادن ؟؟؟

وهنا يحق لنا التساؤل عن معايير تراتبية المعادن ؟؟؟

لم يعتبر النحاس أقل شأنا وقيمة من غيره علما أننا ننتج منه عددا هائلا من المعدات الصناعية الهامة والكثير التي تسهل علينا حياتنا الاجتماعية و صنعت منه منحوتات فنية مبهرة ، ا ناهيك عن الأواني المنزلية التي تضمن لنا طهيا صحيا ولذيذا وتؤثت منازلنا ببهاء جميل .

شخصيا أحن لصينية الشاي النحاسية و هي تتصدر صدر البيت بحضورها الباذخ
مع كل الأكسسوارات المحيطة بها .
فحولها تنسج المودة والدفء والمحبة وأحترمها احترامي لمجوهرات الفضة أو الذهب التي تزين أجساد الجميلات ,أينما كن , فالجمال مكتمل بذاته لا بأكسسواراته .
إذن لماذا نعطي للنحاس قيمة أقل من غيره ؟؟؟؟

تأرجح الزواج ما بين الفضة والقصدير :

و مع احترامي البالغ لمؤسسة الزواج وأدوارها الاجتماعية القيمة فهي لا تتطابق بالضرورة
مع التمثلات الإطلاقية السائدة عنها ,,,,
فالزواج ليس بالضرورة وسيلة تحقق اكتمال النقصان ،فقد ينتج العكس تماما
إذا لم تنصهر "المعادن " مع بعضها البعض بالشكل المنتظر ,,,,بل ماذا لو كانت المعادن "متنافرة ويؤدي احتكاكها مع بعضها البعض إلى كيمياء تفاعلية من النوع الهجين الذي قد يدمر مقومات الإنسان ومعها سعادته وحريته وفرص انفتاحه ونموه ,ونمو من حوله .

فمثلما قد يحقق الزواج الناجح فرص السعادة والتفتح النفسي والاجتماعي وهذا إنجاز شبه نادر في ظل واقعنا الموبوء هذا
قد يغدو الزواج الفاشل لمعتقل ليس ذهبي كما يروج لذلك بل حديدي يرهن الإنسان طوال حياته حول "مصالح مشتركة" ليس إلا

وتغيب منه شروط السكينة والاستقرار النفسي الذي يحدد ماهيته الأصلية ,إما نسبيا أو كليا حسب القدرة على تدبير هذه النشازات فيتحول لمجرد ارتباط شكلي بدون روح ,

وهنا عوض ذوبان النحاس في الفضة فقد يتحول الاثنان لقصدير يطفو الصدأ على حياتهما المشتركة ,وعوض إنجاز الاكتمال والصهر يتم إنتاج الزيف والهدر .

التمثلات الإطلاقية تضليلية :

ذلك أن التمثلات الإطلاقية التي تغذي بعض الأمثال الشعبية تغدو منتجة للأوهام والتضليل ,عوض إعداد الشباب والناس عموما للتحديات الحقيقية التي تواجهه وهو يسعى
"لإكمال كينونته في ارتباطه بكينونة أخرى ,,
ذلك أن السعي للانصهار بالآخر يتم داخل سياقات معقدة اجتماعيا وسيكولوجيا و تتطلب ما يكفي من الاستعداد النفسي والمهارات التواصلية لتدبيرها . علما أن المعطى الاجتماعي الخارجي يؤثر بشكل كبير على شكل وصيرورة مؤسسة الزواج وهو خارج إمكانية التحكم من طرف "الزوجين "

وهنا أنصح كل من يلوك هكذا أمثال تضليلية ويطلقها بمناسبة أو غير مناسبة على من يعتقد في "نقصانهم " بالتزام المسافة اللازمة قبل الغوص في الشؤون الخاصة للآخرين الذين قد لا يعرفهم نهائيا ويسمح لنفسه باقتحام حميميتهم ومساءلة اختياراتهم الخاصة بدون موجب حق .
فالناس فعلا معادن ومنهم ومنهن لآليء جد نفيسة لا تصلح للتذويب ,,,,,أي الهدر ,
وأنصح فئة الفضوليين هذه بالتكلف بمسح صدإ نحاسها الخاص عوض هدر وقتهم واهتمامهم بنحاسات الأغيار ,
هذا إذا لم تكن من الفئة القصديرية الدنيا فوحدهم "المقصدرين " يملكون ما يكفي من الوقاحة للتهجم على خصوصيات الناس ويستحقون الشفقة لأنهم يضيعون وقتهم فيما لا يفيدهم ولا يفيد غيرهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل