الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصلة رقصٍ شرقي

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 8 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بعد عدة أيام سيأتي عيد ميلادي المجيد..ذلك اليوم الذي قررت فيه والدتي بكل قسوة أن تتخلص مني كمستأجرةٍ ثقيلة الوزن كما الظل لرحمها لكي تلفظني خارجه..و لعلك تتساءلين ماذا أريد منكِ أن تهديني في ذلك اليوم..لن أكون متطلبةً كثيراً كما كنت في الأعوام الماضية بل سأكون متواضعة دقيقة مُركزة في أهدافي..ماذا أريد؟؟..أريد أن ترقصي لي..ماذا؟؟..طلبي مثير للشبهات؟؟..لا أعلم لم أصبحت علاقتنا ترتكز مؤخراً على كمٍ هائل من انعدام الثقة و التشكك في قواي العقلية!!..و لكن لا بأس أتبعيني لأشرح لك "ملائكية" أهدافي.

يا عزيزتي الرقص ليس وسيلة تعبير عن أمرٍ جنسيٍ فقط كما سيتبادر إلى ذهنك..فالرقص أمرٌ أكثر تعقيداً و رمزية..فالرقص نشأ منذ الأزل كوسيلةٍ تعبيرية للتقرب إلى الرب..أي أن البشر منذ بدء الخليقة آمنوا أنهم بأجسادهم يرسلون رسائل تعبدية للرب فيمنحهم حباً أو يكف عنهم غضباً أو يجيب لهم سؤالاً.

الرقص أيضاً أُستخدم كوسيلةٍ لتخويف و طرد الأرواح الشريرة و الشياطين من حولنا..فأنتِ بجسدكِ الراقص تصارعين الشيطان فإن أجدتِ الرقص غلبته و إن لم تفعلي غلبك و استحوذ هو عليكِ..و هكذا تجدين أن الرقص جمع النقيضين معاً..فهو كُرس لتوصيل رسالةٍ إما للرب أو للشيطان و هذا الأمر لا يُدنسه بل يجعله أمراً أكثر إغراءاً لتختاري بينهما أيهما إليك أقرب!!.

ماذا عن الألم؟؟..ألا نرقص عندما نتألم؟؟..أليست رقصة الفلامنكو تعتبر من أشهر أنواع الرقص المُعبر عن الألم و الغضب؟؟..تلك الرقصة التي يعتمد الراقصون فيها على الضرب بكعوب أقدامهم بمنتهى القوة على الأرض..تلك الأرض التي سُلبت منهم يوماً ما فلم يبق لهم إلا أن يضربوا الأرض ألماً و غضباً على أمل العودة إلى امتلاكها من جديد.

حتى عند الحرب كان أجدادنا يرقصون قبل المعركة لشحذ الهمم بقصصٍ لا يمكن التعبير عنها إلا بالرقص..قصصٌ تجسد عن طريق تمايلهم الجسدي الرجولي عشرات الملاحم و المآسي التي تحدث في الحروب..و لكنها لا تمنعهم من خوضها بل تكون حافزاً لهم للاستمرار فيها كما بطلٍ إغريقي يسير حثيثاً نحو نهايته.

ألا نرقص عند الفرح كما عند المطر؟؟..ألا يحرضنا المطر على الرقص بطريقةٍ غريبة؟؟..و لكننا للأسف لا نستجيب لغوايته تلك..فنستعيذ بالرب ليمنحنا القوة لكي نحرم أنفسنا من تلك اللذة لأننا لا نطيق نظرات الآخرين لنا لو فعلناها و رقصنا تحت المطر بكل نشوةٍ بنا و به.

من المضحك كيف كنا في البدء نرقص على أنغام مسلسلات الأطفال المفضلة لدينا دون الخوف من أعين الآخرين و إسقاطات غرائزهم على أجسادنا..و من المؤلم كيف أننا كلما نكبر قليلاً يبدأ من هم حولنا في تلقيننا ثقافة "العيب" فتصبح أجسادنا مشاعاً و لكن ليس لتحريرها من تلك الثقافة بل مشاعاً لكل من يرغب في مزيد من التلقين لتلك الثقافة لنا و لها و لإثقالنا كما لإثقالها بسلاسل تفوق السبعين ذراعا.

صرحتي لي أكثر من مرة أنه تجتاحكِ أحياناً رغبةً في الرقص عندما نكون سويةً و لكنك تقيدينها بسلاسل ٍ من التاريخ الجمعي و الذي يقيدنا تجاه أجسادنا و رغباتها..لهذا في هذا العيد أرغب في أن تتحرري و لو لدقائق من تلك السلاسل التي تثقل كاهل أجسادنا كما جسدك..تلك السلاسل التي لا تسمح لنا بالرقص إلا في حضور طرفٍ ثالث أو في حضور جماعةٍ تؤدي طقساً اجتماعياً ما..فلقد شاهدت جسدكِ و هو يتحرر من تلك القيود ذات يوم في حفل زفاف و لا أنكر أني تمنيت أن يكون جسدكِ كذلك دوماً متحرراً من كل شيء و أي شيء..يرقص و كأني بك تحركينه للمرة الأخيرة..بمنتهى الحب و الاستلذاذ به و بما يفعله بك و بمن حولك..تستشعرين الجمال الذي ينبعث منك و منه فيغمرني كما يغمر من هم حولك..فهل سترقصين لي؟؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من إدارة الطيران الأميركية بسبب -عيب كارثي- في 300 طائ


.. استشهاد 6 فلسطينيين بينهم طفلتان إثر قصف إسرائيلي على منطقة




.. كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي على إعلان القسام أسر جنود في ج


.. قوات الاحتلال تعتقل طفلين من باب الساهرة بالقدس المحتلة




.. شاهد: الأمواج العاتية تُحدث أضراراً بسفن للبحرية الأمريكية ت