الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعاطفٌ مشروط

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 8 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتفاخر المسلمون كثيراً بالربط بين الإسلام و السلام..بين الإسلام و الرحمة..بين الإسلام و الإنسانية..و لكن تأتي كل بضعة أشهر لحظةٌ تقوم بتعرية معظم المسلمين و مدى تماديهم في خداع النفس كما في مدى جهلهم بالمعنى الحقيقي للدين الذي يعتنقون و به يُفاخرون.

حادثتان متقاربتان في الفترة الزمنية..و لعله الرب الذي أراد لنا أن نشاهد تلك المفارقة المؤلمة لنشاهد العُري الأخلاقي كما الإنساني و الذي يعيش في ظلهما المسلمون بشكلٍ عام..حادثتان كان أبطالهما مسلمٌ سني في غزة و إنسانٌ إزيدي في سنجار..لا يربط بينهما سوى خيطٌ رفيع و لكن يفصل بينهما حسب وجهة نظر الكثيرين الوزن الفعلي لأرواح كُلاً منهما.

ففي غزة قامت قوات الجيش الإسرائيلي بعملية الجرف الصامد انتقاماً من خطف و قتل ثلاثة مراهقين إسرائيليين..حماس المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في غزة لم تعتذر عن عملية الاختطاف و القتل تلك و لم تقم في ذات الوقت بتسليم القتلة للطرف الآخر لتتم محاكمتهم..مما ترتب عليه الحكم على أهل غزة جميعاً بالقتل و التنكيل الذي لا تكترث كثيراً حماس لحدوثه..فأغلب قياداتها المهمة تعيش في دولةٍ خليجية بلا أي قيود من أي نوع بل و ترفل بنعيمٍ لا يتخيل وجوده أغلب الفلسطينيين الذين يقضون نصف يومهم في التنقل بين الحواجز الإسرائيلية.

و بعد أن تعنتت حماس بدأت المجزرة..و بدأ ملك الموت يحصد المسلمين هناك..و بدأ العالم الإسلامي كما تعودنا منه دوماً بالبكائيات المزعجة التي حلت محل "المواقف" التي يعجز قادته كما مواطنيه على القيام بها..و لكن رغم حالة العجز المعتادة تلك قام المسلمون بأكثر أمرٍ يجيدونه أي التحدث بإسهاب عن المجازر الإسرائيلية في حق المسلمين في غزة في أغلب المحافل الدولية و وسائل الإعلام بكل أنواعها..الإعلاميون السياسيون الشخصيات العامة و بالطبع رجال الدين الجميع تحدث عن فظاعة و قسوة ما قام و يقوم به الإسرائيليون تجاه المسلمين في غزة.

و لكن في ذات التوقيت تقريباً كان هناك من يُنَّكل به و تتم المجازر في حقه..إنهم أتباع الطائفة الإزيدية في العراق..تلك الطائفة المسالمة دوماً..و لكن رغم تلك السلمية المعروفة عنهم لم يكترث لأمرهم العالم الإسلامي الذي يتبع نسبة كبيرة من أفراده المذهب السني..و لم يكترث أحد بشكلٍ كافي ليتحدث في المنابر الدينية كما الإعلامية و بشكلٍ مطول و ممل كما حدث عند حدوث المجازر في غزة..و لم أرى تلك الشخصيات العامة و لا حتى الدينية و لا السياسية تتحدث عنهم أو تتعاطف معهم علناً..و بالرغم من أن هناك نسبة لا بأس بها تكره القتلة أي تنظيم داعش لكن كراهيتها تلك لم تصل حد التعاطف مع الضحية فهي في نهاية الأمر ترتبط مع القاتل بمذهبٍ واحد.

و كالعادة كان العالم الغربي فقط هو من اكترث و هو فقط من تعاطف و هو فقط من وفر المساعدات الإنسانية و الغطاء الجوي لإنقاذ البشر هناك..ذلك العالم الذي ينخره الإلحاد و العلمانية و المثلية الجنسية و التحرر الجنسي و لكنه رغم كل ما يسِمه المسلمون به تفوق عليهم إنسانياً و كأني بذلك المجتمع الغربي يتبع تعاليم الرسول الكريم محمد أكثر من أتباعه هو شخصياً.

قد يكون اكتراث المسلمين لأمر غزة دون سنجار مرجعه اختلاف عقيدة الضحايا..و قد يكون سبب عدم الاكتراث هو القيمة السياسية لكل طائفة خاصة و أن حماس تعتبر الجناح السياسي لتنظيم الإخوان المسلمين في فلسطين..و هنا نجد أننا نواجه حقيقة أن المسلم عندما يتبع منهجاً سياسياً معيناً تصبح قيمة الآخر في نظره على الأغلب تُقاس بحجم الاستفادة السياسية منه فقط و دون إيمانٍ حقيقي منه بتلك الديباجة المكررة عن كون سبب تعاطفه مرجعه أن دينه هو دين السلام و الرحمة و الإنسانية الرافض للوحشية تجاه أي إنسان.

المسلمون يُطالبون الآخرين دوماً و بإلحاحٍ مزعج أن يتعاطفوا مع قضاياهم و حقوقهم التي "قد" تكون مشروعة و لكنهم لا يُمارسون ذات الأمر تجاه الأقليات التي بين ظهرانيهم..فتعاطف المسلمين تجاه من يختلف عنهم ديناً أو حتى مذهباً ما هو إلا تعاطفٌ مشروط..تنتفي من حقيقة وجوده الإنسانية و الرحمة و احترام حقيقة إنسانية ذلك الآخر.

و لكن و رغم قسوة تلك المجازر على الروح فلقد أضحكتني جداً عبارة انتشرت مؤخراً في مواقع التواصل الاجتماعي و أصبح الجميع يرددها كالببغاء بكل فخرٍ هش لا أساس قوي لوجوده و استمراره سوى الرغبة في الاستفادة سياسياً بأكبر قدرٍ ممكن من عملية قتل الآخرين..تلك العبارة كانت من كلمتين فقط و هي "كلنا حماس"..فبالرغم من دفن الإزيديين أحياء كما قيل و بالرغم من سبي نسائهم و بالرغم من الصور المرعبة للناجين من تلك المذابح و التي تظهر بوضوح مقدار الرعب الذي تعرضوا له لم يخبرنا أحدهم و لو مداهناً أنه "كلنا الإزيديون"..و لعل سبب ذلك أن المسلمين يمارسون دوماً التعاطف الإنساني مع الآخر وفق شروطهم الخاصة و ربما سيظلون كذلك و ربما أيضاً لهذا السبب لم و لن يتعاطف معهم الآخرون في مآسيهم و ما أكثرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أنتم الأعلون
مهاجر ( 2014 / 8 / 23 - 14:44 )
أنها ثقافة أنتم الأعلون ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) آل عمران 139 .

أنها لوصمة عار لما حدث لهؤلاء الإيزيديين المساكين تحت راية الإسلام واماطت اللثام حول تلك التعاليم الزائفة حول الرحمة ، ولن يستطيعوا إعطاء أي مسوغ لهذه الجريمة ، الجديد بالموضوع أن هذه العمل الشنيع قد وثق بالصورة والصوت عن طريق جميع وكالات الأخبار العالمية كي ترى الأجيال القادمة أسطورة وأكذوبة (( رحمة للعالمين )) .

المسلم الملتزم لا يكترث كم مات من البشر لأنهم لايقدسون الحياة بل يكترث أكثر في كيفية تبرير الجرائم الإنسانية والأخلاقية بإسم الدين وتحويلها إلى رحمة من (( رب )) العالمين .

دمتم بخير


2 - تعليق1
عبد الله خلف ( 2014 / 8 / 23 - 23:11 )
• الآيات القرآنيه محسومه سلفاً , فهي آيات دفاعيه , راجع :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=48678
• نصوص مسيحيه مُقدسه -مثال- :
- (وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُل وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْل وَشَيْخٍ، حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ) .
- (فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلاً وَحِمَارًا) .
لاحظوا الساديه في الإله المسيحي : أوامر بقتل (النساء + الشيخ + الطفل + الرضيع) حتى الحيوانات لم تسلم من ساديته , فها هو يأمر بقتل (البقر + الجمل + الحمير + الغنم) , يعني : دماء البشر لم تكفيه و يريد إراقة دماء الحيوانات؟... ما هذه الساديه؟! .

يتبع


3 - تعليق2
عبد الله خلف ( 2014 / 8 / 23 - 23:11 )
• العدل ينسف الإلحاد :
العدل هو وضع الشيء في محله , و محل الأحداث في عالم الإلحاد, هو نفس المحل الذي تحدده القوانين الفيزيائية. و بما انه لا توجد ذرة تخالف تلك القوانين, إذاً كل حدث في الكون المادي قد وُضِع في محله المادي. و لذلك لا يوجد في الفكر الإلحادي ولا في الكون المادي ظلم. فمن أين جئت بمفهوم العدل أيها الملحد؟ .

اخر الافلام

.. على وقع الحرب في غزة.. حج يهودي محدود في تونس


.. 17-Ali-Imran




.. 18-Ali-Imran


.. 19-Ali-Imran




.. 20-Ali-Imran