الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغيرات عقائدية في الأوساط الصومالية المعاصرة!

خالد حسن يوسف

2014 / 8 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يروي التاريخ الشفهي والمكتوب منه, أن الإنسان الصومالي قد عهد التدين, أكان بتدينه الإفريقي,اليهودي,المسيحي والإسلامي, حيث كان الخالق التقليدي واق Waaqوماأكثر أنواع الواق يوم إذاً-والإله شمبير Shimbiir, بالإضافة إلى الديانة اليهودية والتي عرفها جزء من السكان الصوماليين وتحديداً في منطقتة زيلع وجبل سبته بجوار مدينه ذاجحبورDhagaxbur.

كما تدين بعض الصوماليين بالديانه المسيحيه والتي أستوطنت منطقة زيلع وصولاً إلى القرن التاسع الميلادي.وعرف الصوماليين الديانة الإسلاميه مع حلول القرن السابع الميلادي وقد أنتشر الدين الإسلامي على مراحل في الصومال الطبيعيه.

ومع حضور الإسلام إلى الصومال أصبح هذا الدين بعامل رئيسي في تشكيل الهويه الصومالية ولدرجة أقترنت معها الصوملة بالإسلام, وبمعنى أن الإسلام قد وحد الصوماليين عقائدياً, إذ لاتوجد في التاريخ الصومالي المعلوم فترة زمنيه تواجدت فيها عقيدة معينه أثرت بقدر تاثير الإسلام في الصومال.

وفيما بعد وفي ظل شعب تميز بوحدة العقيدة الدينيه, جاء الاستعمار الأوروبي إلى الصومال في القرن التاسع عشر الميلادي ممهداً لنشر الدين المسيحي في الصومال, مسخراً قدراته على السيطرة وحاجة الصوماليين كمسلك تسلل من خلاله لتاثير على حضيرتهم العقائدية.

وقد أستثمر البريطانيين والايطاليين حاجة الشريحة المعدمة من الصوماليين وتحديداً في مدن بربرة,مقديشو,كسمايو لنشر الدين المسيحي في أوساط الأطفال الصوماليين, إذ أصبحت المدارس الداخليه التي أقامها الاستعمار بأوكار مروجة لموجة التبشير والسعي لنيل من هذه الشريحه من الناشئة الصومالية.

وقد أكدت هذه الممارسات المخاوف التي كان طرحها الأعيان الصوماليين على الاستعمار البريطاني عند قدومه, إذ قضى الاتفاق المشترك بعدم النيل من الإسلام والتقاليد الصوماليه, إلى أن الاستعمار البريطاني تحديداً ضرب بذلك عرض الحائط ومن ثم إقامة المدارس التي كانت تخدم غرض التبشير, وبهذا الصدد تم جمع أعداد من الاطفال الصوماليين في مدينه بربره في شمال الصومال في المدارس التابعة لإحدى الكنائس التبشيريه.

وأدى ذلك إلى إندلاع ثورة حركة الدراويش والتي كان الوازع الديني من أبرز الأسباب التي أدت إلى اصطدامها مع بريطانيا, فاحاجة الأطفال الصوماليين تم استغلالها وبتالي تم تنصيرهم مع مطلع القرن العشرين ,والتاريخ يعيد ذاته, فقد شهدت الفترة التي تلت إنهيار الدولة الصومالية تراكم أعداد كبيرة من اللاجئين الصوماليين في مخيمات كينيا, ومن ثم إلى ظهور منظمات تنصيريه عملت على استغلال العديد من الصوماليين تحت إطار سياسة الغذاء مقابل الانجيل!, وأيضاً تم ذلك في العديد من المحافظات الصوماليه.

مما أستفز حركه الشباب والتي راحت تواجه هذا الاختراق العقائدي من قبل المنظمات التبشيريه, عبر قيامها بسلسلة إغتيالات مسلحه لعناصر تبشيرية أجنبية وصومالية, في حين أعترف الصوماليين المسيحيين بنشاطهم المحموم وقمع حركة الشباب لهم عبر موقعهم الإكتروني وهو "صوماليين من أجل المسيح", وضم التصريح الإعلامي عن نشاطهم معلومات في غاية الاهميه منها أحداث وأسماء لناشطين صوماليين مسيحيين قضوا حتفهم على أيدي حركه الشباب.

وفي ظل هذه التغيرات الإجتماعيه والتي بدأت تواجه الإنسان الصومالي في داخل بلده أو على صعيد المهجر المتعدد الأقطار, فإن حمى التنصير تلاحق الأجيال الصومالية الشابة والتي أصبحت مستهدفه من قبل كنائس التبشير في أوروبا,أمريكا الشماليه,أوستراليا,نيوزيلندا, مما يشير إلى أن أعداد كبيرة من هؤلاء الشباب تم التغرير بهم بطرق شتى نحو التنصير ومن أبرز هذه الدلالات إنشاء كنيسة صومالية في مدينة منيابوليس بولاية مينيسوتا الامريكية من قبل مجموعة مسيحية صومالية.

وبشكل عام فإن الانسان مخير من قبل الله في تحديد مساره في الحياة ويعود اليه أمر تحديد معتقده الديني وليس هناك مايمنع ذلك غير الوازع الديني والرغبه الذاتيه للفرد, ولكن الاشكاليه تكمن في أن الكثير من هؤلاء الصوماليين المسيحيين هم من تم التغرير بهم لتغيير دينهم عبر سلسلة من الحوافز المادية وبرامج غسيل المخ والتي تكرههم بكل ماهو إسلامي!.ومن أبرز المفارقات العجيبة أن من يتنصرون من الصوماليين لايصبحون مسيحيين خَلص حسب التعاليم المسيحية, بل أن الإنتماء العقدي الجديد لهم هو أقرب إلى الانضمام إلى جمعية أو حزب سياسي, أما محتوى المسيحية وتعاليمها فهي بعيدة عن سلوكهم وممارساتهم الحياتية.

والغرابة الثانية, هي أن هؤلاء الصوماليين قد خرجوا من حضيرة الإسلام بدافع التبرم من تطرف تعاليم الإسلام, فهل تتنافى تعاليم المسيحية ووصاياها العشرة مع ما جاء في الإسلام؟ وعموماً فإن هؤلاء يشكلون جزء من المجتمع الصومالي والذي هاجر إلى الخارج باعداد هائله, مما سيسفر بشكل أو أخر عن ظهور أقلية صومالية مسيحية في المنظور القادم, وبتالي يملي الأمر بضرورة التنبه لهذا التغيير الإجتماعي الجاري,عبر نشر وسطية الإسلام في أوساط الشباب الصومالي أكان في الصومال والمهجر.

وفي سياق موازي يستدعي التسأول في كيفيه التعامل مع هكذا تغيير يستجد على البنيه الإجتماعيه الصوماليه, فأسلوب حركة الشباب غير مجدي وليس مباح شرعاً أو قانوناً وفي ظل عدم وجود نصوص دينيه صريحة الدلالة(قطعيه)تؤكد قتل المسلم الخارج عن الإسلام, فافي القرآن الكريم هناك مايصل إلى ثسعة أيات قرآنيه تحدتث عن مسألة الردة في الإسلام, إلى أن هذه الأيات لاتشير إلى أي عقوبة دنيويه في حق المرتد عن الإسلام, بينما تتضمن وعيد الله ولعنته على المرتد في الدنيا والأخرة وهذا متروك لخالق العباد.

وضمن إطار السنة النبوية الكريمة هناك حديثان تم روايتهما عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم, إلى أن كلاهما ليس محل إجماع من الفقهاء المسلمين الأوائل والمعاصرين منهم, وفيما يخص حروب الردة والتي تمت في صدر الإسلام فقد كانت بحالات خروج جماعي مسلح عن الإسلام, ومن ثم كان مسعى تلك القبائل وقادتها هو ضرب الدين الإسلامي ومعثنقيه ونشر خرفات مسيلمه الكذاب وسجاح وغيرهم من مدعوا النبوة!.

وهذا مادفع الصحابي الجليل أبوبكر الصديق إلى مواجهة القبائل المرتده والمتمردة, أي حماية بيضه الإسلام من الهجوم وليس بفعل التراجع العقدي لتلك القبائل, والمعلوم أنه لايوجد في الإسلام بحد لردة بقدر ما أن هناك إجتهادات من قبل بعض الفقهاء والذين فعلوا من خلال إجتهادهم لعقوبة الخارج عن الإسلام كإجراء ردعي, في حين أن الإسلام صريح فيما يتعلق بالمسائل ذات الارتباط بالدماء ووضوح الحدود العقابيه الواردة فيه والتي لاتتضمن عقوبات في حق الخارج عن الإسلام إعتقاداً, وتمثل هذه القضية من أبرز المسائل المطروحة في العالم الإسلامي في الفتره الراهنه ويتخلل التعاطي معها حالات شد وجذب مستمر, من قبل وجهتين نظر أحدهم مع معاقبة الخارج عن الملة و الأخرى لاترى لوجود عقوبه دنيوية إجتماعية في حق هذا الخارج, وترى حقه في الحياة مبدئي.

وفي أشهر أغسطس وسبتمبر من عام 2012 شهد الصومال حالة إحتقان فكري فيما يتعلق ببنود وردت في مسودة الدستور الصومالي, من ضمنها ضرورة أن يكون الرئيس الصومالي مسلم الديانة, أن لاينشر دين أخر غير الإسلام في الصومال, وعدم قدرة المواطن الصومالي على تغيير دينه الإسلامي.وبعد حالة صراع فكري بين مؤيدين للمنع ومؤيدين لحق تقرير الدين, ناهيك نقاش وجدال ترشح الصومالي الغير مسلم للحكم الصومال, أنتهى الأمر بتصويت المؤقت(قضيه لازالت ماثله)والقاضي بوجهة نظر مؤيدي المنع.

وبالمحصله فإن الكرة لازالت متأرجحة في الملعب الصومالي الذي سيشهد في المنظور إستحقاق التعامل مع هذه القضايا الفكرية والإجتماعية الشائكه والحديثه العهد على المجتمع الصومالي, الذي أعتاد تاريخياً الفقه الشافعي المناوئى للمرتد عن الإسلام وعدم توليه الولاية العامة, مما يطرح سياق لتسأول في إمكانية بروز فقه إسلامي معاصر يتفهم الحاجات المشروعة للصوماليين الغير مسلمين في المواطنة, وفي منحى أخر على المجتمع الصومالي في التركيز على التربية والتعليم وليس الحدود(العقوبات)ونحو فقه إسلامي حديث.

ومالم تتم سير الأمور في السياق المشار إليه, فإن النتيجه ستؤدي إلى ظهور وتكريس الدولة الدينية في الصومال والتي ستأتي على ماتبقى من المجتمع الصومالي, لاسيما وأنه في الحاضر هناك حالة صراعات مذهبية وفقهية وتنظيمات تتصارع على الاسلام والصوماليين في هذا البلد, وبحيث أصبح هذا الواقع بين الصوماليين المسلمين بدوره بجزء من التغيرات العقائدية الطارئة على المجتمع الصومالي في عقوده الأربعة الأخيرة ولاسيما مع طغيان الإتجاهين السلفي والإحيائي, مما يعني أن عدم العودة عن هذه الصراعات سيسفر عنها في نهاية الأمر إلى ظهور حالات طائفية ودولة دينية واضحة المعالم, وستأتي على ماتبقى من الجسد الصومالي المثخن بالتمزق.مما يتطلب بوجود إسلام وسطي يرفع الصومال من حالة الانزلاق المستمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن: يجب أن نقضي على -حماس- كما فعلنا مع -بن لادن-


.. يحيى سريع: نفذنا عملية مع المقاومة الإسلامية بالعراق ضد هدف




.. عشرات اليهود الحريديم يغلقون شارعاً في تل أبيب احتجاجاً على


.. بابا الفاتيكان يحذر من تشريع المخدرات ويصف التجار بـ-القتلة-




.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: المسلمون خائفون واليهود منقسم