الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قائمة الائتلاف تصرُّ على انتحال الشخصية

عدنان فارس

2005 / 8 / 5
المجتمع المدني


لقد دخلوا الانتخابات في كانون الثاني / يناير 2005 على أنهم ائتلاف سياسي عراقي موحّد ولكنهم تعاملوا مع الناس في هذه الانتخابات على انهم يمثلون المرجعية الدينية لشيعة العراق وقد زينوا اعلاناتهم الانتخابية برسم خارطة العراق وعليها صورة المرجع الشيعي الاعلى السيد علي السيستاني في حين ان السيد السيستاني، وهو صاحب المقام الجليل كمرجع ديني، ليس له حق الاشتراك في انتخابات البرلمان العراقي لأنه اولاً لا يحمل الجنسية العراقية وثانياً أنّ سماحته ليس عضو في قائمة الائتلاف ولا هو عضو في اي حزب سياسي عراقي آخر.. ولكن ولأسف لم نسمع حينها اعتراضاً على هذا الانتحال والتحايل لا من لدن المفوضية (المستقلة) للانتخابات ولا من قبل مكتب السيد السيستاني نفسه!
والآن وفي خضم صراعهم واستعجالهم على كتابة الدستور كما كان حالهم في استعجال الانتخابات طرحوا مجموعة آراء كان ينبغي ان يطرحوها في إطار لجنة صياغة الدستور للتباحث والتفاوض كي يخرجوا على الشعب العراقي بصياغة مشتركة، باسم لجنة صياغة الدستور وليس باسم طرف واحد، لمناقشتها في الجمعية الوطنية وبقية مؤسسات المجتمع المدنية، نرى انهم طرحوا مجموعة آرائهم هذه ومن وراء ظهر لجنة صياغة الدستور ليس فقط على انها مقترح من قائمة الائتلاف وانما على أساس (نحن "ممثلي" ممثلو الشعب) نطرح مسودة مشروع الدستور العراقي الدائم بتخويل من الله ومن الشعب: "نحن ممثلي شعب العراق بارادة الله ورغبة الشعب الحرة نعلن أننا وضعنا الدستور". وعلى الفور نراهم قد باشروا بعقد اللقاءات والندوات ويستغلون وسائل الاعلام العراقية وفي مقدمتها قناة فضائية العراقية للترويج على أنّ مسودة آرائهمم هي مقترحات الشعب العراقي..!!؟؟ وهكذا تطورت عملية انتحال الشخصية لدى قائمة الائتلاف من خوض الانتخابات باسم السيستاني الى كتابة الدستور باسم الله وياويلك ياللي تعادينا ياويلك ويل.... كان ينبغي على بقية الاطراف في لجنة صياغة الدستور أن تدين سلوك قائمة الائتلاف الانفرادي والتشويشي هذا.
الغريب في الامر هو أن استعجال الانتخابات في العراق والالحاح على إجرائها، رغم الامكانية العملية والقانونية لتأجيلها، في موعدها في كانون الثاني 2005 كانَ استعجالاً (أميركياً - شيعياً) حتى جاءت النتيجة طائفية.. وقد يكون هذا بحكم (الاغلبية والمظلومية..!!).. ولكن الآن وتحت تصاعد سقف العمليات الارهابية وتنامي النعرة الطائفية واعتبار العراق وحتى شعبه على انه تركة النظام السابق ينبغي اقتسامها بين ورثة شرعيين.. اقول في ظلِّ هذا المناخ غير الصحي والذي يطغى عليه مزاج الاستحواذ كيف نفسّر الاستعجال (الاميركي الشيعي) في كتابة الدستور؟.. بحكم ماذاولصالح من؟.. هل ينسجم هذا الاستعجال، من الجانب الاميركي تحديداً، مع الرسالة الديمقراطية التي تضمنتها حملة حرية العراق (المظفرة!)؟.. لماذا تساهم الادارة الاميركية في قتل حلم وأمل الشعب العراقي في الديمقراطية والحرية من خلال الاستعجال في الانتخابات سابقاً وكتابة الدستور لاحقاً؟ رغم أن الادارة الاميركية تعلم وتعي جيداً وأكثر من غيرها وعياً بنوايا الزحف الاسلامي المللاّئي الايراني باتجاه العراق..؟ الإدارة الأميركية هي التي ساهمت في إحياء حلم وأمل الشعب العراقي في التحرر والانعتاق من قيود الاصولية السياسية وعضّدت هذا الحلم وهذا الأمل بدماء وأرواح المئات من الشباب والشابات الأميركان وبمئات المليارات من الدولارات من أموال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة الاميركية... فلماذا (تتواطئ - لو صحّ التعبير) الادارة الاميركية بعد كل هذه التضحيات بل وتساهم في تثبيت خطى بناء نظام ولاية الفقيه في العراق؟
قائمة الائتلاف تنوي من خلال خرقها أصول النقاش المشترك، الذي يُفترض ان يكون مخلصاً في إطار لجنة صياغة الدستور، واستغلالها وسائل الاعلام الرسمية وتحديداً قناة الفضائية العراقية (الرسمية)، ينوي رؤساء هذه القائمة وكوادرها الايحاء للشارع العراقي بانهم هم أصحاب الشأن "بإرادة الله وبرغبة الشعب الحرة" هذا الشأن الذي (لا يتعارض وأحكام الشريعة الاسلامية).. رغم أنه يتعارض مع أحكام وأخلاقية قانون إدارة الدولة في هذه المرحلة الانتقالية... لايفوتني هنا ان اذكّر بتصريح السيد همام حمودي وهو عضو قائمة الائتلاف ورئيس لجنة صياغة الدستور حول تسريب قائمة الائتلاف لمسودة دستورها بأنه كان تصرفاً خاطئاً.
قائمة ائتلاف بطرحها مسودة للخطاب الدينني الطائفي العشائري، على انها مسودة مشروع الدستور العراق الدائم، بدلاً من مسودة الخطاب القانوني والتأسيس القانوني المشترك ومن وراء ظهر لجنة صياغة الدستور، ساهم هذا الائتلاف بإرباك وعرقلة وتأخير عمل لجنة صياغة الدستور حيث تم نقل النقاش من داخل أروقة اللجنة الخاصة المكلفة بصياغة الدستور الى أروقة الشارع العراقي الذي يقوده المعمّمون والمعممات وفصائل متعددة من الجندرمة الشيعية في محافظات (الفيدرالية الشيعية المقترحة) بقصد التأليب والاستباق والتكسب غير المشروع على النعرات الدينية الطائفية والعشائرية لتحقيق اغراض سياسية تضر أول ماتضر بالعملية السيايسة الجارية الآن في العراق.
لقد افتتحوا مسودة دستورهم بجنجلوتية أسمَوها "مقدمة الدستور" طغت عليها الانشائية السياسية والوعود البراقة.. مقدمة لايسع قارؤوها او سامعوها سوى ان يفهموها وكأنها (البيان الاول) في الزحف نحو اقامة نظام سياسي يتبين لاحقاً وكما ورد تحديداً في المادة الاولى والمادة الثانية والمادة الخامسة عشر انه نظام ولاية الفقيه.
كثيرة هي التعبيرات والافكار التي وردت في مسودة قائمة الائتلاف التي أثارت استنكار واشمئزاز ومخاوف غالبية العراقيين من خبراء القانون والحقوق والضالعين في التأسيس الدستوري اضافة الى خيبة أمل لدى الجماهير العراقية التي صفّقت وفرحت لسقوط وتهاوي البناء الفوقي للديكتاتورية في العراق ولكنها ترى نفسها اليوم أمام توجه نحو إرساء أسس النباء التحتي لديكتاتورية جديدة.
كان ينبغي للجنة صياغة الدستور وكذلك المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، والوقت لم يفت بعد، ان تعترضا رسمياً وعملياً على اسلوب ونهج (قائمة الائتلاف) في استغلال الدين والرموز الدينية وانتحال الشخصية وخرق اصول النقاش المتفق عليها بقصد التشويش على الملايين من بسطاء العراقيين ضحايا الطائفية الدينية والعشائرية... لكل حزب او تكتل سياسي الحق في ان يبشر ويطبل ويزمر لما يريد ولكن بالطرق المشروعة التي تقرّها اصول المنافسة السياسية النزيهة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة الأمم المتحدة للطفولة -يونيسف-: 600 ألف طفل في رفح لا


.. ترامب يصم المهاجرين الصينيين إلى الولايات المتحدة بـ-الجيش ا




.. بعد اعتقال المحامية سنية الدهماني بالقوة.. محامو تونس يضربون


.. اعتقالات وإعفاءات في تونس بسبب العلم التونسي




.. تونس– اعتقالات وتوقيف بحق محامين وإعلاميين