الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النكران بين العلامات والأسباب... المخاطر والعلاج

ماريا خليفة

2014 / 8 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



هل ترفض أي حقيقة لا تروق إلى مزاجك؟ تبلغ فيك الأمور أحياناً أن تصم أذانك حتى عما تقوله لنفسك؟ تتعامل مع الأمور التي تهدد استقرارك والأمان الذي تعيش فيه كما ولو أنها غير موجودة؟ هل فكّرت يوماً أنك قد تكون مصاباً بحالة نكران... هيّا نتعرف سوياً ما معنى أن نعيش حالة نكران وفي أي أوضاع يمكن أن يحدث ذلك وإن كان النكران يساعدك على تقبّل الواقع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

غالباً ما نواجه أي حقيقة لا تروق لنا بكلمة "لا". إنها كلمة الرفض الغاضبة أو المتفاجئة التي تعبّر عن رفضنا للإحساس بالألم وتمنحنا الوقت اللازم للتكّيف مع الوضع الجديد. لكن إذا طالت حالة الرفض تشكّل عائقاً في حياتنا يمنعنا من الانتقال إلى المرحلة التالية. يعرف ذلك بحالة النكران وهو عدم الإعتراف أو الإقرار أو الهروب من الواقع. يحصل ذلك عندما نكون في وضع ما أو أزمة ما ونرفض الاعتراف بمشاعرنا وحاجاتنا وأفكارنا أو أي حقيقة مؤلمة. حالة الهروب هذه قد تكون في جزء منها غير واعية. وهي آلية دفاعية نفسية يقوم بها الفكر ليحمي نفسه من الأذى فيرفض الشخص أن يتقبّل الواقع الذي يراه الجميع ما عداه هو.
إعرف أوّلاً ما الأسباب التي تجعلك تعيش حالة الهروب فترفض تقبّل الواقع رفضاً قاطعاً. من أسباب الهروب من الواقع الإصابة بمرض مزمن أو مرض خطير، الاكتئاب، الإضطرابات النفسية، الإدمان، المتاعب المالية، مشاكل في العمل، مشاكل عاطفية، مشاكل في العلاقات مع الآخرين، الأحداث التي تسبب صدمات.
من هو الأكثر عرضة للنكران؟
أما الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة فهم المرضى، المدمنون على الكحول أو المخدرات وأنواع أخرى من الإدمان، الأشخاص الذين تعرّضوا لصدمة، من فقد شيئاً كبيراً أو شخصاً عزيزاً والجميع في مواقف معينة ولأوقات محدّدة.

مما يحمينا النكران وما هي إيجابياته؟
تحمي آلية النكران التي يلجأ إليها عقلنا من أمور مهمة إنما لفترة قصيرة. فهي تحمينا من معرفة أمور لا نريد أن نعرفها، الاعتراف بأمور تجرحنا أو تؤذي صورتنا، أمور تهدّد سلامنا النفسي أو الجسدي ، أمور تهدد استقرارنا والأمان الذي نعيش فيه وتجنبنا بكل بساطة في أحيان كثيرة مشاعر لا نريد الإعتراف بها.

كيف نعرف أننا نعيش حالة هروب؟
حتى لا تبقى أسيراً لظنون وأفكار وأحكام تطلقها على نفسك، إليك المؤشرات التي تساعدك على اكتشاف إذا ما كنت تعيش حالة نكران. هل تؤمن وتردد بينك وبين نفسك الأقوال التالية:
- لا يمكنني أن أفشل أبداً.
- لا يمكن لأحد أن يغدر بي.
- لا يمكن لأحد أن يقوم بالعمل الذي أقوم به.
- لدي عذر لكل الأمور.
- الجميع على خطأ.
- الجميع يتآمرون عليّ.

ويعيش الذين يعرفون هذه الحالة مطمئنين إلى أن صورتهم محميّة من أي معلومات خارجية أو مشاعر أو اكتشاف أي شيء يدفعهم إلى تغيير نظرتهم إلى العالم. ويؤمنون أن لاشيء يغيّر نظرتهم إلى العالم، لا المنطق ولا الواقع. يفسّرون كل الأحداث ويكيّفونها لتصبح مناسبة لرؤيتهم. قد نجدهم متفائلين والتفاؤل ليس حالة نكران لكن عندما يكون مبالغاً فيه يتحول إلى ذلك.
ما هي خطورة حالة النكران والهروب؟
تصبح أحياناً حالة النكران إلى حالة خطيرة تحتاج إلى تدخّل إختصاصي ويحصل ذلك في الحالات المرضية التي تحتاج عناية ومتابعة، في حال حصول صدمة ونكران الشخص أنه تأثر، في حال نكران الشخص المدمن أن حياته وعمله يتأثران بحالته وإصراره على أنه يقوم بواجباته كاملة، في حال عيش بعض المجموعات عزلة فكرية وإصرارها على أنها منفتحة على الحوار.

