الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن العقل

احمد الطالبي

2014 / 7 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مند عقود بل ومند قرون ، خاض العقل في البلدان الإسلامية حربا ضروسا من أجل تتبيث نفسه كنظرة للوجود و الحياة ، و كآلية للنظر والتفسير والتفكيك وعدم الأخذ الأعمى بيقينيات متوارثة ، لا تكتسب من الشرعية سوى قدمها ليس إلا .

في هذه الحرب ، أدى أهل العقل الثمن غاليا ،فمنهم من صلب ، ومنهم من أضطهد ، ومنهم من أحرقت كتبه ، ومنهم من تم طرده وتهجيره قسرا من وطنه ، ومنهم من طاله الغدر واستشهد..

وتاريخ العقل في البلدان الإسلامية ، لا يحكي سوى مأساة تلو مأساة ، من مأساة المعتزلة مع أهل العقيدة الأشعرية ، وسلطان الجبر الذي تأسس واستبد مع الدولة الأموية ، مرورا بمأساة الفلاسفة ، الذين عانوا كثيرا مع فقيه البلاط الغزالي الذي كفرهم وحرض عليهم الغوغاء و الدهماء ، واتهمهم بالكفر و الزندقة و الهرطقة ، ومروراكذلك بابن رشد ، الذي عاين بأم عينه إحراق عصارة فكره من طرف سلطة التزمت والتحجر ، وانتهاء بمفكري عصر النهضة و من أتى بعدهم ، كطه حسين وعلي عبد الرزاق ، وفرج فوده ، ومهدي عامل وحسين مروة ، ونصر حامد أبو زيد ...والقائمة تطول . ومع إصرار قوى الظلام و التزمت حتى بقوة السلاح و السيف على مواصلة اضطهاد العقل ، يصر العقل بدوره على المواجهة الفكرية الحضارية والراقية ، من أجل مواصلة مسيرته في تحرير الإنسان من طغيان تجار الدين ، فكما يقال لم يسبق لرجل العلم و العقل و الفلسفة أن دعا إلى قتل رجل دين ، بل العكس هو الصحيح، وهذه ميزة أهل العقل ..


الإنتاج العقلاني في التراث العربي الإسلامي ، غزير جدا ، وبإمكانه -لو تم توظيفه بما يتماشى و مقتضيات العصر - أن يكون رافعة البلدان الإسلامية إلى التنمية و إلى الحداثة .

فلا حاجة لتذكير أعداء العقل و العقلانية بالمكتسبات التي حققها العقل للحضارة العربية الإسلامية في وقت من الأوقات ، وكيف تلاشت هذه الحضارة عندما تم التضييق على العقل ، وحل محله فقه البداوة المتزمت الذي أغرق الأمة في دوامة من الجهل يتوارثه جيل عن جيل ، والذي توفر له السلطة الحاكمة كل إمكانيات الاستمرار، بواسطة جحافل من الوعاظ ، وبواسطة آليات إعلامية و مؤسسات حاضنة كالمدرسة والأسرة .....
مما نتج عنه تلاشي مكتسبات ما يمكن اعتباره حداثة أولى في العصر العباسي : كالانشغال بفنون الشعر و تذوقه و الاستمتاع به ، كشعر أبي تمام مثلا الذي ساهم في الدفع بالحركة النقدية و بلورة رؤى جديدة في مجال الشعر، فكان أن ظهر نقاد كبار كالآمدي و الجاحظ والجرجاني وغيرهم ، وعانق الشعر عوالم جديدة ومواضيع جديدة مع أبي نواس الثائر و المتمرد الذي أسس لحركة التمرد على كل ماهو قديم في شكل القصيدة و مضمونها الفكري و القيمي ، إنه زمن التأسيس للحرية ، ناهيك عن مجالس النظر الفكري في بغداد التي يشارك فيها رجال الدين و الفلاسفة من كل المشارب و الاتجاهات بما فيهم الملاحدة....
لكن سرعان ما انقلب كل شيء بفعل القراءة الضيقة والسطحية للنص، وانهار البناء، ولم نعد نسمع ومن زمان سوى لغة التكفير، والوعيد .....

ليس غريبا إذن بسبب التراجعات تلك و بسبب نمط التفكير المفروض جبرا وقسرا ، أن تكون السذاجة و البلادة هي كل ما يرثه جيل عن جيل في هذه الأمة ، لأن الأمة التي لا تعلم أبناءها السؤال قبل الجواب و الشك قبل اليقين ، هي بالضرورة أمة اغتيال العقل و الإبداع ولا يرجى منها شيء ينفع الإنسانية...

قد يكون للمرء حظ من علوم معينة : يكون طبيبا أو مهندسا أو طيارا أو .. ، لكن في غياب القدرة على مساءلة الموروث و تفكيكه و نقده ومساءلة ذاته و محاورة غيره بالعقل فلا معنى لمعرفته تلك ، و الأمثلة على ذلك كثيرة ، ألم يكن الظواهري و مازال داعية إرهاب وعنف ، وهو طبيب ؟

إن النهضة الغربية الحديثة ، كانت بدايتها مع جرأة العقل الغربي في زعزعة ثوابته ومساءلة يقينيا ته التي كانت تدخل في مجال المحرمات ، وقد تمكن هذا العقل من تخطيها وبيان هشاشتها وكشف طابعها الأسطوري حتى ، بل أكثر من ذلك تغلغل العقل في كل شيء بما في ذلك تنظيم المجتمع وتسييره بنظم سياسية ديمقراطية على قاعدة الإيمان بالاختلاف و نسبية الحقيقة ، فكان أن ارتقت تلك الشعوب في سلوكها و نمط عيشها و طريقة تفكيرها ....

في المقابل ، تصرف أموال باهظة من ميزانيات البيترودولار الخليجي ، و بتخطيط صهيو أمريكي ، وتجييش الغوغاء من الجهلة و الأميين لإغراق أمة الجهل في مزيد من الجهل و الجهالة .

وما كان هذا ليحصل لولا صمت المثقفين وجبنهم أحينا أولاستسلامهم لإغراءات وهمية في ظل انتشار قيم الأنانية و الفر دانية .

لقد تلاشى دور ذلك المثقف العضوي حامل الرسالة و القيم وحلت محله قنوات إن لم تنشر ظلاما ، فهي تنشر قيم الميوعة و التفاهة ، ويزيد من صعوبة الموقف نظم التربية و التعليم التي لا تخدم المجتمع في شيء بقد رما تخدم هاجس السلطة و الحفاظ عليها ، عبر مأسسة الجهل حسب المرحوم محمد أركون..

نحن إذن في حاجة إلى مثقف جديد لا يمتلك المعرفة و آليات النقد و التفكيك فحسب ، بل والشجاعة أيضا ليضطلع بمسؤولياته التاريخية في هذه الأزمنة الصعبة و الصعبة جدا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحال ما يسر
نور الحرية ( 2014 / 7 / 26 - 12:52 )
وينك ياراجل انت معانا والا في عالم الاحلام. البارحة فقط دخلت الى غرفة ابنتي الصغيرة وهي تتابع قناة طيور الجنة (الارهابية)بكل انتباه واذا بذالك الفيل ابو مقداد صاحب المحطة متحلقا جماعة من الاطفال الابرياء وهو يحشو لهم ادمغتهم الغضة مبادئ الجهل والحقد على غير المسلمين كان يشرح لهم وبكل برودة دم كيف قتل محمد يهود بنو قريظة بتلك الطريقة الهمجية ايقنت حينها اننا ماضون الى مراحل اصعب مع اجيال ارهابية قادمة

اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في