الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (1)

مبارك أباعزي

2014 / 8 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (1)
كثيرة هي العقول النقدية التي تبحث في البدهيات وترفض التسليم بما أورثه الماضي للحاضر. تحاور الماضي القديم بعقول القرن العشرين والواحد والعشرين، وتهدم الميتافريقا واللوغوس المتراوثين منذ أجيال. وفي كل خطوة تنويرية تخطوها، ثمة خطوط مجتمعية حمراء تُتجاوز، وفي المقابل، ثمة أجساد تُنتزع أرواحها أو توضع في الهامش الإنساني للحياة. كان هذا هو شأن كل العقول التي حاولت نقد الفكر الديني.
1- علي عبد الرازق: العلمانية متجذرة في التاريخ الإسلامي:
أصدر علي عبد الرازق كتاب "الإسلام وأصول الحكم" سنة 1925م وأشار فيه إلى أن التاريخ السياسي الإسلامي لم يعرف شكلا للخلافة الدينية وأن الحكم في الإسلام كان زمنيا صرفا، باعتبار أن تولي ذلك المنصب كان يتم عبر قمع المعارضين لأن معارضهم للخليفة تعد معارضة لله والرسول، ولأن الخليفة ما هو إلا ظل لله في الأرض، ومن ثم فكل تصرفاته وأفعاله مسوغة في الإرادة الإلهية.
إن الإدلاء بآراء من قبيل ما ذكر، لا يهم فيه إيمان الرجل بالإسلام أو حفظه للقرآن أو تخرجه من الأزهر أو ضبطه للحديث أو معرفته بالتاريخ أو إحاطته بمختلف العلوم الشرعية. إن ذلك كله لا يشفع له حين يقوض البدهيات ويغربل المسلمات ويتمرد على نسق التفكير الديني السائد. فأن يقول الباحث في مقدمة كتابه: "أشهد أن لا إله إلا الله، ولا أعبد إلا إياه، ولا أخشى أحدا سواه .. وأشهد أن محمدا رسول الله.." لا يساوي في ميزان الذهنية الدينية المتزمتة شيئا إن كان ما ورد في كتابه مختلفا عن المكرور والمعاد من الأفكار.
لهذا فقد عانى علي عبد الرازق عندما نشر اجتهاداته، فقد فُصل عن مهنة القضاء الشرعي التي مارسها مدة عشر سنوات، ونزعت عنه شهادة "العالِمية" التي حصل عليها من الأزهر، وسافر خارج مصر وعاد إليها بعد أن أصبح أخوه من كبار أئمة الأزهر، وتقلد بعد ذلك منصبا وزارة الأوقاف مرتين. يقول عنه صاحب كتاب "تاريخية الفكر العربي الإسلامي" محمد أركون: "كان هذا المؤلف (يقصد علي عبد الرازق) قد استعرض عددا كبيرا من الوثائق التاريخية القديمة جدا. لكن بسبب أن تعرض للتيولوجيا الرسمية السائدة، فإن "زندقته" قد أدينت، وكتابه قد حرق، وشخصه قد طورد" .
وإذا تأملنا سياق الأحداث في الفترة التي نشر فيها علي عبد الرازق كتابه، أي سنة 1925م، سنرى أن هذا التاريخ صادف تقويض مصطفى كمال أتاتورك للخلافة العثمانية، وبدأ الحديث في مصر عن ضرورة إقامة خلافة جديدة يتولاها الملك فؤاد. ولما كان موضوع كتاب "الإسلام وأصول الحكم" هو التأكيد على أن الحكم في التاريخ الإسلامي كان حكما زمنيا ولم يكن يوما حكما دينيا، فقد مس ذلك حفيظة الراغبين في الوصول إلى الخلافة وعلى رأسهم الملك فؤاد.
على هذا الأساس يتبين لنا أن معاقبة علي عبد الرازق كانت بسبب تغريده خارج السرب الهاتف بخلافة الملك فؤاد، وأن الأمر تحول عن الخلاف في المسائل الدينية إلى الخلاف في أمور السياسة.
https://www.facebook.com/abaazzi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