الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخرس العربي إزاء التطهير الديني بالعراق

شوكت جميل

2014 / 7 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما من شكٍ ،أن في حياة الأمم من الحوادثِ ما يكشف عن جوهرها و ضميرها،و يضعها على المحكِ أمام نفسِها؛فيظهر معدنها جلياً:أصيلاً كان أم مزيفاً،نفيساً أم خسيساً؛ فلطالما خدع الإنسان نفسَهُ عن نفسِهِ حتى تأتيه الكاشفة...و أحسب أن تباين و ازدواجية و تناقض ردود فعل العالم العربي _الرسمي على الأقل_إزاء حادثين ثقيلي الوطأة و مأساتين إنسانيتين جرتا على أرضه، لهو الكاشف عمّا يعتور هذه الأمة من روح غيّ و ضلالٍ،و ضميرٍ مدخول.

و إذْ كان لنا أن نُعَرّف ازدواجية و فساد الضمير الإنساني،قلنا إنما هو اختلافٌ لموقف الإنسان من قضيةٍ ما باختلاف هوية الضحية أو الجاني،فكأنما للإنسان ضميران و ميزانان، وهذا ما يسميه بعض السذج من البشر"أنسانٌ لا ضميراً لهُ"...فما المأساتان و ما الضميران؟

أما المأساتان:فمأساة التطهير و الإبادة الدينية لمسيحيي العراق من على أرضهم التي لم يعرفوا أرضاً غيرها،تطهيرٌ لا لشيءٍ،و بلا أسبابٍ أو نزاعاتٍ سياسيةٍ سوى اختلاف هويتهم الدينية!أما الثانية فالعدوان الإسرائيلي الفج على غزة،في إطار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني العميق و القديم،و في حربٍ غير متكافئة القوى،أقرب إلى المذبحة منها إلى المعركة...فيا ترى ماذا كان ردود أفعال الضمير العربي"الناصع البياض"؟

أما غزةٌ فقد سارع الإعلام العربي الرسمي كعادته،بالشجب و الاستنكار،و قام مثقفو الأمة من سياسيين و صحفيين و غيرهم ،بما عهدوه في مثل هذه المقامات،من اللطم و الفضح للجرائم الشنعاء بحق الإنسان الفلسطيني...و لئن لم يتجاوز محصول ذلك كله،صرخاتٍ في الهواء؛لهوان أصحابها و لهوان أمرهم على غيرهم؛لما بلغته هذه الأمة من ضعف و وهنٍ،لا يُخَاف معه لها جانبٌ؛فعلى الأقل أظهرت موقفها و أعلنت رأي ضميرها على رءوس الأشهاد.

أما ما يجري بموصل العراق من تهجيرٍ و تطهيرٍ و تدميرٍ للكنائس و اغتصابٍ للنساء،فلم يجد له في الضمير العربي و إعلامه الرسمي سوى الخرس الخارس و الصمت المطبق،و حسبك أن تقلب "الصحف المصرية"مثلاً بحثاً بالمجهر عمّا يحدث بالعراق،و لك كل الحق بعدها،أن تقارنها بما عكفت عليه عين هذا الصحف لتغطية ما جرى بحق مسلمي "بورمة" في وقت سابق..و لعرفنا بعدها أن كل هذه الدعاوى عن حقوق الإنسان و التسامح الديني حينها ،و في غيرها من الحوادث لم يكن محركٌ وراءها سوى العصبية و التعصب الديني!

و لنا أن نسأل أيضاً،عن مقدار الوسطية و الاعتدال الديني،في مثل هذه النخبة المثقفة القائمة على إعلام هذه الأمة المريضة،أقول هذه النخبة التي تتخذ لنفسها دور التنوير و الحداثة،و تزعم أنها قد ألقت بالرجعية الدينية وراء ظهرها،و لنا أن نسأل أيضاً عن المؤسسات الدينية"الوسطية"و قد صمتت صمت القبور،أم أن الإدانة فقط و الضحية أخي في العقيدة و الدين.

و أعجب ما في الأمر أن مثل هذا التطهير يجري تحت راية الإسلام،و أحسب أن من كانت له حميةٌ حقيقةٌ على دينه،وجب أن يبادر بإماطة ما قد لطّخ رايته بأيدي هؤلاء القتلة و التبرؤ منهم،و المحافظة على ما لم يلطخ منها،و هو قليلُ لو تعلمون.

بيت القصيد
لم أجد أوقع من وصف هذه الأمة العربية و نخبتها بالنخرة العفنة...نعم "عفنة"و ليغتص بها من شاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟


.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح مرسومة


.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصم




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح بقت واج