الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية.. شرطٌ لا بد منه للإنتقال من دولة الأديان إلى دولة الأوطان..

أحمد خيري مشاري

2014 / 8 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كنا ومازلنا نقول بأن العلمانية هي الحل، ونحن نقصد أنها حل للصراعات الدينية والطائفية في مجتمعنا، ووقف للهدر في الطاقات والإمكانيات ووقت البشر الذي يضيع نتيجة المشاحنات والنزاعات ذات الطابع الديني.
لكن قبل الاسترسال في الحديث من الإنصاف أن نجيب على السؤال التالي: أي علمانية نقصد؟
المؤسف أن الغبار الكثيف الذي أثاره ويثيره الإسلاميون حول العلمانية منذ عقود، تمكن من حجب أهم معانيها وطبيعتها لدى العامة.
فالعلمانية التي نقصدها والتي يفهمها معظم سكان العالم هي فصل المؤسسة الدينية عن المؤسسة السياسية وبين رجل الدين ورجل السياسة، والعكس صحيح ايضا، أي إبعاد المؤسسة الدينية عن التأثير في المؤسسة السياسية، وابعاد رجل السياسة عن فرض ميوله الدينية.
والعلمانية يمكن تعريفها إجمالا بطريقتين: الأولى، التأكيد على حرية التدين، وعدم فرض الحكومة لدين معين على الناس، وأن تكون الدولة محايدة في شؤون الاعتقاد، ولا تمنح امتيازات حكومية أو إعانات لأتباع الأديان.
والثانية، تشير الى الاعتقاد بأن نشاطات الإنسان وقرارته، لا سيما السياسية منها، ينبغي أن تستند على الأدلة والحقائق، وليس التأثيرات الدينية.
هذا على مستوى المصطلح، أما على مستوى الواقع العملي، فنجد أيضا أن العلمانية يجب أن لا تسمح بالتداخل الديني والسياسي، كما لا تسمح بفرض اي دين أو معتقدات دينية على الآخرين، كما يحظر على الدولة والحكومة أن تحابي دين معين حتى ولو كان معتنقوه يشكلون الأغلبية في هذا البلد، أو تميز ضد دين آخر حتى وإن كان عدد أتباعه لا يزيد على عدد اصابع اليد الواحدة.
أما المتضررون من العلمانية فهم ليسوا عامة الناس، وإنما هم رجال الدين والمؤسسة الدينية. فهؤلاء اعتادوا على مر التاريخ أن تكون لهم سلطة وامتيازات في مواجهة العامة، يستمدونها من موقعهم الديني.
في ظل العلمانية يعود رجل الدين إلى دوره وحجمه الطبيعي، وهو التخصص في شؤون العقيدة وتكون ساحته هي المؤسسة الدينية، ويكون الإنسان المواطن، حر في ان يذهب إلى هذه المؤسسة أو لا يذهب، يأخذ برأي رجل الدين أو لا يأخذ.
وليس للدولة أن تعاقبه أو تحد من حرية لهذا السبب، كما أنه ليس لها أن تكافئه على هذا السلوك. فالدولة محايدة تجاه شؤون العقيدة والاعتقاد.
وقصارى القول إن العلمانية في حقيقتها ليست موجهة ضد الدين، فهي ليست دينا آخر، ولكنها وسيلة لتنظيم العلاقة بين السياسي والديني.
وقد أصبح وجودها ضرورة بعد نشوء الدولة الحديثة، التي باتت تتكون من جمهور المواطنين، بديلا عن جماعة المؤمنين، كما في الدولة القديمة.
ولأن الأساس في المواطنة هو انتماء المواطن الى الدولة والخضوع لقوانينها، في مقابل حمايتها له، على عكس الدولة القديمة (ما قبل الحديثة) التي كانت تقوم على الانتماء الديني، فإن فصل المؤسسة الدينية عن المؤسسة السياسية، يهدف في الأساس إلى حماية فكرة المواطنة وترسيخها. أي حماية أحد ابرز الأسس للدولة الحديثة.
ولما كان الأمر كذلك، فإنه تصبح العلمانية شرطا لا بد منه للانتقال من دولة الأديان إلى دولة الأوطان، ومن دولة المتدينين إلى دولة المواطنين، ولذلك قلنا إنها الحل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 8 / 11 - 23:34 )
تابع :
مناظرة العلمانية والإسلام د. هيثم طلعت ومصري ملحد masrymolhed :
https://www.youtube.com/watch?v=RJijFFi01aA

اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - علاقة الكاتبة ريم بسيوني بالصوفية عميقة جدا.. ش


.. السيسي وسلطان البهرة.. من هو زعيم الطائفة الشيعية الذي حضر ا




.. فنيش: صاروخ الشهيد جهاد مغنية من تصنيع المقاومة الإسلامية وق


.. الأهالي يرممون الجامع الكبير في مالي.. درّة العمارة التقليدي




.. 121-Al-Baqarah