الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (6)

مبارك أباعزي

2014 / 8 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


6- محمد سعيد العشماوي والإسلام السياسي:
كان المستشار محمد سعيد العشماوي، مثل صنوه في نقد الخطاب الديني علي عبد الرازق، سليلَ مهنة القضاء، وخبيرا بمزالقها وطرقها الوعرة. انتشر اسمه في أصقاع المغرب والمشرق بعد سلسلة كتب أعدها للنظر في نظام الحكم في الإسلام، بعد كتب أخرى لم تكن تصب في هذا الاتجاه، نظرا للسياق الثقافي الذي لم يكن يستلزم ذلك النوع من النصوص، إذ يشير الدارسون في هذا الصدد إلى أن الباحث لم ينشغل بنقد الخطاب الديني إلا بعد شروع طائفة من الإسلاميين في تنزيل قوانين جديدة، ذات الأصول الدينية، لمحو القوانين الوضعية "الكافرة" المعمول بها في نظام القضاء المصري.
من كتبه الأساسية، كتاب "الإسلام السياسي"، و"أصول الشريعة"، و"الخلافة الإسلامية"، و"العقل في الإسلام"، و"الأصول المصرية لليهودية"، و"العقل في الإسلام"، و"جوهر الإسلام"، و"الشريعة الإسلامية والقانون المصري"، وغيرها. وهذا الركام الكبير من الكتب والبحوث جعل الإسلاميين يضعونه في قوائم الاغتيال، التي كان فرج فودة ضحيتها. ولكن الأقدار أرادت له أن يموت موتة طبيعية مثل نجيب محفوظ الذي كان من الممكن بدوره أن يموت قتلا وغدرا.
في أواخر حياته، انعزل عن المحيط الثقافي بعد الحظر الذي استهدف كتاباته في الجرائد حتى اعتقد الكثيرون أنه مات، لكنه ظهر، قبل وفاته، في الإعلام المرئي بعد اعتلاء مرسي لكرسي الحكم. ويحكى أنه كان ينشر مقالات متسلسلة في جريدة الأهرام عنوانها "الفائدة والربا في الإسلام"، أُوقِفت لأن أصحاب الإعلانات طالبوا بذلك وهددوا أن يسحبوا إعلاناتهم. لهذا لاذ الرجل إلى الصمت ومات بعد سنوات قضاها في الدفاع عن أفكاره ومبادئه واعتقاداته، بعد سنوات ظل فيها حريصا على الكتابة الجادة المنتقدة للمسلمات الفكرية، وإلقاء المحضرات في الجامعات الأمريكية والسويدية والفرنسية وغيرها، بعد حصار أفكاره في بلده.
ويعتبره الدارسون أول من أطلق مصطلح "الإسلام السياسي" الذي راج في الآونة الأخيرة للدلالة على الطائفة الإسلامية التي تسعى إلى تطبيق الشريعة وخلط الدين بالسياسة. ونقرأ له في مقدمة كتابه "الإسلام السياسي" قوله: "أراد الله للإسلام أن يكون دينا، وأراد به الناس أن يكون سياسة؛ والدين عام إنساني شامل، أما السياسة فهي قاصرة محدودة قبلية محلية ومؤقتة. وقصر الدين على السياسة قصر له على نطاق ضيق وإقليم خاص وجماعة معينة ووقت بذاته". ويضيف قائلا: "تسييس الدين أو تديين السياسة لا يكون إلا عملا من أعمال الفجار الأشرار أو عملا من أعمال الجهال غير المبصرين، لأنه يضع للانتهازية عنوانا من الدين، ويقدم للظلم تبريرا من الآيات، ويعطي للجشع اسما من الشريعة، ويضفي على الانحراف هالة من الإيمان، ويجعل سفك الدماء ظلما وعدوانا، عملا من أعمال الجهاد" .
https://www.facebook.com/abaazzi









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي