الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من البنا إلى البغدادي

محمد سيد رصاص

2014 / 8 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



في آبأغسطس1904كتب ليون تروتسكي في كتابه"مهامنا السياسية" منتقداً نظرية التنظيم الحزبي التي قدمها لينين قبل عامين في كتاب"ماالعمل؟":"إن مخطط لينين التنظيمي يناسب حزباً ينوي الحلول محل الطبقات العمالية والعمل باسمها بالوكالة ...في استبدالية وقائممقامية....طريقة لينين تؤدي إلى أن تحل منظمة الحزب محل مجمل الحزب ثم تحل اللجنة المركزية محل المنظمة ويحل الديكتاتور في الأخير محل اللجنة المركزية."،ثم يتنبأ تروتسكي بالدم الذي سينتج عندما تصل (الطليعة الحزبية) إلى السلطة ،متوقعاً بأن يكون البلاشفة مثل اليعاقبة وروبسبيير الذين استعملوا المقصلة أثناء حكمهم بعد الثورة الفرنسية:"كان عليهم أن يرسموا حدوداً بينهم وبين سائر العالم وقد رسموها بشفرة المقصلة..كل محاولة لمحو هذه الحدود بين اليعقوبية وسائر العالم كانت تهدد بتحرير قوى داخلية نابذة للمركز..كان لدى روبسبيير وأصدقائه فكرة ماورائية عن الحقيقة...واليعاقبة لم يوفروا حياة البشر لإقامة قاعدة تمثال لحقيقتهم وكان يقابل ايمانهم المطلق بفكرة ماورائية حذرهم المطلق من الناس الأحياء"(اسحق دويتشر:"النبي المسلح"،المؤسسة العربية،بيروت1981،ص116-118): في حالة روبسبيير وستالين كان الدم الذي أراقه رجل السلطة ناتجاً عن ايمان بفكرة مرسومة مسبقاً في ذهن(الطليعة)أراد من اعتبر نفسه من الأخيرة تطبيقها عبر الوصول للسلطة،وقد اعتبروا أن المجتمع الجديد المأمول هو في وضعية البناء الذي سيبنى عبر هذه الطليعة التي آمنت بأنها المهندس ،وبأن المجتمع والأفراد عجينة أومادة اسمنتية هم من سيصيغها من جديد ويعيد بنائها وفق المخطط المرسوم. كان العنف وسيلة وهو أيضاً طريقة وقائية لافشال أوإزاحة العوائق من الطريق.لم تؤد مقصلة روبسبيير إلى سلسلة شبيهة بعده في الثورة الفرنسية،ولكن في الحركة الشيوعية العالمية كان ستالين هو الابن الشرعي لنظرية لينين في "مالعمل؟"،والدماء التي سالت للملايين بسبب اضطهاده كان لها مثيل عند الشيوعيين الحاكمين الآخرين، الذين آمنوا مثله بنظرية(الطليعة الحزبية)،مثل ماوتسي تونغ وكيم إيل سونغ وبول بوت.
عند ( الاسلام السياسي)هناك شيء مشابه لليعاقبة والبلاشفة:هناك فكرة شمولية جاهزة ومعطاة:"الاسلام معنى شامل ينظم شؤون الحياة جميعاً"(حسن البنا:"مجموعة الرسائل"،دار الأندلس،بيروت 1965،ص100-101)فيها كل الأجوبة وتشمل جميع المجالات:"الاسلام عبادة وقيادة،ودين ودولة،وروحانية وعمل،وصلاة وجهاد،وطاعة وحكم،ومصحف وسيف"(البنا:"مذكرات الدعوة والداعية" نسخة pdf:forum.roro44.com/269574.html 324صفحة،ص173) و"القرآن الكريم يقيم المسلمين أوصياء على البشرية القاصرة ويعطيهم حق الهيمنة والسيادة على الدنيا لخدمة هذه الوصايا النبيلة"("مجموعة الرسائل"،ص127):لايتكلم حسن البنا (الذي أسس "جماعة الاخوان المسلمين" في آذارمارس1928)مثل لينين عن (طليعة) ،ولكن ضمناً من الواضح أنه يعتبر أن (الاخوان المسلمون)هم كذلك،كما"المسلمين أوصياء على البشرية القاصرة"، في وضعية(الطليعة) و(الوصي)على المجتمع المسلم من أجل"تحقيق الفكرة التي ملكت على نفسي وهي فكرة الدعوة إلى الرجوع إلى تعاليم الاسلام"("مذكرات.."،ص69)ويعتبر (الاخوان المسلمون)في وضعية المسلمين الأوائل الذين هم(الأصل- النبع):"إننا نتحرى بدعوتنا نهج الدعوة الأولى ونحاول أن تكون هذه الدعوة الحديثة صدى حقيقياً لتلك الدعوة السابقة"("مجموعة.."،ص74-75).كان هناك حاجة إلى جسر للوصول بأفكار البنا إلى ذروتها المنطقية:في عام1941قدم أبوالأعلى المودودي في الهند عبر كتابه"المصطلحات الأربعة في القرآن:الإله والرب والدين والعبادة"(نسخة ألكترونية pdf:ahlalhadeeth.com/vb/showthread.php?t=36059 63صفحة) التنظير الأساس ل(الاسلام السياسي) من خلال مفهوم(الحاكمية)التي تأثر بها سيد قطب والخميني ومحمد باقر الصدر:"القرآن يجعل الربوبية مترادفة مع الحاكمية والملكية sovereignty"(ص43)و"كلاً من الألوهية والسلطة تستلزم الأخرى"(15) و"الألوهية تشتمل على معاني الحكم والملك" (17)و"أصل الألوهية وجوهرها هو السلطة سواء كان يعتقدها الناس من حيث أن حكمها على هذا العالم حكم مهيمن على قوانين الطبيعة أومن حيث أن الانسان في حياته الدنيا مطيع لأمرها تابع لإرشادها وإن أمرها في حد ذاته واجب الطاعة والإذعان"(ص13).
كانت فكرة المودودي عن(الحاكمية) أن الله حاضر وحاكم من خلال (النص القرآني) والبشر المؤمنون مكلفون بذلك :رأى سيد قطب أن عملية إقامة (حاكمية الله) ،في ظل ال"المجتمع الجاهلي" الذي هو "كل مجتمع غير المجتمع المسلم..إنه هو كل مجتمع لايخلص عبوديته لله وحده..وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار(المجتمع الجاهلي)جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلاً"(سيد قطب:"معالم في الطريق"،مكتبة وهبة،القاهرة1964،ص120)،منوطة ب "طليعة تعزم هذه العزمة،وتمضي في الطريق..ولابد لهذه الطليعة التي تعزم هذه العزمة من(معالم في الطريق)،معالم تعرف منها طبيعة دورها ،وحقيقة وظيفتها،وصلب غايتها،ونقطة البدء في الرحلة الطويلة"("معالم.."،ص10-11): عند الخميني كان ذلك عبر إقامة سلطة(الولي الفقيه) منذ كتابه"الحكومة الاسلامية" الذي كان مجموع دروس ألقاها في النجف بشهر كانون ثاني1970،وعند باقر الصدر عبر (حزب الدعوة)المؤسس في عام1959.
اجتمعت (الحاكمية) بالتوازي والتضاد مع (المجتمع الجاهلي)،وبالتوازي كانت فكرة (التكفير):كان هناك طريق من البنا إلى سيد قطب ولكن عبر المودودي. بالمقابل كان هناك طريق من سيد قطب إلى أيمن الظواهري عبر التأثر المباشر بأفكاره وكان هناك طريق من سيد قطب إلى أسامة بن لادن عبر طريق وسيط هو الإخواني الفلسطيني- الأردني عبدالله عزام. التقى بن لادن والظواهري على تأسيس تنظيم"قاعدة الجهاد" في شباطفبراير1998. كان هناك طريق مباشر من ابن لادن- الظواهري في أفغانستان استجلب "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين"،بقيادة أبومصعب الزرقاوي وأبوأيوب المصري،الذي بايع ابن لادن . بعد مقتل الزرقاوي في حزيرانيونيو2006وأبوأيوب المصري في نيسان/إبريل2010أتى أبوبكر البغدادي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah