الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤشرات إصلاحية عامة حول توالي الدورات الانتخابية وتعاقب الحكومات.

احمد جمعة زبون
أستاذ أكاديمي وسياسي عراقي

(Ahmed Jumaa Al-bahadli)

2014 / 8 / 16
المجتمع المدني


ما حدث في العراق مؤخرا، من تغيير في المواقع الرئاسية الثلاث، خطوة إيجابية في استمرار العملية السياسية، والحقيقة يجدر بنا أن نشكر الله على دوام نعمة الحرية وشخصياتها العظيمة المتمثلة بشخص السيد الامام السيستاني ادم الله وجوده المبارك، وبشخص الدكتور السيد الجعفري. الذي استطاع تثبيت جذورها بشكل بعيد عن الانية فهو بمثابة عراب كبير للعملية السياسية وقد كان وما يزال وقورا ومخلصا ومحبا لابناء شعبه، مقدما المصلحة العامة على المصلحه الشخصية، فقد انتقل العراق من دكتاتورية المقبور صدام وظلم جلاوزته الذين قذفهم الدهر جميعا إلى مزبلة التاريخ، ومن دون رحمة ولا شفقة، وهذه سنة الحياة في التعامل مع الطغاة، انتقل العراق إلى نظام ديموقراطي يكون الشعب فيه حاكما. ونشكره تعالى على توافر رجال اكفاء من العاملين باخلاص في المشهد السياسي العراقي المعاصر، لكن هذا لا يمنع من وجود بعض المؤشرات العامة التي يجب تفاديها من اجل الارتقاء بالواقع العراقي الى محطات انسانية رفيعة.

ان توالي الدورات الانتخابية وتعاقب الحكومات قد كشف جاهزية بعض الرجال في التحول لارتداء اي لباس خارج التخصص بغية الجلوس على الـ(الكرسي)، وهذه ظاهرة غير مقبولة ولا مستساغة، فهؤلاء المتحولون المتهالكون على المناصب الحكومية، يعرفون جيدا ان الهدف الاساسي هو استمرار وجودهم في دائرة الانتفاع والنفعية، وهذه امراض نفسية في حقيقة الامر، فقد يراد من الانتفاع اداء الخدمات الى العامة من الناس، وهذا مطلب مبارك، بينما نلاحظ ان هذه المجاميع المتحولة لا تحاول سوى تنمية ثرواتها واستغلال الـ(كرسي) لاجل مصالح خاصة. وقد كشفت الايام وبشكل عام حاجة اغلب هؤلاء للـ(كرسي) من اجل مسألتين: الاولى المال، والثانية النساء. ويجري تحقيق هاتين المسألتين في سرية وتكتم كبيرين. فضلا عن ذلك فقد كشفت الايام عن وجود شركات ومصارف وعقارات كثيرة لبعض المسؤولين، ويطمحون الى المزيد، بينما نسي اغلبهم محطات الفقر التي انطلقوا منها، وفي ظل هذا المشروع التنموي للاموال وعدد الزوجات، يمضي العامة ايامهم وهم في عزلة دائمة ولا سبيل امامهم للقاء من انتخبوه، او اتاحة الفرصة امامهم لاستماع جليس الكرسي (المعاق في المال والنساء والعقار والسفر) لمشاكل هؤلاء العامة.

كما أن توالي الدورات الانتخابية وتعاقب الحكومات قد كشفت عن وجود شخصيات مهمتها الوجودية ان تكون في الحاشية او من ضمن رجالات البطانة، تحقيقا للمقولة التي تنص على سعادة من جاور السعيد، للافادة من المعاش الشهري المضاعف الى أكثر من (400 %)، او الافادة من وجود المسؤولين في تسهيل معاملاتهم، وبسط نفوذهم بشكل طفيلي يقتات على ما يزداد او يتبقى في اغلب الامر. ومع ان اعدادهم غفيرة جدا، إلا ان التخلص من اغلبهم امر صحيح وسليم، فهم بمثابة العقبة التي لا بد من المرور بها، وقد نمى اكثرهم ليكون سمسارا خطيرا، يتفاوض وبشكل عنكبوتي لادارة الفساد، فقد لا يحصل اي مراجع على توقيع معين من صاحب الـ(الكرسي) إلا بعد إمضاء صفقة مع هؤلاء المتطفلين، ومن دونها سيبقى المراجع خارج حدود اللياقة والتعامل السليم، فلاجل تسهيل الامر يتوجب ارضاء الحاشية اولا، وهذا هو مفصل اساسي للشروع في الفساد والخراب لذلك يجب ابعاده وتصفيته في غربال العمل المؤسساتي.

كما أن توالي الدورات الانتخابية وتعاقب الحكومات قد كشفت عن وجود شخصيات مهمتها الاساسية ان توجه جهودها باتجاه قوميتها او طائفتها، او باتجاه ابناء الحزب الذي ينتمي اليه المسؤول وتفعيل مؤسساته ومكاتبه خدمة له، وهذا ملموس وقد حصل وبوضوح كامل، وهذه الفكرة يجب ان يبتعد عنها المسؤول الحقيقي الذي يعد نفسه من أبناء العراق. ليكون تحركه بشكل مرض لله ولنفسه ولأبناء بلده. فالعراق لا يحتاج إلا لجميع ابنائه، وفي الحقيقة هذه الافعال لا تنم عن وعي كبير، بقدر ما تكشف عن ظلم وجهالة، لذلك على اصحاب الـ(كراسي) الاستقالة من اي انتماء عدى المواطنة العراقية وبتجرد كامل.

كما أن توالي الدورات الانتخابية وتعاقب الحكومات قد كشفت عن وجود شخصيات دام وجودها في المنصب عينه واستغلال الكرسي، لاكثر من عقد، بحجة ان اطار التشكيل الحكومي العام يعتمد على المحاصصة، وهؤلاء غالبا ما يكون وجودهم فيه منافع خفية وشروع في تحقق الفساد، عبر توفير بعض العقود والصفقات وغير ذلك مما يتم توريده لاحقا الى جهة المحاصصة التي تبارك وجوده في المنصب دائما، بل وتقاتل على ان يكون (فلان) دون غيره في هذا المنصب دون غيره. وهذا الفعل على ما فيه من مضار واضحة تؤثر على بنية العمل المؤسساتي نجده مسكوت عنه وللاسف. لذلك يجب ان يتغير الواقع المؤسساتي بتغير هذه الشخصيات، التي تحاول إعاقة بناء الدولة العراقية وتحاول إعاقة تقدمها.

كما أن توالي الدورات الانتخابية وتعاقب الحكومات قد كشفت عن تدهور كبير في مجال الخدمات وملف الامن وملفات اخرى كالقضاء والتعليم والصحة، لانشغال السياسيين في دوامة الصراع الداخلي والخارجي، لذلك يجب تفعيل الدور الرقابي في متابعة هذه المفاصل المهمة والمؤسسة للوجود الحكومي والاجتماعي مثمثلا برجال البرلمان. فضلا عن تشكيل لجان خاصة مساندة، من خارج اعضاء البرلمان، وفي كافة وزارات الدولة ومؤسساتها، على ان تكون سرية وذات مصداقية، تزرع في كل مفاصل هذه الملفات، وتعقد اجتماعات دورية لتشخيص اماكن الخلل ومسببيه، لتفادي حصول التدهور وحث الاخرين على الارتقاء بالواقع الاجتماعي والحكومي. فقد تعب الناس كثيرا من انشغال رجالات الـ(كرسي) وتركهم الملفات المهمة في ايدي العابثين والانتفاعيين، فضلا عن وجود شخصيات تعمل لصالح أجندات خارجية، تهدف الى اعاقة سير الديموقراطية في العراق الجديد.

كما أن توالي الدورات الانتخابية وتعاقب الحكومات قد كشفت عن اهتمام متزايد بالمواطنين قبيل اجراء الانتخابات، ويستغل اغلب رجال الـ(كرسي) نفوذه في تطميع الناخبين، او الضغط عليهم لحثهم على انتخاب (جنابه) دون غيره، وهذا معيب بحق ابناء شعبنا الكريم، ولذلك يجب ان يكون لكم دور واضح في الحد من هذه التصرفات غير اللائقة، لتسير العملية الانتخابية وفقا لمعايير الصدق والموضوعية، فينتخب الناس الأكفأ والأصلح والأكثر نزاهة. واقترح ان يحدد ذلك بقانون يمنع من التحرك باتجاه جمع الاصوات، وان يعاد النظر في مجموعة من القرارات التي استعملت من اجل هذه الغاية، لتحقيق العدالة الاجتماعية، في كل مفاصل التقدم الديموقراطي.

كما أن توالي الدورات الانتخابية وتعاقب الحكومات قد كشفت عن وجود خلل كبير في بنية الدستور العراقي، وعدم وضوح المحددات التي تثير الجدل والنقاش في كل مرة يكون فيها التعاقب حاصلا، فضلا عن وجود نقاط كثيره فيه تعيق العمل احيانا، ومن اجل بناء دستور رصين، يفضل ابناء العراق وعلى مختلف مستوياتهم، الشروع في اجراء تعديلات دستورية كبيرة، تحقق الرفاهية لابناء الوطن اولا، ولسير العملية السياسية ثانيا، والحقيقة ان الفرصة سانحة الان، لاعادة النظر، لذلك يجب الاسراع في هذه اللجنة المتخصصة. على ان لا يكون عملها مقتصرا عليها فقطـ وانما يتم الاستعانة باهل الاختاص واصحاب النظر، لمدارسة كل فقراته وما يتعلق بها.

املا التوفيق للجميع وان نتقدم في مشوار بناء مؤسسة الانسان المتحرر من قيود الظلم والاستبداد والدكتاتورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس...منظمة مناهضة التعذيب تحذر من تدهور الوضع الصحي داخل ا


.. الأونروا مصممة على البقاء..والوضع أصبح كارثي بعد غلق معبر رف




.. كلمة أخيرة - الأونروا: رفح أصبحت مخيمات.. والفلسطينيين نزحوا


.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة




.. هيئة التدريس بمخيم جباليا تنظم فعالية للمطالبة بعودة التعليم