الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصورة الشعرية

حنان علي

2014 / 8 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الصورة الشعرية :
لقد حفلت كتب النقد الأدبي العربي مُنذ القرن الثاني , بالحديث عن الشعر وماهية , وهم وأنّ لم يتحدثوا عن الصورة كمصطلح فني إلاّ أنهم جعلوا (المعنى) بدلًا عنها , يقول الدكتور جابر عصفور: (( قد لا نجد المصطلح _ الصورة الفنية_ بهذه الصياغة الحديثة , في الموروث النقدي والبلاغي عند العرب , ولكن المشاكل والقضايا التي يثيرها المصطلح و يطرحها موجودة في التراث)) .
فلقد خلف لنا البلاغيون والنقاد العرب , في هذا المجال العديد من الدراسات التي لم تفعل شيئًا عن ماهية الصورة ومكوناتها , كالتشبيه وأدواته وأنواعه والاستعارة وأنماطها , والمجاز وعلاقاته , وغير من هذه الأمور الكثيرة والمتشعبة.
وسنرى في الشعر الحديث أن كبار الشعراء الذين تحدثوا عن ماهية الشعر , بدوا وكأنهم يتحدثون عن الصورة نفسها وحدها؛ ذلك تأكيد على اهميتها في الشعر الأدبي العربي . وإذا كان الشاعر المعاصر ابن الواقع والحياة الحاضرة , والمعبر عما في هذه الحياة من مشكلات وقضايا , فهو ابن الماضي أيضا ولاسيما الماضي الشعري الذي لا يمكن فصله عن ذات الشاعر ومخيلته وثقافته بشكل عام , فالموروث الأدبي سيظل يرافق الشاعر الحديث , ويضيق إليه عددًا من الروافد والقيم الفنية التي تكون الصورة جزءًا منها .
إنّ العودة إلى الفنية الشعرية الموروثة ليست رجعة إنما هي أحياء لكل ما أوثر عن الماضي الشعري من معطيات فنية إيجابية , وهي تطوير لفن الشعر كما أنها اضاءة وتعميق لرؤية الشاعر واحساسه بالاستمرار والتواصل الفني , فالشاعر عند توجه إلى معطيات موروثة إلى اعادة تلك المعطيات بما يثري عمله الحديث الجديد ويجعله صالحًا للتعبير عن قضاياه المعاصرة .
ومن خلال هذا الفهم لتوظيف القيم الموروثة عمد الشعراء على تأكيد صوت الماضي في العمل الشعري , ولذا رأينا اليوت يشير في أكثر من مناسبة إلى ضرورة ربط نتاج الشاعر المعاصر وعلاقته بأسلافه الشعراء . ومن هنا صار الماضي الأدبي والشعري جزء مؤثرا في عملية خلق الصورة الشعرية الجديدة , وواحدًا من مصادرها المهمة ومن يتيع الشعر العراقي الجديد سيجد أن نتاج الرواد هو الأكثر قربًا من الموروث الأدبي في مجال خلق الصورة الشعرية , ومع هذا فأن الشعراء يتفاوتون في هذا الاقتراب الواحد عن الآخر .
ونجد التوظيف الذي أورده السياب في قصديته (المومس العمياء) حيث يقول :
الليلُ يطبق مرة أخرى فتشربه المدينة
والعابرون إلى القرارة مثل أغنية حزينة
والعلاقة المجازية التي هي (شرب الليل) انتماء للماضي الشعري وتأثر به الصورة التي وردت في ابيات أبي علاء :
يكاد الصبح تشربه المطايا وتملأ منه أوعية الشنان
وتقدر ما يغتني الشاعر من موروثه الأدبي , وثقافته الحديثة , وتتحول معرفته تلك إلى مصدر فاعل ومؤثر في تكوين الصورة الشعرية , فأن الواقع المعاصر الذي نشأ فيه الشاعر أو عاشه , هذا الواقع بكل ملامحه ومشكلاته وصفاته سيكون رافدًا جديدًا ومصدرًا آخر من مصادر الصورة الحديثة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا