الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤساء مصر بين مقتول ومعزول

محمد عز

2014 / 8 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



قد يدرك القارئ لأول وهلة أن عنوان هذا المقال هو حقيقة تاريخية مؤكدة منذ ثورة 23 يوليو/تموز 1952، وحتى تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الأمور في البلاد 8 يونيو/حزيران 2014. فبعد تولي اللواء محمد نجيب رئاسة الجمهورية كأول رئيس لمصر في 18 يونيو/حزيران 1953، وبعد مرور حوالي سبعة عشر شهراً تقريبًا _في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1954- تم إقالة اللواء محمد نجيب ووضعه تحت الإقامة الجبرية في فيلا زينب الوكيل بالمرج، بعد مؤامرة ضده من مجلس قيادة الثورة بقيادة الراحل جمال عبد الناصر، واستمر نجيب في منفاه هذا حتى 1983.
ثم تولى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الحكم في 23 يونيو/حزيران 1956 بناءًا على استفتاء شعبي. وعلى الرغم من أن عبد الناصر كان زعيماً كاريزمياً بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، ونجح في السيطرة على كل من حولة، وقدم كثيراً من الانجازات في تاريخ مصر الحديثة –اتفقنا أم اختلفنا معه في عدد من الأمور- كما أنه –في رأيي- أصلح أكثر مما أفسد، وأصاب أكثر مما أخطأ. أقول على الرغم من ذلك، وعلى الرغم من شعبيته الجارفه، لم يمنعه ذلك أن يلاقي حتفه في 28 سبتمبر/أيلول 1970 في شبهة جنائية بحسب بعض الرواة، وفي أزمة قلبية بحسب البعض الآخر.
ثم تولى الرئيس الراحل أنور السادات الحكم بعد وفاة ناصر مباشرة باعتباره نائب الرئيس آنذاك، وعمل السادات كغيره من الرؤساء السابقين على تدعيم وتوطيد مبادئ حكمه في البلاد، فأتخذ في 15 مايو/آذار 1971 قراراً حاسماً بالقضاء على مراكز القوى في مصر وهو ما عرف بثورة التصحيح، وفي نفس العام أصدر دستورًا جديدًا لمصر. وأخذ يتخلص من الإشتراكيين واستعان عليهم بالجماعات الإسلامية التي اشتد عودها فيما بعد ولم يستطع السادات نفسه كبح جماحها واُغتيل على يد أحد الأفراد التابعين لها "خالد الاسلامبولي" في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1981.
وهكذا، تولى الرئيس السابق محمد حسني مبارك الحكم في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1981، وسلك مبارك نفس الطرق والأساليب التي سلكها سابقوه لأرساء حكمه في طول البلاد وعرضها. واستخدم مبارك العصا الأمنية في قمع الأفراد والحريات. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل سولت له نفسه توريث ابنه الحكم، فأعده لذلك أيما إعداد، حتى جاءت الانتخابات البرلمانية 2010 والتي كان بعدها يعد مبارك ابنه للترشح في انتخابات الرئاسة 2011. كانت هذه الانتخابات بمثابة مسمارًا عجل بنعش النظام لتندلع ثورة يناير وتفضي الى تنحي الرئس مبارك عن الحكم في 12 فبراير/شباط 2011. ولا يخفى على أحد أن ضغوط الجيش على الرئيس مبارك كان السسب الرئيسي في تنحيه، وهكذا ترك مبارك الحكم متنحيًا فيما يبدو للعيان، معزولاً بحسب عدد من الأدلة والبراهين ليس هنا مجالاً لعرضها.
ثم تولى الرئيس محمد مرسي زمام الأمور في البلاد في 31 يونيو/حزيران 2012، وارتكب كل السخافات والحماقات التي ارتكبها سابقوه، دون أن يتعلم هو أو جماعته أية دروس سابقة. وتحضرني هنا قصة الأسرة البربونية التي كانت تحكم فرنسا والتي اقتلعتها الثورة الفرنسية في 14 يونيو/حزيران 1987، وأعدمت الملك لويس السادس عشر وزوجته الملكة انطوانيت، واستمرت الملاحقات قائمة لكل أفراد الأسرة البربونية قرابة عشر سنوات. وفي ثلاثينيات القرن العشرين –وبعد أن وجد الفرنسيون أن الحكام الجمهوريين ليسوا أحسن حالًا من الملكيين- نشأت حركة تطالب بعودة من تبقى من أسرة البوربون لحكم فرنسا، وهو ما حدث بالفعل، ولكن الوافدون الجُدد من نفس الأسرة أساءوا استخدام السُلطة مثل آبائهم، فثار عليهم الشعب الفرنسي مرة أخرى، واقتلعهم عام 1840، وأطلق المؤرخون على هذا المشهد عبارتهم المعروفة "أن البوربون لا ينسون شيئاً، ولا يتعلمون شيئاً". وتنطبق هذه المقولة على جميع حكامنا السابقون فهم لا يتعلمون شيئاً.
وأخيرا، تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي زمام البلاد في عام 2014، متمنياً من الله أن يكون التوفيق حليفة، والنجاح رفيقه وصديقه، والحظ دائماً في طريقه، وأن يعي دروس من سبقوه لقد كان في قصصهم عبرة، وأن يصبح رئيسنا الحالي رئيساً سابقًا لا معزولًا ولا مقتولًا، إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
Email: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بيسان إسماعيل ومحمود ماهر.. تفاصيل وأسرار قصة حبهما وبكاء مف


.. إسرائيل تتوغل في جباليا شمالا.. وتوسع هجماتها في رفح جنوبا |




.. واشنطن: هناك فجوة بين نوايا إسرائيل بشأن رفح والنتيجة | #راد


.. الكويت ومجلس الأمة.. هل أسيء -ممارسة الديمقراطية-؟ | #رادار




.. -تكوين- مؤسسة مصرية متهمة -بهدم ثوابت الإسلام-..ما القصة؟ |