الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحوش الدواعش , تحطم لآليء الحضاره ومنارات المجد جامع النبي يونس وتل التوبة , ملّخص لمقاربه تأريخيه

نزار المنشداوي

2014 / 8 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يعد جامع النبي يونس أثراً حضاريآ , شامخآ و مقدسآ على مر العصور ومهما قيل في ذلك المكان يبقى لنا كعراقيين أثراً تراثياً , علوة على ما يحوية من قداسة عند كل من المسلمين والمسيحين واليهود وأهل التراث المنقبون والرحالة والمستشرقون لان هذا الجامع بني فوق ركام من الحضارات , لكن عند هولاء الممسوخين الذين جاءوا من باطن الصحراء والذين بالتأكيد وحشيتهم لا تسفهم لتلمس ماهية قيمة الموروثات الحضارية والتراث المعمد ببقاء الأثر عند الشعوب , الأمر الذي جعلهم يفجرون هذا الاثر القديم العظيم الذي كان يعد مفخرة من مفاخر جوامع مدينة الموصل والذي كان ياوي اليه النساك والزهاد والعباد , كما أنه كان بمثابة شعور بالأمان والحمايه لدى أهل الموصل من الكوارث على طوال التاريخ فقد ذكر اهل السير والتاريخ انهم كانوا يذهبون الى تل التوبة ويدعون الله ان يتوب عليهم ويسقيهم الغيث تيمناً بقبول توبه اهل نينوى فوق هذا التل لما أنذرهم النبي يونس ويستجاب الله لهم ويكشف عنهم العذاب . لكن هولاء الممسوخين ليس عندهم اي حرمات من انتهاك المحرمات في قبور الأنبياء والأولياء او كان هذا الأثر تراث وحضارة مرتبطان بذاكرة ووجدان القوم.

تذكر قصص الأنبياء وبعض التفاسير ان الوثنية انتشرت بين سكان مدينة نينوى وكان لهم صنم عشتار فدعاهم النبي يونس الى عبادة الله وترك تلك الأصنام التي تعبد فلم يستجيبوا له وكذبوا فاوعدهم بعذاب من الله في يوم معلوم ان لم يستجيبوا له ويتوبوا الى الله .
وخرج يونس من نينوى غضبان من قومه من دون إذن ربه وسار الى الشاطئ وركب سفينة مع جماعة فهاج البحر عليهم وان الجماعة التي في السفينة اقترعا في تخفيف حملها ووقعت القرعة على يونس فرموه في البحر والتقمة حوت كبير وأوحى الله الى ذلك الحوت ان لا يأكل منه لحماً ولا يكسر له عظما ولبث يونس في بطن الحوت يستغفر وينادي ( لا اله لا انت سبحانك اني كنت من الظالمين ) فاستجاب الله لدعائه فألقاه الحوت في العراء ، اما قوم يونس فإنهم بعدما عرفوا صدق النبي ودعوته خرجوا اليه واجتمعوا فوق تل مرتفع سمي فيما بعد ( بتل التوبة )
أعلنوا فيها توبتهم وعادوا مؤمنين موحدين ( فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ).

اما الأدوار الذي مر بها تل التوبة او جامع النبي يونس والكنيسة او المعبد الوثني فهو شي طبيعي وذلك لمرور حضارات وأمم كثير على ذلك المكان وهي تشبة الادوار التي مر بها الجامع الاموي بدمشق , فقد ذكر انه كان معبداً وثنياً وان فيه تمثال عشتار يعود للحضارة الآشورية وبعدها اصبح معبداً للنار بعد سيطرة المجوسية على تلك الحضارة وبعد القضاء على المجوسية وانتشار المسيحية في بلاد العراق اصبح ديراً او كنيسة تسميه المراجع العربية ( بدير يونان ) لان يونس في العهد القديم كان معروف باسم ( يونان بن امتاي) وعند انتشار الاسلام اصبح جامعاً اسلامياً وصار يعرف بجامع النبي يونس وكانت عادة المسلمين اذا فتحوا مدينة يبنون فيها مسجداً وبجانبه تكون دار الإمارة وهذا ما فعلوا في الموصل بسنة 16 للهجرة بنو مسجدا فوق تل التوبة فتوسع هذا المسجد على مر العصور حتى صار الجامع الذي نراه اليوم الذي كان وسوف يبنى من جديد ليكون مفخرة من المفاخر لأهل الموصل بل للعالم اجمع .

