الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في جدلية ما بين المنظومة الدينية و الواقع- 2 – المقدس المفارق.

نضال الربضي

2014 / 8 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قراءة في جدلية ما بين المنظومة الدينية و الواقع- 2 – المقدس المفارق.

---------------------------------------------------------

"لأن ما يحدثُ لبني البشر، يحدث ُ للبهيمة
و حادثة ٌ واحدة ٌ لهم.
موت هذا كموت ِ ذاك، و نسمة ٌ واحدة للكل.
فليس للإنسان ِ ميزة ٌ على البهيمة، لأن كليهما باطل.
يذهب ُ كلاهما إلى مكان ٍ واحد.
كان كلاهما من التراب، و إلى التراب ِ يعود ُ كلاهما.
من يعلم ُ روح ُبني البشر هل هي تصعد ُ إلى فوق؟
و روح ُ البهيمة ِ هل هي تنزلُ إلى أسفل، إلى الأرض؟"


(سفر الجامعة الفصل 3 الآيات 19 حتى 21 )
---------------------------------------------------------

تقدم المنظومة الدينية نفسها للمؤمن على أنها وعاء الحقيقة، و أداة كشفها و التفاعل معها، و تصوغ ُ منهجه الإدراكي الذي يستقبل معطيات الحياة و يفسرها و يحكم عليها و يتفاعل معها ليستجيب، في حلقة ٍ من الفعل و رد الفعل لا نهائية ٍ تترتب عليها كل النتائج الحياتية التي يتشكل ُ بواسطتِها الحاضر و يتبعه المستقبل، و من هنا أهميتها و الدافع لدراستها و تبيان تركيبها الداخلها و هيكلها العام الشمولي.

أما ما تقدمه المنظومةُ على أنه الحقيقة المطلقة و الثابتة و غير القابلة للتغير أو التشكيك فهي مجموعة ٌ من العقائد السابقة للزمان و المكان، مثل الكلام ِ في وجود الألوهة و كائنات ِ حضرتها الإلهية من ملائكة و شياطين، و الأحداث ِ التي وقعت في هذه الحضرة، و النتائج ِ التي ترتبت على هذه الأحداث، و المشيئة ِ الإلهية في الخلق، و صفات الألوهة ِ التي جعلت من الخلق ِ ممكناً و تلك التي لا شأن لها بالخلق لكنها حقيقة ٌ واقعة ٌ بحسب المنظومة، مع مجموعة ٍ من القصص التي حدثت في الزمن السحيق الذي لم يختبره المؤمن، تترتب ُ عليها قيم ٌ سلوكية ٌ يجب على المؤمن الالتزام بها، و قيم ٌ فكرية يجب الإيمان بها، و عبادات ٌ و معاملات ٌ تصيغ ُ حياة المؤمن ِ كاملة ً.

و تأتي كتبُ المنظومة الدينية لتكون ُ الطريقة َ أو الأداة َ التي تنتقل ُ بواسطتها إلى العقول و القلوب، و من جيل ٍ إلى آخر، لعقود َ و قرون و ألفيات ٍ من السنين دخلنا في ثالثتها منذ أربع عشرة َ سنة ً بعد العام ألفين. أما هذه الكتب فلها من القوة ِ و الهيبة ِ و الاحترام ِو الخوف ِ و الرعبُ المُلقى في العقول ِ و الأفئدة ِ و الوعي الحاضر ِ و اللاوعي الغائب ما يجعل انتقال محتواها مضمونا ً و مُصانا ً طالما أن المُتلقي أسيرُ سحرها و في قيود ِ وطأة ِ إرهابها، ذلك الإرهاب ُ الذي يجد ُ له من ينفذون بطشه على الارض سجنا ً أو اضطهادا ً أو أذى ً أو تشويها ً أو ضربا ً أو قتلا ً أو عزلا ً أو نفيا ً، أو يعدُ ببطش ٍ أفظع َ بعد الموت إما جهنما ً تتبدل فيها الجلود الناضجة ُ أخرى طازجة لتُنضجها النيران ُ في عملية ِ شواء مستمرة ٍ لا تنتهي أو جحيما ً مُظلما ً للروح تعيش فيه في كآبة ٍ آزلية بدون النور الإلهي القدوس.

لكن َّ الفحص الدقيق َ العلمي لهذه الكتب ِ و النصوص باستخدام أساليب النقد النصي و أصول اللغات، مع تسليط ِ الضوء ِ على التركيب النفسي للأنبياء و الرُّسل تحت مجهر ِ المدارس التحليلية، مصحوبين بدراسة ٍ وصفية ٍ للتاريخ تراهُ كما هو عارية ٍ عن الأدلجة مُحايدة ٍ مُتجردة ٍ من الإنحياز، قادرة ٍ على فهم الأحداث ِ و الديانات ضمن أُطرها التاريخية و الاجتماعية، و سياق ِ مُعطيات شخوصها و علاقاتهم و شبكة ِ تفاعلاتهم، ضمن مجتمعات ٍ و دول ٍ تتفاعل ُ مع بعضها، و تتداعى فيها الأحداث ُ من السبب للنتيجة ِ ليتحول الأخير ُ إلى سبب ٍ يستتبع ُ نتيجة ً أو نتائج َ بدوره، سيقودُ (أي الفحص و ما أتبعناه به) إلى الاستنتاج ِ الذي لا يخامرهُ أي ُّ شكٍّ ببشرية ِ هذه الأديان ِ و النصوص ِ و ما ينبثق ُ عنها من عقائد َ و غيبيات ٍ و معاملات.

لكن َّ كل هذا لم ينجح حتى اليوم في تخليص أربعة ِ أخماس ِ البشر ِ من هذه المنظومة و من تبعاتها الحياتية، و مرجوع ُ هذا إلى قُدسيتها الفائقة ِ العاملة ِ في النفوس، تلك القدسية ُ التي جعلت إرهاب النصوص ِ لا مقبولا ً فحسب لكن مطلوبا ً، و لامعقولية َ الطرح ِ مُتصالحة ً مع المنهج الإدراكي، و غياب الألوهة ِ و تأثيرها طبيعيا ً و مفهوما ً و مُبرَّرا ً بل و حولتهُ إلى مقدمة ٍ ستكون ُ هي الرحلة َ التي يتبناها المؤمن ُ على أنها الحقيقة من حيث ُ أن لها جزئين ِ أحدهما و هو القصير ُ جدا ً على شكل ِ غُربة ٍ و اغتراب ٍ على هذه الأرض ، و ثانيهما و هو الأبدي ُّ على شكل ِ وجود ٍ لا ينتهي في الحضرة ِ الإلهية و كائناتها و قديسيها و قديساتها و صالحيها و كل ِّ من سبق مؤمنا ً إليها.

إن هذه القدسية َ التي تحملها النصوص تتحدَّر ُ في المنظومة ِ الدينية من قداسة من يقدسها، أي القدُّوس الأول ِالكائن ِ الإلهي الذي هو واحدٌ في الأديان ِ الإبراهيمية، و مُتعدِّد ٌ في الأديان الوثنية، بدون ِ أن يكون َ هناك َ أيُّ دليل ٍ مادِّي ٍ يدعم ُ وجود هذه الطبيعة ِ الإلهية و كائنها أو كائناتها، أو أن توجد َ طريقةٌ لاختبار صحَّة ِ هذه المُعطيات ِ التي لا تخرج ُ عن كونها افتراضاتٍ ارتقت من الدرك ِ الأسفل ِ لما قبل َ البرهنة إلى أعلى منزِل ٍ في هرمية ِ الحقيقة ِ و الحق، فلا دليل و لا طريقة اختبار و لا منهج َ قياس و لا وسيلة َ إنتاج و لا سبيل إلى إعادة الإنتاج، لا شئ، فقط قُدسية ٌ مُتوارثة ٌ مفروضة ٌ من الأهل و المجتمع و الدولة و المؤسسات، يُزعمُ أنها بدون إكراه و بالاختيار و القناعة ِ و "العقل".

إن المؤمن َ و على الرغم ِ أن القدسية التي يحملها للألوهة ِ و نصوصها و اللتان تصيغان كامل َ حياتهِ إلا أنه لا يتساءل ُ عن غياب ِ قوتها و مفعولها على هذه الأرض، و لا يتعجَّبُ أنها لا تعمل ُ في جسدِه و حسِّه كما هو مفروض ٌ من شمولية ِ و قوة ِ و قدرة ِ و حكمة ِ هذه الألوهة القدوسة، فعلى سبيل المثال لا يرى المؤمن ُ مشكلة ً في ولادة ٍ أطفال ٍ مصابين بتشوهات خلقية أو عقلية، و لا بانتشار أمراض ٍ عجيبة مثل سكري و سرطان الدم لدى فئة الأطفال، بل إنه لا يرى مشكلة ً في موت ما يقارب سبعة َ عشر َ ألف طفل ٍ يوميا ً بسبب الجوع أو أمراض َ مرتبطة ٍ بالجوع ِ و سوء التغذية.

يعتبر ُ المؤمن ُ أن الألوهة َ القدوسة َ قادرة ٌ على كل شئ، و مع ذلك يسود هذا العالم الشرُّ و الاسى و الموت و الاغتصاب و الرقيق ُ الحديث ُ الذي هو الاتجار ُ في البشر بطرق ٍ شتى في ثياب القانون، و عمالة ُ الأطفال في ظروف ٍ مميته، و إجبار الفتيات على الدعارة، و التوزيع ُ المُجحِفُ للثروات و غياب العدالة و تفشي الأمراض والأوبئة و المجاعات، و استمرار ُ الحروب و بشاعات التهجير القسري و الإبادات الجماعية و الزلازل ُ و البراكين و التسوناميات، في قائمة ٍ طويلة ٍ لا تنتهي.

يرى المؤمن أن كل هذا لا يمكن ُ أن يكون دليلا ً على غياب ِ الألوهة و بشرية الأديان و صناعة النصوصِ، بل إنه يتمادى أكثر من هذا فلا يقبل ُ حتى أن يُقال أن الألوهة َ و المُقدَّس َ مُفارقان للواقع، فهو يرى أنهما متحدان مع الإنسان و الواقع لكنهما صامتان عن اختيار ٍ و قصد ٍ و حكمة ٍ و معرفة ٍ ساميات ٍ لا تُدرك ُ لكن تُقبل، و لا تُسأل ُ لكن تُطاع، و ينبغي الخضوع ُ لهنَّ و عدم مساءلة ِ منطقية ِ هذا الطرح، و الاستسلام ِ و التسليم ِ و الارتماء في الحضن الإلهي بلا قيود ٍ أو شروط.

يجد ُ المؤمن ُ التبريرات ِ و الأعذار َمن شاكلة ِ القول بإرادة الإنسان ِ و حريتِه ِ و اختياراتِه الراضية و بالتالي تتحمَّل ُ البشرية ُ الوزر َ و المسؤولية الكاملة َ عما آلت إليه أحوال البشر و الدول و المجتمعات في الماضي و الحاضر ِ و المُستقبل، و هذه هي نصف ُ الحقيقة ِ فقط، و المؤمنون بارعون َ جدَّا ً في رؤيتها ثم َّ في النزول ِ عندها و الاستقرار ِ و الرضي و القناعة ِ بهذا المنزل، دون أن يمدُّوا الخيط َ على استقامته لينظروا إلى النصف الثاني الذي لا يمكن ُ أن تكتمل َ الحقيقة ُ بدونه.

إن النصف الثاني من الحقيقة يجب أن يكون َ أن الألوهة التي يؤمنون بها مسؤولة ٌ عن خلقها و مخلوقها فبالتالي يجب ُ عليها بعد أن رأت و شاهدت و علمت و اختبرت فساد َ طبيعة ِ الإنسان أن تأتي بطبيعة ٍ جديدة ٍ في الأجيال، طبيعة ٍ تجعل ُ من الفساد ِ مستحيلا ً أو أقلَّ بكثير، و تجعل ُ الإرادة َ في هذه الطبيعة ِ الجديدة ِ تميل ُ نحو الحكمة ِ و القوة ِ في النفس و الارتفاع عن الصغائر و الدناءات، فتكون هذه الأجيال الجديدة في موضع ٍ يسمح ُ لها أن تبتعد َعن كل الخيارات السلبية الخاطئة التي تطلب ُ الأذى و الانتهازية و الفساد. هذا واجب ُ الألوهة ِ بعد آلاف السنين من خلق و استدامة ِ خلق بشر ٍ تغلب عليهم الطبيعة ُ الفاسدة بحسب الرأي الديني.

كما أن الألوهة َ تبقى مسؤولة ً عن إدارة ِ هذه الكوكب، و لا يُعفيها من مسؤولية الإدارة ِ فكرة ُ حرية الإنسان و خياراته، فآلاف النساء اللواتي يتم اغتصابُهن َّ و هن يصرخن: يا رب أو يستنجدن َ بنبيٍّ أو قديس أو قديسة ٍ أو وليٍّ لم يخترن أن يُغتصبن، و لا ينفع ُ أن نقول أن فعل الاغتصاب هو نتيجة ٌ منطقية ٌ لخيار المجرم الغاصب، فهذه نصف الحقيقة، أما النصف الآخر فهو بحسب المؤمن أن الألوهة تسمع خيار المرأة ِ التي تستنجد ُ بها لكنها لا تنجدها، فكأن المؤمن يقول أن الألوهة تحترم ُ خيار المجرم الغاصب و لا تأبه بعذاب الضحية المُغتصبة و لا تُلبي نداءها الذي هو خيارُها أيضا ً و ينبغي أن يتم احترامُه من قبل هذه الألوهة و تفعيله، خصوصا ً أن خيار المرأة المغصوبة بطلب المساعدة من الإله ضد الغاصب ينسجم ُ مع قداسة ِ الألوهة و سموها و إرادتها انتشار َ هذه القداسة. لكن النتيجة َ أن الاغتصاب يحدث و أن الجاني يعبث بالضحية ِ و ينتهكها و يسرق منها الحياة َ و الكرامة َ و سلامة َ الكينونة ِ النفسي و يؤذيها في الجسد و يترك فيها جرحا ً و الما ً لا تمحوه السنوات و لا ينفع معه المنطق و لا الفلسفة و في كثير ٍ من الأحيان لا ينفع حتى العلاج و لا الدين.

كان السابق مجرد مثال قصدت ُ أن يكون قاسيا ً حتى يُحرِّك َ العقول، لتقيس َ عليه ِ موت الأطفال بالسرطان و معاناتهم مع السكري، و الجوع و الحرب و كل ما ذكرت في فقرات ٍ سابقة، بقصد ِ أن يظهر أمامنا بوضوح غياب ُ المقدس و مفارقته للواقع في الفعل و السبب و النتيجة، فهو خارج الدورة السببية تماما ً، و لا يعمل ُ في الخلق و الخليقة فيبقى وجوده أذا ً مسألة إيمان و افتراض ٍ و توارث ووراثة، و أدلجة ٍ منذ الصغر دون دليل، و قطعا ً بانتهاك ٍ كامل للكرامة الإنسانية و لقدسية الإنسان و جوهره و لقيمته النابعة من طبيعته البشرية و التي يبيعها المؤمنون بل إن معظمهم لا يدرك حتى وجودها، و لا يفهم ارتباط هذه الطبيعة بحاجاته و رغباته و قراراته و شبكة العلاقات الفردية و الاجتماعية، لأن إدراكه قد تشوَّه بفعل المنظومة ِ الدينية و فسد فسادا ً تاما ً.

و يعني هذا أننا إذا لم نُربي الأجيال على وجود ِ المقدس و لم نُقرأها الكتب المقدسة فلن تعرف الألوهة َ قط، و ستستطيع ُ بقوة ِ المنطق العلمي أن تفسر الأحداث في حياتها ِ بحسب ِ منطق السبب و النتيجة، و سيقودنا هذا لكي نسأل السؤال المفتاح: من أين اتى الدين إذاً؟ لنكون َ صادقين في الإجابة و بعد البحث العلمي و الأركيولوجي فنقول َ أن ضعف الإنسان الأول و عجزه أمام الطبيعة و انعدام العلم و الأدوات و غياب الحضارة جعلوه يتبنى نظامه الديني ليفسر به موقعه من العالم و يحصل على الأمان النفسي بوجود حامٍ عظيم، و واهب ٍ كريم، و رازق ٍ مقيم، يعتني به، و يعده بحياة ٍ أفضل ليس فيها ما يلاقيه من خوف ٍ من الحيوانات المفترسة و لا من قلق ٍ لشُحِّ موارد الطعام ِ و الشراب، و لا عجزٍ أمام أعدائه ِ من الجماعات البشرية ِ الأخرى.

أما إنسان ُ اليوم ِ المُسلَّح ُ بالعلم ِ و المعرفة ِ و الذي يعيشُ في دولة ٍ تقدِّم ُ له أنظمة َ أمان ٍ عديدة ٍ على شكل تأمينات ٍ صحية و ضمان ٍ اجتماعي، و تنتشر ُ في أسواقها اللوازم ُ و البضائع ُ و الحاجيات، و تكفل ُ قوانينها و أجهزة ُ الأمن فيها الحماية َ و الاستقرار، فلا حاجة َ له إلى الإيمان، فأمنه مُتحقِّق ٌ و حاجاتُه مُلباة ٌ، و يفسر هذا ارتفاع َ نسب اللادينية ِ و الإلحاد في الدول الأوروبية الغنية و المستقرة سياسيا ً، و انخفاضها في دول العالم الثالث العربية و الإفريقية المضروبة بانعدام الاستقرار و انعدام الأمان و تفشي القلق و العوز. لأن العلاقة َ بين الأمانِ و الكفاية و بين الدين هي علاقة ٌ عكسية ٌ يكسب فيها الدين فقط عندما تفشل ُ الدولة، و يفشل ُ الدين عندما تزدهر الدولة ُ بمواطنيها، و لكم أن تقيسوا هذا على أي بلد ٍ تريدون، فلقد كان الاقتصاد أولا ً و الاقتصاد ُ أخيرا ً ما يُشكِّل الإنسان َ و دينه أينما وُجد.

يجب ُ أن تكون َ هذه الحقيقة ُ ظاهرة ً للجميع، و يجب ُ أيضا ً أن تكون مفارقة ُ المقدس للواقع و غيابه عن الفعل، و مِضيَّ العالم ِ في تاريخه بدون ذلك المقدس أكبر دليل ٍ على عدم ِ وجوده و على بشرية الأديان و النصوص، لكن الحال يخبرنا أن الوراثة َ من الجيل السابق الذي ورث سابقهُ بدورهِ و أن الأدلجة َ منذ الصغر هما القوّتان المُشكِّلتان للواقع، و أن الحقيقة َ لا شأن لها في حياتنا إنما الشأنُ كل الشأن للموروث و المُفترض و المزعوم الذي دفع بالحقيقة ِ إلى أسفل سافلين و اعتلى مكانها و ارتدى رداءها.

إن بداية َ الحرية هي الملاحظة ُ فالتساؤل ُ فالسؤال، لكي يتشكل َ الإدراك و الوعي ُ البشريانِ بعيدا ً عن المُقدَّس ِ المفارِق، و عندها سنكون ُ حقا ً بشرا ً كما يجب ُ أن نكونَ بحسب ِ الطبيعة ِ التي ننتمي إليها.

