الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغزالي واهدار قيمة العقل

حسام المنفي

2014 / 8 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يقسم الغزالي المعرفة إلى ثلاثة أقسام كما فعل ابن سينا: المعرفة الحسية ، والمعرفة العقلية ، ثم المعرفة الصوفية التي يرى أن وسيلتها التصفية والزهد والورع والتقوى...إلخ.
(أ)المعرفة الحسية:التي تنقل عن طريق الحواس . السمع ، البصر ، الذوق ، اللمس ، الشم.
(ب)المعرفة العقلية:أي المعرفة التي تستند على التأمل العقلي.
(ج)المعرفة الذوقية:أي المعرفة الصوفية
ولقد أعلا الغزالي من شأن المعرفة العقلية إذا قورنت بالمعرفة الحسية ، لكنه لم يعل من شأنها إذا قورنت بالمعرفة الصوفية التي تعتمد على -الحدس- أي أن المعرفة الإنسانية تقذف في النفس من قبل الخالق دون أي مقدمات ودون علل أو أسباب ، وهنا يختلف الغزالي مع فلاسفة الأسلام وعن كل القائلين بأن المعرفة الفلسفية أفضل من المعرفة الحدسية وعلى رأسهم ابن سينا . يقول الإمام الغزالي -إن أفضل النوع البشري من أوتي الكمال في حدس القوة النظرية حتى استغنى عن المعلم البشري أصلا . وعلى هذا يتضح لنا أن المعرفة الصوفية الذوقية عند الغزالي تأتي أولا ثم يليها في الأهمية المعرفة الحسية والعقلية .
*انكار الغزالي العلاقة بين العلل ومعلولاتها
---------------------------------------------------وقد بحث الغزالي أيضا في العلاقة بين الأسباب ومسبباتها أو العلل ومعلولاتها ، وانتهى - متابعا في ذلك الأشاعرة - إلى القول بأن العلاقة غير ضرورية بين الأسباب والمسببات ، ومعنى هذا أنه أنكر العلاقة بين الأسباب والمسببات . وأرجع ذلك إلى الله تعالى ، وهذا إن دلنا على شيء كما يقول الدكتور عاطف العراقي:فإنما يدلنا على متابعته التامة للأشاعرة من جهة ، وللصوفية من جه أخرى ، وابتعاده عن المعتزلة والفلاسفة.
يقول الإمام الغزالي:فالإقتران بين ما يعتقد في العادة سببا ليس ضروريا عندنا ، بل كل شيئين ليس هذا ذاك ولا ذاك هذا ، ولا إثبات أحدهما متضمنا لإثبات الأخر ، ولا نفيه نفي للأخر ، فليس من ضرورة وجود أحدهما وجود الأخر ، ولا من ضرورة عدم أحدهما عدم الأخر . مثل الري والشرب ، والشبع والأكل ، والإحتراق ولقاء النار ، والنور وطلوع الشمس ، والموت وجز الرقبة ، والشفاء وشرب الدواء ، وهلم جرا ، إلى كل المشاهدات من المقترنات في الطب والنجوم والصناعات والحرف ، فإن اقترانها لما سبق من تقدير الله . يخلقها على التساوق ، لا لكونه ضروريا في نفسه غير قابل للفوت ، بل في المقدور خلق الشبع دون الأكل ، وخلق الموت دون جز الرقبة ، وإدامة الحياة مع جز الرقبة وهلم جرا ، ألى جميع المقترنات.
ومن هذا المنطق أنكر الغزالي العلل والمسببات ، فإنه يرى أنه من الممكن أن نشعر بالإرتواء دون شراب وأنه يمكن للقطن أن يحترق دون أن يلامس النار ، وأن الشمس غير ضرورية لوجود النور فكل هذه المقدمات التي نبني عليها النتائج التي تترتب عليها غير ضرورية في وجهة نظر الإمام الغزالي .

*النزعة الجبرية عند الغزالي
--------------------------------الجبريين هم فرقة من الفرق الإسلامية التي أقرت بقضاء الله وقدره لدرجة أنهم أنكروا على الإنسان حريته في اختيار أفعاله ، فالإنسان من وجهة نظر الجبريين - لا يملك من أمره شيأ أمام قضاء الله وقدره فهو أمام القدر مثل الريشة في مهب الريح - وانتهت هذه الجماعة إلى أن الخير والشر من صنع الله ولم يثبتوا للإنسان فعلا كما لو كنا جمادات لا كائنات حية عاقلة مفكرة.
ونحن نعلم أن الغزالي كان من أعلام مدرسة الأشاعرة ، وهي تلك المدرسة التي جائت بشعار(إن الفعل خلق الله ، كسب للإنسان) وهذا على خلاف فرقة المعتزلة التي كانت تؤمن بأن الأفعال -هي من خلق الإنسان- ومن هذا المنطلق المعتزلي تكمن حكمة الصواب والعقاب الأخرويين . وعلى أي حال فقد اتجه الغزالي إلى القول -بالجبر - ويعترف بالقضاء والقدر الإلهيين . فهو قسم القضاء إلى أربعة أقسام.
(أ)قضاء الطاعات
(ب)قضاء المعاصي
(ج)قضاء النعم
(د)قضاء الشدائد
وهو قد ذكر هذه الأقسام الأربعة قضاها الله على الإنسان ، أي كتبها عليه ، فهو كتب عليه الطاعة والمعصية والنعم ، كما كتب عليه أيضا التعرض للمصاعب . ولهذا فإن الإنسان في نظر الغزالي -
*السمات الرئيسية للمعرفة عند الغزالي
---------------------------------------------ونحن نستطيع الأن أن نستخلص مما سبق ثلاثة محاور رئيسية دارت حوله فلسفة الإمام الغزالي في هذا الموضوع.
(أ)أن الغزالي قد أعلى من شأن المعرفة الحدسية الصوفية على حساب المعرفة الحسية والعقلية.
(ب)انكار الغزالي العلاقة بين الأسباب ومسبباتها والعلل ومعلةلاتها والنتائج والمقدمات التي ارتكزت عليها.
(ج)انكار الغزالي لحرية الإنسان وتأييده للنزعة الجبرية التي تسلب الأنسان حريته واستقلاليته ومن ثم تضعه في مصاف الجمادات التي لا ارادة لها ولا حياه فيها.
وعلى هذا يمكن أن ندعي أن أفكار الغزالي تتسق وتتوافق مع ثقافة عصرنا التي تتسم بالإبداع والحرية والإستقلالية الفكرية والسياسية ؟ أم أن تلك الأفكار تتعارض مع عصرنا بل تتعارض مع روح الحضارة الحديثة التي كما ذكرنا ترتكز - على عنصريين أساسيين هما العقل والتجربة الحسية المباشرة - وهذين العنصرين بالأخص أنكرهما الغزالي وجعلهم أقل مرتبة من المعرفة الحدسية المباشرة ، بل ذهب أكثر من ذلك حينما أنكر العلاقة بين الأسباب ومالمسسببات والعلل والمعلولات ، وعلى هذه النتيجة نستطيع أن نتسائل . هل هذه الأفكار مع احترامنا وتقديرنا الشديدين لصاحبهما تستحق أن تسري في عقولنا وتوجه رؤيتنا لفهم الواقع المعاصر أم ماذا؟؟
---------------------------------------------------------------------------------------------
* - انظر كتاب الفلسفة الإسلامية للدكتور فيصل بدير عون ص377 ، ص378 ، ص379 ،ص 340.
*انظر كتاب الفلسفة العربية للدكتور عاطف العراقي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حجة الاسلام أبوحامد الغزالي
عبد الله اغونان ( 2014 / 8 / 15 - 12:49 )

انتقد الامام الغزالي استعمال الفلاسفة العقل في الغيبيات/ الالهيات فلاحجة لهم فيه

أما استعمال العقل في ماهو حسي فلم ينكره

ما يزال فكر الغزالي منذ قرون يقف شوكة في حلق المتسفسطين البعيدين عن جوهر وهوية الأمة

اخر الافلام

.. ضربة إيران لإسرائيل: كيف غيرت قواعد اللعبة؟| بتوقيت برلين


.. أسو تخسر التحدي وجلال عمارة يعاقبها ????




.. إسرائيل تستهدف أرجاء قطاع غزة بعشرات الغارات الجوية والقصف ا


.. إيران قد تراجع -عقيدتها النووية- في ظل التهديدات الإسرائيلية




.. هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام