الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجانب النفسي/العسكري للبلدوزر الإسرائيلي

فضيلة يوسف

2014 / 8 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في تفسير العدوان الإسرائيل على غزة، يمكن تعلم الكثير من خلال الجمع بين تحليل ماركس وفرويد، كما فعل هربرت ماركيز في إيروس والحضارة: "غرابة المستويات العميقة وظلاميتها" ،حيث يمحى جانب الشعور بالشر عند الظالمين ( في حالة ماركيز،لم يتم كبح ثانتوس التي بقيت مستمرة في أداء عملها القبيح)، وفي حالة إسرائيل، استمرارها في تدمير الذاكرة الفلسطينية (الذاكرة والوعي التاريخي، وشرعية الوجود، والحق في البقاء والنمو) من خلال تصاعد استخدامها غير المتناسب للقوة المفرطة ، ومجازا وبدون مبالغة سأسميه الجانب النفسي العسكري للبلدوزر الإسرائيلي. استخدمت اسرائيل الآلات الحربية لسحق المنازل وإحداث دمار واسع النطاق في غزة حيث الركام في كل مكان محاولة تدمير الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، مستهدفة هوية شعب بأكمله.
لا يمكن النظر إلى الإبادة الجماعية من خلال اعداد الشهداء فقط، ولكن من خلال الإبادة الجماعية الفكرية، حيث الهجوم على الهوية الوطنية، والثقافة، والإنجازات التي تحققت في الأدب، والفنون، والفكر السياسي.

لم أتصور أبدا حملة الإبادة الجماعية الفكرية التي تقوم بها اسرائيل، وعن سبق إصرار وترصد بدون شك وتظهر بعدة اشكال ( القيود، والتعذيب، والقنابل) محاولة اقتلاع جذور الشعب الفلسطيني، بغرض الهيمنة عليه، والحط من قدره، وللتخلص من الشعور بالذنب وهي تفعل ذلك ،وللتنفيس عن نفسها يتم التعامل وكأن الضحية غير موجودة .ولذلك أعطت اسرائيل نفسها رخصة لإبادة الشعب الفلسطيني دون تأنيب ضمير أو أدنى أخلاق .
عندما أتحدث عن التفاعل الجدلي بين الذاكرة والضمير وفي ذهني العلاقات بين الهيمنة والخضوع، وكمقاربة أولية ، تنشأ من تلك النقطة تعقيدات ،فقمع ذاكرة المظلومين بالقوة يتطلب أن يكون الظالم مخدر الضمير أو أن ضميره متجمداً ومقموعاً ولا أخلاقيا. لا تمارس اسرائيل النقد الذاتي لنفسها .بسبب سيكولوجية العقل الإسرائيلي المرضية ، والتعود على الهيمنة .
***
كيف عرفت ذلك؟ تنبهت لهذا البعد من الإبادة الجماعية حديثا (كمؤرخ) فلم يجذبني مفهوم "الذاكرة" أبداً الا عند قراءة مقالة الدولة المنبوذة وكتاب حد السيف ، فكيف عرفت اسرائيل ذاتها في طريقها لإقامة الدولة العسكرية . من الموضوعات التي تم تغطيتها في المقالة ، اعمال عازفين(Yehudi and Hepzibah Menuhin)انجذبت لهما ولم اعرفهما سابقا وهذا ضعف مني رغم ان اعمالهما معروفة للمتخصصين هناك قسم عنوانه "إبادة الهوية" يؤشر بدقة على التحليل السيكولوجي للمنطق الإسرائيلي الداخلي، والسلوكيات السياسية والعسكرية الداعية للإبادة الجماعية. أدعو القارئ لدراسة المقالة، ليرى كيفية الانقضاض على الهوية الفلسطينية عن طريق التصفية الجسدية والفكرية، كما يحدث حتى الآن، وعلى مدى عقود في قطاع غزة للفلسطينيين.
كتب جونز (نقلا عن نور مصالحة "النكبة"، 2012) ، ان انكار وجود مجتمع فلسطيني قبل النكبة دعى مؤسسو إسرائيل يتصدون لوجود مجتمع فلسطيني ... وقادت أسطورة عدم وجود مجتمع فلسطيني إلى التطهير العرقي،والتهجير القسري للفلسطينيين (النكبة)، وتم تدمير الأبنية وإعادة تسمية الأماكن و إحلال سكان آخرين بدلاً من السكان الأصليين .وفي المشهد الثقافي تم نهب الممتلكات الشخصية والصور والمصنوعات اليدوية والوثائق التاريخية والمخطوطات والكتب من المدارس والمنازل والمكتبات في عام 1948، من قبل الهاغاناه .وفي عام 1958 دمرت السلطات الإسرائيلية 27000 كتاب معظمها من الكتب المدرسية الفلسطينية قبل عام 1948 ، بدعوى أنها كانت إما عديمة الفائدة أو تشكل تهديدا للدولة. باعت السلطات الاسرائيلية الكتب إلى مصانع الورق.
من الواضح أن إبادة الذاكرة، وأعمال الإرهاب الفكري والجسدي اتسعت واستمرت حتى يومنا هذا. كتب جونز في ملخص: "باختصار أسميها الابادة الممنهجة والمنتظمة للهوية الفلسطينية" وأضيف من عندي وبالاستفادة من مناقشاته، أنه على الرغم من ان الجمع بين ماركس وفرويد إشكالي، الا انه يمكن النظر إلى جنسنة الهيمنة من خلال السخرية، والإفلات من العقاب، عندما يتم مصادرة المعرفة المتراكمة للفلسطينيين. ان قسوة الاعتداء التي تحاول تمزيق نسيج الحياة الفلسطينية وثقافته، وثقته بنفسه تدل ان لدى الاحتلال سادية مازوخية تهدف وعلى وجه التحديد الى اغتصاب الفكر الفلسطيني، بشرط ان يبقى المغتصب مرتاح الضمير، والأمثلة التي يمكن ادراجها: تقدم القوات الكبيرة في عربات مدرعة ضخمة، والجنود الذين تبدو على وجوههم سعادة غامرة غافلين عن الضرر الذي يحدثونه، ثم فرحة الإسرائيليين وهتافهم على سفوح الجبال عندما تضيء الانفجارات سماء غزة ، أو الشكوى من تضحياتهم في مقاهي تل أبيب ، أو الهتاف في غرف معيشتهم عند مشاهدة التلفزيون، وكلها ممارسات دون وعي، تبدو مثل مكان لتصنيع القتلة.
ربما كانت جنسنة الهيمنة غير مهمة عند ماركس والهيمنة (استغلال العمال، والسياسة الخارجية للإمبريالية والطغيان والشهوة الجنسية من الأسس المعرفية للمجتمع الرأسمالي)، ولكن هذا الجانب من الهيمنة لا يمكن التغاضي عنه عندما ينظر المرء إلى السادية في صميم الهيمنة، سواء الأشكال السياسية والاقتصادية.
دون الفهم الذكي للعلاقات بين الهيمنة والتبعية، التفوق والدونية، لن يكون هناك فهم لسيكيولوجية الهيمنة، وسيكون التحليل خارج السياق المجتمعي.

