الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سينقذ المرأة العراقية؟

علاء مهدي
(Ala Mahdi)

2014 / 7 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



بسبب من النظرة الدونية للإرهابيين الداعشيين إلى المرأة بصورة عامة وتعاملهم معها وفق أسس وقواعد متخلفة وغير حضارية ، شوهدت في الآونة الأخيرة وخاصة في المناطق والمدن التي تم إحتلالها من قبل عصابات داعش مظاهر وحالات للإتجار بالبشر من النساء والأطفال تماشياً مع أفكارها الإرهابية ومبادئها البالية والمتخلفة. ونتيجة للتدهور الأمني والغياب الملحوظ للقانون ومن يحفظه فقد تعرض الكثير من النسوة والأطفال لحالات أغتصاب وإعتداءات جنسية فرضتها حالة الحرب التي تعيشها المناطق المحتلة من قبل الداعشيين و من معهم.
إن انتشار مثل هذه الجرائم في المجتمع العراقي يعني أن المجتمع يسير بعكس تيار التطور والتقدم الحضاري وبالتالي فإن مجتمعاً لايثمن ويقدر موقع المرأة والطفولة فيه ولايحافظ على نسائه وأطفاله أو ينقذهما لا مستقبل له.
ان الحالة المأساوية التي تعيشها المرأة العراقية بصورة عامة بسبب من طبيعة النظام السياسي الحالي خاصة فيما يتعلق بالمحاصصة الطائفية وتأثيراتها السلبية والنفسية على المرأة وأطفالها بصورة عامة وما تتعرض له المرأة في المناطق المحتلة من قبل الإرهاب الداعشي من جرائم وحالات إغتصاب بصورة خاصة نتيجة للممارسات المتخلفة المفروضة على النساء يستدعي التحرك الجاد والسريع من قبل السلطات العراقية لإنقاذ المرأة العراقية وأطفالها قبل فوات الأوان.
ان التطور والتقدم الذي حققته المرأة العراقية عبر عقود طويلة ونضالها المستمر للتحرر من التخلف والقيود البالية التي تحد من حريتها الشخصية وبالتالي تؤثر بصورة مباشرة على دورها الرائد في بناء العائلة العراقية ومستقبل الوطن يقف على حافة السقوط في مستنقع التخلف مجدداً الأمر الذي سيتطلب عقوداً طويلة لتصحيح مسار تقدمها واللحاق بالتطور أو المرحلة التي تتساوى فيها مع التقدم الإجتماعي والحضاري والثقافي النسوي العالمي. من جانب آخر ، أن للمرأة الحق في العيش بحرية وسلام ولها من الحقوق وعليها من الواجبات أسوة بالرجل دون تفريق أو تمييز لذلك فإن مجرد التفريق بينهما فيه تجني واضح على إنسانية المرأة وبالتالي فإن كل المجتمعات التي تضع قيوداً وشروطاً تحدد من حرية المرأة وطريقة حياتها وتتدخل بما يجب أن تلبس أو تأكل أو تشرب أو كيف تسير وغير ذلك من الشروط تعتبر مجتمعات متخلفة بإمتياز.
إن فرض قوانين – التستر – على المرأة بالمفهوم الداعشي، واعتبار عدم الرضوخ لهذا المفهوم تبرجا مما يستدعي محاسبتها ومعاقبتها بشدة أما عن طريق الضرب أو الإغتصاب أمر لا يكفي رفضه القاطع فحسب بل ينبغي عدم جواز التفكير به أساساً. كما ان إجبار المرأة على إرتداء النقاب والبقاء حبيسة في المنزل يعتبر إهانة لها وللمجتمع ككل. أن مثل وضع المرأة بمثل هذه الأطر القديمة يحدد من دورها المتميز في بناء الأسرة وتربية الأطفال وفق مفاهيم تربوية حديثة ترفع من شأن المجتمع وتضعه بمصاف بقية المجتمعات الراقية والمتحضرة. ان الممارسات الداعشية الحالية ضد المرأة تثير فوضى في المجتمع العراقي خاصة وأن مثل هذه القوانين لم تشرع من قبل الدولة بل من قبل مجموعات من المرتزقة وميليشيات لا تفقه بشئ سوى بشريعة الغاب التي تعتبر المرأة مجرد وسيلة لتلبية الرغبات الجنسية لاغير.
نؤكد هنا أيضاً أن نظام المحاصصة الطائفية الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية على العراق كبديل للنظام العلماني قد عاد بالعراق والعراقيين إلى عهود ظلامية في تفكيرها وتصرفاتها مما غير من المفاهيم الحضارية التي كانت تسود الوطن على قلتها وبالتالي أصبحت النظرة الى المرأة متدنية في الوقت الذي ساوت فيه بعض القوانين والتشريعات العراقية أو كادت بين المرأة والرجل.
أن الحالة المزرية التي يعيشها الوطن بصورة عامة نتيجة للوضع السياسي المتأزم جداً بسبب من سقوط بعض المدن تحت سيطرة العصابات الداعشية والمرتزقة وفلول وبقايا البعث المجرم وما تلا ذلك
من دعوات وفتاوى دينية تنادي بالتطوع من أجل إسناد الجيش الذي لم يتمكن من أداء دوره كما يجب قد أدى إلى ترك الرجال لعوائلهم تلبية لتلك الدعوات الأمر الذي ترك العوائل بدون معيل لها. هذا الفراغ في العائلة العراقية سيكون له تأثيرات كبيرة وكثيرة على الوضع الإجتماعي من ناحية البناء العائلي وضوابط المجتمع الإخلاقية.
كما أن مجرد التفكير بتطبيق قانون – جهاد النكاح – الذي جاء مع ظهور النظام الداعشي هو بحد ذاته أسلوبا إجراميا يمارس من قبل هؤلاء المجرمين خارج حدود القوانين والتقاليد والأعراف وحتى القواعد الدينية وتعليماتها التي ترفض مثل هذه التصرفات اللاأخلاقية.
ختاماً ، نؤكد على أهمية الدور الريادي للمرأة العراقية في بناء وتربية الجيل الجديد من أجل مستقبل أفضل للعراق لذلك ندعو مخلصين كل الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني لإبداء عناية خاصة في معالجة هذه الآفات القديمة التي عادت إلى مجتمعنا العراقي مع الدواعش وهم خير من يمثل التخلف والتأخر.

(تضامناً وإسناداً لنشاطات لجنة المرأة في التيار الديمقراطي العراقي في أستراليا كتبنا هذا المقال)
-;--;--;-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا