الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو علم النص

عبد الله عموش

2014 / 8 / 6
التربية والتعليم والبحث العلمي


قراءة في طرائق تحليل السرد الأدبي
دراســـــات
منشورات اتحاد كتاب المغرب
سلسلة ملفات 1992 / 1
رقم الإيداع القانوني : 910/ 1991
الطبعة الأولى الرباط 1992


(1)

قراءة في التقديم الذي قدم به الأستاذ : د عبد الحميد عقار ـ وهو أستاذ جامعي و باحث في الترجمة و النقد عضو و رئيس اتحاد كتاب المغرب ـ الملف عدد : 1992 / ، 1 ضمن سلسلة ملفات التي يتصدر عن اتحاد كتاب المغرب
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا تقديم يمهد و يقدم به الأستاذ الباحث عبد الحميد عقار لمقالات تطرح المسألة المنهجية كمعرفة نظرية و تحليلية من من خلال روادها و نصوصها الأصلية المؤسسة (بكسر السين) .
يأتي هذا الطرح تمشيا و مساهمة في الإستجابة إلى الحاجة إلى معرفة معمقة ووعي نظري بالمناهج الموصلة إلــــــى صياغة و بناء نموذج لقراءة و تحليل نقديين متقدمين للنصوص ، بالموازاة مع ذلك ، يأتي هذا الطرح بهدف حلحلة وسد النقص الحاصل في مجال الدراسات النقدية و التحليل ـ الموضوعي ـ للأثر الفني عموما و الأدبي منه على وجه التحديد ، أيضا وضح حد للتوتر المنهجي الحاد الذي يطرح في ساحة الدراسات الأدبية التي تعنى بقضايا > و تحليله خاصة منها القضــــايا التي تزيد من التوتر لذى الدارسين و النقاد من جهة و المبدعين من جهة أخرى و على مستويات عدة من مستويات مختلف مدارج قراءة و تفسير و فهم و تأويل ونقد الأثر الأدبي على وجه التعميم و النص السردي على وجه التخصيص ، هذا بما يعتبر بعـــــض القراءات النقدية للأثر الفني قراءات طائشة ...؛ تأتي إذن هذه القراءة و هذا الطرح تمشيا كذلك مع ما تطلبته و تظل تلح عليـــــــه مختلف تغيرات الأنساق الإجتماعية و الثقافية و المنظومة القيمية و ما تفرضه من أبعاد جديدة في بلورة الأشياء و في بناء وجهات النظر إلى الكينونة برمتها و مختلف الظواهر البشرية التي رافقت و تظل ترافق هذه التحولات و التغيرات ، بما فيها ـ وهو الأهـــم بكثير ـ ما عرفته المعارف من تحولات عميقة و ما صاحب ذلك في إعادة النظر في نظرية المعرفة في حد ذاتها ، و لا سيما منــــها نظرية التواصل التي تشكل جسر نقل المعارف و الحوار و التواصل بين الحضارات و الثقافات إن على مستوى الحوار الأكاديمـــي العارف /مستوى النخبة ، أو على مستوى الجماهير ذات القاعدة العريضة في استهلاك الإنتاج الثقافي بمختلف أشكاله ، و تمشيا مع هذا وذاك واعتبارا لكفاية / كفاءة العلم بقواعد بناء و تفكيك واستيعاب المنظومة الثقافية و القيمية المؤسسة لوجهات النظر الجديــــدة بما فيها مسألة النمذجة في البحث العلمي المعاصر ، مرورا بحوار بناء و من خلفية تاريخية و وعي نقدي متجدر في الخبرة بتاريخ النقد الأدبي و بمختلف مدارسه و مناهجه ، حوار يؤشر على تجاوز المناهج التقليدية التي و في معالجة النصوص يبدو قصورهـــــا إن معرفيا و على مستوى الأجرأة أو لدواعي التحول و التباين و التمايز الذي لحق النصوص و الإنتاجات الأدبية و الإبداعيــــــــة نفسها ، حوار ، إذا يضع ، يضع المناهج بدائل التقليدية نفسها عند حد النسبية في بلوغ درجة المعرفية الخالصة في نتائـــــــــــج أجرأتها ،حوار يشترط ، و هو يتبني النظريات المؤسس عليها المناهج الحديثة ومن أجل فعل يدخل النقد ودرس الأدب خانــــــة النمذجة شرطين أساسيين:
أول هذين الشرطين ـ يرى الدكتور عبد الحميد عقار ـ وجوب اعتماد هذه النظريات في أصالتها و أصولها و في كليتها مـــــع التحذير من تجزيئها ، أو ما كان يعرف في مطلع القرن العشرين ـ عصر النهضة ـ ند منظري السلفية بالإنتقائية .
الشرط الثاني : و جوب نقدها وتمحيصها بوعي مستمر استنادا إلى الإقران و المقايسة في > 1 .
و يعتبر الدكتور عبد الحميد عقار فعل إقراء و قراءة مقالات هذا الطرح غير الإستجابة للضرورة فحسب أو تسليما لوهم الصواب و الحقيقة المطلقة أو ضربا من ضروب الموضة و الترف الفكريين ـ أو الإنبهار بالآخر ـ حسب ثقافة أنا و الآخـــــــــــر الرافضة للإختلاف إذا كان لا يؤدي إلى الخـــــــــلاف و التعصب و النزعة الأنوية الطفولية او نزعة النرجسة في الفكر و الثقافة ـ بل كما يرى المقدم لهذه المقالات و صاحب هـــــــــــــذا المشروع ، ينبغي ترسيم فعل الإقراء هذا في إطار رفع حصار سلطـــة القراءة بلغة أحادية على شرائح واسعة من القراء ، علــــــــى الرغم من براءتهم من المنسوب إليهم بتموقعهم في ذات الوضع ، و ليس من سبيل ـ كذلك ـ في النزول بالمعرفة إلى الأوســــــاط الأكثر تواضعا من شرائح القراء غير هذا الإقراء ، و هو ما يدخل في إطار نشر و تعميم المعرفة بدل الإبقاء على نخبويتها ، كما أنـــــــــــــــه من الأهمية بمكان اعتبار هذا الإقراء بمثابة جهــــــاز رقابة على و الفهم و الإستعمال السيء للمعرفة النظرية بمناهج الدراســــــــــــــة الأدبـــيـــة لا سيما منها تحليل الخطاب السردي ، و إنه و في المقام الأول يعتبر ، فعل نقل و إقراء هذه المقالات وطرحه مؤشكلا هكذا ، بمثابة تعبير جريء عــــن اهتمام و همومية كل الباحثين الأكاديميين بمسألة المنهج إن لم يكن هذا هو الحافز و الدافع الرئيسي من وراء هذا النقل و الإقراء ..
و ينتقل صاحب المشروع العلمي من إطار توضيح الحافز على الإقراء في تقديمه للملف المطروح ، إلى طرح و بســـــط الإشكال و حصره في تحليل الخطاب السردي مبرزا أبعاد و حدود السرد محاولا حصر موضوع أو موضوعات السرد راســـما رهانا وحركية في هذا الإطار تدعي النمذجة في التناول ؛ و هكذا وينطلق بنا الباحث من اعتبار ما للسرديات من أهمية كبرى في تحليل الخطابات و كونها نظرية مستقلة بذاتها حديثا مذكرا ب باصطلاح مشيل ماتيوـكولا La narratologie أي علــــــــــــم السرديات ـ بجعل موضوعها << تحليل مكونات السرد و إوالياته >> 2 في اتجاهين .
ففي الإتجاه الأول : نجد السيميائيات (و هي علم الدلالة ) اليردية في السرد القصصي عبر دراسة <<المضامين السردية>>3 الهادفة بلوغ البنية العميقة نوعا ما عبر ما يسمى بالميتالغة تأسيسا على القاعدة المعروفة بأن كل حدث يمكن حكيه و سرده بحوامل مختلفة و من متزعمي هذا الإتجاه نجد كل من بروب و غريماس وبريمون .
في الإتجاه الثاني نجد من لا يرى في دراسة الخطاب غير قول القصة ، حيث يكون السارد بمثابة الذات المتلفظة و جعل << السرد ممكنا>> 3 و<< قابلا للتحليل>> 4 ، و هذا الإتجاه هو الذي يرى فيه مقدم المقالات في مرحلة بسط أبعاد و حدود الإشكال أنه يهتم ، خلاف الإتجاه السيميائي ، بالعلاقات التي تحكم القصة و الخطاب و السرد المقصود به هنا ؛ الحكي في مختلف المستويات التي تجلي و يقوم عليها الخطاب السدردي ، غير أن الدكتور عقار و نظرا للانهائية أنواع السرد فإن دمج الإتجاه السيمــــــائي و العلائقي بشكل توافقي لا يغير من المعادلة شيئا في كسب رهان تحديد الإشكال و توضيح أبعاده بالقدر الذي يحافظ على تـــــــــوازن الطرح منطقيا وعقليا لإضفاء القيمة العلمية للمشروع المعروض و بلوغ النمذج ..
و إذ ينتقل بنا صاحب المشروع في تقديمه إلى مستوى بحث موضوع السرديات كمستوى من مستويات بحث الإشكـــــــــــال الرئيسي ؛ فإنه يرصد أولا ميزة السرد باعتباره حدثا رئيسيا تتسق بداخله سلسلة حدثية مستندا في هذا إلى ميشيل باتيو ـ كـــــولا الذي و إن خالف جيرار جينيت و بول ديكور فإنما يتقدم عليهما في دقة التصورل يعطي قيمة مضافة للنقد الأدبي في هذا الإطــار؛ إطار تحديــــد موضوع السرديات .
بيد أن السردية ليست واقعة الصور الفنية البليغة (لسانيات الخطاب) و دقة استعمال اللفظ فحسب ، بقدرما هي واقع فعل القول ( التلفظ) الذي ينقل قصة معينة (حبكة / متن حكائي) و بواقع كون أحداثها مستعادة و قد أدمجت في النص ، أيضا بوجود شخوص تتحرك و ذات متلفظة تشخص الخطاب السردي ، و هو ما يعني أن كل الخطابات سرد بمجرد اشتراط وجود هذه الذات المتلفظة .مما جعل الباحث مقدم المقالات في شخص الدكتور عبد الحميد عقار يسحاجج بقول ميشيل ماتيو ـ كولا في مناقشة هذا الأخير لجيرار جينيت و ريكول [ لا حل للإلتاباسات التي تكتنف السرد سوى القبول بمعنى محدود و بمعنى واسع >> ] 5 ، و هو ما يفيد القول بضمنية القول و التسليم بصحة فرضية الحديث عن المفارقة ـ منهجيا في سياق النمذجة التي يسوقها هذا الطرح الإشكالي ـ بين السرديات العامة و المقارنة و << محدودة و ضيقة المجال >> 6 ، و هنا لابد من أن نشير إلى أن من بين الأبعاد التأسيسية لهذا الإقراء تلك التي تدور حول محاور مشتركة ، و للبرهنة على هذا الإحراج الجديد ؛ يطرح الدكتور عبد الحميد عقار جملة مـــــــــــن الملاحظات بوجاهة ، منها:
1 ) كون مقالات الملف المقدم إليها تدقق في أبعاد المفاهيم بوضوح ؛ و تقوم بأجرأتها مخبريا على نماذج نصية بسيطـــة و معقدة ، يجري هذا في اعتبار حقلي كل من اللسانيات و الثقافة العامين . دون إغفال التسطير أن التعامل مع المفهوم لا يتم فــــــي إجرائيته المحضة و إنما باعتبار وجهه التمثيلي النظري ؛ أي كمعرفة نظرية ، تراهن على تغطية كل أشكال و أنواع الســـــــرد الأدبي و ظواهرها و بحث خاص قرائيتها و قواعد التفسير و التأويل التي تخضع لها لأجل فهمها من جهة و صياغة نمـــــوذج تحليلي من جهة أخرى .
2) إن اعتماد مقاربة التحليل اللساني في طور النمذجة ، أو في طور التأسيس لها على الأقل ، تعد نسبية و ليست بالمطلقـــــــة بالنظر ، حسب الدكتور عبد الحميد عقار ، إلى تركيبية << الخطاب السردي الأدبي منه بشكل خاص >> ، 6 الشيء الذي يدفع إلى تجاوز <<لسانيات الجملة >> 7 نظريا و إجرائيا نحو التي يقصد بها بدراسة نحوية الجملة و تمييزا لها عن <<لسانية الخطاب >> و التي تعني؛ الدراسات البلاغية ، و هي لسانيات مغايرة ترفع التحدي الذي يفرضه تعقد و تركيبية الخطابات . و هو مايسمى ب << العلم عبر ـ اللساني ـ (علم النص) .
3) بملاحظة أن النسبية تبقى ملازمة لأية دراسة من هذا النوع من حيث المبدأ الذي يجعلها مشروعة و مشروعا ثقافيا يراهن على النمذجة . لذا فكل النماذج و طرق التحليل المستخلصة في سياق أبعاد و راهنية هذا الإقراء تعني بالتحديد من بين ما تعنيه في أشكال الخطابات السردية اللامتناهية ؛ << السرد الأدبي و الروائي منه بشكل خاص >> 7 ، هذا مع محدودية هذه الطرائق عند مستوى << الخطاب و القصة >> 8 ، و محدوديتها هاته ليست علة بل هي حافز يظهر به النموذج التحليلي المراهن عليه ـ في المنطلق و الهدف ـ << الحاجة إلى مفاهيم و أنساق أخرى >> 9 حينما يدخر و يوفر النص ما يفوقه و يتعداه وخاصة عند بلوغ مستوى التأويل أثناء أجرأة النموذج ، أيضا عند بلوغ مستوى فهم البنى العلائقية داخل المقومات النصية و السياقية الشاملة وتفاعلها بما فيه الإجتماعي و الثقافي و الإيديولوجي . و إن كان الأمر كذلك فلابد من تسجيل تميز هذه الدراسات بحس << نقدي وتاريخي واضح >> 10 فهي و رغم نسبيتها و بعديتها في بلورة و جهة نظر معينة ، فهي ترفع رهان بلوغ أفق التجاوز الممكن نحو فرض جرأة و صرامة منهجيين معززة بمرجعية ابستيمية مشهود لها في نظرية المعرفة بالمصداقية و الضبط العلميين .
إن الغاية من هذا الإقراء و هذا الملف ؛ هي الإسهام في بناء معرفة بنظريات و مناهج التحليل لإي أصالتها و سيرورة تشكلها و إرساء حس نقدي مع المقايسة بالإستناد إلى مرجعية نظرية أثناء التمثيل لها أو تصورها و كذا أثناء تناقلها و تقاسم المعرفة بها بأمانة و تواضع علميين ، و ليست هذه الغاية طارئا بل يجد له جذوره في المشروع الثقافي الحداثي في الفكر العربي كما أنه يلقى ترحيبا لدى الباحثين و كل المهتمين بالخطاب النقدي وفلسفته كما تشكل هذه الغاية محاورة المناهج التقليدية التي ماتزال تفرض هيمنتها في مسالك الدراساسات الأدبية في مدارسنا الثانوية و الجامعية ، بغرض تطوير الفعل القرائي و فعل الإقراء ببعد جديد يرنو الإدراك العميق و الواعي للظاهرة الأدبية بكل أبعادها و مستوياتها المختلفة ، أيضا وضع قطار اللبحث العلمي في جامعتنا المغربية في مسالك الدراسات الأدبية على سكته الصحيحة ليواكب نظيره في الجامعات العالمية التي تحظى بإشعاع واسع في هذا السياق .
تلكم هي خلاصة ما بلورته من خلال قراءتي لتقديم الأستاذ الدكتور عبد الحميد عقار لملف : طرائق تحليل السرد الأدبي و المأمول من قراءتي هاته صلة الرحم الثقافي بحقل تخصصي مسترشدا بخبرة أساتذتنا الأجلاء و مستلهمين من تنظيرهم ما ينير السبيل أمامنا و يحفزنا على الإنخراط الجدي في أوراش البحث العلمي ، و ما ذلك عليهم بعزيز و أعتذر عن سوء فهم ذلك لأن لكل عالم هفوة ولكل فارس كبوة .

هوامش :
1 صفحة 5 من ملف طرائق تحليل السرد الأدبي
2 صفة 65 من نفس المرجع
3/4/5 صفحة 6 من نفس المرجع
6/7/8/9/10 صفعة 7 من ذات المرجع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جثث لحجاج على قارعة الطريق تثير جدلا واسعا


.. إسرائيل تتوسع في استخدام أنظمة التعرف على الوجه وانتقادات حق




.. التلفزيون الإيراني ينظم أول جولة مناظرات انتخابية بين مرشحي


.. فلسطينيون يبدأون إزالة الأنقاض والقمامة من أحد الأحياء المدم




.. فتاة روسية تختفي بأمواج البحر الهائجة بينما كانت تتمشى على ا