الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عباس شعيّع يمتلك مفاتيح الحل

مفيد بدر عبدالله

2014 / 8 / 26
المجتمع المدني


صباح يوم الجمعة من كل اسبوع أذهب(لسوق الطيور) الكائن في البصرة القديمة، حاملا معي مجموعة من اسماك الزينة لأبيعها لأصحاب المحال، فما أتقاضاه من راتب شهري لا يكفيني سوى لأسبوعين لا أكثر، الجمعة الماضية قصدت محل صديقي "عباس شعيّع"، نناديه بهذا الاسم تميزا له عن الاخرين الذين يحملون اسم عباس الشائع في البصرة، وانا في طريقي له أتصلت به واخذت اصف له الوان الاسماك واحجامها وفق مقاييسنا ومعاييرنا، فنحن العاملون في هذا المجال، نعتمد الكف و الاصبع والعقدة في الوصف، فنقول عنها "كفيات" ونقصد بان الاسماك بحجم الكف او اصبعيات ونقصد بطول " السبابة" هكذا جرى العرف، أما الصغيرة منها فنصفها معتمدين على عقد اصبع السبابة، فنقول عقدة او عقدتين .
وصفت لعباس الاسماك التي أحملها له وكانت بحجم الأصبع، فلقد طابقتها قبل خروجي من المنزل على أصبعي (السبابة)، فأبدى ارتياحه لأحجامها وسعرها، لكني بعدما وصلته وشاهد الاسماك انبني تأنيبا كبيرا، بعد ان طابق الاسماك على اصبعه ووجدها لا تصل ثلثيه ، كون اصبع صديقي عباس يقترب من ضعف طول أصبعي، وهنا وقعنا بمعضلة وان المشكلة صارت رغما عنا، وأن كلانا لم يكذب، وبعد صمت محيّر، بادر صديقي عباس ضاحكا بالقول قبلت الشراء بالسعر الذي اتفقنا عليه وسأضحي هذه المرة شريطة ان تذكر في المرة القادمة تفصيلا ادق وتحدد فيما أذا كانت الاسماك بطول أصبعك أم أصبعي، فالاختلاف بينهما كبيرا، كلامه وضحكته جعلتني أشعر بخجل كبير، وتمنيت أكون أنا المبادر بتخفيض السعر، حاولت استقطاع جزء من المبلغ لأعيده اليه لكن دون جدوى.
هذه الحادثة مرت بسلاسة ويسر ولم تترك اثرا على علاقتنا، فلم يفكر أيا منا بان المشكلة مفتعلة ويراد منها الحصول مكسب مادي، على العكس مما يفعله الكثيرون، فكثير من الباعة يدلس بضاعته، وكذا السياسيون يقفون طويلا عند أي معضلة مهما كانت بسيطة لينالوا من الخصوم، ولكسب منافع مادية وسياسية ضيقة تشعر الاخرين بالحيف والغبن، ما يفجر مثل هذه المشاكل بين حين واخر الانتقائية في تفسير القوانين والفقرات الدستورية بما يصب بمصلحتهم، فبعض العبارات في الدستور أو القوانين تقرأ بعدة قراءات، وبعضها مصيري، مثل تحديد الكتلة الاكبر وصلاحيات الاقاليم والتي تفجر المشاكل بين حين وآخر فمشكلة تحديد الكتلة الاكبر (القديمة الجديدة) اثيرت حولها زوبعة في تشكيل الحكومة عام 2010 وتم حسمها من قبل المحكمة الاتحادية، عادت المشكلة تتفجر بشكل أقوى عام 2014، بعضهم نظر لها من زاويتي وانا أنظر لأسماكي فيما نظر لها اخرون من زاوية صديقي عباس وكلا الطرفين له مبرراته، لكن أغلب السياسيين لا يضحون تضحية" عباس شعيع"، لذا لابد من صياغة واضحة لا تقبل اللبس او التشكيك لكل الفقرات التي تحتمل التأويل درءً للفتن، ليكون الدستور موحدا لنا وضامنا لحقوقنا باعتباره أعلى مرجعية قانونية في البلاد، اما انا فلن اعيد الخطأ ثانية وسأذكر في كل مرة بان الاسماك بحجم اصبعي او كفي انا او قد الجأ لقياس طولها بالسنتمترات كي لا اصطدم يوما بأحد، سيما ان البعض لا يحمل طيبة وخلق "عباس شعيّع".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط


.. خالد أبو بكر يرد على مقال بـ -فورين بوليسي-يتهم مصر بالتضييق




.. جامعة كولومبيا: فض اعتصام الطلبة بالقوة واعتقال نحو 300 متظا