كيف تتخطى هذه المرحلة إذا أردت؟
كيف السبيل إذاً لتخطي الأزمات ومتابعة طريق الحياة من دون أن تقع في فخّ الهروب؟ إليك عزيزي خريطة الحل:
- تعرّف على النكران كحالة دفاعية: عندما تواجه حدثاً كبيراً لا بأس في أن تفكّر قائلاً: "لن أستطيع التفكير في الأمر الآن". قد تحتاج بعض الوقت لكي تستوعب ما حصل وتتكيّف معه. لكن من المهم أن تعرف أن النكران هو مرحلة موقتة ورد فعل دفاعي ينبغي أن يتوقف بعد قليل لتواجه واقع الحياة وتتقبّله.
- اكتشف مخاوفك: إسأل نفسك عمّا يخيفك فعلاً. ما هي النتائج التي تخشاها ولماذا؟ معظم حالات النكران اللاواعية سببها خوف مما قد يحصل إذا واجهنا الواقع. الخوف هو الدافع وراء هروبنا من واقع الأمور. اسمح لنفسك بأن تعبّر عن مخاوفك وانفعالاتك وعواطفك.
- اطلب مساعدة صديق: افتح قلبك لصديق أو أحد أفراد العائلة. إن التعبير عمّا يجول في رأسك يساعدك على التفكير بشكل أوضح وأفضل. وإذا لم تجد نتيجة في ذلك فربما يستحسن أن تطلب مساعدة مدرب على الحياة أو طبيب نفسي.
- اختم الحدث بطريقة إيجابية: عندما تواجه نهاية أمر ما مثل واقع قد تغيّر أو خسارة شخص ما اختار أن تختم الإحساس بالأذى والغضب والألم والخوف بطريقة إيجابية لكي تنطلق حياتك مجدداً. الغفران لنفسك وللآخرين هو أهم الطرق الإيجابية لتخطّي تفاصيل حياتنا المؤلمة.
- حدّد الأفكار غير المنطقية التي تعتمدها: اكتب ما تفكر به وما يحصل معك كل يوم لتلاحظ الطريقة التي تنكر بها واقعك في طريقة تصرّفك. الأفكار هي محرّك الأفعال والعواطف والإنفعالات. إذا استطعت التحكم بها تمكّنت من السيطرة على حياتك.
- اختار حياتك: عليك أن تختار بين أن تعيش حياتك كحلم لا علاقة له بالواقع أو أن تعيشيها بواقعها مع كل مشاكلها لكن مع إمكانية تغيير أمور كثيرة.
- حرّر نفسك من البرمجة: عِش انفعالاتك عوضاً عن نكرانها. وكما قلنا كل انفعالاتنا تطلقها أفكارنا. اعمل على أفكارك لتتحرر منها وتكون أكثر ارتباطاً بواقعك وباللحظة الحاضرة حيث لديك خيارات متعددة. راقب أفكارك لتعرف تلك التي تتكرر وتسبب لك مشاعر سلبية تتهرب منها إلى النكران.
- اخرج من الحلقة المفرغة التي تدور فيها: كلنا ندخل في دورات معيّنة في حياتنا. وتبدأ المشكلة عندما نعجز عن الخروج من دورة أو حلقة مفرغة. وحالة الهروب هي واحدة منها. كل يوم نحصل على فرصة إعادة النظر بحياتنا وعلى إمكانية التغيير. أشكر المرحلة الحالية من حياتك لأنها منحتك الأمان الموقت بواسطة النكران واخرج منها إلى مرحلة جديدة بفكر متجدد.

- اكتشف موهبتك: كلنا نحمل موهبة نهديها لهذا العالم لكن معظمنا لا يكتشفها. والسبب هو أننا ننكر معاناتنا من حالات إدمان عدة تمنعنا من اكتشاف موهبتنا: الإدمان لا يقتصر على الكحول أو المخدرات فهذه أشكال واضحة منه لكن ثمة أشكال أخرى خفية هي: الإدمان على الطعام، التسوق، الجنس، العمل، القهوة، الرياضة، التلفزيون، الكلام.... حين تتخلّص من نكرانك لحالة الإدمان التي تعيشها تستطيع اكتشاف موهبتك الحقيقية.

ليس من الخطأ أن نعيش حالة هروب لبرهة من الزمن إنما غير الطبيعي أن يستمر ذلك الشعور معنا ويواسينا وينجح في أن يفصلنا عن واقعنا. كن على يقين عزيزي عندما نكبت مشاعرنا ونتهرب منها وننكرها نحن في الحقيقة لم ننجح في دفنها، لأنها حتماً ستجد لها ألف طريق لمعاودة الظهور في حياتنا. وغالباً ما تعود بحلّة أشد قساوة وخطورة. كن على ثقة أن العيش بإيجابية لا يعني أبداً التهرب من المشاعر والأفكار السلبية ولا نكرانها. لا تلهي نفسك عن مشاعرك بأنواع الإدمان المختلفة فكلما زدت نكراناً كلما احتجت إلى زيادة منسوب الإدمان لتغطية مشاعرك ويصبح من الصعب أكثر الخروج من هذه الدائرة المفرغة.
اليوم قرارك بيديك فكّر قرّر غيّر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الأوروبية: من هم نواب البرلمان الأوروبي... وما ال


.. الوزير بيني غانتس يستقيل من حكومة الحرب الإسرائيلية ويدعو إل




.. دراسة إسرائيلية: جبهة حزب الله لا تحتمل الانتظار. فهل تشتعل


.. ما المشهد بين عائلات المحتجزين وأقطاب السياسة الإسرائيلية؟




.. رئيس لجنة الطوارئ برفح: توقف مولدات الكهرباء في المستشفيات س