الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يستنجد مسلمو الهند بالعلمانية

أحمد عصيد

2014 / 7 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اكتسح حزب الشعب الهندوسى الراديكالي (بهاراتيا جاناتا) الانتخابات البرلمانية الهندية، حيث حصل على الأغلبية في البرلمان (280 عضوا من 543)، وبهذه الأغلبية فقد أصبح بمقدور حزب الشعب أن يشكل حكومة بدون حاجة إلى التحالف مع غيره من الأحزاب.
ويعرف حزب الشعب بكراهيته للمسلمين والمسيحيين وقمعهم، حيث يعتبرهم أجانب ويعتبر الهند دولة هندوسية، مما جعل فوزه الساحق يثير في أوساط المسلمين تخوفات كثيرة، إذ رغم أن عدد المسلمين في الهند يفوق 180 مليون نسمة، إلا أنهم يظلون في حكم الأقلية الصغيرة وسط مليار من الهنود.
ما أثار انتباهي هو التصريح الذي أدلى به أحد مشايخ المسلمين عبر قناة فرنسا 24، وهو التصريح الذي يطالب فيه الهند باحترام علمانيتها وعدم الوقوع فريسة التطرف الراديكالي لحزب الشعب، منبها هذا الحزب إلى أنه في حالة اضطهاد المسلمين فسيكون ذلك خيانة لمبدأ العلمانية المعتمد في الهند. وهكذا في الوقت الذي يقوم فيه الكثير من المسلمين في العديد من البلدان بـ "محاربة العلمانية" يعتبرها مسلمو الهند منقذهم من الاضطهاد، ولعل قراءة هذه الواقعة ستكون عبرة لأولي الألباب.
ففي البلدان التي يشكل فيها المسلمون أغلبية الشعب يشيعون فيما بينهم أنّ العلمانية معادية للدين، وأن الإسلام دين ودولة لا ينفصلان، وأن الفصل بينهما ليس من "تقاليدنا العريقة"، ولهذا يسعون إلى فرض عقيدتهم وطقوسهم وثقافتهم الدينية على جميع الأقليات الأخرى، ويطالبون هذه الأقليات بالانمحاء في الفضاء العام وعدم الظهور لأنها "تستفز مشاعرهم"، أما في البلدان التي يعدّ فيها المسلمون أقلية فيستنجدون بالعلمانية لكي تحميهم من الأغلبية، ماذا يعني ذلك ؟ يعني ببساطة أن المسلمين يريدون العلمانية عندما يحتاجون إليها لحماية أنفسهم من الظلم، ويرفضونها عندما تكون مطلبا لحماية غيرهم من الأقليات الأخرى. والدرس الذي ينبغي أن يتعلموه عبر تغيير ذهنيتهم هي أن العلمانية هي النظام الذي يحمي جميع الديانات وتستطيع أن تتعايش في ظله بكل أمان، لأنه في غياب العلمانية يصبح دين الأغلبية سيفا مسلطا على رقاب الناس، وأداة قمع وترهيب، وتاريخ الإسلام والمسيحية واليهودية والهندوسية دليل قاطع على ذلك، فقد استعملت هذه الديانات كلها من طرف معتنقيها في فترات من تاريخها الطويل لاضطهاد الأقليات الأخرى وسحقها وإرغامها على الخضوع لقوانين لا تؤمن بها، مما يحتاج معه الجميع إلى قوانين محايدة تنصف الجميع، وتلك هي العلمانية، حياد المؤسسات تجاه الدين واعتبار هذا الأخير أمرا شخصيا، واعتماد منطق المساواة في إطار المواطنة بغض النظر عن اللون أو الجنس أو العقيدة أو اللغة أو النسب والأصل العرقي.
صرخة الاستنجاد الصادرة من مسلمي الهند هي نفس الصرخة التي يطلقها مسلمو فرنسا عندما يطالبون الدولة الفرنسية باحترام علمانيتها التي تم إرساؤها سنة 1905، وعدم منع الحجاب على النساء والفتيات داخل المؤسسات، بينما لا أحد يحمي نساء غزة وفتياتها من غلو ميليشيات "حماس" التي تفرض الحجاب بكل الطرق الظاهرة والمستترة، والتي قد تصل أحيانا إلى درجة العنف المادي المباشر في الشارع العام، دون الحديث عن التهديد والوعيد اليومي.
إذا كان الأساس الذي ينطلق منه مسلمو فرنسا والهند لانتقاد السلطة هو العلمانية التي تقر بحرية اللباس فما هو الأساس الذي يمكنهم الانطلاق منه لانتقاد حماس وإيران والسعودية والسودان، التي تفرض الحجاب قهرا وتعاقب بأشد العقوبات النساء المخالفات للزيّ المفروض رسميا ؟ ولماذا يطالب المسلمون بحرية اللباس لأنفسهم في البلدان العلمانية بينما لا يطالبون بهذه الحرية في بلدانهم حيث تسود كل أنواع الاضطهاد باسم الدين ؟
ليس هذا هو الدرس الوحيد الذي على مسلمينا تعلمه من مسلمي الهند، بل هناك درس آخر عميق وهو أن صرخة أئمة الهند المطالبين باحترام علمانية الدولة أنها ستنبه جماعات الإسلاميين إلى الخطأ الذي يرتكبونه عندما يختزلون الديمقراطية في صناديق الاقتراع وحدها وصوت الأغلبية العددية، ويعتبرون أن من حصل على الأغلبية سيكون من حقه أن يفعل ما يريد بالناس، ويطبق سياسته كما يشاء، رغم ما قد يكون فيها من غلو واعتداء على الغير، فإذا كان الأمر كذلك فليس عليهم إلا قبول مصير المسلمين في الهند، وقبولها كذلك في أوروبا عندما ستكتسح الأحزاب اليمينية الراديكالية والفاشستية صناديق الاقتراع، وهذا مستقبل ليس ببعيد.

ملحوظة جانبية:
اضطهاد المسلمين في الهند من طرف الهندوس لا يعود فقط إلى عنصرية الأغلبية الهندوسية بل إلى عامل آخر أيضا هو إصرار المسلمين على السخرية من عادات الهنود وتقاليدهم وديانتهم واعتبارها خرافية واعتبار دينهم وحده الصحيح، وهذا يعلمنا درسا آخر هو ضرورة احترام الديانات والمساواة بينها في قيمتها الإنسانية، حتى نضمن التعايش المشترك الذي أساسه الاحترام المتبادل والمساواة في إطار المواطنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 7 / 15 - 17:54 )
نرى في المقال الحقد الدفين على الإسلام!... لا يهم , على الكاتب أن يتأكد من أن المستقبل للإسلام فقط , و الدليل :
- ألف شخص يعتنقون الإسلام يوميا :
https://www.youtube.com/watch?v=twJAdpvQCJ4
- التلفزيون الألمانى : الإسلام هو الحل :
https://www.youtube.com/watch?v=dgW6o9cOBvI
- الفاتيكان يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية‬-;-‎ :
https://www.youtube.com/watch?v=atAetnrCEYU
- تحليل أمريكي .. الإسلام سيحكم العالم قريبا :
https://www.youtube.com/watch?v=vg1lMMIdrYQ


2 - مالكم ,لاتكادون تفقهون حديثا؟
عبد الله اغونان ( 2014 / 7 / 16 - 00:39 )

مشكلتكم أنكم لاتفهمون أو بالأحرى لاتريدون أن تفهموا

لم تفهموا خصوصية الاسلام

ولم تفهموا القومية

ولم تفهموا الاشتراكية

ولم تفهموا الفرق بين اللغات واللهجات

ماسبب استقلال باكستان وبانغلادش عن الهند؟

ولماذا ماتزال كشمير ذات الأغلبية المسلمة مشكلة؟

هاأنت تعرف الحزب الفائز في الهند بأنه هندوسي ثم تتكلم عن العلمانية

نفس الشيئ عادت اليه اسرائيل بالمطالبة بالاعتراف بها كدولة يهودية وطالما صدع

رؤوسنا عرب ذوي نزعة شيوعية بأن هناك فرقا بين صهيوني ويهودي ومنهم شعراء

وكتاب مشاهير
ليس لدينا علمانيون اذ كل الحكام المتعلمنون يستغلون الدين لتوطيد حكمهم ففي العراق
رفع حزب البعث شعارات دينية في الحرب ضد ايران ثم ضد التحالف وانهار ولم يتبق منه
الا شعار - الله أكبر على العلم العراقي الحالي ورجع حزب البعث السوري الى شعارات
طائفية شيعية وفي الثورة المصرية التي ادعى من انهمكوا فيها رغبتهم في دولة مدنية
انتهت الى انقلاب أول من استعان بهم رجال دنيا في ثياب دين شيخ العسكر وبابا العسكر
وحزب الزور
في السودان تم الانشقاق على أساس ديني
في فرنسا هناك رموز دينية فالرهبان والراهبات المحجبات يقومون بخدمات


3 - التباكي الإسلامي
عاد بن ثمود ( 2014 / 7 / 16 - 02:25 )
المسلمون يقومون بغزو بلاد الغير تحت ذريعة الفتح لنشر الإسلام .

و عندما يتغير ميزان القوى و يسترد الغير زمام الأمور، و يقومون بطردهم للعودة من حيث قدموا، يشعر المسلمون بالظلم و الإهانة.

و يعيشون دائماً متذمرين مما لحقهم من أذى.


4 - خلف والتخلف
الغراب الأبيض ( 2015 / 6 / 27 - 20:24 )
إلى عبد اللات المتخلف، لن تسطيع ولن يستطيع غيرك حجب نور حقيقة الإستسلام البشعة، أصبح أمركم مفضوح في كل أرجاء العالم وخاصة عالمكم الإستسلامي، فإذا كان الألاف يستسلمون كل يوم فاعلم فقط أن عشرات الألاف يتركونه كل يوم، المد الإلحادي والتنصير ينخر مجتمعاتكم كل ساعة.
ضع غربال الدجل والجهل على رأسك وادخل في سبات عميق ولا تستيقض إلا بعد 20 أو 50 سنة وسترى كيف أصبح العالم من حولك.

اخر الافلام

.. دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس تعلن عن تأدية 40 ألف فلسطيني


.. خطيب المسجد الحرام: فرحة العيد لا تنسي المسلمين مآسي ما يتعر




.. مراسل العربية أسامة القاسم: نحو 1.5 مليون مليون حاج يصلون إل


.. مبعدون عن المسجد الأقصى يؤدون صلاتهم عند باب الأسباط




.. آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة عيد الأضحى بالمسجد الأقصى