اما ما ذكر عن القيمة الكبيره لهذه الآثار , واهتمام الاثاريون بهذا الموقع خصوصآ , فقد اكد علماء المسماريات ان هذا التل يعود الى حضارة نينوى الآشورية القديمة والتي شغلها عدة ملوك وقال الأستاذ سعيد الديوه جي في مقال مستقل له نشر في مجلة سومر العراقية حول تاريخ جامع النبي يونس قال: (( في نينوى تلان كبيران ، احدهما يطل على نهر الخوصر ويسمى {تل قوينجق} كان قد شيد عليه الملوك الآشوريون عدة قصور في أزمنه مختلفة ، واكتشف المنقبون بقايا هذا القصور ومتاحف الغرب تحوى تحفاً نادرة منها.
اما التل الثاني ، فهو الذي تقع عليه قرية نينوى في الوقت الحاضر وهو أصغر من { تل قوينجق} ويسمى { تل التوبة } وعلى سفحه الغربي يقع جامع النبي يونس وقد أنشئت عدة قصور ومعابد في فترة مختلفة على هذا التل وكانت تشيد بعضها على انقاض ما كان قبلها .
وذكر ايضا الأستاذ سعيد الديوه جي الملوك الآشوريون الذين شيدوا قصورهم حول تلك التلة , وبعد سقوط نينوى 612 ق م , دمرت المدينة وما كان فيها من قصور ومعابد وبعدما تراجع من سلم من اهل نينوى الى مدينتهم عمروها وبنوا لهم مساكن ومعابد فوق تل التوبة وأحاطوها بسور صار يعرف { بالحصن الشرقي } ويذكر المؤرخون انه كان على السفح الغربي من هذا التل معبد للأصنام وان اهل نينوى بعدما تابوا الى الله تعالى كسروا هذا أصنامهم وهدموا معابدهم تقرباً لله ، ولما استولى الفرس على البلاد سكنتها جالية وشيدوا لهم معابد في الأماكن التي سكنوها ونشروا دينهم المجوسي فيها ومما يذكر انهم انهم شيدوا على انقاض المعابد الآشورية وهو الذي سماه { مشهد الرماد } لأنهم كانوا يعبدون النار وكلما تراكم الرماد في النار كانوا يطرحونه خارج المعبد .
وكذلك كما مر عليكم من انتشار النصرانية في هذا البلاد بنوه عده أديرة فيها وبنو فوق مشهد الرماد المجوسي بدير عرف { بدير يونان بن أمتاي } وعند استيلاء المسلمين خضعت تلك البلاد لسيطرة لهم .

ان تل التوبة او جامع النبي يونس هو بلا شك له حرمة عند المسلمين لان الأعتقاد أساسه أن الله تاب عليهم مما كانوا فيه من الظلم والظلال فقبل الله توبتهم وكشف عنهم العذاب وقد ورد عن النبي محمد , انه عندما هاجر الى الطائف قابله نصرانيآ يقال له عداس , وقدم له بعض العنب فسأله النبي من اي البلاد انت يا عداس وماذا دينك ؟ فأجاب :نصراني وانا رجل من اهل نينوى . فقال له الرسول من قرية الرجل الصالح يونس بن متى . فقال له عداس وما يدريك ما يونس بن متى ؟ فقال الرسول : ذاك اخي ، كان نبياً وانا نبي .
وقد ذكرات احديث كثير في فضل هذا المكان منها: ان سبع زيارات ليونس النبي تعدل حجة .
وروي أيضا عن سعد بن ابي وقاص عن النبي انه قال : من دعا بدعاء يونس يستجاب له.

هذا ضريح اخي النبي المصطفى
ذي النون من فيه النجاة لساكن
قد جاء فيه حديث محمد
من زاره فكأنما قد زارني

وظل المكان الى يومنا هذا يقصده الناس يصلون ويتعبدون به وهناك عين ماء تعرف ب (الدملماجة) قيل اغتسل بها النبي وانبت الله عليها شجرة اليقطين فضل الناس يتطهرون بمائها ويتنزهون بما حولها وصار للمسلمين مقبرة يدفنون موتاهم في تلك القرية وموجودة الى الان .
لكن يبقى السؤال هل فعلا كان النبي يونس مدفون في تلك البقعة او تل التوبة ..؟الجواب له احتمالات كثير منها بعد توبه اهل نينوى بنوا معبداً يعبدون الله به وان الله توفاه حيث كان يعبد الله فيه .
وهناك أحاديث كثيرة في السيرة، ومن خواص الأنبياء أنهم يدفنون حيث يموتون وان النبي دفن بالمدينة ولم يدفن بمكة، لأنه مات في المدينة وقد روى عنه انه قال : لا يحول عن مكانه، يدفن من حيث يموت، فنحوا فراشه فحفروا له موضع فراشه.
وقال أيضا : ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه.
وذكر الأستاذ سعيد الديوه جي (ان اول من أوجد قبر النبي يونس هو جلال الدين ابراهيم الختنى 767هـ , عندما كان يقوم بتجديد المشهد فانه عثر على قبر النبي يونس فاظهر وبنى فوقه قبة فكان هذا اول ظهور لقبر النبي يونس في القرن الثامن ، اما ما يدعى البعض ان اول من اظهر القبر وبنى علية قبه هو الامير تيمورلنك فان هذا بعيد عن الحقيقة.

ومن المؤرخين الذين ذكروا وجود قبر النبي يونس هو محمد امين الخطيب العمري , حيث قال : ( نبي الله يونس بن متى مدفون في قرية نينوى في بيعة في بطن الجبل الذي في القرية معلوم مكانه قبل الاسلام وقد بنى بعض الملوك مسجداً جامعاً ووضع له قبه على قبته الاصلية ووضع له صندوقا وقبرا على موازاة ذلك القبر القديم .
وقال أخوه ياسين العمري والذي ثبت عند الخلق حتى رجال الدولة والسلطان انه في تل التوبة بالموصل - كما ذكرنا- وقبرة داخل بيعة وله طريق من تحت الجامع وأما الصندوق فهو عبارة عن قبره موضوع فوق القبر، فان البيعة التي كانت على التل المذكور هي دير (يونان بن أمتاي) فكان القبر معروفاً قبل الاسلام عند المسيحين في نفس الدير وانهم اخفوا ذكره عن المسلمين وبعد خراب الدير عثر المسلمين عليه فادخلوه في مشهد النبي يونس وأظهروا القبر وبنوا عليه قبه فصار قبر النبي يونس ضمن الجامع .
وقال الاستاذ الديوه جي بعد هذا الكلمة الاخيرة : وأننا لا نقدر ان نبت بصحة هذا ، كما أننا لا ننفي حدوث مثل هذا خاصة وان الدير كان قريبا من المشهد غربي تل التوبة يقابل أبواب الموصل الشرقية .

اما الرحالة والمنقبون الاثريون المسلمين والاوربيين فقد ذكروا : أن من زار هذا القبر أعلآم كثيرون من أمثال المسعودي والمقدسي وابن الأثير وياقوت الحموي وابن الفقية وابن جبير وابن بطوطه وابن حوقل وابو الفداء . اما مذكرات الرحالة وهل الآثار الأجانب فهي كثيرة أيضا قد ذكرهم الأستاذ الديوه جي بالمقال المذكور في مجلة سومر المجلد العاشر الجز الثاني لسنة 1954 العراقية .

ومن قبيل الصدف في سنة 1986/10/21 ظهرت بداية مقدمة صدر الثور المجنح وأسرعت دائرة الآثار بتوضيح معالم الأثر و ونتائج التنقيب وان المكان الذي اكتشف فيه الأثر كان يعود لاحد القصور الآشورية والروايات التاريخية تاكد بوجود قصر { اسرحدون} في منطقة تل النبي يونس وان هذا المكان يحوي على اثار كثير قد اكتشف وموجود في أوربا .
و مما يروى , فقد عثر احد أهالي نينوى في النبي يونس وكان يحفر أساس بيته على تمثالي ثورين لكل منهما راس آدمي ، وعلى حجرين كبيرين عليهما صورة ملك يصارع الأسود . ووصل الخبر الى القنصل البريطاني فبدأت عمليات التنقيب واخرج من تلك البقعة مقتنيات ومجوهرات وتماثيل كثيرة اكثرها موجود في أوربا , كما أن العثمانيين أيضآ حفروا في هذا المكان وكانو قد اخرجوا خطوط مسمارية وتماثيل وبعض المجوهرات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين