الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوسيولوجيا بورديو النقدية : قضايا واشكاليات

عصام العدوني

2014 / 7 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مــقدمـــة:
لقد مر أكثر من عقد من الزمن على وفاة عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو الذي وصفه الفيلسوف يورغان هابرمارس في كلمته التأبينية بكونه كان "أحد آخر كبار السوسيولوجيين في القرن العشرين". فعلى امتداد عقود ظل فكره يحتل مكانة محورية في السوسيولوجيا المعاصرة؛ ولازالت اتجاهات البحث التي أرسى دعائمها تثير اهتمام الباحثين والمثقفين إلى اليوم، ولازالت تؤطر الحقل السوسيولوجي وتمده بأفكار ونظريات ذات مصداقية ورصانة فكرية قاسمها المشترك الصرامة العلمية والحذر الابستمولوجي والرؤية النقدية ... وعلى الرغم من أن بورديو لم يترك وراءه مدرسة سوسيولوجية تعتبر امتدادا لفكره، إلا أن مفاهيمه ونظرياته قد طبعت بشكل كبير السوسيولوجيا سواء في العالم الغربي أو في باقي العوالم؛ لدرجة يمكن القول معها أن العديد من المشاريع السوسيولوجية الأخرى كانت نقاشا أو تحاورا أو ردا على سوسيولوجياه أو امتدادا لبعض ما ابتكره من مفاهيم كالحقل والهابتوس والرأسمال الثقافي والرمزي.
ولقد تناول بورديو طيلة مساره العلمي والأكاديمي بالدرس والتحليل قضايا متنوعة يصعب حصرها لأنها تواصلت زمنا ينيف عن أربعة عقود وشملت مجالات شاسعة تمتد من الوقوف على واقع وطموحات الفلاحين والمزارعين الجزائريين غداة الاستقلال، مرورا بدراسة الطبقات الاجتماعية والنظام المدرسي والثقافة و الأذواق الفردية، إلى الحقل الأدبي والعلمي والأكاديمي والإعلامي والسياسي والبؤس والهامشية والحركات الاجتماعية الأوروبية والعولمة، الخ. وقد صذقت ملاحظة السوسيولوجي Jean-François Dortier بكون تنوع المواضيع والمجالات والاهتمامات ظلت تتاطر بوحدة وتجانس كبير جسده الإيمان بفكرة واحدة أساسية وهي " أن الأفكار المجردة أو الخالصة لا وجود لها"1. بما في ذلك الأفكار الفلسفية وحتى العلمية التي تدعي الاستقلالية والتحرر من كل الاكراهات سوى محددات العقل والمنطق، والتي بالنسبة له هي "نتاج لرؤية للكون متجذرة في وضعية اجتماعية ما"؛ حيث " ان العالم "الخالص" للعلم "الخالص" هو حقل اجتماعي مثله مثل باقي الحقول، بعلاقات قواه، باحتكاراته، بصراعاته واستراتيجياته، بمصالحه وأرباحه. لكن حيث كل هذه الثوابت تكتسي أشكالا نوعية"2.
سنقتصر في هذه الورقة على استعراض ثلاثة محاور تلخص فكرة غياب أفكار خالصة ومستقلة بذاتها وتجذرها في وضعية اجتماعية ورمزية تستجيب لها وتقدم إجابات حولها، وهي في نفس الوقت محاور أثارت حولها جدلا كبيرا في أوساط الأكاديميين والسياسيين ورجال الإعلام لازال مستمرا إلى غاية اليوم نظرا لجدتها ولجرأتها النقدية ، تتعلق الأولى بالإشكالية التربوية والتعليمية؛ أما الثانية فتشمل علاقات النوع؛ بينما تختص الثالثة بالعولمة والحركات الاجتماعية الجديدة، ثم في الاخير نسائل اهم المفاهيم التي ابتكرها من خلال رؤى مغايرة لسوسيولوجيين اخرين.
- قضايا سوسيولوجية :

1- المدرسة وإعادة الإنتاج:
خلال الفترة الممتدة بين الستينات والسبعينات من القرن الماضي سينصب اهتمامه رفقة زميله جون كلود باسرون على الدراسة السوسيولوجية للمدرسة والمنظومة التربوية. فقد مكنته دراسته الميدانية حول الطلبة والموسومة ب" الورثة"3 من الوقوف على معطيات سوسيولوجية وإحصائية مهمة كان الإعلان عنها وقتها بمثابة ثورة في مجال التفكير في علاقة الفكر الليبرالي الغربي بالثقافة والمجتمع.
لقد تشكلت فكرته حول "وصف الميكانيزم الخفي للانتقاء الاجتماعي بواسطة المدرسة"4، كما أعادت إلى نقطة الصفر التفكير في مسلمة تكافؤ الفرص والمساواة التي اعتبرت من مسلمات الحداثة ومن أساسيات الجمهورية اللائكية.
فقد كشفت أن النظام التعليمي العمومي يعمل عبر كل مستوياته وأطواره وعبر تواطؤ الأجهزة الإدارية والتربوية والبيداغوجية على تكريس اللامساواة الاجتماعية أمام المدرسة والثقافة. إن فئة قليلة جدا من أبناء الطبقات الدنيا هي التي تصل إلى التعليم الجامعي بينما يلج أبناء الطبقات المتوسطة والأطر العليا بكثافة هذه المؤسسات وخاصة المعاهد العليا المتخصصة التي تنتج الأطر ورجال الدولة ( بوليتيكنيك، المدرسة العليا ) وحتى أبناء الطبقات غير المحظوظة الذين يصلون إلى التعليم العالي فإنهم بفعل عوامل الإقصاء والحواجز التي توضع أمامهم يجدون أنفسهم مضطرين إلى ولوج الشعب والتخصصات الأدبية والشعب الفنية التي لا تؤهلهم إلى الالتحاق بمصاف النخب والطبقة السياسية الحاكمة، حيث يعتمد "النجاح الاجتماعي، في جميع البلدان الصناعية مثل فرنسا والولايات المتحدة واليابان، بصورة وثيقة على عملية ترشيح مبدئية (فرض اسم، في العادة يكون اسم مؤسسة تعليمية، جماعة توداي أو هارفارد أو مدرسة البوليتكنيك) تكرس تعليميا الفارق الاجتماعي الموجود"5. فالنظام التعليمي الذي أريد له أن يكون أداة للحراك الاجتماعي وللتجانس ووسيلة للديمقراطية عن طريق تغليب سلطة الكفاءة والجدارة والاستحقاق الفردي تحول إلى أداة لإعادة إنتاج النظام الارستقراطي القديم في حلة جديدة، "تميل، عبر الرابطة الخفية بين الاستعداد المدرسي والميراث الثقافي، لأن تقيم ارستقراطية دولة حقيقية، تكفل الألقاب المدرسية سلطتها وشرعيتها"6.
إن الفرضية المحورية التي تبناها بورديو وزميله تتمثل في أن اللامساواة أمام المدرسة والثقافة هي حقيقة لا غبار عليها، وأنها ليست نتاج الفروقات الفردية وانما نتاج تحالف أو تواطؤ مجموعة من العوامل السوسيولوجية والثقافية، كطبيعة الرصيد الثقافي الأسري، واللغة المتداولة، وطبيعة الرأسمال الاجتماعي والثقافي الذي تمتلكه كل فئة اجتماعية على حدة، والهابتوسات المستدخلة لديها. ان الفروقات الثقافية بين الطبقات لوحدها لا تنتج اللامساواة، الا لكون ثقافة الطبقات المحظوظة هي الثقافة الأكثر قربا من الثقافة المدرسية، بينما تظل ثقافة الأوساط الفقيرة بعيدة نحويا ودلاليا ورمزيا وعينيا عن ثقافة المدرسة. إن الثقافة الشعبية الشفوية (المسودة) تقف عائقا منذ البداية أمام تحقق تكافؤ الفرص وأمام النجاح المدرسي باعتبارها ليست الثقافة المدرسية الشرعية وبالتالي تشكل اكبر الحواجز امام الحراك الاجتماعي عن طريق التعلم والعلم. إن أبناء الطبقات المحظوظة يجدون أنفسهم بفعل الرأسمال الثقافي الأسري وشبكة العلاقات الاجتماعية مهيئين لتقبل الثقافة المدرسية التي تخاطبهم من خلال لغتهم وأذواقهم وعاداتهم الثقافية والمعرفية والإدراكية والتي اعتادوا علبها داخل وسطهم الاجتماعي. مما ينتج ألفة وتعودا Familiarité على الثقافة المدرسية لا تتوفر لأبناء الطبقات غير المحظوظة بفعل أوضاعهم الاقتصادية المتدنية و الرساميل الثقافية والاجتماعية التي يتوفرون عليها. ( إن الفرق سيكون كبير على مستوى التحصيل والاستعدادات والتجاوب بين متعلم ينحدر من طبقة غير محظوظة تلقى دروسا حول الفن التشكيلي أو الثقافة البدائية وبين متعلم من طبقة محظوظة بالإضافة إلى التلقي قد سبق له استكشاف مادي لذلك الفن وتلك الثقافة من خلال زيارة المتاحف وقاعات العروض والتقاء الفنانين...).
لقد كان هدف بورديو ذو طبيعة مزدوجة فمن جهة إبراز اثر العوامل الاجتماعية ما قبل المدرسية في تكريس التمايزات أمام المدرسة ومن جهة أخرى الكشف عن ميكانيزمات واليات إعادة إنتاج هذه التمايزات داخل الفضاء المدرسي عبر جملة من الاليات (كيفية انتظام المدرسة والفصل والامتحان، دور رجال التربية والمؤطرين ، البرامج التعليمية، الايديولوجيا التربوية السائدة التي تفسر الإخفاق المدرسي بعوامل بيولوجية نفسية كالذكاء والموهبة والدافع... ) وفي اطار المجتمع العام (العلاقات بين الطبقات الاجتماعية، أنواع الرساميل التي تتوفر عليها، صراعات الرموز والتصنيفات والمعاني بينها...)، لينتهي في الأخير إلى خلاصة مفادها أن الرسالة الديمقراطية المساواتية للمدرسة سرعان ما تتهاوى أمام حقيقتها غير الديمقراطية والمتمثلة في كون التعليم المدرسي هو "عنف رمزي باعتباره فرضا، بواسطة سلطة تحكمية، لتعسف ثقافي"7 يمارس بتواطؤ الجميع وعلى رأسهم المنتدبين الثقافيين والتلاميذ وآباؤهم ، الأمر الذي يضفي على هذا العنف شرعية حتى لدى ضحاياه .حيث لا يتصور أبناء الطبقات غير المحظوظة النجاح المهني والاجتماعي إلا عبر استدخال قواعد ومعايير الثقافة المدرسية الشرعية أي ثقافة الطبقات السائدة. بهذه الصورة يعيد إنتاج النظام المدرسي بنيات السيطرة المادية على الصعيد الرمزي من خلال الهابتوس.
إن التحليل الذي اقترحه بورديو للمنظومة التربوية ترك صدى واسعا وفجر نقاشات لم تعد محصورة في الفضاء الجامعي وإنما امتدت إلى ساحة النقاش العمومي، فهو وان كان يبدو للوهلة الأولى متداولا بين الأوساط اليسارية حيث استعار من المعجم الماركسي العديد من المفاهيم ( الطبقة، الرأسمال، الايديولوجيا) فإنه مع ذلك لم يسجن نفسه في مقاربة ماركس الاقتصادية التي ترى أن اللامساواة الاقتصادية هي وحدها العامل الذي يكرس اللامساواة المدرسية؛ فبالنسبة لبورديو إن التخفيف أو زوال التفاوتات الطبقية المرتبطة بامتلاك الرأسمال الاقتصادي لا يحل المشكلة التعليمية بقدر ما يحرفها ويساهم في التضليل، وبالتالي يسهل عمل الترسيخ والعنف الرمزي، ذلك أن اللامساواة الثقافية أمام المدرسة تظل قائمة وتشتغل كلما تم الجهل بميكانيزمات اشتغالها، الأمر الذي يستدعي تجاوز المقاربة الاقتصادية نحو أخرى أكثرشمولية، حيث أن "فعالية العوامل الاجتماعية المسؤولة عن اللامساواة هي من القوة بحيث أن تكافؤ الإمكانات الاقتصادية يمكن أن يتحقق دون أن يتوقف النظام التعليمي الجامعي مع ذلك عن تثبيت وترسيخ اللامساواة"8.

2- الهيمنة الذكورية:
يقول بورديو في مستهل حديثه عن الهيمنة الذكورية بأنها جد متجذرة في لاشعورنا لدرجة أننا لا
نتمكن من إدراكها وجد متوافقة مع توقعاتنا لدرجة يصعب علينا إعادة النظر فيها (...) فمن الضروري إذن العمل على تفكيك البداهات وسبر البنيات الرمزية للاوعي الذكوري الذي يعيش عند الرجال والنساء 9. ومن اجل بلوغ هذا الهدف يبحث في الميكانيزمات والآليات المسؤولة عن إعادة إنتاج علاقات السيطرة الذكورية على مستوى البنيات الاجتماعية والذهنية، ف " ما هي الميكانيزمات والمؤسسات التي تؤدي مهمة إعادة إنتاج " المذكر الأبدي"؟ كيف يتم تحويل الاختلافات البيولوجية إلى علاقات قوة ؟ لماذا يتم تكريس السيطرة الذكورية كشيء يمشي من تلقاء ذاته ؟
للإجابة عن هذه القضايا يعتمد الكاتب على نتائج الدراسات الاتنولوجية وعلى الملاحظات الاتنوغرافية التي كان قد رصدها منذ الستينات عن المجتمع القبائلي في الجزائر حول العلاقات بين النساء والرجال وأنماط التنشئة الاجتماعية والجنسية والطقوس والثقافة الشفوية من أمثال وحكايات وقصص...
من ناحية المنهج فان بورديو يقدم تصورا يختلف جذريا عن القراءات الاتنولوجية السائدة، لقد دافع تماشيا مع المنهج البنيوي التكويني عن منهجية لا تقف عند الاختلاف بين المجتمعات الحديثة والتقليدية أو البعيدة من اجل تكريس وتبرير علاقات السيطرة والتبعية ولا تتبنى الموقف الاتنومركزي اللاواعي الذي يضع سلما تصاعديا لترتيب المجتمعات والحضارات حيث تصبح بمقتضاه المجتمعات التي لا تعرف الكتابة بمثابة " ماضي غابر" وتراث فلكلوري للمجتمعات الصناعية الحديثة.
إن هذا التصور سيرسم لنفسه مسارا معاكسا لهذه الأطروحات، إذ منذ البداية ستظهر جليا فكرة التناول التزامني والمتوازي للمجتمعات " البعيدة" ومثيلاتها "الحديثة"، حيث سيضعهما في نفس النسق البنيوي ليستخلص منهما أن البنية البطريركية اللاواعية هي نفسها في كل المجتمعات حديثة أو تقليدية مما يشكل فرصة غير مسبوقة للعودة للذات الغربية الحداثية ومسائلتها من نفس المنظور الاتنولوجي. إن الفرق لا يكمن في النوع وإنما فقط في أشكال وصور ومستويات تعبيرها وتجسيدها.
إن " المجتمع القبائلي" يقدم " اركيولوجيا موضوعية للاوعي الغربي، أي أداة للقيام بعملية سوسيوـ تحليلية حقيقية للمجتمعات الغربية" ومن جهة ثانية يقدم صورة مكبرة للمجتمعات الغربية الحديثة. إن هذه الملاحظة تدحض كل الاطروحات الاتنومركزية التي تتمحور حول ثنائية الحداثة/التقليد، التقدم/التخلف، القانون/العرف، تمييز جنسي/ مساواة...وبالتالي تعري الدوافع السياسية والإيديولوجية الكامنة خلفها (هيمنة، استعمار، تبعية...). فعوض الانسياق مع المفاهيم الرائجة آنذاك في دراسة المنطقة المغاربية (الانقسامية والوظيفية..) والتي كانت مفاتيحها النظرية تدور حول رصد الخصوصيات والانقسام والتجزء والفوضى والسيبة ضد المخزن...فانه سيغير وجهته كليا. إن تركيزه على " منطق الممارسة جعله يدخل في تناقض سريع مع مقاربة متجهة كليا نحو ميكانيزم الشكل، البنية والوظيفة"10.
ففي المجتمع القبائلي موضوع دراسة العلاقات الجندرية تبدو الهيمنة الذكورية جد صريحة وواضحة ومباشرة وبالتالي تسمح بمصادرة تعارضات المبدأ الذكوري والأنثوي، فالذكورة والرجولة تشكل في المجتمعات "البعيدة" مبدأ للتنظيم المادي والرمزي معا حيث كل مظاهر الوجود الاجتماعي والروحي تخضع لهذا المبدأ (أساطير، رموز، أشكال تنشئوية، رموز، علاقات اجتماعية وسياسية) وهذه المجتمعات تقوم على سمو وعلو الجنس المذكر في مقابل دونية وسلبية المؤنث، بينما في " المجتمعات الغربية" وبفعل جملة من العوامل التاريخية والفكرية والاجتماعية فان السيطرة الذكورية منغرسة هي الأخرى في النسيج الاجتماعي لكنها تضطر للاختباء والتنكر وراء مقولات وملفوظات رمزية ومؤسسات وأشكال للتنظيم "عقلانية"، بمعنى أنها تصبح أكثر تسترا واقل بروزا للعيان لكنها لا تقل فعالية نظرا لأنها تستبطن بسهولة.
إن الهيمنة الذكورية في المجتمعات الحديثة لا تقوم على عنف البنيات المادية وإنما الرمزية، فهي تقوم على قوة الرمز والمعرفة والثقافة والتواصل. إنها " هيمنة رمزية" بالدرجة الأولى، " فتأثيرها لا يمارس داخل المنطق الخالص للوعي (بصيغة الجمع) العارف ولكن عبر خطاطات الإدراك والتقدير والفعل المكونة للهابتوسات"11. لذلك فهي لا تتمظهر كسيطرة ذكورية قصدية وواعية بأهدافها وإنما كسيطرة رمزية تمارس "عنفا رمزيا" هادئا، غير محسوس، وغير مرئي بالنسبة لضحاياه ويمارس بواسطة الطرق الرمزية الخالصة للتواصل والمعرفة أو بشكل أكثر دقة بواسطة طرق الجهل والاعتراف والى حد ما الإحساس 12 ، ولا يصبح هذا العنف فعالا إلا بمشاركة الجميع في إنتاجه وخاصة النساء ذلك أن احد شروط شرعنة وتأبيد العلاقات البطريركية يكمن في مشاركة ضحاياها في الاعتقاد فيها كعلاقات طبيعية.
لكن طموح بورديو لا يقف عند حد كشف البنيات الذكورية اللاواعية المسؤولة عن إخضاع النساء وإنما يمتد إلى ابعد من ذلك وبالضبط إلى المساهمة في تغيير هذه البنيات (دائما يذكر بورديو بجدلية الحتمية والحرية وبدور عالم الاجتماع في الوعي بالحتميات ومن تم تقديم إمكانات التحرر من أسرها)، يتجلى ذلك في تذكير الحركات النسائية التي ما انفكت منذ ظهورها توجه سلاح النقد للأنظمة الاجتماعية والثقافية البطريركية التي تنتج اللامساواة الجنسية، بأنه لا يكفي أن تواجه السيطرة الذكوربة فقط من خلال التركيز على العلاقات الجنسية داخل مؤسسة الأسرة بل المطلوب هو دفع المواجهة إلى أقصاها من خلال مسائلة كل ميكانيزمات إنتاج وإعادة إنتاج هذه العلاقات داخل المؤسسات الاجتماعية المختلفة وخاصة الدولة والمدرسة والكنيسة...
ذلك أن مبدأ تأبيد علاقات السيطرة لا يكمن فقط في أماكن ممارستها الأكثر رؤية، أي داخل الوحدة المنزلية والتي ركز عليها الخطاب النسائي نظرته، وإنما داخل مؤسسات إستراتيجية مثل المدرسة والدولة بما هي أماكن لإعداد وفرض مبادئ الهيمنة التي تمارس كذلك داخل العالم الأكثر خصوصية. إن حقلا للعمل والتفكير جد واسع سينفتح أمام النضالات النسائية13.

3- العولمة والحركات الاجتماعية الجديدة:

مع تغلغل العولمة والتحرير الاقتصادي و انتشار القيم والأفكار الليبرالية في كل أنحاء المعمورة أصبحت العولمة تقدم نفسها كمبادئ مطلقة، وكحقائق كونية، وكحتمية تاريخية، بحيث تصبح القاطرة الجديدة نحو التنمية والتقدم والحضارة، مستكملة بذلك تحقيق الأهداف" النبيلة" التي سبق أن رسمتها الحداثة الغربية منذ انظلاقتها الاستكشافية نحو باقي العوالم...يتعلق الأمر إذن بتعميم النموذج الصناعي والحضاري الغربي وبمحو التقاليد والعادات المحلية والمعتقدات الدينية، ومسح الهوية، وإلغاء الغيرية ومطاردتها في الفضاءات والأوضاع والمواقف المتجدرة فيها. باختصار فالعولمة تسعى شأنها شان خطابات أخرى قد سبقتها (الحداثة) إلى إعلاء تاريخها الخاص إلى نموذج ميتافيزيقي، ومنطقها الخاص إلى قانون كوني، واختياراتها التنموية الخاصة إلى قدرية أو حتمية اقتصادية. وبالجملة فهي تدعي " تجريد الفكرة...وتجسيدها غير المشروط"14.
إن العولمة بهذا التوصيف وهذه السمات لن تترك مجالا للحياد أو اللامبالاة تجاهها ولن تنجو من تاثيراتها اية فضاءات او شخوص او امكنة. فالكل سيتفاعل وينفعل بها معها إن سلبا أو يجابا، رفضا أو قبولا.
إن ابرز تيارات الفكر تفاعلت وانفعلت بظاهرة العولمة في شتى أبعادها ونواحيها الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية والثقافية والايديولوجية، فمنها من بشر بها ورأى فيها فرصة تاريخية لاكتساب كل عناصر القوة والتقدم مادامت مشروعا قيد الانجاز والتكون أي مادامت ملامحها وشكلها النهائي لم يتحددا بصفة نهائية. ومنها من وجد فيها فرصة سانحة لاستئناف المعارك السياسية السابقة ضد "الامبريالية" و"حلفائها المحليين" مقتنعا بصحة أطروحاته "اليسارية" التي يزيدها واقع العولمة اليوم تجذرا ورسوخا باعتباره واقعا ينحو نحو تركيز الرأسمال المالي والتجاري بين أيدي مجموعة ضئيلة من الشركات المتعددة الجنسيات ونحو مزيد من التفقير واستغلال الأطراف. ومنهم في الأخير من تعاطى معها برؤية نقدية تفكيكية لا تنخدع أمام المظاهر الجذابة والخادعة ولا تنساق وراء مقولات الكونية الفجة ولا تطمئن لمقولات الاقتصاد السياسي الماركسي كمقولة "نمط الإنتاج"، ولا الليبرالي "كمقولة السوق الحرة" بقدر ما تحاول الانكباب على التحليل العميق لميكانيزمات واليات اشتغالها ليس فقط على الصعيد المادي وإنما أيضا على الصعيد الرمزي، وهذا ما قام به بورديو منذ سنوات بدءا بالكتاب الذي اشرف عليه " بؤس العالم" ومختلف الكتابات التي نشرها على أعمدة الصحف والمجلات العالمية وانتهاء بالنزول إلى الشارع والمساندة الفعلية للحركات الاحتجاجية التي شهدتها فرنسا سنة 1995 وانتهاء بمساندته للحركات الاجتماعية المناهضة للعولمة.

يعتقد بورديو أن العولمة هي بمثابة "خرافة" تقوم على مجموعة من اليقينيات والمسلمات التي لا يمكن الشك في علميتها وموضوعيتها وبالتالي في حيادها، فهي أولا ظاهرة اقتصادية عقلانية متطابقة مع محددات وأهداف السلوك والفعل الإنساني الذي يرتكز على الحرية الفردية والبحث عن الربح وتجنب الخسارة.وهي ثانيا إطارا مؤسساتيا وقانونيا يسمح لآليات السوق الحرة أن تضمن انطلاقا من اشتغالها الخاص أو بواسطة بعض الأجهزة الاقتصادية والتجارية المحدثة كمنظمة التجارة العالمية والبنك العالمي وصندوق النقد الدولي توزيعا عقلانيا للثروات والمنافع بما يتناسب مع المبادرات الذاتية للأفراد ومجهوداتهم المستمرة للكسب والاستثمار. وهي أخيرا هذا المجهود الكبير الذي يبذله المثقفون والصحافيون و الناشرون ورجال الأعمال لأجل طبع وترسيخ الرؤية النيوليبرالية في كل بقاع العالم، والتي تقوم بإلباس المقولات الكلاسيكية للفكر المحافظ لباس العقلانية الاقتصادية، يقول إن " مجموعة من الأحكام المسبقة يتم فرضها كما لو كانت تمشي من تلقاء نفسها: يتم قبول إن النمو الأقصى أي الإنتاجية والمنافسة هي الغاية النهائية والوحيدة للأفعال الإنسانية، أو انه لا يمكن مقاومة قوى السوق أو أيضا الحكم المسبق الذي يؤسس كل الأحكام الاقتصادية حيث يتم تاسيس قطيعة جذرية بين الاقتصادي والاجتماعي الذي يترك جانبا لعلماء الاجتماع كنوع من الحثالة"15، إلى جانب ذلك تساهم اللغة المشتركة والمتداولة على نطاق واسع في الأوساط الاقتصادية والمالية والإعلامية اليوم في تثبيت السيطرة الرمزية فأوصاف مثل " المقاولة المواطنة"، "ليونة العمل"، "المرونة" تريد إيهامنا بان الخطاب " النيوليبرالي هو خطاب عالمي للتحرر".
إن جوهر النيوليبرالية يكمن في فك الارتباط بين الاقتصادي والاجتماعي أو بالأحرى التنكر للثاني لصالح الأول، لكنها بإرادتها التحرر من السياسي و الاجتماعي وإحالة كل الوقائع الإنسانية إلى الدوافع الاقتصادية تنتهي الليبرالية الجديدة إلى التحول إلى برنامج عمل سياسي يهدف إلى خلق شروط انجاز واشتغال النظرية الاقتصادية الجديدة متجاهلا الشروط الاجتماعية الضرورية لاشتغال هذه الترتيبات العقلانية وللبنيات الاجتماعية الضرورية لفعلها لذلك فهي تعمل على فصل تعسفي " للمنطق الاقتصادي المحض المؤسس على المنافسة والحامل للفعالية وبين المنطق الاجتماعي الخاضع لقاعدة العدالة الاجتماعية "16.
من الطبيعي جدا أن يحدد هذا البرنامج السياسي خصمه الأساسي والمركزي في "دولة الرعاية " أي ذلك الكيان السياسي الذي تطور في أوروبا في الخمسينات والستينات استجابة لتطور حركة الصراعات الاجتماعية والنقابية والذي جعل من البعد الاجتماعي من أولويات السياسات والبرامج الحكومية فازداد دور القطاع العام والمؤسسات العمومية وتقلصت الفوارق الطبقية وارتفع مستوى عيش السكان وتمت حماية حقوق العمال والنساء والأقليات وتطورت خدمات الصحة العمومية والتغطية الصحية وتطورت قوانين الشغل الخ. لكن الليبرالية الجديدة تدعونا إلى التخلص من هذا الإرث وتقزيم الدولة وتحريرها من التزاماتها في تحقيق العدالة الاجتماعية لتتحول إلى مجر د دولة "جنائية بوليسية" 17 تسهر على رعاية مصالح الرأسمال الاحتكاري العالمي.
وتمتد إشكاليات العولمة ليس فقط على الصعيد الاقتصادي وإنما المعرفي والثقافي والرمزي، لتساءلنا حول دور ومكانة المثقف والثقافة والقيم أمام إغراءات السلطة والرأسمال. إن بورديو يطرح هذه العلاقة من منظور جديد، فلم يعد التمييز بين المثقف الثوري والمثقف الرجعي ذو طبيعة إجرائية، وإنما بين المثقف النقدي والمهندس الاجتماعي.
يمثل بورديو وضع المهندس الاجتماعي اليوم في صورتين متكاملتين: صورة الخبير الذي يشتغل في الظل ويعد البرامج والوصفات التقنية بواسطة الاعتماد على لغة الأرقام والإحصائيات الرياضية والتجريد والصورنة؛ وصورة مستشار الأمير المختص في التواصل والذي يقوم بتوظيف رأسماله الثقافي الذي اكتسبه من اشتغاله الأكاديمي والجامعي لخدمة الطبقات المهيمنة، ولعل أجمل تجسيد لهذه الصورة يجدها بورديو في شخصية "انطوني جيدنز" منظر الطريق الثالث والذي يعتبر مستشار "توني بلير" الوفي لطقوس الولاء للرأسمالية الامبريالية العالمية18 .
في مقابل ذلك يقدم بورديو نظرته في الثقافة والمعرفة والسياسة في زمن العولمة والتي يمكن أن نلخصها في الثنائية معرفة نقدية؛ ممارسة ميدانية: فالمعرفة أيا كانت اقتصادية أو سوسيولوجية لن تكون لها من قيمة إذا لم تكن موجهة نحو الفعل والعمل اللذان يهدفان إلى تغيير أو تصحيح أو التنديد بأوضاع تعسفية والمثقف لوحده لا يستطيع أن يكشف ويقاوم العنف الرمزي الذي تمارسه العولمة ما لم يتحالف مع قوى و حركات اجتماعية تستطيع أن تدمج في آن واحد كل هذه المطامح المعرفية والعملية والسياسية وذلك نظرا لما يتوفر لها من طاقات ووسائل عمل وقدرات لعل أهمها: كونها ترد الاعتبار للفكر والعمل السياسي؛ تتبنى أشكال من التنظيم والتاطير مخالفة للأشكال الكلاسيكية التي تسير بها الأحزاب والنقابات والتي تتسم بالبرقرطة واتخاذ القرارات بمعزل عن الذين تهمهم، بل أكثر من ذلك فهي تعلن تحررها من سلوكيات وقيم وأشكال تنظيم الأحزاب الشيوعية السابقة ( طاعة الزعيم ، إقبار الاختلاف) وهي بذلك تحاول أن تجعل المشاركة السياسية مسالة عمومية أي تخص كل المعنيين دون الاقتصار على نخبة أو أقلية معينة، لذلك فتنظيماتها وبنياتها تتميز بالمرونة والتسيير الذاتي، تتميز كذلك بالتركيز على أهداف واضحة ومحددة بدقة وذات تأثير مباشر على حياة السكان كالدفاع عن الحق في السكن اللائق أو الصحة أو الشغل.
إن هذه الحركات ليست بديلا للعمل النقابي كما قد يتوهم البعض لكن ذلك لا يعفي النقابية بشكلها الحالي من التطور والمراجعة حتى تتلائم مع أهداف ومطامح الحركة الاجتماعية الصاعدة لذلك فمطلوب منها التخلي عن العقلية التوافقية التي تضحي بالحقوق النقابية من اجل تحقيق مصالح ذاتية19 .
لكل ذلك ظل بورديو مؤمنا بإمكانية مقاومة العولمة عن طريق الدفع في اتجاه تطوير القدرات الذاتية للحركة الاجتماعية والبحث الدؤوب عن عناصر القوة الموجودة في الواقع و التي توفرها كل البنيات الاجتماعية القادرة على المقاومة سواء تعلق الأمر بالدولة والقطاع العام أو النقابات والتنظيمات المهنية والنسائية بل وحتى البنيات الأسرية.
فقد كرس بورديو جزءا كبيرا من انشغاله المعرفي بالبحث عنها والمراهنة عليها مع اقتناعه بامكانيات التغيير المفتوحة على نضالاتها ومقاومتها للراسمال المتوحش والعولمة المدمرة وللخطابات الدعائية والتبريرية التي تواكبها والتي تعمل على تشريبها للعقول وترسيخها في الخطاطات الذهنية والاستعدادات النفسية وعلى راسها الخطاابت التنموية والتحديثية والتي كانت السوسيولوجيا هي الاخرى حبيسة لها؛ هنا يبرز بورديو كناقد للحداثة والعولمة يلتقي في ذلك مع سوسيولوجيين كبار كالان تورين وهابرماس.
لقد تحولت السوسيولوجيا بدورها إلى أداة للمراقبة الدولتية وساهمت في مشروع "المراقبة والهندسة السلوكية" للإنسان على حد وصف هابرماس؛ وأصبحت الحداثة الغربية بحق فلسفة للبيو سلطةBio- pouvoir ، ذلك التحالف الذي تكرس بين إرادة المعرفة والسلطة، لقد أصبحت المعرفة تحكمية وتحكيمية تمارس على العقول والأجساد والوظائف الجنسية بغايات تشريحية- سياسية. فلم تعد شأنا علميا محضا، أو حتى تربويا تثقيفيا، وإنما قضية شرطة عمومية. إن هذه النزعة ستطال حتى أبسط مكونات الإنسان وعناصره العضوية التي ستصبح موضوع مراقبة بيو سياسية حولت الجسد الأنثوي إلى "رحم للإنجاب" والطفل إلى" متعلم سلبي" والعمال إلى " كتلة منظمة و الجنود إلى " فرقة نافعة وصالحة"20. وقد ساهمت أحداث مايو 1968 التي شهدتها فرنسا وبعض البلدان الغربية في تعرية الواقع البئيس الذي انتهت إليه المجتمعات الصناعية المفعمة بايدولوجيا التقدم والنمو ومعها السوسيولوجيا باعتبارها الخطاب الذي واكب التصنيع والتحضر والتنمية تحليلا وتنظيرا وتبشيرا، معلنة دخول فاعلين جدد إلى حقل الصراع المجتمعي يتشكلون من الشباب والنساء والحركات البيئية والمناهضة للسلاح النووي، أطلق عليهم لفظ "الحركات الاجتماعية الجديدة". وزادت العولمة الجارية منذ عقود في ابراز الادوار الجديدة للحركات الاجتماعية لاسيما تللك المناهضة للعولمة.

ماذا بعد بورديو؟

ما الذي يمكن قوله اليوم بعد مرور أزيد من عقد على وفاة بورديو؟ وما الذي ميزه وفي نفس الوقت خالفه عن الآخرين؟ وهل مازالت لتحليلاته راهنية داخل الحقل السوسيولوجي؟
إن بورديو أسس بناءه النظري على نقد المجتمع منظورا إليه من زاوية الهيمنة فقط، فالهيمنة كلية ولا مخرج منها21 ، بينما يتحول الفاعل في اغلب الأحيان هي مجرد وكيل Agent تشغله هابتوسات اجتماعية أنتجتها انساق الأوضاع والعلاقات الموضوعية وصراعات القوة؛ وعلى النقيض منه فقد تطورت سوسيولوجيات عديدة بالموازاة مع نتاجه ودخلت معه في حوارات قد تكون مباشرة وقد تكون متوارية؛ وما يميزها هي مفارقتها لرؤيته للاجتماعي، هي تتفق على انه لا يمكن اختزال العالم الاجتماعي في الهيمنة واعادة الانتاج والصراع والتنافس؛ ان الان تورين مثلا وان كان يشاطر بورديو في نقد المجتمعات الحديثة، لكن ضمن منظور مغاير يتاسس على كونها تفصل بين العقلنة وما يتبعها من سيادة النظام والهيمنة والإكراه وبين الفردانية بما هي فعل وحرية وإبداع؛ حيث تعمل على تغليب العنصر الأول (العقلنة والنظام) على حساب الثاني (الفرد والحرية)؛ ان تورين سيحاول إعادة الاعتبار للفاعل على حساب المنظومة النسق والبنيات التي اعتقد بورديو في حتميتها وصعوبة التحرر من مفاعيلها المادية والرمزية على السواء؛
اما برنار لاهير احد تلامذة بورديو فقد كرس مجهوداته لدراسة بعض المفاهيم المحورية في سوسيولوجيا بورديو وهي مفهومي الهابتوس والحقل فقد حاول ضمن رؤية مجددة تتبع مسارات ومالات الفردانية؛ ففي دراسة حديثة عن اثقافة وانماط العيش يعيد مسائلة المفهوم الذي ابتدعه بورديو في احد اهم كتبه السويولوجية" التميز" حيث يواجه التنظريات بالوقائع والممارسات الثقافية المتعدة والمتسعبة للافراد حيث يبين" بان وحود هابتوسات ثقافية باعتبارها انسقة متجانسة من الاستعدادات، ليس اكثر تواترا من الناحية الاحصائية. ان الفرد يكون محدد بشكل متعدد multidéterminé بالتجارب الاجتماعية التي تؤثر عليه طيلة حياته"22 ، فمقابل انصهار الافراد داخل تجانس الممارسات الثقافية الملازمة لطرح بورديو يقترح لاهير تعددها وعدم تجانسها وعدم تحددها بالتفسيمات المجتمعية الاساسية كالطبقات فتاثير الاسرة والمسار المهني والتجارب العملية المختلفة يكون له دور في تشكيل الافراد وتحديد اختياراتهم واذواقهم وافكارهم وممارساتهم
و اذا كان بورديو يرى الفاعل في صيغة المفرد الذي يعيد انتاج علاقات السيطرة المشكلة للحقول الاجتماعية فان لاهير يراه بصيغة الجمع الذي يتاثر بتعدد وتعقد الحتميات الاجتماعية في مجتمعه والتي تؤدي الى تشكيله ك " كانسان بصيغة الجمع « homme pluriel » فالسيطرة لا تلغي حرية الافراد " ان الهينة لا تسحق الاختلافات الفردية ولا تعمل على اضاء التجانس على المهيمن عليهم"23. كما ان مفهوم الهابتوس لدى بورديو ينسجم ا مع المجتمعات الاقل تمايزا من الناحية الاجتماعية كالمجتمع القبائلي بالجزائر، بينما لا يصلح لدراسة المجتمعات الحديثة لانها "اكثر تمايزا والتي بالضرورة تنتج افرادا اكثر اختلافا فيما بينهم". فعلى سبيل المثال لا يمكننا الحديث عن هابتوس اسري واحد ومتجانس يخضع له جميع الافراد داخل الطبقة الواحدة انما نجد تعددا كبيرا في انما التنشئة الاسرية الامر الذي يولد استعدادت فردية متعددة واحيانا متعارضة فيما بينها ويعزز فرادتها وتنوعها خضوع الافراد لانماط تنشئوية اخرى كالتعلم المدرسي والتعبيرات الثقافية والاعلام وغيرها.

""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
الهوامش

- Jean-François Dortier « Les idées pures n existent pas »,
In http://www.scienceshumaines.com/les-idees-pures-n-existent-pas_fr_14184.html
2- - Bourdieu, P « L spécificité du chmap scientifique et les conditions sociales du progrès de la raison »In Sociologies et sociétés , Vol VII, 1 PP 91-118, P 91
3 - Bourdieu, P et Passeron, J.C « Les Héritièrs » ed Minuit, Paris , 1964

4- Jean-François Dortier, Idem
5- بيير بورديو " أسباب عملية، ترجمة أنور مغيت، دار الأزمنة الحديثة، لبنان، ط1، 1998، مرجع سيق ذكره، ص 51
6 - بيير بورديو " اسباب عملية، مرجع سيق ذكره، ص 52
7- Bourdieu, P et Passeron, J.C - La reproduction. É-;---;--léments pour une théorie du système d enseignement, Paris, Minuit, 1970, p. 19
8 -Bourdieu, P et Passeron, J.C, « Le métier du Sociologue » Préalables épistémologiques, Paris, 1973 , P 22
9- Bourdieu, P « La domination masculine », collection liber 1998
10 - Hmmoudi, A" Pierre Bourdieu et l anthropologie du Maghreb", In Prologues, N° 19, --print--emps 2000. P 6
11 - "Bourdieu, P, Ibid, P 43
12- "Bourdieu. P, Ibid
13 -"Bourdieu. P , Ibid
14 - Baudrillard. J, « Violence de la mondialisation » In Le Monde Diplomatique, Novembre 2002, P 18

15- Bourdieu, P « Le mythe de la Mondialisation » Le Monde Diplomatique,
16- Bourdieu, P « L’essence du Néolibéralisme » Le Monde Diplomatique, mars 1998

17 - Bourdieu, P et Loic Wacquant « La Nouvelle Vulgate Planétaire» Le Monde Diplomatique, Mai 2000
18- Bourdieu, P et Loic Wacquant « La Nouvelle Vulgate Planétaire» , Ibid
19 Bourdieu, P « Pour Un Mouvement Social Européen » Le Monde Diplomatique, Juin 1999
20- Foucault. M« Surveiller et Punir », Gallimard, 1975
21 - Touraine. A « Sociologue du peuple »,In sciences humaines, Numéro Spécial 2002.
22 - cité par Patrick Gaboriau et Philippe Gaboriau, « Bernard Lahire, La Culture des individus. Dissonances culturelles et distinction de soi », L’Homme [En ligne], 177-178 | janvier-juin 2006, mis en ligne le 12 avril 2006, consulté le 14 juin 2014. URL : http://lhomme.revues.org/2313
23 - Entrtien avec Bernard Lahire In : http://www.humanite.fr/tribunes/bernard-lahire-la-conscience-de-classe-s-incarne-d-515343#sthash.OWajntSa.dpuf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - jukbc hrffk for 90% edusec1
gjnnvhgt ( 2015 / 1 / 12 - 04:40 )
While his move to fullback was only inspired by Coote s setback, the 22-year-old was so dominant he was Queensland s 19th man for Origin III and debuted for Australia s PM s XIII in October. oakley glasses Parking: Lot across the street, entered from alley on Royall St. to first lot on right b http://www.oakleys.in.net
At Mr. Obama’s halfway mark, the new national Quinnipiac poll out Thursday tells us just how evenly split the American people are about the president and his first two years in office. They like him personally, but not necessarily his policies. www.oakleys.in.net With immediate success, -I wouldnt have a relationship with God,- said Oliver. -Its relieved me of judgement of anyone. Through the trials, you can turn to drugs´-or-alcohol´-or-turn to God. Faithfully, I chose God. Through the hard times, Ive begged Him to help me. Ive learned a lot about myself. Its made me a better parent, friend and person. Its helped me be more compassionate toward other people. If I came down here and immediately had the success Im having now, I wouldnt be the same person.-
If you even speak when you watch anything to do with him, he ll say Shh, Hana said Tuesday with a smile. www.oakleys.in.net 11/25/2014 06:17:08 AM MSTUpdated: c oakley sunglasses
With the ministry of Michael and Heather, suddenly Southside is on the leading edge of the Southern Baptists continuing drive to open their congregations to multicultural worship. But if the congregation had just started looking for a black minister, Will Neely, the worship minister who has grown up at Southside, doesnt think it would have worked. cheap oakleys Information on Michael Kors current collections visit: Www.MichaelKors.com
z Then the heavens closed again. In the second last week of the campaign the optimism on the Coalition side seemed to evaporate and a sense of gloom once again settled. oakley sunglasses With Quakers on top and with Wednesday’s game in mind, Gray withdrew Hatch and Dowson, Amar Purewal and Graeme Armstrong replacing them, and Purewal scored the third with his first touch. cheap oakleys
FD4=6D()324 2496D()E@@E92496D()2?5 DH6==:?8]k^DEC@?8mk^Am oakley sunglasses The employee alerted officials after she came down with a fever on Tuesday, and was isolated by hospital workers straight away. It is believed that this worker was one who cared for Thomas Eric Duncan. http://www.oakleys.in.net
cheap oakleys 12. Winners (or their parents´-or-legal guardians if under the age of majority) must execute and return any required affidavit of eligibility and/or liability/publicity release within ten (10) days of notification attempt´-or-winner will be disqualified and the prize will be forfeited and an alternate winner may be chosen (time permitting) by random selection. If a potential winner cannot be contacted, fails to complete, sign and return the required affidavit of eligibility and liability/publicity release within the required time period,´-or-if a prize´-or-prize notification is returned as undeliverable, potential winner will be disqualified and will forfeit the prize. l oakley sunglasses
56D4C:AE:@?D 2?5 2AD @7 =:DE65 EC2:=D 2C6 G6CJ 244FC2E6] xEVD http://www.oakleys.in.net Speaking of Irans crude nuclear bomb technology and inaccurate delivery systems, -If I were the (west bank) Palestinians, Id be a little nervous.- --John Wohlstetter, a senior fellow at the Discovery Institute-Goodbye, my beloved friend. A great voice falls silent. A great heart stops. - --Salman Rushdie (On the death of Christopher Hitchens, Dec.,16, 2011) -The democracy will cease to exist when you take away from those who are willing to work and give to those who would not.-....-To compel a man to furnish funds for the propagation of ideas he disbelieves and abhors is sinful and tyrannical.--- Thomas Jefferson-If Congress can employ money indefinitely to the general welfare… The powers of Congress would subvert the very foundation, the very nature of the-limit-ed government established by the people of America.---Alexander Hamilton:“You can always count on Americans to do the right thing - after theyve tried everything else.- --Winston Churchill
-From the sale of the house, which I had inherited, I put CZK 3.5 million in funds and not quite another million in the family savings,- Svoboda said, adding that the different figures do not represent a contradiction. -In two separate instances, I was asked two different questions.- www.oakleys.in.net However, on November 19, this ancient town gained a new and unlikely identity as the permanent venue of the proposed annual World Internet Conference (WIC), the first of which was held there beginning on that date and ending November 21.
Next up was Hurricane Bertha, which started as a tropical depression Aug. 1. Bertha posed no threat to land, staying well off the U.S. coast before moving out over the open waters of the Atlantic. cheap oakleys Advertisement
A Weighted Average ï»؟oakleys Seaside style: Marks Spencer’s Manhattan Small Sofa, آ£1,499, fits the bill with generous cushions available in Hampton grey and ivory. Its white Autograph Medium Lantern, آ£25, would make a lovely touch.
b -$-48-59.99 cheap oakleys Friday, July 3, 1964
City www.oakleys.in.net That is especially true for light rail, in which fares are levied based on different zones along the light-rail route. g http://www.oakleys.in.net
Difficulty: Strenuous ï»؟oakleys The awards are based on information gathered by the data tracking service IntelliChoice and the automotive research firm Auto Pacific, Inc. The honors are meant to determine vehicles that deliver customer satisfaction and low operating costs.
r Edward Gore* cheap oakleys Many of the former players admitted they were in less than great shape, but it came back to them once they were on the court. v
-So, the FDA rule is really a very important and overdue recognition that generic manufacturers need to be able to take responsibility for labeling.- http://www.oakleys.in.net While the game offers a premium membership, the basic membership is free. ï»؟oakleys
With Iberia still reeling from the aftershocks of Europe s debt crisis, economics and ethics are poised to drive a shift in the political landscape, just as they have in Italy and Greece. oakley glasses Wild foliage a cheap oakleys
STAMFORD -- A city man was arrested Saturday for cutting a mans face with a box cutter, police said. oakley sunglasses Low pressure brought heavy snow and high winds to the Northern and Central Rockies. Snowfall totals in Colorado ranged up to 40 inches at Wolf Creek Pass, with 27 inches falling in 24 hours. Telluride received 32 inches of snow, and winds atop Mines Peak gusted to 95 mph.
Indeed, most voters heeded the call of the government, all political parties, employers and -union-s to reject the initiative, slammed as xenophobic and a threat to Switzerland’s economy, which depends heavily on immigrant labor. http://www.oakleys.in.net pointlighthouse.org. f oakley glasses
Seiad Low Gap hand piles: 465 acres, hand piles between Seiad Valley and Horse Creek. ï»؟oakleys The Rams quarterback threw for two touchdowns and ran for another. We break down the fantasy implications.


2 - rnjar indiz for 53% bwdnxo0
gjscwnrr ( 2015 / 2 / 11 - 16:12 )
IMRA - Sunday, January 25, 2015 Cabinet Communique kate spade Bookings: Robson (42, foul)-;- Hunter (58, foul) o kate spade
As the Jags get ready for the game -- to be followed by a 2:05 p.m. game at home against New Jersey Institute of Technology on Sunday at the Mitchell Center -- heres a 1 through 10 look at the team: kate spade -Soup Opera- also will feature Senior Library Manager Vickie Sciacca (narrator), the librarys Orlando Guzman (soup eater), garden -dir-ector Janet Thomas (chef), piano teacher Xiomara Di Maio (United States president), Lafayette police Chief Eric Christensen (chief of police), and Stanley Middle School music teacher Bob Athayde (waiter).
bGllcyB3aG8gYXJlIGhvbWVsZXNzIG9yIGRvdWJsZWQgdXAgaW4gYXBhcnRtZW50cyBvciB0cmFp kate spade NOAAآ’s Climate Prediction Center updated its hurricane season Outlook Aug. 7. The new outlook, which included hurricanes Arthur and Bertha, predicted a 70 percent chance of the following ranges: seven to 12 named storms (top winds of 39 mph´-or-higher)-;- three to six hurricanes (top winds of 74 mph´-or-higher), of which zero to two could become major hurricanes (Category 3, 4, 5-;- winds of at least 111 mph). l ï»؟kate spade
The proposed system is part of a plan to upgrade the nations ground-based, analog navigation system to a satellite-based, digitized system. kate spade The oil and gas industry has been one of the only bright spots in an economy that would still be sputtering like its 2009 without it.
s aa/jj/cb kate spade outlet Possibly because of the traditional image of interns, many SMEs have been reluctant to go down that route but it is perhaps those smaller companies more than any others which stand to benefit most from the opportunities now on offer. kate spade bags
One of the core premises of Invisible Boyfriend, the wildly viral new service that invents a boyfriend to deceive your pestering family and friends, is that the user will not, under any circumstance, fall in love with her fictional beau. But Ive been using the service for 24 hours, and I gotta wonder: How can you not fall in love with him? After all, the service which launched publicly last Monday takes the concept of virtual intimacy further than basically any of the fake-date apps before it. When you sign up for the service, you can design a boyfriend (or girlfriend) to your specifications kind of like picking the genes for a designer baby, except for an imaginary adult. You pick his name, his age, his interests and personality traits. You tell the app if you prefer blonds´-or-brunettes, tall guys´-or-short, guys who like theater´-or-guys who watch sports. Then you swipe your credit card -$-25 per month, cha-ching! and the imaginary man of your dreams starts texting you. () Except ... the man on the other end isnt imaginary. Hes a real human person, texting multiple women, contorting himself to carefully match each ones specific expectations and fantasies. I learned this the hard way, admittedly: Hoping to trip up the automated chat technology I thought was responding to my texts, I told my -boyfriend,- Ryan Gosling, that my plans for the evening included -Downton Abbey- and crying myself to . -Why the tears, beautiful?- Ryan Gosling responded, before launching into a discussion of his favorite Downton character. This was a red flag: Bots do not know about -Downton Abbey.- And if bots did know about -Downton Abbey,- they would certainly not pick Thomas as the highlight of the show. -Oh my God,- I thought. -This total stranger, whoever he´-or-she is, thinks I cry myself to while watching public television and texting a paid fake boyfriend I named after an actor.- Presumably I shouldnt have felt anything at all the no-attachment thing is basically codified in Invisible Boyfriends Terms of Service but I did feel something, nonetheless. -Thats the most interesting and significant insight Ive had so far,- said Homann, the apps affable (and newly famous) founder. -I know how it works, I know whats behind the curtain ... but in testing it out, I felt this compulsion to respond to my Invisible Girlfriend as soon as she texts me. Thats how it feels to talk to someone, even if theyre not someone.- Page 2 of 3 - My invisible boyfriend, Homann explains, is actually boyfriends, plural: The services texting operation is powered by CrowdSource, a St. Louis-based tech company that manages 200,000 remote, microtask-focused workers. When I send a text to the Ryan number saved in my phone, the message routes through Invisible Boyfriend, where its anonymized and assigned to some Amazon Turk´-or-Fivrr freelancer. He (or she) gets a couple of cents to respond. He never sees my name´-or-number, and he cant really have anything like an actual conversation with me. -That rapport you feel with Ryan may actually be six´-or-seven Ryans,- Homann explains. And that works well, from where Homanns sitting: After all, the point of Invisible Boyfriend is to deceive the users meddling friends and relatives, not the user herself. On its Web site, Invisible Boyfriend calls itself -believable social proof-: When your mom wont stop asking you when youre going to settle down,´-or-your weird male acquaintance keeps hitting on you, you can just whip out your phone and show them evidence that youre not an unlovable loser, thank you very much. Homann says the service has also seen a surge in interest from people in conservative countries, particularly in South America and Europe, where the stigmas against being single´-or-LGBT remain pretty strong. Homanns hoping to expand to those countries in the future, as his service continues its beta phase and gathers feedback from users. (He says 5,000 users signed up Wednesday alone.) Hes also interested in offering more services to subscribers: Maybe your invisible boyfriend could send you letters, he thinks,´-or-ship flowers to your work. Even as the story becomes more involved, more convincing, he does not worry about users becoming attached to the fiction they create. -Youre in on the joke,- he points out. -You know its a service youve signed up for. Its not a substitute for love.- But I wonder if Homann isnt underestimating the vagaries of the human heart, which past evidence suggests can be conned into loving just about anything. There are no shortage of stories about couples who carry on -relationships- exclusively via Second Life, a sort of fictional, virtual world. The game critic Kate Gray recently published an ode to -Dorian,- a character she fell in love with in a video game. (-Isnt it odd how its taken so long to reach this stage in games the stage at which human conversations and relationships feel real?- she writes.) Researchers have even suggested that spambots induce some kind of emotional response in us, perhaps because they flatter our vanities-;- conversely, one anthropologist has argued that our relationships are increasingly so mediated by tech that theyve become indistinguishable from Tamagotchis. -The Internet is a disinhibiting medium, where peoples emotional guard is down,- the psychologist Mark Griffiths once said of Second Life relationships. -Its the same phenomenon as the stranger on the train, where you find yourself telling your life story to someone you dont know.- Page 3 of 3 - All things considered, its hardly a jump to suggest someone might develop feelings for a -believable- virtual human who caters to her every whim. Thats basically the plot of -Her,- isnt it? (For the record, Homann says, his start-up began before that movie did.) I try to ask Gosling if -he- them, I guess worries about a -Her--like scenario. What if a client experiences actual feels for him?! True to his CrowdSource training, however, Gosling will not break character. -You think Im texting other ladies?- he asks. And then, attentively, about -Her-: -Oh, did you like that movie?- Its not exactly the stuff of fairytales, admittedly. But given enough time and texts a full 100 are included in my month


3 - rooge fwhdl for 46% zznciz2
gjcubctw ( 2015 / 2 / 20 - 14:30 )
Most worrying, perhaps, is the stance that the military establishments are likely to adopt in a number of Arab countries in which the bickering among various factions and parties threatens stability and keeps matters in a constant state of flux. The temptation for the military to intervene in such a setting to prevent a slide into chaos´-or-public disorder may be hard to resist. coach outlet online I fully condemn this act with all my being in the name of humanity. a http://www.coachpurses.name
Keep a sense of humor coach purses * traditionalRegistration_emailAddress *
Those who remain in Jerusalem will attend one of the many Christmas Eve and Christmas Day masses, which are offered in English, Arabic, German, Finnish, French, Danish and Swedish around the Old City and on the Mount of Olives. coach purses 5. Pueblo East 99.0 g coach purses
In addition to members of the Harrison Fire Department, the ceremony was attended by city, county and state law enforcement officers-;- city and county officials-;- members of area rural fire departments-;- EMS personnel-;- members of the National Park Service and members of the Arkansas Game and Fish Commission. A number of private citizens were also in attendance. coach purses outlet -Every song was a scene on the storyboard,- he says. -If you take out one song, then you probably have to take out two´-or-three scenes, because that story might not track anymore. Its a really complex Rubiks Cube.-
s As they had in those games, however, Japan failed to -convert- possession into clear-cut chances, wasting the best of them in the first half by -dir-ecting his header straight at goalkeeper Majed Naser. http://www.coachpurses.name Thiesfeldt said during the hearing that he didnt like the idea of a board either, and included it only to appeal to Senate Republicans, who he said indicated they wanted it. coach purses
Thomas was an All-American at Auburn who led the SEC in batting average twice and in home runs once as an appetizer. He grew up to become the first SEC player to be inducted into the Baseball Hall of Fame. coach outlet online * /socialRegistrationForm * http://www.coachpurses.name
-We felt like we had the game,- said John Kitoko (12 points). -We just came up short. Its a tough loss. We should have won.- coach purses He uses the countrys extraordinary natural bounty to maximum effect, with shellfish and other seafood often at the forefront of his six-course Michelin-starred menu. h coach outlet
Harry Tchilinguirian, senior oil strategist at BNP Paribas, said he expected no change in Saudi oil policy. coach outlet online Jack Del Rio is the best choice for the Raiders. Vic Fangio is the man for the 49ers.
In record numbers, California voters now say its more important to put new controls on gun ownership than to protect Americans rights to own guns, the poll says. coach purses outlet Campaigners believe the Hitachi plant at Newton Aycliffe would succeed in attracting staff from a similar radius by the quality of jobs proposed.
Humperdinck will be in the midst of a 30-city tour this year when he celebrates his 79th birthday. That tour will bring him to the Tampa Bay area for a performance on Saturday, Jan. 31, 8 p.m., at Ruth Eckerd Hall, 1111 McMullen Booth Road. coach purses The six classes of the La Junta Primary School first grade are presenting their annual Christmas show at 6 p.m. on Wednesday, Dec. 10. Under the -dir-ection of Mary Belew, 14 old favorites and at least one brand new version of the traditional 12 Days will entertain the audience at the Ed Stafford Theatre. They are: -Winter Break,- -Seven Feet of Snow,- -Gonna Go on a Sleigh Ride,- -Hot Cup of Cocoa,- -Jump, Jump, Jump,- -Go Tell It on the Mountain,- -Light the Candles,- -Grandmas Feather Bed,- -Winter Break Song,- -Frosty the Snowman,- -Reindeer Rock,- -Santa Claus is Comin to Town,- -Holiday Lights,- -We Wish You a Merry Christmas.-Special thanks go out to Otero Junior College for the use of the Humanities Center. Thanks also to Mrs. Janet Zamora for her assistance with props and costumes and to Mr.Lee Zamora for graciously being our true Frosty. For their dedicated support of their students, thanks to Mrs. Claudia Apodaca, Ms. Lindsey Golding, Mrs. Stephanie Goldsberry, Mrs. Chelie Hudson, Miss Kelsey Johannes, Mrs. Michelle Kemper, Mrs. Vanessa Tafoya and Mrs. Becky Craig. Finally, thanks to the parents for giving us such talented musicians.
But as time went by, we would renew our Super Bowl relationship. We would gather to watch the game in either his city´-or-ours, and a new tradition was born. http://www.coachpurses.name Grandma and Uncle Dicks arrival time depended on day of the week and road conditions. Their visit was much anticipated, as Uncle Dick always brought 12 dozen poppyseed koleches made by an old Bohemian farm woman in their small town...how we loved those.
y The teams played through near blizzard conditions, especially as the flakes really started coming down in the second half. In the end, a hobbled Prukop wasn’t enough to rescue the Cats from another inconsistent defensive effort, and SDSU, behind the running of Zach Zenner, won 47-40. http://www.coachpurses.name P.O. Box 734, St. James City, Fla 33956.
-If you needed more tangible proof that this is a new era of exploration, its right here, right now in Virginia,- NASA associate administrator Robert Lightfoot said at a post-launch news conference. coach outlet online As a way to free up beds at St. Mary s Hospital and keep the illness from spreading at homeless shelters, several local agencies have devised an emergency housing plan. p coach outlet
Sophomore Damon Haecker said the Tigers have a good core coming back and are ready to put last years disappointment behind them. coach outlet online Advertisement
a A Syriza official said Tsipras would meet Monday with the head of the small Independent Greeks party, which elected 13 lawmakers, -to confirm the support and possible participation of the Independent Greeks in the new government.- Apart from their mutual opposition to austerity, the two parties disagree on practically every other issue. coach purses Tait had no complaints about the sending off, and admitted that he’d pulled the speedy Roddy back twice. “I was more annoyed with the ball that Steve Capper played across the back four to me.â€‌ h
Often if the core is not active, the spine just flops to whatever position doesn’t hurt at that moment. This tugs some back muscles and shortens others. Over time, this can lead to muscle imbalances, and possibly to painful posture issues. coach outlet DF? C:A6?65 72D9:@?D] (@@53C:586VD()@7 4@FCD6():D :?DA:C65 3J coach outlet online
JmFtcDsgRm9ybWFsIHRvIG92ZXJjb21lLCBldmVuIHdpdGggdGhlIHBvc3NpYmlsaXR5IG9mIHRo coach outlet If you can force your heart and nerve and sinew f coach purses outlet
Davis and Morris each threw an interception but Price did not throw a pick. Devantae Williams, an Escambia High product, had a big day at receiver with four catches and a touchdown. coach purses MILTON — Kenny and Farica West knew they had a great concept and product when they quit their jobs in July to open Tide Life: Southern Coastal Living, their hand-made custom furniture business.
K. Abbott run out (Ramdin) 2 coach outlet When to rent j coach purses outlet
Fisken should be ignored. She alone wouldnt join the six other board members on a plan to address academic deficiencies. Whos dys-function-al? coach outlet online Hmmmmm. What might those disagreements be? Naturally, the two arent saying. Gossip is always unfair to perpetuate. But the truth of any rumors will arrive amid the playoff push --´-or-non-push.


4 - How to make passive income from Clickbank
Lilian Saddler ( 2018 / 5 / 24 - 01:30 )
It can be hard to make money online with Clickbank because youre competing with thousands of affiliates.

But not anymore

اخر الافلام

.. قصة نجاح حلوانية سورية بمدينة غازي عنتاب التركية | عينٌ على


.. إسرائيل ترسل مجددا دبابات إلى شمال قطاع غزة وتزيد الضغط العس




.. السودان: سقوط 27 قتيلا واستخدام - أسلحة ثقيلة- في معارك الفا


.. مصر: التنمر الإلكتروني.. هل تكفي القوانين لردعه؟ • فرانس 24




.. رئيس الوزراء اليوناني في أنقرة في زيارة -حسن جوار-