الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغز القلق

اسعد الامارة

2005 / 8 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


رغم كل التحضر والتكنولوجيا والانتقال الى عصر عالم الاتصالات،فأن الانسان يحتل مكان الصدارة في الوجود الانساني ، حتى بات انسان اليوم محور كل ذلك التطور،فهو صنع الكل وطور الاصول وانتج التكنولوجيا العالية ولكن الصورة الاخرى لهذا الانسان التي اكتسبت الثقل والاجماع والتي كانت احد اهم اسباب توافقه مع الجديد وتكيفه مع الاحداث،ظلت نجاح الصورة الجسدية الظاهرة للعيان متكاملة الإ ان ما يجري في داخله هو الاعظم،وهو اللغز الذي لم يحل بعد،فهو يقول دائماً:

انا افكر اذن انا موجود
انا موجود اذن انا قلق
وبضرب الوسطين في الطرفين وهي معادلة علمية يكون الناتج:
انا افكر اذن انا قلق

لم يعد من شك اذن ان انسان اليوم يفكر بعمق حتى طور هذه الحضارة وبها سارت ارقى تكنولوجيا في عصر ما بعد عالم التقنية الى عالم الاتصالات وبما انه يفكر اذن انه قلق،ويهمنا الان ان ننعم النظر في كيفية نشوء القلق،وما هو القلق،وهل كان القلق دافعاً عظيماً للانجاز ام عاملا محبطاً يسحب صاحبه نحو المرض والاضطرابات النفسية الاخرى شيئا فشيئاً ومن ثم يربك حياته باكملها حتى يحيلها الى جحيم،ام يواكب هذا التطور حتى يتسارع مع خطواته لكي لا يبقى متخلفاً عن تكنولوجيا عالم اليوم..انه القلق بكل اشكاله!!
يوصف القلق بأنه خبرة وجدانية غير سارة يصاحبها حالة من التوتر والاضطراب وعدم الاستقرار احياناً مع الخوف وتوقع الخطر،وتنشأ هذه الخبرة ليس كسائر الانفعالات الاخرى وانما تنشأ بطريقة اخرى مغايرة،منها تأثير منبه يكون بمثابة انذار بفقدان التوازن بين الفرد وعالمه الخارجي المتمثل في البيئة،لذا كان فرويد اول من تناول القلق بشكل مفصل وموسع وعدَهُ المشكلة الاساسية لاي عرض مرضي وقال: بانه شئ ما يشعر به الانسان او حالة انفعالية نوعية غير سارة لدى الكائن العضوي ويتضمن مكونات ذاتية وفسيولوجية وسلوكية.اما(د.احمد عكاشة)فرأى في القلق بأنه استجابة انفعالية عامة للمشقة والضغوط الحياتية،والقلق شعور او احساس بالفزع او الرهبة او الهواجس وهو شعور غامض غير سار بالتوقع والخوف والتحفز والتوتر مصحوب عادة ببعض الاحساسات الجسمية،ياتي من نوبات تتكرر لدى نفس الفرد.
اما من الناحية الاخرى لهذه الانفعالات غير السارة فيرى علماء النفس ان القلق في ظل ظروف خاصة يعد مصدراً من مصادر الدافعية ويقود صاحبه الى ان يوجهه نحو الهدف الامثل حتى يتحقق كل ذلك بتفوق وتميز ملحوظ،وهنا يعد القلق باعثاً وحافزاً على السلوك لكي يدفع صاحبه نحو الاحسن، وهناك العديد من الامثلة في حياتنا اليومية.
تؤكد اساسيات علم النفس الكلينيكي ان التوافق الجيد يقتضي توفر قدراً معقولا لا بأس به من القلق المثير للدافعية ويكون بنفس الوقت معين على حل المشكلات وتجاوز العوائق،فاذا ما فقد احدنا السيطرة على التحكم في مستوى القلق الذي ينتابه او حفزاته التي تربك التوازن النفسي فأنه يعوق التوافق ويقود الى اثار سلبية ولا نغالي كثيراً اذا قلنا انه لو استمر فترة اطول يصبح مرضاً نفسياً(عصابياً)بعد ان كان عرضاً مرضيا وهو نذير لمرض لاحق ،اي يسبق المرض،فالقلق يظهر في عدة صور اهمها صورة الاعراض الجسدية(الجسمية)المختلفة ذات الاسباب النفسية،وهو ما يعرف اليوم بمرض الحضارة.
ويبقى القلق لغزاً اذا ما صاحب حالة الفرد، الخوف والهلع حيث يبدو التوتر الشديد والقلق الحاد المصحوب بكثرة الحركة هي العلامات المميزة لسلوك البعض،فعدم القدرة على الاستقرار والثبات عند الجلوس حتى تبدو الاطراف السفلى في حالة اهتزاز بدون توقف وبدون ان يستطيع الشخص القلق التحكم فيها فضلا عن سرعة التنفس والكلام السريع واحياناً غير المترابط وخصوصا عندما يكون الموقف قوياً يؤدي الى جفاف الحلق واتساع حدقة العين وشحوب الجلد والارتجاف الشديد للذراعين اوالساقين ولا يحتاج الامر الى تشخيص مثل هذه الحالات من قبل طبيب مختص وانما يدركها اي فرد خارجي.
ان ما يميز الشخصية القلقة التي يشعر صاحبها بعدم الاتزان دائماً بانه يشعر بالرعب الحاد وعدم السكون والحركة المستمرة مع تقلص واضح في العضلات مع الارتجاف وظهور العرق البارد الغزير،هذا النوع من القلق يدعى القلق المرضي حتى يصل احياناً بالشخص في مثل هذه الحالة بفقدان معرفة المكان واضطراب معرفة الزمان ،وكثيرا ما يعترض الشخص القلق على لحظات الهدوء او السكون التي يوفرها المقربين له فنراه يندفع بشكل مفاجئ او يجري بسرعة بدون هدى،ولا يعرف اين يريد الذهاب وخصوصاً في المواقف المفاجئة الضاغطة او المواقف الناتجة عن احداث المعركة او الحروب حتى يتحول الى حالة عصاب الحرب ،واقرب الامراض التي تصيب حالة الاشخاص في المواقف القلقة الحادة هي مرض الهستيريا.
ترى الدراسات النفسية ان مصادر القلق الحاد او المرضي لدى الكبار ناتجة من حالات مثل:

- التهديد الذي يمس سلامة الفرد وسلامة الاسرة والاطفال
- الظروف التي يتحمل فيها الفرد مسؤولية كبيرة لم يتعودها سابقاً وتزيد اعباءها اكثر من طاقته التحملية
- الشعور بالنقص عند البعض والذي ينتج عنه الاقلال من قيمة الذات والتحقير لها
- المواقف الحياتية التي تهدد وجوده
- المواقف الصادمة المفاجئة عند حدوث هول او حادثة ادت الى فقدان عزيز فجأة

اننا حينما نصف حالة القلق،نصف الشعور به،فهو على العكس تماماً من شعور يعبر عن ضرورة حياتية تدفع الفرد في بعض الاحيان الى سلوك معين للحظات تغيب فيها السيطرة على النفس ثم يعود الى حالته الطبيعية، نتحدث عن الحالات التي تتجاوز المقادير السوية الطبيعية للقلق،حتى يؤدي في احيان كثيرة الى معاناة البعض من هذه المواقف الحياتية الضاغطة.
ان هؤلاء الافراد الذين يخبرون تجربة القلق الحاد في المواقف الحياتية العديدة يميلون الى الظهور دائماً بمظهر عدم الارتياح وتبدو منهم ردود افعال تجاه اي موقف كان بسيطاً او كبير من الضغط النفسي ويطلق على هذا النوع اسم القلق الحر العائم ويقول علماء النفس انه لا يمكن اقتفاء اثره واسبابه او يمكن الوصول الى جذوره ومن الملفت للنظر ان جميع حالات التوتر العضلي والاضطرابات الهضمية والصداع كلها من المظاهر الجسمية المصاحبة لهذا القلق حتى ان التركيز يتأثر باعراض هذا القلق وكذلك يضطرب النوم فيصاب البعض بالارق والتعب والتوتر المزمن حتى يؤدي الى تقليل فعالية ونشاط معظم الشخصيات القلقة ويقول فرويد ان القلق هو المادة الخام لكل الامراض النفسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يتظاهر المعارضون لخدمة التاكسي الطائر في باريس؟ • فران


.. إسرائيل - حزب الله: أخطار الحسابات الخاطئة • فرانس 24




.. أحدها انفجر فوق شاطىء مكتظ.. لحظة هجوم صاروخي أوكراني على جز


.. بوريل يحذر من أن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع م




.. روسيا تستدعي سفير الولايات المتحدة للاحتجاج على استخدام القو