من كان َ له عقل ٌ للفهم، فليفهم!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ نضال الربضي المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2014 / 8 / 29 - 18:59 )
تحية و سلام و محبة و احترام
اعتقد ان للقدسية في الاسلام خلاصة وهي انها تولدت عندما صارت ادات بيد المال و الظالم الحاكم
استمعت قبل سنين من على شاشة التلفاز الى الشيخ الشعراوي قال ان عمر ابن الخطالب نهر محمد في صلح الحديبية بكلام اخجل ان اجريه على لساني امام المشاهدين و القول هنا للشعراوي
هذه الواقعة تعني ان لا مقدس عند الاوائل كما هو اليوم... و واقعة ما جرى لحظة موت محمد و ما تلاها تؤكد ان موقف عمر من محمد لم يكن فيه تقديس و هذا ينسحب على النصوص اما ما حصل بعد الواقعتين فهو استثمار النصوص بالسياسة
و اعتقد ان دروسش صلح الحديبية سواء بجانب اتباع محمد و قتها او اتباع قريش كان لها اثر كبير فيما نعيشه اليوم
من تسييس للدين تبعه اموال الفتوحات و تاثيراتها
نتمنى ان تُدرس واقعة الحديبية ليُستنتج منها ما جرى للاسلام بعدها الذي استمرت لليوم
اكرر التحية


2 - تعليق1
عبد الله خلف ( 2014 / 8 / 29 - 21:45 )
يقول إس . سي . لويس (و قد كانت حُجتي ضد الله أن العالم بدا في منتهى القسوة والظلم , ولكن كيف حصلت على مفهوم الظلم والعدل هذا؟ .
إن المرء لا يصف خطاً بأنه غير مستقيم إلا إذا كانت لديه فكرة ما عن ماهية الخط المستقيم , فبماذا كُنت أُقارن هذا العالم لما دعوته غير عادل؟ .
وإذا كان العرض كله سيئا وتافها من الألف إلى الياء إذا جاز التعبير , فلماذا وجدت أنا نفسي في ردة فعل عنيفة هكذا تُجاهه مع أن من المفترض أن أكون جزءا من العرض؟ .
إن الإنسان يشعر بالبلل عندما يسقط في الماء لأنه ليس حيوانا مائيا أما السمكة فما كانت لتشعر بالبلل وكان من شأني طبعا أن أتخلى عن مفهومي للعدل بمجمله بقولي إنه ليس شيئا سوى فكرة خاصة من بنات أفكاري , ولكن لو فعلت ذلك لانهارت أيضا حجتي ضد الله لأن رُكن تلك الحجة كان القول بأن العالم غير عادل فعلا وليس فقط أنه لم يصدف أن يُرضي ميولي .

يتبع


3 - تعليق2
عبد الله خلف ( 2014 / 8 / 29 - 21:46 )
وهكذا ففي محاولتي إثبات عدم وجود الله تبين لي في ذلك الفعل ذاته حقيقة وجوده . لأن الإنسان بإنكاره وجود العدل في فعل ما يُرغم على التسليم بوجود مفهوم العدالة , وبناءا على ذلك يتبين أن الإلحاد ساذج جدا ولو كان الكون كله عديم المعنى لما كان قد تبين لنا إطلاقا أنه عديم المعنى .
فالوضع شبيه تماما بهذا : لو لم يكن في العالم نور ولم تكن في العالم مخلوقات لها أعين لما كُنا نعرف قطعا أن الظُلمة مسيطرة ولكانت الظُلمة كلمة عديمة المعنى) .
C.S. Lewis response


4 - 123
nasha ( 2014 / 8 / 30 - 04:34 )
123


5 - الأخ العزيز عبدالرضا حمد جاسم
نضال الربضي ( 2014 / 8 / 30 - 21:36 )
أجمل التحيات لك أخي عبدالرضا،

لقد أوردت َ صلح الحديبية كمثال على بشرية الأديان، و أعتقد أنك أحسنت الإختيار فديناميكية التفاعل الإسلامي الأول كانت استجابة ً للقوة القريشية التي كانت هيبتها ما تزال فاعلة ً عندها، خصوصا ً أن المسلمين قد قدموا بدون سلاح.

ما زلت أرى أن حركات الإسلام السياسي لا تحسن الاستفادة من درس الحديبية، فهي تناطح القوى الوطنية و العالمية على حد سواء و هي ضعيفة، و بذلك يكون موقفها غيبيا ً بينما كان موقف نبيها براغماتيا بشريا ذكياً.