كان فرويد حليف ماركس الطبيعي ويكن له احتراما حتى في نظرية التحليل النفسي ، كما في مبدأ الشهوة الذي يشكل اطارا مهما حول دمج القمع الفردي والمجتمعي.
بالنسبة لي، من المفيد العودة إلى Adorno, et. al., (1950) ، في كتابه الشخصية الاستبدادية ، التوقع الخارق للعقلية الإسرائيلية و(أنا اضع هذا دون مقابل) انها عقلية عسكرية أكثر من أي وقت مضى.

ان فعل الإبادة يتطلب طاقة نفسية. تؤدي الى القضاء على الهوية الفلسطينية ، وابقاء سجل نفسي نظيف للمهيمن/ الظالم، فالظالم لا يشعر بشيء عندما تكون الضحية مجهولة الهوية، بانتظام يتم الحفر في ذهن القوات العسكرية وجزء كبير من الشعب الاسرائيلي أنه في الوقت الراهن، يقتل شخصية كرتونية ثنائية الأبعاد. ومع ذلك، عندما تقوم الضحية بالمقاومة وتكون نداً له، تتدفق السادية مثل الماء فيصبح عنده رغبة في تبديد الشعور بالذنب. أعود، كما في مقالاتي السابقة، إلى الإرث النفسي للمحرقة، التي وصلت إلى أحلك طبقات اللاوعي، ومن ثم تم نقلها إلى الاجيال اللاحقة "دوامة الهيمنة وممارسات الظالم". والتعبير من قبل مؤسسات دولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي.عن ذلك " الأطفال الفلسطينيون القتلى المدفونون تحت الأنقاض شاهد على عظمة الدولة الإسرائيلية".
مترجم
NORMAN POLLACK








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بأمر من بوتين.. روسيا ترسل طوافات وفرق إنقاذ إلى إيران للمسا


.. التلفزيون الرسمي الإيراني: لم تكُن هناك أيّ علامة على أنّ رك




.. صور جديدة لمكان تحطم طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في


.. التلفزيون الرسمي الإيراني: لا توجد أي علامة حياة في موقع حطا




.. شاهد| الصور الأولية لحطام طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيس