الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الصمد بلكبير والحركة السلفية

عبد الإله إصباح

2014 / 8 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تثير مقاربة الاستاذ عبد الصمد بلكبير للظاهرة السلفية اندهاشا واستغرابا شديدين لما تتضمنه من تحليل لهذه الظاهرة يجافي واقعها وحقيقتها كحركة ارتدادية تمجد ماضيا تعتبره مثاليا وتسعى إلى استرجاعه وإعادة إنتاجه في تجاهل تام لعوامل التاريخ وصيرورته. هذا السعي إلى إيقاف حركة التاريخ عند نقطة محددة والوقوف عائقا أمام تطوره ونكران الحاضر والتبرم من معطياته وتمظهراته، هو في نظر الأستاذ بلكبير أمر لايعتد به مادامت هذه الحركة تسعى في العمق إلى انتزاع الدين من الدولة وإرجاعه إلى المجتمع وذلك حتى يستطيع هذا المجتمع مقاومة الغلو في الفعل السياسي للدولة المستعملة للدين. إن الصراع حسب. رأيه بين الدولة والحركة السلفية يفسح المجال أمام جديد يتخلق من المرجعية الديمقراطية ليؤسس لدولة تستمد شرعيتها من قدرتها على الإنجاز وليس من الدين.وعليه فالحركة السلفية ليست حركة رجعية ماضوية بل هي حركة تجديدية إصلاحية. . والواقع أن وصف هذه الحركة بكونها تجديدية لم يسبق أن سمعناه من أي باحث يصنف نفسه ضمن اليسار.إن السلفية ذاتها هي التي تزعم أنها حركة إصلاحية تسعى إلى مقاومة الانحراف في العقيدة والسلوك، وهذا أمر طبيعي لأن أي حركة لا يمكن أن تسبغ على نفسها إلا الصفات الإيجابية، أما أن يقوم بذلك باحث يزعم الانتماء إلى اليسار فهذا يجعلنا أمام العديد من الفرضيات والاحتمالات، فإما أن السيد بلكبير لم يعد يساريا، أو أنه لا زالا يساريا ولكنه افتقد منطلقات التحليل اليساري وفي مقدمتها التحليل الملموس للواقع الملموس. هذا الواقع الذي يؤكد لنا حقيقة ساطعة وهي أن الدولة هي التي عملت على استنبات الحركة السلفية في التربة المغربية لمناهضة اليسار والحركة الديمقراطية النااشئة، في إطار تحالفها الإقليمي مع الدولة السعودية راعية هذه الحركة وحاضنتها.كيف إذن تتحول حركة تساند الاستبداد وتبرره إلى حركة إصلاحية وتجديدية؟ وأين نلمس هذا التجديد في خطابها وممارساتها؟ لابد في البداية أن نرفع اللبس الذي يكتنف التسمية، فمن المعلوم أن مصطلح السلفية يطلق أحيانا على مجموعة من الحركات والشخصيات المتناقضة تماما في رؤاها ومنطلقاتها، فهناك من يعتبر الشيخ محمد عبده سلفيا ولكن شتان بين سلفية هذا الأخير والسلفية الوهابية، فمحمد عبده هو في الواقع مفكر تنويري يشكل امتدادا لتراث المعتزلة العقلاني و لا صلة له بالوهابية ذات النزوع النقلي المتشدد والمغرق في المحافظة و الأمر نفسه ينطبق على الزعيم علال الفاسي الذي كان يوصف بأنه سلفي وهو في الحقييقة صاحب رؤية تجديدية للدين منفتحة ومتسامحة.فهذان الرمزان على سبيل المثال لا الحصر يستحقان فعلا صفة المصلح والمجدد ومنجزهما الفكري والثقافي شاهد على ذلك.فما هو التجديد الذي أتى به الفيزازي وأبو النعيم والنهاري والكتاني والمغراوي وغيرهم؟ هل الإلحاح على تعدد الزوجات وممارسته والتحريض عليه يعتبر تجديدا ؟ هل تكفير السياسيين والمثقفين يصنف ضمن التجديد والاجتهاد؟هل الإفتاء بزواج بنت التاسعة يندرج ضمن مهام المصلحين والمجددين؟.لقد انصب اهتمام الحركة السلفية دوما على المظاهر والشكليات ، وحرصت على ترسيخ التميز المظهري للمنتسبين إليها من خلال التركيز على إطالة اللحي وتوحيد لباس أعضائها الذي من خلاله يعرفون، وهي بذلك تختزل كل معاني الدين في مظهر مخصوص يترجم قناعة أعضائها بأنهم وحدهم يمتلكون الحقيقة المطلقة.، وهم في ذلك لا يختلفون في شيء عن متطرفي الديانات الأخرى الذين يحرصون بدورهم على أولوية اللحية واللباس المخصوص كما هو الشأن مثلا في الديانة اليهودية. والقول بأن الحركة السلفية تسعى إلى انتزاع الدين من الدولة وإرجاعه إلى المجتمع ينطوي على مغالطة كبرى ، لأن هذه الحركة تسعى في الواقع إلى فرض تصور معين للدين على المجتمع ، هو تصورها الخاص القائم على التنميط والجمود وقمع الجسد وامتهان كرامة المرأة.أما على المستوى السياسي، فإن تصورها هذا يكرس الاستبداد ويناهض الديمقراطية، وهو ما برهنت عليه طيلة مسارها حيث كانت دوما الحليف المفضل للأنظمة الاستبدادية، فكيف لها إذن أن تساعد على ميلاد جديد يتخلق من المرجعية الديمقراطية وهي تناصب العداء الفكري والإديولجي لهذه المرجعية، كيف يمكن أن نتقبل من الناحية المنطقية كون حركة تناهض الديمقراطية بوعي واستماتة ستساعد على ميلاد هذه الديمقراطية؟ أي تحليل جدلي هذا الذي سيقنعنا بأن مسار حركة سيؤدي إلى نتائج مناقضة لغاياتها وأهدافها؟يمكن أن نذهب في تفسير ما انتهى إليه الأستاذ بلكبير بكونه ينطلق من خطاطات نظرية مفصولة عن معطيات الواقع وحقائقه تترجم رغبة ذاتية في أن تضطلع حركة لها قدر من النفوذ الاجتماعي في المساهمة والمساعدة على ترسيخ أسس البناء الديمقراطي، خاصة أمام. الانحسار الذي تعانيه القوى الديمقراطية واليسارية.فإذا كانت هذه الرغبة هي ما يفسر موقفه وتحليله السابق ، فإنها تبقى مجرد رغبة لا تصمد أمام واقع عنيد يؤكد أن الحركة السلفية هي في الحقيقة من العوائق الراسخة لكل مسعى إلى بناء الديمقراطية واستنبات أسسها في التربة الفكرية والثقافية للمجتمع. على أنه قد تكون هناك دوافع أخرى وراء ترويج الأستاذ بلكبير لهذه الأطروحة الغربية، وهي أنه بدافع من طموحاته الانتخابية في الفوز بمقعد برلماني في الانتخابات القادمة، روج لهذه الأطروحة تقربا من الحركة السلفية ورموزها لكي يوصوا به خيرا لدى أتباعهم الذين يشكلون قاعدة محترمة من الأصوات يمكن أن ترجح كفته أمام منافسيه، علما بأنه لم يسبق له أن فاز في الانتخابات البرلمانية منذ 1993عندما كان لا يزال مناضلا بمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي يحظى بالتقدير والمصداقية وقد ترشح في محطات انتخابية أخرى بعد هذا التاريخ وكان مآله الخسران الذر يع لعدة أسباب، قد يكون منها تآكل رصيد مصداقيته من جراء الانشقاق عن منظمة العمل الذي تزعمه هو وآخرون عشية الاستفتاء على دستور 1996. وإذن، إذا كان كل ذلك هو إحدى الدوافع الممكنة وراء مزاعمه تلك، فإنه ينم في الواقع عن نزعة براغماتية مفرطة تتوسل بكل الوسائل لتحقيق أهدافها بما في ذلك ترويج المغالطات وإضفاء الصبغة النظرية عليها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah