الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقراط . الرجل الذي جرؤ على السؤال

حسام المنفي

2014 / 8 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مقال أمس حاولنا على قدر المستطاع أن نلقي نظرة عابرة على محنة الفيلسوف اليوناني "أنكساجوراس" الذي تعرض للقمع والإضطهاد بل والنفي خارج أثينا لا لشيء إلا أنه حاول أن يفكر ، ويتسائل ، وينتقد بعض مظاهر الجهل والخرافة التي كانت منتشرة في أثينا في ذلك الوقت . وفي هذا المقال سنحاول أن نسلط الضوء على نكبة أو محنة أخرى وقعت أيضا في بلاد اليونان بعد ثلاثين عاما تقريبا من محنة "أنكساجوراس" ، وهذه المحنة كان بطلها الفيلسوف "سقراط" الذي تجرع السم وسط أصدقائه وتلاميذه و دفع حياته ثمنا رخيصا لما يؤمن به ويعتقد .
وربما كان سقراط يكثر من النقد لألهة أثينا في ذلك الوقت . فقد كان الأثينيون يعتقدون أن الألهة تتصف بصفات بشرية بما تحتوي هذه الصفات من نقائص ورذائل أيضا ؟ فهم يتصرفون كما تتصرف الكائنات البشرية في قوة وعناد ، فهم يغضبون ، ويفرحون ، ويخونون ، ويمارسون غريزة الجنس ، ويقيمون الولائم ويتشاجرون من أجل محسوبيهم من البشر فوق جبل أولمبس الذي يرتفع فوق أجواز الفضاء . وربما كان "سقراط" كثيرا ما ينتقد ، ويسخر ويتهكم على تلك الأفكار والمعتقدات الساذجة التي كانت محل تبجيل وتقديس وما هي إلا محض دجل وخرافة وأوهام .
وفي عام (399 ق . م ) سيق "سقراط" إلى محكمة أثينا ، وقد وجهة له المحكمة تهمة "الكفر والإلحاد وأنه أثم في عدم عبادته للألهة التي تعبدها الدولة ، وفي احلاله ألهة جديدة محل هؤلاء ، وهو فضلا عن ذلك أثم في إفساده الشباب بتعليمهم وفق مبادئه" ومن منطلق هذه التهمة حكمت المحكمة على "سقراط" بالإعدام ، وبالفعل قد نفذ الحكم بعد منطوقه في نفس العام رغم أنه دافع عن نفسه كثيرا محاولا أن يرد عن نفسه تلك التهم ولكن عبثا كانت محاولاته وبالفعل قد نفذ الحكم في نفس العام وقد تجرع السم وسط أصدقائه وتلامذته .
ولكن ما الإثم الذي اقترفه "سقراط" إذن ؟ هل أخطأ عندما كان يفكر ، ويتسائل ، وينتقد ، ويتشكك ، هل الفكر جريمة في شريعة سدنة الأديان الذين يتخذون من الدين تجارة ويضعونه وفقا لقواعد الربح والخسار ؟
ولكن السؤال الأهم . هل كان سقراط مخطأ عندما "انتقد وتشكك" في القيم والمعتقدات التي كانت سائدة في ذلك الوقت في مجتمعه ، أم أنه كان على صواب؟ ويمكن أن نطرح السؤال بصيغة مختلفة . ماذا ستفعل "أنت" يا من ستقرأ هذه السطور وماذا سيكون موقفك لو الأقدار ساقتك إلى موقف مشابه لموقف سقراط . ستنطفض ، وتعترض وتجأر بالحقيقة وتقف أمام مروجي الخرافة والدجل من رجال دين ورجال سياسة وغيرهم ممن يتسلطون على عقول البسطاء كما فعل هذا البطل ومهما كانت عواقب وتبعات موقفك هذا ، أم ستختار أن تكون ذليلا خانعا منهزما أمام سلطة المجتمع ؟ أنا شخصيا اخترت أن أكون "سقراط" جديدا فهل منكم أحدا يرغب أن يكون سقراط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبدالله خلف ( 2014 / 8 / 20 - 00:20 )
المؤكد أن (سقراط) كان مؤمن بوجود (إله خالق) للكون , و لم يكن ملحد , و الحقيقه هي : أن الإلحاد مكانه أن يُعالج في عيادات الطب النفسي :
- يقول عالم الفلك (فريد هويل ) في كتابه mathematics of evolution p.130 : (في الحقيقة كيف لنظرية علمية واضحة جداً تقول أن الحياة جمعها عقل ذكي ومع ذلك فإن الشخص يتعجب ويتساءل، لماذا لا يقبلها بشكل واسع باعتبارها بديهية ‍‍‍…لكن أغلب الظن أن الأسباب نفسية أكثر منها علمية) .
- كتب العالم النفساني الشهير (كارل يونج) قائلا : (كل مرضاي يبحثون عن نظرة دينية إلى الحياة) .
المصدر : (عندما دقت الساعة صقرا) لـ(جون تيلر) .


2 - صباح الخير لجميع الطيبين
حازم الحر ( 2014 / 8 / 20 - 05:47 )
مقال رائع اخي حسام
كنت ليلة امس مع مجموعة من الاصدقاء وجرنا الحديث كالعادة لموضوع الاديان ولايمان وهم يعرفون موقفي وانكاري لجميع الاديان وسالني صديق يدعي التدين لماذا لا تحتفظ بافكارك لنفسك ولماذا تنتقد الاديان وتعرض نفسك للمخاطر والانتقادات ؟وبدأ نقاش نناقشه منذ سنوات ولم ولن نتفق .. وفي المرة القادمة ساقول له انا سقراط جديد


3 - عند الامتحان يكرم المرء او يهان!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 8 / 20 - 06:50 )
اذا كنت انت اخترت ان تكون سقراط وهنا نحيي فيك هذا التهم المعبر عن التمسك بالحقيقة مهما كان الثمن الا ان الاكثرية يقولون ما لا يفعلون وهنا نقول مثل ما قال الطغرآئي:

تعيرنا ان قليل عديدنا *** فقلت لها ان الكرام قليل.
نتمنى لك التوفيق.

اسم على مسمى.

اخر الافلام

.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا