الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات ميتافيزيقية 2. فى مسألة عصيان إبليس

تامر عمر

2014 / 8 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كلنا نعلم، طبقاً لثقافتنا الدينية، أن الملائكة مسيرون، يعبدون الله بلا أدنى قدرة على العصيان، ذلك لأنهم لا إرادة لهم فى ذلك، هذا على الرغم من أنهم مخلوقات عاقلة واعية قادرة على التفكير، ولكنهم غير قادرين على اتخاذ القرارات، التافه منها والمهم. وليس ذلك هو الحال معنا نحن معشر الإنس، فنحن مخيرون بين الطاعة والعصيان. وعلى العكس من الملائكة، فنحن قادرون على اتخاذ القرارات التى قد نعصى بها الله. كذلك الجن، والذى منه إبليس، يستطيع أن يعصى، فهو مخير فى قراراته. ولذلك، فبينما دعا الله الملائكة إلى السجود لآدم فأطاعوا، عصى إبليس هذا الأمر الإلهى واتخذ قراره منفرداً خارجاً عن الإجماع الملائكى بالطاعة.
ونحن نعلم أيضاً أن الله قد أراد للدنيا أن تكون داراً للإبتلاء والإمتحان لكل من الإنس والجن على السواء، ولذلك، لم يوقع عقابه على إبليس فى الحال، وإنما أمهله فسحة طويلة من الوقت، لا ليتوب - فهو يعلم أنه لن يفعل - ولكن لأن الله قد ادخره لدور مهم، يصبح فيه إبليس سبباً رئيسياً فى الإمتحان العظيم لمخلوقات الله العاقلة، مستقلة الإرادة من الإنس والجن. أخّر الله حساب إبليس ليكون هو الأداة التى تفتن المخلوقات العاقلة ذوات الإرادة ليرى هل تنساق هذه المخلوقات خلف إبليس فتعصى، أم تعصى وسوسته وتنهض على صراط الله وتعاليمه وشريعته فتنجو.
الآن، إفرض جدلاً أن إبليس لم يعصَ الله وبالتالى لم يغضب عليه الله هذا الغضب الإلهى الأبدى غير المحدود، هل كانت تكون للدنيا معنى؟ هل كانت الدنيا عندئذ تصلح لأن تكون دار ابتلاء وامتحان؟ بالطبع لا، فالمسبب الرئيسى للعصيان، والمحرض عليه قد انتفى، ولم يعد هناك من يوسوس للناس بالمعصية، ويترتب على هذا الأمر ألا يكون هناك جحيم ولا عقاب ولا عذاب، فالكل سوف يسير فى ركب الطاعة، وليس هناك فى هذه الحالة معنى بأى صورة للدنيا باعتبارها داراً للإبتلاء. هذا معناه أنه بدون عصيان إبليس، فلن يتحقق لله مراده فى أن تكون الدنيا دار ابتلاء، ولا يصبح، بالتالى، هناك أى معنى لخلق هذه الملايين المـــُـمــَـلــــْــينة من البشر الذين توالى خلقهم جيلاً فى إثر جيل.
السؤال الآن: ما دام الله تعالى قد ادخر إبليس لهذا الدور الذى بدونه ليس للحياة معنى، فهل كان إبليس فى عصيانه هذا مسيراً أم مخيراً؟ يخبرنا القصص الدينى أن إبليس كان فى هذا الأمر مخيراً، وهذا هو ظاهر الأمر، وتلك هى القراءة السطحية للمشكلة. لكننى أدعوك إلى التأمل العميق للمسألة، فلو كان إبليس مخيراً حقاً وصدقاً، واختار - جدلاً - الطاعة بمقتضى إرادته الحرة، لإنهارت الخطة الإلهية بإقامة الدنيا كدار ابتلاء وامتحان، ولما خلق الله الناس ولما كان للثواب والعقاب والجنة والنار أى معنى.
إن المتأمل لقرار إبليس بالعصيان، على خلفية المعرفة المسبقة بأن الله قد ادخره بهدف إغواء الناس، لابد أن يخرج بنتيجة أن تخيير إبليس فى أمر السجود لآدم، كان فى الواقع تخييراً شكلياً وليس جوهرياً، كان تخييراً من باب سد الذرائع وذر الرماد فى العيون، ذلك لأن الله، وقد قصد مسبقاً أن يلعب إبليس هذا الدور، لابد أن يكون قد كتب عليه الوقوع فى العصيان برغم هذا التخيير الشكلى الظاهرى. وأما فى الواقع، وأما فى مشيئة الله الخفية، فقد كان المسكين مسيراً ومكتوباً عليه مسبقاً أن يعصى، إذ كان يترتب على طاعته أن ينهار الـــــ Game كله والحدوته برمتها. ما رأيكم فى ذلك؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 8 / 9 - 02:07 )
1- الكاتب يجهل أن لله العلم الأزلي .
2- الفيزياء تؤكد (القدر) أو (التاريخ المصمم) :
http://www.youtube.com/watch?v=tbqaLqhpxCM
و
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?52577-التاريخ-المصمم

اخر الافلام

.. لهذه الأسباب نجحت اندماجات شركات التأمين


.. هل تجني الرياض ثمار -صفقة سرية- لتعاون نووي مع واشنطن؟| المس




.. فرنسا.. افتتاح معرض -يوروساتوري- للأسلحة وإلغاء مشاركة الشرك


.. مسلسل -الاغتيالات - إلى الواجهة من جديد.. غارة من مسيرة إسرا




.. طيار إسرائيلي يتحدث عن -لحظة خاصة- أثناء عملية إنقاذ 4 رهائن