الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القراءة والعشق والجنون

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2014 / 8 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حينما كنت طفلا صغيرا , كانت تستهوني القصص المؤلفة للصغار , فضلا على كتب الرحلات والبلدان , وعلى الرغم من بساطة هذا النوع من المؤلفات ومتعتها كان ابي ( رحمه الله ) كثيرا ما ينصحني بعدم الاكثار من قراءة تلك الكتب ( لكي لا اكون معقداً ) ــ بحسب رأيه ــ وتكررت هذه النصيحة من اقارب لي اخرين لا سيما حينما اسرفت فيما بعد بقراءة كتب الفلسفة , وكانت تلك النصائح جلها تؤكد على ان كتب الفلسفة وعلم النفس تؤدي الى الجنون , وعلى الرغم من ان هذه النصائح لم تجد لها عندي اي صدى اذ وجدت في الفلسفة عالما لا يمكن ان تكتمل ثقافة المرء بدونه , لكني وبمرور الايام وتنوع القراءات اكتشفت مما هو جدير بالطرافة والنكتة – فقد وجدت عدد غير قليل من الفلاسفة ــ كما تذكر سيرهم واخبارهم المروية ــ قد عاشوا حياة اشبه بحياة المجانين , بل ان بعضهم عاش حياة الجنون بامتياز , فقد تصور فيثاغورس نفسه بأنه اله او نصف اله , ودفن احد الفلاسفة اليونانيين نفسه بالروث وعود نفسه ان يتضور بالرمل لكي يعايش حياة الالم , وكان احدهم يحمل فانوساً في النهار بحجة انه يبحث عن الحقيقة , وقال اغلب الفلاسفة الشكاك اليونانيون بأنه لا يوجد شيء مطلقا لأننا لا نملك ما يثبت ان هناك شيئا وان وجد شيء فلا نستطيع ان نخبر عنه الاخرين , فيما قال سويدنبيرغ بأن المسيح يوحي له بفلسفته , وقال ديكارت بأنه استوحى فلسفته من حلم راه في النوم , اما اوغست كونت فقد احب فتاة حد الجنون وحينما توفيت جعل منها الهه وكتب خمسة مجلدات في ديانة شرعها هو من اجلها اطلق عليها ــ دين الانسانية ــ , وقد امتنع احد الفلاسفة عن الكلام بحجة انه لا فائدة منه لأنه لا ينقل ما نود التعبير عنه , فيما سكن احد الفلاسفة في برميل صغير , اما هيراقليطس فقد كان مصابا بجنون العظمة ووصف فلاسفة عصره انهم حيوانات لا يفقهون شيئا , وقام اكثر من فيلسوف بإحراق كتبه واتلافها منهم : ابو حيان , وتصور احدهم بانه طائر فألقى بنفسه من سطح داره ومات من ساعته , فيما اصيب نيتشه بجنون عنيف ادى بأخته الى حجره في غرفة خاصة ورغم ذلك لم يكف عن كتابة هلوساته , وكتب احد الفلاسفة الوجوديين صفحات طويلة في رثاء كلب له كان قد مات , فيما قام فرنسيس بيكون بالوشاية بصديقه حتى ادى به الى الاعدام , وقد اعتكف اكثر من فيلسوف , وعاش اغلبهم في عزلة لانهم وجدوا بان الناس اشرار لا خير يرتجى منهم .
فيما انتهج الفلاسفة الكلبيون حياة حيوانية , حتى قيل بأنهم كانوا يعتاشون على الفضلات وينبحون كالكلاب بل ان بعضهم كان يتجول عريانا دون ملابس في الاسواق , وقال احد الفلاسفة الفوضويين بانه لا يوجد هناك ما يلزم الانسان على اتباعه : لا دين , ولا دولة , ولا قانون , فيما الزم احد المتصوفة نفسه باتباع برنامج لكبح شهواته وذلك بان ينام على فراش واحد مع فتاة جميلة دون ان يدنو منها ... الخ .
كل هذه الحالات – ان صحت – رسخت عندي ان نصيحة والدي لم تكن مجانبة للصواب , لكن السؤال هل ان هؤلاء الذوات جنوا نتيجة تعاطهم الفلسفة , وهل صحيح ان الفلسفة تؤدي الى الجنون , ام ان الامر كما قال احد الفلاسفة : ان القليل من الفلسفة يؤدي الى الجنون اما الاكثار منها فإنه لا محالة يؤدي الى اليقين , ام ان اولئك الفلاسفة كانوا اناسا مجانين امتهنوا الفلسفة ؟؟ ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام