الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء ما يستعصي على الفهم

احمد الطالبي

2014 / 7 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



مع كل التعاطف الذي يجب إبداؤه مع الشعب الفلسطيني في محنته ، ومع كل الإدانة التي يمكن تسجيلها ضد إسرائيل كدولة صهيونية ، لا ينبغي الإنجرار إلى الإنفعال العاطفي المؤطر بالعقل الغريزي ، والإنفلاتات اللاشعورية النرجسية عند اتخاذ موقف من هكذا قضايا ، لأنها قضايا سياسية كبرى ، لا يسمح فيها بالتقدير العاطفي ، خاصة و ان قنوات إعلامية تبث أخبارا لا تهمها الحقيقة ولا الضحايا من الشعب الفلسطيني بقد رما هي منشغلة بدعاية إعلامية رخيصة هدفها استثارة جمهور عريض من بسطاء المسلمين، خدمة لأجندات سياسية و ايديولوجية تشكل أكبر خطر على مستقبل الشعوب الإسلامية وتطلعها إلى الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والتنمية وغيرها من المسائل المتعلقة بالحرية وكرامة الإنسان عموما – نموذج داعش- وهذا شأن بعض ما تبقى من حركات قومية ، تركب على كل حدث من هذا القبيل لتسويق ما تبقى من سلعة بائرة ، لا تنفع شعبا ولا تبني مستقبلا ولا وطنا..
لا نبتغي من هذا الكلام تبخيس قناعات الناس ، ولا إبداء تعاطفهم وفق الطريقة التي يرون ، لأن في ذلك مس بحقهم في حرية التعبير، إنما نريد التأكيد على أن النظر إلى الموضوع من زوايا متعددة ضروري جدا ، على الأقل لتجنب المواقف الانفعالية التي تسقط صاحبها في العدمية و اللامعنى ، ولا تخدم من قريب أو بعيد قضية شعب مضطهد ومهدد في كيانه....

إذن في مثل هذه القضايا ، يصعب الاصطفاف بشكل متسرع و أعمى . ومع أن قضية الشعب الفلسطيني مشروعة و لا يجادل فيها إلا من كان في قلبه غل، فذلك لا يمنع من إبداء الرأي في قضايا المقاومة، والمساندة و التعاطف....
مسألة التعاطف و المساندة، لا تستوجب نقاشا بل هي من أقل الواجبات التي تفرضها القيم الكونية الإنسانية تجاه كل مضطهد، كيفما كان جنسه، دينه، أو وطنه، أو لغته. و من هذا المنطلق نسجل تضامننا مع شعب فلسطين بكل أطيافه و مكوناته ضد حرب الإبادة التي يتعرض لها ...
لكن مسألة المقاومة تطرح إشكالات لابد من استحضارها، قبل التصفيق لهذا الطرف أو ذاك . ومع أننا لا نملك ما يكفي من المعلومات عن تاريخ المقاومة الفلسطينية ، وتفاصيل نشأتها ومحطات مفترق طرقها و تقسيمها ، فإننا سنكتفي بما يروجه الإعلام المدعم لفصيل حماس أساسا من دعاية ، تهدف إلى طمس حقيقة المقاومة الفلسطينية ، و اختزالها في حركة حماس،باعتماد الدعاية التي تسلب المشاهد وعيه و حسه النقدي ، خاصة الكثل الشبابية غير المحصنة فكريا بفعل التراجعات التي تسببت فيها هذه القنوات بذاتها ، والتي لاتنشر سوى التطرف خدمة لأجندات مغرضة ، و نحن إد نثير هذه المسألة بهذا الشكل فليس الهدف تبخيس تضحيات مناضلي و مقاومي حماس ، إنما لممارسه حقنا في النقد و إبداء الملاحظة ، وقد يكون في صفوف حماس و المتعاطفين معها ومناصريها من لا يرقون إلى مستوى إدراك خبايا الأمور ....
هذا من جهة ، من جهة أخرى ، لنقف عند اسم الحركة و دلالاته ، وما يوحي به و ما يهدف إلى تغييبه : فاسم الحرحة كما تدل عليه أحرفه الخمسة و كما يعرفه الجميع هو : حركة المقاومة الإسلامية ، ولا يهمنا من هذا إلا كلمة واحدة هي النعت : إسلامية ، وما له من دلالات في المخيال الجماعي لأمة المسلمين..
فهذا النعت يوحي بأن هناك مقاومة أخرى غير إسلامية ، و بما أنها كذلك ، فهي غير شرعية و لا مكانة لها عند الله ، وعملها ضرب من العبث وغير محسوب في ميزان حسنات المقاوم ، ولا ينفع في الدنيا و في الآخرة ، وهنا يبدو مكر و خبث التسمية ،الذي يهدف إلى تبخيس تضحيات شهداء فلسطين من الفصائل الأخرى التي اختارت ألا تزج بالمقدس في السياسة و المقاومة ، بل اكتفت بالمرجعية الوطنية و الديمقراطية ، والتي ما زال قادتها رهن سجون إسرائيل و دماء شهدائها تمتزج بأرض فلسطين....
و في مبدئية حركة حماس لا بد كذلك من استحضار خذلان حماس لدولة سوريا حليفها و معدمها الأول ، كما يجب تسجيل عدم حيادها في التعاطي مع الأزمة التي يمر منها الشعب المصري ، إذ اختارت أن تنصب نفسها وصيا على شعب بكامله و تدعم فصيل الإخوان رغم عدم إجماع شعب مصر عليه ، بل إن الرئيس ألإخواني المعزول إختار دعم الإرهاب في سوريا و إغلاق سفارتها ، في الوقت الذي يرفرف علم الصهيونية على بناية بالقاهرة ناهيك عن عدم وضوح علاقاتها مع قطر و تركيا حلفاء أمريكا و الناتو ...
و إذا كان من حق حماس أن تقاوم كما ترى هي كحركة ، فلا يمكن تحميل نتائج مقاوتها و تبعاتها لكل الشعب الفلسطيني : أطفال رضع ، شيوخ ، نساء شباب ، لأن العدو إذا رد على صواريخ حماس ، فلا يرسلها إلى عناوين مقاتليها ليستهدفهم ، بل يطلقها عشوائيا و الحرب لا أخلاق فيها ، خاصة في ظل ميزان القوى غير المتكافئ عسكريا ، دبلوماسيا و سياسيا ، وماذا لو أعطيت الكلمة لشعب غزة ليختار ، فهل سيختار صواريخ حماس أم شيئا آخر ؟
و في ظل هذا الواقع المتشعب ، وفي ظل كذلك ضعف مبادرة الأنظمة العربية ، لماذا لا تستلهم حماس تجربة شعوب أخرى في المقاومة أعطت نتائج لم تكن في الحسبان : تجربة غاندي في الهند ، ومانديلا في جنوب إفريقيا ، على الأقل ليلتقط الشعب الفلسطيني النفس ....
مجمل القول ، هذه مجرد أفكار تحتمل الصواب كما تحتمل الخطأ ، لكن إبداءها يدخل في صميم ممارسة الحق في تعددية الرأي و الإختلاف و النظر إلى الأشياء من زوايا نظر متعددة ، بعيدا عن عقلية القطيع الغريزية ، التي تحكم هذه الكثل البشرية من الماء إلى الماء .
و إلى أن نرتقي بوعينا إلى ثقافة التعددية، والاختلاف ،ونسبية الحقيقة ، وفصل المقدس عن المدنس ، وتتبيث فكرة الدين لله و الوطن للجميع ، أنحني تقديرا و احتراما و إجلالا لشهداء فلسطين الذين سقطوا غدرا ، او الذين قدموا أرواحهم تحت راية واحدة ووحيدة هي راية الوطن ، راية زينة الأمم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في