دراسة الحديبية تقودنا إلى فهم سبب فشل الإسلام العصري الجامد أو السلفي العنيف فأكثر ما عابه محمد على اليهود و المسيحين هو سيطرة رجال الدين -اتخدوا احبارهم و رهبانهم اربابا من دون الله-، المسيحيون اليوم انتهوا من هذا بينما أصبح المسلمون يؤلهون شيوخهم و أصحاب فتاويهم و لا يتحركون إلا بفتوى أو رأي، حتى أنهم جعلوا لحومهم مسمومة، و مساءلتهم مذمومة، فكأن الآية فيهم قد أتت، و هو جواب سؤالك أخي الكريم.

الإسلام المحمدي الأول ليس هو الإسلام الحالي، فذاك كان ابن بيئته، أما هذا فهو ابن الماضي.

أهلا ً بك دوما ً.


6 - الأستاذ أحمد ناس حدهوم (قناة الفيسبوك)
نضال الربضي ( 2014 / 8 / 30 - 21:47 )
تحية عطرة طيبة لك أخي أحمد،

تعليقك ثري بالمعاني و في أكثر من فكرة يمكن أن نتوقف عندها، فأنت ترى مثلا ً استحالة إثبات أو نفي وجود الإله، مع حتمية الموت، و حضور الخوف المشترك عند المؤمن و الملحد على حد سواء من نهاية ٍ قادمة.

يقول البروفسور بارت إيرامان أن كلمة -لا أدري- هي كلمة معرفية Epistemology بينما كلمة -ملحد- هي كلمة إيمانية، فاللاأدري يرفض الدين و يعيش حياته بدون الإله و لا يعنيه وجوده من عدمه، بينما الملحد يصر من موقف إيماني على نفي الإله، و كأنني أريد أن أقول أن الحد الفاصل بين اللاأدرية و الإلحاد هو مدى خضوع الإنسان لمعيار البرهان و فلتر الدليل، في نفس الوقت الذي يمثل كليهما ذات الموقف من الدين و منظومته، و بهذا سيأتي وقت يتماهى فيه اللفظان، ثم يفترقان دون أن يكون افتراقهما ذا دلالة ٍ كبيرة.

كما أسلفت ُ في المقال، هو سحر الوراثة و قوة الأدلجة منذ الصغر مع الضغط الاجتماعي، و بدون هؤلاء يفقد الدين أي قوة ٍ له!

أهلا ً بك دائما ً.


7 - الأستاذ عموري أنيس (قناة الفيس بوك)
نضال الربضي ( 2014 / 8 / 30 - 21:55 )
تحية طيبة أخي عموري و أهلا ً بك،

لا يمكن فصل الإنتاج و الاقتصاد عن الوعي و التنوير، فإن المجتمع الذي تتجه قياداته نحو تحسين مستوى المعيشة تكون الغلبة فيه لأنماط تشكيل الوعي العلمية التي تتخذ من الفكر و العلوم و الأدب أدواتها، و بها و منها تنطلق نحو المجتمع الأفضل.

أؤد أن أورد َ ملاحظة ً هنا أن الدول العربية لم تهتم يوما ً بتحسين مستوى المعيشة للفرد بما يرفعه من مستوى الجري وراء الرغيف إلى مستوى المُكتفي الذي يستطيع ُ أن يبحث عن إنسانيته و يحقق استحقاقاتها، أما الدول الغربية فلقد كان تبنيها نهج فصل الدين عن الدول العلماني السبب الأول في نهضتها، فتطورت علومها و ظهرت اختراعاتها و سادت بقوتها العلمية و الثقافية و الاقتصادية و العسكرية في منظومة ٍ شمولية ناجحة.

تمثل الولايات المتحدة تحديا ً في فهم نموذجها، فعلى الرغم أنها دولة علمانية إلا أن 60% من مواطنيها يعرفون أنفسهم على أنهم مسيحيون ملتزمون، لكن الالتزام هنا أخي الكريم لم يكن متعارضا ً مع المنهج العلمي لكنه متعايش بانسجام، فالمسيحية لديها قدرة على النمو و الحضور الحضاري دون مشاكل، و بكل مرونة، و هو جواب سؤالك.

أهلا ً بك دائما ً.

اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah