الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلوى الله بشهدائنا وشهدائهم

أحمد الشيخ أحمد ربيعة

2014 / 7 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار. صراخ بدعوى الدعاء وهذيان بدعوى المناجاة، لا ينفك نسمعه في كل كارثة ونائبة تلم بهذا الشعب الذي نكب نفسه بسيادة هؤلاء المهووسين بسوق هذا الشعب بسوط الفتاوى من كارثة الى اخرى ، أئمة الموت يلوحون بهذا الشعار لتحشيد اكبر عدد من شبابنا ليكونوا في عداد قتلانا وقتلاهم. غربان الموت هذه لم ينفك نعيقها يوما في استخدام كل ما في ايديهم لشرعنة الموت بأشكال مختلفة باعتباره مشروعا يوميا مقدراً للعراقيين. تحت ايديهم حشد فائق من النصوص والاحاديث والتفسيرات والتأويلات لأثبات قدسية فتواهم وشرعنة القتل وتقديسه. يبحثون في كل نائبة وكارثة عن ( الشهيد السعيد ) والذي عاش دنياه بائسا، جائعا، مهدور الكرامة، تاركا خلفه حفنة من الايتام ولن نستغرب ان لم يكن اولادهم واحفادهم ضمن طابور الشهداء السعداء. الكل يستمد فتواه بالأساس من نص واحد هو القرآن مسنداً بالاحاديث والتفسيرات والتأويلات المتنوعة. الكل يدعي قدسية تأويله وصحة بوصلته في اكتشاف الطريق الاقرب الى الله، فالإسلام السياسي سنياً كان ام شيعياً لا يسعى الا لتعطيل منظومة التفكير المنطقي للإنسان ويتعارض بشكل كامل مع العقلانية الدينية، التي بتنميتها وتنشيطها لن تعادل هذه الفتاوى، ثمن الورق الذي كتبت عليه.

القرآن يشتمل 6236 آية. آيات الاحكام الشرعية تتراوح حسب السيوطي في ( الاتقان ) ب 500 و600 آية, نُسخت منها 120 أية ( رغم الاختلاف المتعدد في عدد الآيات المنسوخة والتي لم ُيتفق على عددها- الملاحظة من الكاتب)، فتبقى في حدود 5700 اية لا يعلم تأويلها الا الله والراسخون في العلم ( العفيف الأخضر- من محمد الايمان الى محمد التاريخ). تتنصب بموازاة ذلك الاعداد الكبيرة من الاحاديث لدى كل من السنة والشيعة لتؤول وتثبت ان قتلاهم في النار وقتلانا في الجنة. قتلانا، شهداء سيكون مثواهم الجنة وسيرافقون الانبياء والصديقين، اما قتلاهم فلهم جهنم وبئس المصير. نحن الفرقة الناجية، وملائكة بدر تقاتل بين صفوفنا وكم من طائفة صغيرة غلبت طائفة كبيرة. هذا وغيره من الهوس والهذيان الدينى المتعطش للموت والخراب والذي استبدل الخطاب القومي اليمني والرجعي لستينيات وسبعينيات القرن الماضي لطبقات وفئات واحزاب لم نحصد من سياستها سوى الدم والدمار، هي اليوم تتصدر واجهة الاحداث بلبوس طائفية، وحين تتطلب مصالحهم ان يلتقوا، فلن يجدوا صعوبة في ان يجدوا طاولة مطرزة بما لذ وطاب ولن نسمع منهم سوى تبويس اللحى والغفران لقتلانا وقتلاهم.

ما دارت طاحونة الحرب و ما تحرك سرطان الموت العبثي والدمار في الجسد العراقي المنهك، حتى علا نعيق هذه الغربان ، دافعين كل ما هو جميل في الحياة الى المحرقة. شعار لم يستغرب العراقيون سماعة منذ ان تلقفتهم الحروب. منذ الحرب العراقية الايرانية المشؤومة، بل ربما ابعد من ذلك بكثير، لم يتغير في هذه اللوحة سوى صوت وصورة هذه الغربان التي لم ولن يعرف احدا منا، لماذا قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار.

كيف ستكون حيرة الله يوم القيامة بقتلانا وقتلاهم؟ من سيدخل من هؤلاء الى الجنة ومن سيساق الى نار، شاتما إمامه الذي اتبع فتواه. فالكل يدعي مصداقيته سواء بمقتله او بعدد جرائمه التي نفذها تقربا لله.
يرسم الاسلاميون بطريقتهم هذه صورة كاريكاتيرية جديدة لله يوم القيامة عند اجتماع قتلانا وقتلاهم ( شهدائنا وشهدائهم ) بين يديه وما اكثر هذه الصور التي رسمها المفسرون الذين لم يتفق جلهم على تفسير واحد لآية واحدة في كتاب لا يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم. الله المغترب عن عباده نتيجة فقه اوليائه( الصالحين)، اولئك الذين سكتوا عن خراب بلدهم وافقار شعبهم وصمتوا على ان تكون نعمة الانسان بأمانه وسعادته ورفاهية حياته وضمان مستقبله وخير بلده وشعبه. قتلانا وقتلاهم، رجالا ونساءاً هم فلذات قلوبنا، ووردنا الذي زرعناه، هم ابائنا وامهاتنا واخواتنا واخواننا. هم العراقيون اهلنا. هم ابناء هذا البلد المنكوب بالإرهاب والطائفية والقتلة والسراق وكل ما يبخس كرامة الانسان. على اي قاعدة وعلى اي فقه سيقطع قتلانا بطاقات الدخول المجاني للجنة؟ كيف ستجمع الجنة القاتل والضحية. هي حيرة الله بقتلنا وقتلاهم؟. كلُ سيدعي مصداقيته سواء بجرائمه التي ارتكبها غير عابئ بأعداد ضحاياه او بتضحيته بنفسه، انه صاحب الجنة و لن يتحمل اكثر عذب حور العين ، اللواتي طال انتظارهن وشوقهن له.
حين تدعى كل امة بإمامها، سيجد كل منهم عذره بانه اجتهد، فان اصاب فله أجرين وان أخطأ له أجر واحد، هو في كلا الحالتين كسب الدنيا والاخرة. غربان الموت المهوسة بردائها الاسود من كلا الطرفين لم توسع يوميا مساحة الحياة ولكنهم كانوا الأكفأ بتوسيع مساحة المقابر. انها بلوى الله بقتلانا وقتلاهم وبلواه بعلمائه الراسخين في العلم وشرعنة الموت. فيا خيبة وبؤس قتلانا وقتلاهم.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 7 / 9 - 20:36 )
آيات الجهاد آيات دفاعيه , راجع :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=48678

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي