الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاتبة رفيقة العمر «2»

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2014 / 7 / 14
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


جاءتني الكاتبة رفيقة العمر في زيارة، تعودت غيابها وحضورها دون سابق إنذار، تقول أنت لست زوجا يتجسس على زوجته، أو زميلة تتصيد أخبار زميلتها، أو جارا يتلصص على جارته من شقوق الشيش، أو أخا يفرض وجوده بحكم البيولوجيا وعبودية الدم.



الصداقة الحقيقية أن نعيش حرياتنا الممنوعة منذ الولادة حتى الموت، كما نعيشها مع أنفسنا العارية وأجسادنا دون أغطية، وقلت لنفسى، تعيش قصة حب جاءت لتحكيها:



كان يوم الجمعة ١١ يوليو، الشمس كرة من اللهب الصلب، الهواء معدوم وأمواج البحر الأبيض ماتت، يسمونه في قاموس أكسفورد «البحر المتوسط»، لا نعرف متوسط بين من ومن؟ ولا نعرف لماذا لا نسمى أنفسنا بأسمائنا؟



اسم «الشرق الأوسط» مفروض علينا بالغزاة الأجانب، نقبل زيفه شاكرين خانعين مع معونتهم المزيفة، نردده ونحفظه ونسجله في تاريخنا كأنما لا نعرف غيره، ولا نعرف كيف تعمل الإلكترونات داخل الغلاف الجوى أو السماء، نشترى بأغلى الأسعار أجهزة أجنبية مجهولة لدينا، كما نجهل السماء ونقدسها في آن، نتباهى بالكمبيوتر والقمر الصناعى كأنما من صنعنا واكتشافنا، والقنوات الفضائية ووسائل الاتصال الحديثة، التي تنقل إلينا أخبار أسلحة الدمار الشامل الجديدة، والقنابل الذكية التي تحدد هدفها بنفسها بالضبط، والطائرات التي تطير وحدها بدون طيارين، وتتم إبادة الشعوب «الفقيرة المتخلفة» باللغة الاستعمارية ذاتها، في منطقة الشرق الأوسط ذاته، وهى شعوب تم تجميد عقولها بالتعليم، وتقسيمها بالدين وقهرها بالسياسة والنيابة والانتخابات، ونهبها وتجويعها بحكومات تعمل مع الاستعمار ليل نهار، لا يموت في الحروب إلا الفقراء الكادحون الوطنيون ونساؤهم وشبابهم وأطفالهم، وتنجو الطبقات الحاكمة في كل عهد، في كل بلد، بقصورهم المنيعة وأموالهم الوفيرة وإعلامهم الطاغى، ونخبهم الحاصلة على أعلى الأجور، دون تطبيق الحد الأقصى، وإلا هربوا بأموالهم من الوطن الحبيب، يسمونهم العباقرة أو الخبراء والكفاءات، من العلماء والفلاسفة والأدباء ورجال الأعمال والبورصة والشعراء والمطربين ومخرجى الدراما الرمضانية، كنت في قرية الرحمانية على شاطئ البحر الأبيض، هربا من الحر، لكن لا مهرب من الأنباء عن القتلى، لا نعرف عددهم بالضبط، لا نعرف جثث الموتى من جثث الذين لم يموتوا بعد، ولا نعرف من يقتل من؟ قنابل ذكية إسرائيلية تدك المدن في فلسطين، لا نعرف أي مدن؟ وأى فلسطين بعد أي تقسيم؟ وأى عدو أصبح الصديق؟ وأى صديق أصبح العدو؟ ذابت الصداقة في العداوة، وذاب الإرهاب الإسرائيلى في الأمريكى في الفلسطينى في القاعدى في الداعشى في الإخوانى في اللى مايتساماشى؟



قالت صديقتى وهى تشوح بيدها، لا أريد أن أسمع شيئا عن السياسة، كفى ما ضيعته من عمرى ولم آخذ منها إلا وجع القلب والدماغ.



وماذا كنت تريدين منها يا صديقتى؟



مقعد رئاسى على الأقل، أليس كذلك؟



طبعا، أنت لست أقل من الرئيس المؤمن الذي كان يتهته في الكلام ويخطئ في النحو والتعبير، أو بطل الحرب والسلام، الذي حصل على الدكتوراة بمرتبة الشرف في الغباء، أو الرئيس الذي أضحك علينا طوب الأرض، أو....



لا أريد أن أسمع، كفى ما أنجزوه من فقر وتبعية وفساد واستبداد.



قلت، ما رأيك في سمك مشوى على الشاطئ عند الغروب؟



قالت أنا ميتة من الجوع، قالتها وهى تضغط على الحروف بحركة مفعمة بلذة الجوع إلى حد الموت، فانتقلت العدوى مباشرة إلى رأسى، هي تموت دائما من الجوع أو الشبع، من الحر أو البرد، من الفرح أو الحزن، من الحب أو الكره، لا شىء يتوقف عند الوسط أو الوسطية أو المتوسط، تمط شفتها السفلى وتقول، كلهم متوسطون في كل شىء حتى الذكاء والحب، لهذا لم ألتق بفتى الأحلام إلا بعد أن جاوزت الستين من العمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم للحب لا للسياسه
انتصار الانصاري ( 2014 / 7 / 23 - 11:10 )
جميل ان يبقى قلب الانسان ينبض بالحب مهما تعدت به سنوات العمر
فالتحب طالما قلبها ينبض ولتذهب السياسه والسياسيين الى الجحيم
تحياتي للدكتوره الرائعه ومعلمتي الأولى نوال السعداوي


2 - الكاتبة
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 7 / 23 - 18:17 )
جميل جدا أن يكون للإنسان صديق أو صديقة بالمعنى الذي تحمله كلمة صداقة
وأجمل أيضا أن يكون للمرء حبيب أو حبيبة يجمع بينهما حب
مثالي يفنى فيه الطرفان في وفاء أسطوري
لكن لا الصداقة كانت يوما شعورا صادقا وكاملا
ولا الحب يوما كان عذريا وبقي على صفائه متبادلا بين المحبين إلى آخر العمر إلا فيما نذر
فالإنسان خلال مرحلة الصبا والشباب قد يصل إلى مبتغاه في واقعه لكنه لن يصل إلى سماء حلمه أبدا ولسيما وطائره يحلق بعيدا
عنه فيفقد البوصلة إليه وهو يعود أدراجه في صدمة ترده إلى واقعه الذي تنقصه الكثير والكثير من الأشياء الممكنة
وحينما يصل المرء إلى الشيخوخة يصيبه الندم على ما فاته وقد كان طوع يديه
الصداقة أو الحب في مرحلة الشيخوخة أكثر حكمة وأكثر هدوءا
من المراحل الآخرى
وأكثر إنصافا وأكثر متعة إذا توفرت شروط النوع الآدمي وشروط
العمر وهو يجري بسرعة لم نكن قد إكتشفناها من قبل

اخر الافلام

.. أغنية خاف عليي


.. مخرجة عراقية توثق معاناة النساء في عملهن بمعامل الطابوق




.. بعملهن في المجالات المختلفة تحققن اكتفائهن الذاتي


.. سناء طافش فتاة فلسطينية شهدت العديد من الحروب




.. سندس صالح، إحدى المتدربات في مركز الإيواء