الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جذور الشمولية في المذاهب الدينية (1-2)

عبدالله خليفة

2014 / 7 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



فيما كانت شخصياتُ الصحابة والأئمة تتسمُ بسماتٍ ديمقراطية شعبية واتخاذ سبل السلم للتغيير، تبدّل تصورها وفهمها في القرون التالية، بسبب تطور الصراعات السياسية بين المجموعات الارستقراطية المهيمنة على المسلمين.
ولهذا فإن جميع مصطلحات السياسة من (خلافة) و(شورى) و(عصمة) و(إمامة) التبستْ بعدئذٍ بتلك الصراعات التي تراكمتْ على مدى قرنين، حين توجهتْ الدولُ والجماعات السياسية الدينية إلى تكريس الشمولية السياسية في حكم الناس.
وقد عرفنا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وهو يلبس ثوبه الوحيد المستلف نصفه من ابنه، وتساؤلات الصحابة حول هذا الثوب.
ولهذا فإن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب يقول:
(الواجب في حكم الله وحكم الإسلام على المسلمين بعدما يموتُ إمامهم أو يُقتل.. ألا يَعملوا عملاً ولا يُحدثوا حدثاً ولا يقدموا يداً ولا رِجلاً ولا يبدؤوا بشيءٍ قبلَ أن يختاروا لأنفسِهم إماماً عَفيفاً عَالماً وَرِعاً عَارِفاً بالقضاءِ والسُنة)، عن كتاب تطور الفكر السياسي الشيعي، أحمد الكاتب، ص 20.
هنا نجد الوعي الديني – السياسي ديمقراطياً، فالحاكم هو وليد الاختيار، وأقرب للمناضل الشعبي الزاهد العادل، حين كانت ظروف المسلمين بسيطة غير مركبة، لا تزال تسري فيها حياة المساواة الاجتماعية، لم تتعمقْ فيها الصراعاتُ السياسيةُ وتتغلغلُ فيها المكاناتُ الطبقيةُ المتضاربة.
بنيةُ المساواةِ الواسعة الانتشار والبساطة والتقاربِ الاجتماعي تستدعي مؤسساتٍ سياسيةً تشاورية يزولُ منها العسكرُ الخاص بجماعة ودولةٍ وسلطان، فهنا العسكرُ النابعُ من الناس.
ولكن هذه البنيةَ تتغير، الأوضاعُ السياسيةُ العسكرية الاجتماعية تتبدل، وينتشرُ الثراءُ بين مجموعاتٍ خاصة، وتتعالى الدولةُ وتتوارى وراءَ الجدران، ويصيرُ الجيشُ حامياً إلى من بيدهِ الأراضي الخصبة الصوافي.
من هنا يكون فهمُ القرآن مختلفاً، وتفسيرهُ متبايناً، ويتحدثُ الصحابةُ والأئمةُ بلغة سياسية واجتماعية مغايرة لمن سوف يأتون بعد ذلك.
(وذكر المؤرخون: أنه لما توفي الإمام علي عليه السلام خرجَ عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب إلى الناس فقال: إن أميرَ المؤمنين توفي، وقد ترك خلفاً، فإن أحببتم خرجَ إليكم، وإن كرهتم فلا أحد على أحد. فبكى الناس وقالوا: بل يخرج إلينا)، عن المرجع السابق، ويرويه عن كتب التاريخ العديدة.
(وقد اعتزل علي بن الحسين السياسة، ورفض قيادة الشيعة الذين كانوا يطالبون بالثأر لمقتل أبيه الحسين، ويعدون للثورة، ولم يدّعِِ الإمامة، ولم يتصد لها)، نفسه ص 21.
إن المؤلف الأستاذ أحمد الكاتب يتناولُ الظروفَ الموضوعية والسياسية بشكلٍ مجرد، فثمة في العهد الإسلامي الأول تشاورٌ، وفي العهد الإسلامي الذي بعده ليس ثمة تشاور، بل شمولية. وهو كلامٌ صحيح غير إنه لا يتجذر في تلك التربة الموضوعية المتناقضة بين عصر وعصر.
انقسم المسلمون إلى جماعتين كبريين، السنة والشيعة، وقد أوقفت السنةُ التاريخَ المقدسَ عند زمنية الخلافة الراشدة، ورأت كذلك رموزَها كبشر يصيبون ويخطئون، وحوّلت التاريخ الذي جاء بعده كتاريخ دول وسلالات، يتصف بالعادية وبضرورة درسه وتقدير الشخصيات التي تقاربُ النموذجَ لديها وهو النموذج الرسولي – الراشدي، وما عدا ذلك فالتاريخ كله قابل للنقد، ولهذا ليس ثمة سلالات مقدسة والتاريخ مفتوح لكل الاحتمالات.
أما الشيعة فتاريخها أكثر تعقيداً، فقد أرادت أن تشكل سيرة وحكماً مختلفين، ولهذا غدت مرئياتها للتاريخ الإسلامي بين نظرتين، كما يذكر أحمد الكاتب، وكما أشرنا لذلك سابقاً، والجميع بعد أن صعدت الطبقات الغنية وسيطرت على الناس صار تابعاً لقوى الاستغلال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر