الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وباء السلفية التكفيرية – 2- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 1

نضال الربضي

2014 / 8 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وباء السلفية التكفيرية – 2- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 1

تعرضت ُ في المقال الأول لخطر السلفية التكفيرية على المجتمعات البشرية من حيث زرعها لمنهج التكفير، و محاربتها للفكر الحر، و تجفيفها للنضارة و التنوع و التدفق الإنساني في شريان الحياة، و قتلها للتنوع، و تجنيدها الطاقات الشبابية للتدمير و التخريب، و خلقها لمجموعات لها صبغة واحدة غير قادرة على التعامل مع الآخر أو قبوله إلا بإخضاعه و صبغه بشموليتها البدائية، مما سيؤدي في النهاية إلى موت أي بذرة حضارية أو تطورية في المجتمع البشري، و انتكاس مُستدام نحو بوهيمية بدائية عرفتها القطعان البشرية قبل أن تظهر الدول. و أودُّ اليوم أن أسلـّـِط الضوء على أتباع هذا المذهب الإجرامي حتى نتبصّـَـر فيما يُتيح لهم هذا الإجرام و ما يجعله ممكنا ً و مُتحقـّـِـقا ً و ناجحا ً في الوصول لأهدافِه.

تتميز شخصية المقاتل السلفي التكفيري بعدَّة خصائص، أعرض بعضها و أناقشها فيما يلي من عناوين:

الاندفاع العاطفي
-----------------
إن جُلَّ مقاتلي المذهب التكفيري هم من فئة الشباب القادر على حمل السلاح و المشحون بالإرادة اللازمة لاستخدامِه و قبول ِ تبعات هذا الاستخدام من حياة زاخرة بالإثارة طافحة بالأدرينالين، يشكّـِل ُ الخطر سمتها الرئيسية و احتمالات الأذى الشخصي تحديها الأول. و بالتالي فالمقاتل التكفيري يعاني من معضلة ٍ يفرضها عليه تعارض ُ طبيعته الإنسانية التي تطلب منه الحفاظ على حياته مع دافعين رئيسين هما: اندفاعه النفسي المشحون بالعدوانية و أيدولوجيته الدينية المُستمدة من النص المقدَّس.

لا بدَّ أن تخلق هذه المعضلة ُ مظاهر َ علنية لها آثار ٌ لا تخطئها العين و المراقبة و الدراسة، و يكفي الاضطلاع على بعض فيديوهات اليوتيوب التي يسجلها المنتحرون منهم بتفجير أنفسهم في "أعدائهم" لكي نرى حجم الضغط النفسي الهائل و التوتر و القلق الواضحين على المُنتحر، و الذين يحاول محررو الفيديوهات إخفاءها بواسطة الأناشيد التحريضية أو الصياغة اللفظية العقيدية التي تتخذ ُ سمات الورع و التقوى و الإخلاص للدين و الفروسية و الشجاعة و الإقدام، بينما تتحدث ُ لغة ُ الجسد و نبرات الصوت و مخارج الألفاظ و الفواصل الزمنية بين الكلمات و تهدجات ُ الصدر عما يُخالف القول.


الغضب و السُّخط على المجتمع
----------------------------------
المقاتل التكفيري شخص ٌ غاضب من المجتمع ساخط ٌ عليه، لا يعجبه ما يراه، فهو يعتقد ُ أن هذا المجتمع على خطأ و أن الصواب غائب يجب استدعاؤه و تحقيقه و تفعيله، و لا يكون هذا الاستدعاء إلا بإنهاء الوضع القائم ِ الموجود و تغيره، و لا يتم ُّ هذا التغير إلا بالعنف و القتل و الدمار و الدماء و الأشلاء، لأن هذا الحل سريع و فعال و ناجح و يضمن الاستجابة و القبول من الأفراد بقوة ِ الأمر المفروض الذي سيصبح ُ "واقعا ً" عليهم بقوَّة السلاح و الإجبار، بعكس الحل الدعوي الذي يستلزم ُ الحوار و الاستمرار َ في الحوار و إعمال َ العقل ِ في حُجج ِ الآخر، و الردِّ عليها و تفنيدها، مع احتمالات الفشل ِ في الإقناع و الاضطرار لقبول واقع الآخر أثناء الحوار و بعده، و هذه كلها لا يطيقها الغاضب و لا يقدر ُ عليها و لا يريدها.

الإحساس بالمظلومية و إسقاطها على الأيدولوجية
-------------------------------------------------
يرى التكفيري أنه "مظلوم" و أن "حقّـَه" ضائع، مهضوم، و أنه يتعرض لاضطهاد من الدولة و المجتمع، فهو مُهمـّـَش، فقير، غير مسموع الرأي، يئن ُّ من وطأة ظروف الحياة لا يكاد ُ يستطيع ُ تأمين َ قوت َ يومه و احتياجات ِ عائلته، بينما ينعم غيرُه بالأموال و الممتلكات و يرفل ُ في نعيم ٍ مقيم و حياة ٍ عامرة، ثم ما يلبث ُ أن يرى هذا الوضع "الظالم" نائلا ً من كل أبناء "السُّنة و الجماعة" فتتحول ُ عنده المشكلة من اقتصادية اجتماعية إلى دينية مذهبية، و يستدعي في سبيل ذلك النص الذي يأذن للمؤمنين – و هو من فئتهم الناجية – أنهم ظلموا و ان الله على نصرهم لقدير، و بذلك يُزوِّد ُ نفسه بالدافع و التبرير و الإذن بالقتال و التخريب، بل و يبني على ذلك أوهاما ً مُستمدة ً من نرجسية ٍ فائقة سأتعرض لها في الصفة التالية.

النرجسية الفائقة
---------------
تتميز ُ شخصية السلفي بالنرجسية كسمة ٍ أساسية، فهو يرى نفسه كمحور ٍ للكون و الأمة الإسلامية و المجتمع الذي يعيش فيه، فيعطي نفسه دورا ً لا يتناسب مع حقيقتِه المتواضعة، لذلك فإنك تجد ُ في جميع أدبيات السلفين تصويرا ً لأنفسهم على أنهم أبطال ُ الأمَّة ِ و أسودها و المحققون لآمالها و القادة ُ لها و الهادون لمجاميعها، و صفوتها، و نُخبتها، و الفئة الناجية منها، و العالمون بخبايا نصوصها، و المحقِّقون الحقيقيون لدينها، و الناصرون لإلهها و المتحدثون باسمه و العارفين بأمره و إرادته و مشيئته.

تفسِّر ُ هذه النرجسية تشددهم تجاه خصومهم، فالنرجسي لا يحتمل ُ النقد و لا يُحسن التعامل معه، و يعتبره طعنا ً شخصيا ً فيه و في قيمته و فيما يمثِّله، و بما أنهم يمثلون الله، فالنقد طعن ٌ في الله، و بما أنهم المتحدثون باسم رسوله، فالطعن ُ ليس فيهم لكن في رسوله، و جزاء هذا الموت و التعذيب و القتل والإفناء. و هم يقومون بكل هذا و هم مقتنعون بأنهم على حق، و هذه أيضا ً من أخصِّ خصائص النرجسي الذي لا يمكن أن يقبل أن يكون مُخطئا ً بأي حال ٍ من الأحوال.

إن سمة النرجسية المرضية عند السلفي التكفيري من شأنها لو تضخمت لوحدها أن تجعل منه كائنا ً مُعاديا ً للحياة ِ و المُجتمع، ما دام أنه يستطيع استدعاء نص ِّ مقدس يؤكد له المجتمع و الإجماع الديني أنه مرجعه الوحيد، و هذه المفارقة جديرة ٌ بالتوقف عندها، فالسلفي التكفيري النرجسي بحاجة إلى المجتمع لكي يؤكد له قدسية النص الديني و تفوقه و تجاوزه لأي مرجع آخر بل إن َّ هذا التأكيد المجتمعي هو الذي طبع َ في السلفي قبول النص كمرجع، لكنه و إن كان مدينا ً للمجتمع ِ بهذا إلا أنه ينقلب عليه و يستعديه و يحاربه و يؤذيه و يصير هذا المجتمع ُ مثالا ً للشر ِّ و الضلال.

يتبع في الجزء القادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سبب حذفي تعليق الأستاذ عبدالله
نضال الربضي ( 2014 / 8 / 5 - 09:22 )
أستاذ عبدالله،

أرجو منك الالتزام بالمواضيع المطروحة و عدم تشتيت القارئ و محاولة تميع القضايا و خلط الأوراق و التبجيل في السلفية التكفيرية فأنا واضح في معاداتي لنهجها و ما تسببه من مآسي في هذا الوطن العربي الذي تعود جذوري و آبائي و أجدادي فيه إلى آالاف السنين.

لن أسمح بالترويج لهم من صفحتي و لا بالتغطية على جرائمهم بذر الرماد في العيون أو التكلم عن -سلفية مسيحية- و نصوص المرأة الكنعانية، فهذه المهاترات لا تستحق الرد عليها.

لمعلوماتك: لا يوجد شئ اسمه سلفية مسيحية أو سلفية في أي دين غير الإسلام فهذا مصطلح إسلامي بحت لا يوجز للأمانة العلمية أو للفهم الصحيح تعميمه أو إسقاطه.

ما يوجد في الأديان الأخرى اسمه: أصوليه أو أرثوذكسية و لها خصائصها المميزة و المختلفة عن سلفية الإسلام، و هذا كله ليس موضع مقالاتي فمأساة الوطن العربي سببها السلفية التكفيرية و لا علاقة لها بالبوذية أو الهندوسية أو المسيحية.

أنت كمن يشهد ُ خنق أبنائه بيد أخيه ثم يصرخ في جهاز التلفزيون احتجاجا ً على موت بطل المسلسل الهندي.

أخي عبدالله أرجو أن أكون قد أوضحت نفسي جيدا ً و أتوقع منك احترام هذا.

شكرا ً لك.


2 - الأستاذ نضال الربضي المحترم
ليندا كبرييل ( 2014 / 8 / 5 - 09:59 )
أساس المشكلة في المنهج التوحيدي

منذ أن جعلوها الديانات السماوية الثلاث ، ومنذ أن نزعوا صفة الألوهية عن آلهة الأديان الأخرى وتلاعبوا بصفاتها على هواهم
من اللحظة الأولى التي تطلع التكفيريون إلى الحكم، استخدموا الدين ليسندوا ظهورهم إليه وهم يعبّئون أذهان العامة من الجهلة والمتخلفين حضارياً أن الأديان الأخرى على ضلال

التوحيدية أضرّتنا، وأصابتنا بالتوحّد والأمراض المستعصية التي لا شفاء منها

أخيراً.. بدأتم تتنبّهون إلى أن تعليقات السيد عبد الله خلف لا تصبّ في المقالات، مكررة، تعمل على تشتيت القارئ لصرف نظره عما يقصده الكاتب
أستاذ عبد الله خلف
سلّم لي على يسوع بن بانديرا ومريم التي اغتصبها حارس المعبد اليهودي

تحياتي واحترامي أستاذ الربضي المحترم


3 - الأستاذة ليندا كبرييل
نضال الربضي ( 2014 / 8 / 5 - 20:18 )
أجمل التحيات العطرة لك ِ دوما ً و يسعدني مرورك ِ،

التوحيد في الديانات تزامن دوما ً مع التعدد، فالكنعانيون كان بنثيون الآلهة لديهم في صراع دائم بين إيل كرب وحيد و بين إيل المعبود مع زوجتة إيلات و بعل و عشتار الجميلة، و تناغمت العقائد و البشر في سيمفونية بشرية جميلة حتى أتت اليهودية فأفسدت ببدويتها الهمجية هذا المفهوم و شيطنوا بعل و عشتاروت و الآلهة الآخرين، لكن التعددية انتصرت و ها هي تطل في الديانات التوحيدية عندما يلقبون الإله بالعلي (و هو بعل) و العذراء بملكة السماء (و هي عشتاروت) و يتخذون من ملائكة إيل: جبرائيل ميخائيل عزرائيل رموزا ً.

بالنسبة للأستاذ عبدالله فأنا لا أمانع في الاختلاف لكنني أمانع و أرفض الوقوف مع القتلة و المجرمين و السفاحين مثل داعش و النصرة و هذه المجاميع التي لا ينتسب إليها سوى بهائم قتلة و سفاحون و من هنا جاء منعي لتعليقه.

الأستاذ عبدالله غير معني بالحقيقة أو المعرفة لكنه معني فقط بالدفاع عن الإسلام، لكن لا زال عندي أمل في إصلاحه و لم أيأس بعد، طبعا ً دون تزويده بمنبر دفاعي.

موضوع بانديرا و حارس المعبد أتفه من الخوض فيه لكن تعليقك ِ أضحكني جدا ً ما أجمله!!!!

اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah