الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إله من ورق

حافظ ألمان

2014 / 8 / 3
الادب والفن


كان يا ما كان في قديم الزمان رجلٌ حكيمٌ زاهدٌ في الدنيا، يقيم فروض الله ولا يعصي له أمراً، كان محباً للخير كريماً معطاءً ما قصده أحدٌ قط ورده خائباً، باختصار كان مؤمناً بربه أشد الإيمان، اسمه عبد الرحمن، وكان له صديقٌ اسمه عبد السلام يلازمه كظله يتعلم منه ويسأله عن كل ما أشكل عليه أمره، ولم يكن عبد الرحمن يبخل عليه بعلمه وخبرته في الحياة.
ومن إحدى إبداعات الخالق سبحانه وتعالى أن وهب صبياً لأبوين كانا منذ سنواتٍ عديدةٍ يتضرعان إليه لكي يرزقهما بمولود تقرّ به عينهما،. فرح الأبوان جداً بالصبيّ وأسموه سعد وبه سعدت أيامهم وانقلب حزنهم فرحاً، وابتهاجاً بقدوم سعد أقاموا الأفراح أياماً وليالٍ وهم يرون المستقبل يشعّ من عينيه، فشكرا الله داعين أن يحفظ لهم سعد.
كبر سعد وأصبح يافعاً وكان يقضي جلّ وقته في الحقل المجاور لبيته، يركض خلف الفراشات، يسابق الطيور، يسقط على العشب وينهض مجدداً ليتابع مرحه، كان يسرق كلّ ومضةٍ من عمر الزمن ليهنأ بها وليفرح في ذات الوقت والديه.
وفي إحدى المرّات أدرك سبحانه وتعالى، بعلمه وكشفه للمستقبل، أن سعد سيكون عاقاً لوالديه وسيسبب لهما المشاكل ويقلب حياتهما جحيماً، ففكر الله بطريقةٍ ينقذ من خلالها هذين الأبوين الطيبين من شرور ابنهم المستقبلية، فقررسبحانه وتعالى قتل سعد، وكلف بهذه المهمة عبده المؤمن عبد الرحمن.
وبينما كان سعد يلعب كالعادة في الحقل، كان عبد الرحمن وصديقه عبد السلام مختبئين خلف شجرة، وعندما اقترب سعد من مكانهما، أمسك عبد الرحمن به وأغلق فمه، ثم أخرج سيفه وغرزه في ظهره، طعنه عدة طعناتٍ وبعدها سقط سعد على العشب ليصبغه بلون دمه الأحمر القاني، وسرعان ما هربت الفراشات والطيور لتحلق عوضاً عنها غربان السماء.
استغرب عبد السلام من فعل عبد الرحمن وقال له : أتقتل طفلاً بريئاً وأنت المؤمن بالله؟ والله لا يفعل فعلك إلا كافرٌ. كيف ستلاقي ربك يوم القيامة بعد الذي اقترفته بحقّ هذا الطفل؟ فقال له عبد الرحمن : ربي أمرني وأنا نفذت أمره أم أنك تريدني أن أعصى أمر الله وأطيعك أنت؟ فقال له عبد السلام : ما الذي تقوله؟ أيعقل أنّ الله يطلب منك أن تقتل خلقه؟ فشرح عبد الرحمن كلّ شيء لصديقه، وعندها فهم عبد السلام ما لم يستطع استيعابه في بداية الأمر، فاعتذر من عبد الرحمن لتسرعه في الحكم عليه وطلب صفحه، إلا أن عبد الرحمن لم يسامحه أبداً، وافترق الصديقان، وسار كلٌّ منهما في اتجاه، وأصبح لهما أتباعٌ كثرٌ ومريدون.
أما أمّ سعد فقد ماتت بعد ثلاثة أيامٍ من موت سعد حزناً وكمداً، والأب هام على وجهه ولم يعد على لسانه سوى هاتان الجملتان:
"أيها الإله دعنا نحبّ لا لشيءٍ ولكن لكي نحبك"
"إلهٌ يحويه كتابٌ إلهٌ من ورق"
المسكين أبو سعد فقد عقله ولم يعد يدري مايقوله، فاتعظوا يا أولي الألباب لعلكم تعقلون.
توته توته خلصت الحدوتة حلوة ولا ملتوتة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس