الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام الإلهي والإنساني

خالد حسن يوسف

2014 / 8 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الاسلام دين شمولي على شتى الأصعدة الحياتية, شمل الشأن الاجتماعي,الاقتصادي والسياسي, جاء في ظل مرحلة تاريخية كانت البشرية معها في حاجة إلى التغيير, نظرا لكم الصعوبات والمعاناة الانسانية في ظل مرحلة ظهور الاسلام, وقد كرس الاسلام بحالة تغيير كبير على مستوى العلاقات الانسانية على شتى الأصعدة خلال مرحلة ظهوره وإنتشاره في اوساط المجتمعات الانسانية التي انتشر فيها.

وقد شهد الاسلام مقاومة من قبل القوى المسيطرة والنافذة والتي تواجدت في تلك المرحلة التاريخية, إلى أنه لم يشهد بحالات أعتراض من قبل المجتمعات والجماعات أصحاب المصلحة الحقيقية في حدوث واقع التغيير الانساني, ورغم كل ما تم تبريره من هنا أو هناك, في أن الاسلام قد سلب غير معتقديه حقهم في الاعتقاد وخصوصياتهم, فالنص القرآني كفيل بالرد عليه, وبغض النظر عن أن هناك من مارس بتأويل وتفسير ما لا يتفق مع النص التأسيسي القرآني وهو من دائرة الاسلام, أكان صحابي,أو مجتهد,وحتى من عامة المسلمين.ومع مقارنة الاسلام مع غيره من الأديان أو الفكر الانساني, يتضح جليا أن مجمل التراث التاريخي في جانبيه الديني والانساني وصولا إلى الراهن من التاريخ, أن هذا التراث لم يشهد اطلاقا مستوى الكمال الانساني في ممارسته, ناهيك عن أن هذا التراث في جانبه الانساني, شهد ولازال يعاني من الكثير من القصور الفكري في أدبياته التأسيسية.

وإذا ما تم الإشارة إلى التراث الانساني الراهن تحديدا, نرى أن كل من الفكر اليساري,الراسمالي,القومي والاسلام السياسي, جلهم في واقع التجاوز على حقوق البشر, يمثلون برؤى مكرسة لمصالح اجتماعية,اقتصادية وسياسية تنفي حق الآخر المختلف وتخرجه من سياق اللحظة والتاريخ, مؤسسة بذلك لاستبداد مع من هم خارج سياقها الايديولوجي, وهو ما يمكن اعتباره بعيدا عن النص الاسلامي التأسيسي عند حضور المقارنة.

إلى أنه لايمكن إغفال أن التراث الانساني المشار إليه ليس بمعزل عن الكثير من المضامين الفكرية الإيجابية, فالعدالة الاجتماعية التي تدعو الاشتراكية إليها بحاجة انسانية ومقاومة الاحتكار الاقتصادي وغير ذلك من قضايا, ودعوة الراسمالية إلى الراسمال الحر وفتح الأسواق في حدودها الانسانية والمنطقية تمثل بعامل محرك لتاريخ ودونها تتوقف دورة الاقتصاد الانساني وحافز العمل والإنتاج ذاته, كما تمثل الرابطة القومية الانسانية وبمعزل عن الشوفينية بحاجة اجتماعية انسانية لبقاء واستمرار الرابطة التاريخية ,الثقافية والاجتماعية لقومية أو شعب معين وتشكل بجزء هام للحفاظ على الذاكرة التاريخية, في حين أن قوى الاسلام السياسي ترى بشمولية الدين الاسلامي على شتى مستويات الحياة وبضرورة الاسلام كمرجعية لمعتنقيه, وهو ما يمثل بموقف صريح لمضمون النص الإلهي القرآني.

وبعيدا عن التأويل والممارسة من قبل المسلمين والتعاطي مع الاسلام, فالأخير يشكل بمنظومة فكرية لا يمكن للمسلمين تحديدا أن يتخلوا عنها لما تحمله سمو فكري على جميع الأصعدة الحياتية, في حين شهدت الممارسة ولازالت تشهد من قبل المسلمين, بجملة تجاوزات تاريخية جاءت على حقوق المسلمين وغيرهم من أهل الاعتقاد والبشر, وتم ممارسة ذلك باسم الاسلام, ولازال ذلك ساريا وصولا إلى اللحظة التاريخية الراهنة.

وطالما أن النص الاسلامي التأسيسي ببعيد عن الغلو والكثير من التأويلات التي أصبته بضرر على مدى التاريخ, فلابد أن هناك من تسبب في هذا الضرر, والذي يمكن القول أن القوى الاقطاعية قد لعبت تاريخيا دورا بارز في النيل من رسالة الاسلام وتكريس هيمنتها على المجتمعات, وبقية للحفاظ على مصالحها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وبدورها فالعصبية القومية من عربية وطورانية لعبا أدوارا مفصلية وكبيرة في حرف المعتنقين عن مسار الاسلام, وبما في ذلك المشاريع القومية العربية المعاصرة, وايضا بشأن إمكانية تحقق وحدة المسلمين العضوية(وليس المقصود بها هنا مفهوم الخلافة) والذي يعد بدوره بمفهوم قومي قائم على العصبية الاستبدادية, ناهيك عن أنه يشكل بمشروع إمبراطوري توسعي على حساب حق الشعوب في الإحتفاظ باستقلالية قرارها وخصوصيتها على شتى المستويات.

في حين أن قوى الاسلام السياسي تاريخيا كانت ولاتزال تشكل بعامل أساسي في تحريف رسالة الاسلام في أوساط معتقديه والجنس البشري عموما, حيث أن مضمون شمولية الدين الاسلامي حصر من قبل قوى الاسلام السياسي بعدد من الحدود الاسلامية والتي عطل الواقع التاريخي العمل ببعضها, وجعلها بحجة زائفة على المسلمين, بالإضافة إلى فرض الاسلام ذاته أو تصورهم للاسلام على غير المسلمين والغير معنيين بالدين الاسلامي جملتا, والتركيز الانقلابي والمشروع للوصول إلى السلطة, بدلا من التركيز على التكافل الاجتماعي,ورفع من سوية القيم الأخلاقية الانسانية والتي يحث عليها الاسلام كدين, وتحرير الفكر والعقل بعيدا عن الاستبداد والخرفات التي يجري تكريسها باسم الاسلام.

وعلى ضوء الواقع التاريخي والراهن تدعو الضرورة الملحة إلى أن يرتقي الاسلام الانساني إلى موضع وسمو الاسلام الإلهي وبعيدا من عقدة التأويل, وبعيدا عن القراءات المتعددة المتابينة والممارسات التي تنتج منها وتأتي على حياة المسلمين وغيرهم, وذلك نحو ضرورة الدفع في إتجاه تحرير النص الإلهي من القراءات المتابينة والتي ترتكز على حالة الوعي والفهم الفردي والمصالح بغض النظر عن محركاتها وأبعادها الانسانية.

وفي إتجاه تكريس منظومة فكرية ومعرفية دينية جامعة للمسلمين, وفي ظل الفروق الفقهية والعقدية القائمة بينهم, وتنطلق من حق العيش للجميع,ومراعاة اعتقادتهم والتي لا تأتي على وجود الآخرين أكانوا مسلمين أو آخرين مختلفين في العقيدة الدينية معهم, وضرورة تغليب الوازع الانساني في إطار العلاقات الدولية والانسانية, ووضع حدود قانونية واضحة المعالم تستوعب معها مضمون الشريعة الاسلامية الشمولية, وبمعزل عن التأويلات ورغبات المسلمين عموما, والتصالح والإنذماج مع الفكر الانساني والذي يعد بجزء أصيل وعضوي من مقاصد الدين الاسلامي, وهو ما يمثل ببرامج على المسلمين بخوض تجاربها على المستويات القطرية والعام معا, وبذلك سيقر المسلمين تاريخيا في رد الاعتبار الأدبي فيما بينهم وإلى غيرهم من البشر, ناهيك عن دينهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الإسلام ديانة بشرية كغيرها
ياسين ( 2014 / 8 / 14 - 11:27 )
الأستاذ خالد المحترم
ما قلته في بداية المقال من أن الاسلام دين شمولي على شتى الأصعدة الحياتية, شمل الشأن الاجتماعي,الاقتصادي والسياسي, جاء في ظل مرحلة تاريخية كانت البشرية معها في حاجة إلى التغيير ، يدل دلالة واضحة على أنه لا يمكن أن يكون دين إلهي ولن يكون على الإطلاق إنه شأنه شأن عشرات وربما مئات الأديان في العالم مجرد دين بشري. لذلك لا بد من إجراء تعديلات جوهرية فيه حتى يتلاءم مع الطبيعة الإنسانية في العصر الحاضر!!
لك مني كل التقدير والاحترام

اخر الافلام

.. 72-Al-Aanaam


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد


.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس




.. قوات الاحتلال تمنع الشبان من الدخول إلى المسجد الأقصى لأداء