الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطموح القومي ... وواقع الحال في المسألة الكردية...،،،،

علي الأسدي

2014 / 7 / 11
القضية الكردية


لايكاد يمر يوم منذ غزوة داعش للموصل الا ونستمع لعشرات الاشاعات والأخبار المثيرة للحزن والغضب بنفس الوقت الذي توقفت فيه كل الأخبار السارة عن التداول بصرف النظر ان كانت مختلقة أو حقيقية. وكان جاري قد نصحني بأن أتوقف عن الاستماع للاخبار أو مشاهدة القنوات الفضائية لأنه ليس من ورائها غير ارتفاع ضغط الدم وربما السكتة القلبية وليتني أستطيع ذلك. فقد كثرت في الآونة الأخيرة الأخبار والمقالات الصحفية التي أكدت حصول اجتماعات سرية في الأردن وتركيا بين مسئولين أكراد وأردنيين وأتراك وأمريكان واسرائيليين وممثلين عن داعش وقادة بعثيين عراقيين يمثلون عزت الدوري وممثلي منظمات اسلامية ارهابية أخرى. تلك الاجتماعات بحسب الاخبار قد تمت تمهيدا للغزو الذي قامت به داعش للموصل ، لكني وقد اطلعت على بعض مصادر تلك الانباء أجد نفسي رافضا قبولها كمادة للطعن بالقضية الكردية وحق الكرد في تحديد مصيرهم. لكن لا يمكن تبرئة ساحة البرزاني من التورط في المشاركة في مثل تلك الاجتماعات فيما لو حدثت بالفعل. وما يؤكد تلك الشكوك التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الاسرائيلي والداعية لاستقلال كردستان العراقية مما أضفى على تلك التقارير مصداقية يصعب تجاهلها.

المتابع لمواقف البرزاني السابقة والحالية من الحكومة المركزية و قراره بالاستفتاء على استقلال كوردستان عن العراق لاشك يلاحظ أن الأمور لم تسر كما خطط لها. فقد أثبت السيد مسعود أنه مخطط ناجح في المدى القصير لقدراته الخارقة في اغتنام الفرص وايمانه الراسخ بأن " الغاية تبرر الوسيلة ". لكنه على العكس من ذلك في تخطيطه لأهدافه بعيدة المدى ، ولهذا أخشى ما أخشاه أن تسبب مناوراته المزيد من المتاعب لشعب كردستان الطيب. فما قيل عن موافقة الولايات المتحدة على خطته للاستقلال يبدو غير صحيح ، فالانباء الواردة من واشنطن تنفي ذلك فالقصر الأبيض قد اعتذر عن استقبال الرئيس مسعود البرزاني الذي كان مقررا التوجه الى هناك دعما لقراره في اجراء الاستفتاء ليضعهم أمام الأمر الواقع. من جانب آخر تقوم وفود ممثلة للرئيس مسعود بزيارات الى الولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية للترويج لقرار الرئيس مسعود بالاستقلال وهو دليل على عدم حصول موافقة مسبقة من تلك الدول على قرار الاستقلال. واحدى علامات انتكاس خطة الاستقلال أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد صرح أكثر من مرة مؤكدا موقف حكومة الرئيس أوباما بأن بقاء العراق موحدا أفضل لكل مكوناته هذا اذا تطابقت التصريحات العلنية مع النوايا الحقيقية الأمريكية غير المعلنة.

أما الانتكاسة الأخرى فهي تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو في 29 يونيو- حزيران الماضي التي طالب فيها باستقلال كردستان فقد احرق هذا السياسي المكروه عالميا أوراق الرئيس مسعود وخطته التي عمل لها منذ سنين طويلة. لقد تناولت وسائل الاعلام الغربية تلك التصريحات مؤكدة انها لن تخدم النوايا البرزانية وأساءت اساءة بالغة لمشروع استقلال كردستان. وقد أخطأ السيد مسعود كما أخطأ والده بالتحالف مع دولة تستعبد شعبا آخر مستخفة بالقرارات الدولية وحقوق الانسان ومحاكم جرائم الحرب.

فالغاية المبتغاة من تأييد نتنياهو لاستقلال كردستان ليست نفس الغاية التي يطمح لها الشعب الكردي ، فما يسعى له نتنياهو هي أهدافا جيوسياسية واقتصادية لا تعاطفا حقيقيا مع مصالح وطموحات شعب كردستان. فنتنياهو يبحث عن موقع قدم له داخل العراق وايران ، ويطمع بنفط رخيص يعرف انه منهوب من عراق غادره للتو السيد البرزاني. ففي 20-6 الماضي وصلت ميناء أشكلون الاسرائيلي على البحر الأبيض المتوسط شحنة من النفط العراقي المهرب عبر انبوب النفط الممتد حتى ميناء كيهان التركي. وبطبيعة الحال فأن النفط المنهوب الذي تعارضه الأمم المتحدة والولايات المتحدة والدستور العراقي يعتبر سلعة مسروقة وليس غير دول مارقة تزاول هذا النوع من التجارة المحرمة دوليا.

ومن الطبيعي ان تكون أسعار السلع المهربة منخفضة جدا لتشجع اسرائيل وغيرها على المغامرة بشرائه. والشحنة التي تداولتها الصحافة العالمية هي الأولى التي تم الاعلان عنها ، لكن هناك العشرات من الشحنات التي تمت في الماضي لم يعلن عنها. ولا يجب ان يثير الاستغراب تعاون اسرائيل على سرقة نفطنا فهي تسرق خيرات الشعب الفلسطيني منذ 66 عاما أمام سمع وبصر العالم دون رادع أخلاقي أو قانوني. وانه ليس غير الحظ السيئ لشعبنا بكرده ومكوناته الأخرى أن يقوم قادته بدفعه للتعايش مع دولة همجية قامت على القمع والارهاب وسفك الدماء وبالتعاون مع سفاح لم يتفوق عليه في وحشيته غير هتلر. وما تقوم به اسرائيل هذه الأيام ضد الشعب الفلسطيني خير مثال على الدولة المارقة التي اختارها مسعود برزاني كحليف في سعيه لتفتيت العراق.

فوفق حسابات اسرائيل ان قيام دولة كردية ستعيد تشكيل الشرق الأوسط لصالح المصالح الاسرائيلية. فالاستقلال سيعجل في تقسيم العراق الى دويلات اصغر كردية وسنية وشيعية مسببة خلافات حادة بين المكونات الثلاثة ممهدة لوضع مشابه لما هو جاري في سوريا ولما جرى في ليبيا وأفغانستان. ومن وجهة نظر اسرائيل فان تقسيم العراق وسوريا سيجعل من اسرائيل القوة الرئيسية في المنطقة ويؤهلها للتدخل في شئون دول المنطقة الداخلية. فكرة نتنياهو ليست خاصة بالعراق فهو يعرف ان الأكراد في ايران وتركيا وسوريا يمكن تشجيعهم للسير على طريق الاستقلال. وهذا يفسر الادعاء المنافق لنتنياهو بان الكرد واليهود كلاهما قد عانى من القمع والاضطهاد ، فالكرد لم يحتلوا أرض شعب آخر ، ولم يضطهدوا شعبا آخر وليس لهم أي اعداء في المنطقة التي يعيشون فيها منذ أكثر من ألفي عام..

في زيارة لصحيفة الواشنطن بوست التي قام بها فؤاد حسين وفلاح مصطفى كممثلين عن الرئيس مسعود برزاني للترويج للاستفتاء على مشروع استقلال كردستان قال فؤاد حسين لادارة الصحيفة : " لنا الآن وضعا جديدا ، حيث دولة جديدة هي كردستان ولن نعود الى الوراء. انهيار الجيش العراقي في شمال وغرب العراق سمح للكرد بتوسيع مناطقهم بحوالي 40% بما فيها كركوك وأصبح تحت سيطرتهم ربع الانتاج النفطي العراقي. ولكردستان الآن حدودا مع الدولة الاسلامية التي تسيطر عليها القاعدة تصل الى 1035 كم بينما لها 15 كم مع ما يسمى الآن العراق". وقد قام الوفد بزيارة لعدد من المنظمات والمؤسسات الأمريكية المشبوهة في اصطفافها مع الصهيونية واسرائيل مثل ايباك لكسب تاييدهم لاقامة دولة كردستان. وحول حكومة الوحدة الوطنية التي يدعو لها جون كيري صرح الوفد لصحيفة الواشنطن بوست : انهم يشكون في المشاركة فيها. فالمالكي الذي يحظى بدعم ايران وبشار الأسد لن يستطيع دحر القاعدة التي حشدت آلاف المقاتلين وتحت تصرفها أسلحة أمريكية فتاكة وحديثة تتكون من صواريخ ومدافع هاون ودبابات وحتى هليوكوبترز. وتقول صحيفة الواشنطن بوست أذا صحت الادعاءات الكردية فان الشرق الأوسط ربما سيتعايش مع القاعدة في المستقبل المنظور. فالاكراد سيعززون مواقعهم في المناطق الي تحت نفوذهم الان كواقع حال. وان موقف ادارة أوباما باقامة حكومة وحدة وطنية قوية ستكون مثل سابقاتها ومشروعها الشرق أوسطي عبارة عن سراب.

وليس من المعروف بالضبط من يقف وراء مشروع استقلال كردستان العراق ، فما هو معروف أن الفكرة جاءت من قبل نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي وتم التقاطها وتبنيها من قبل مسعود البرزاني.
علي الأسدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر