الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قد تكون السياسة مرتعآ للفاسدين .

سلمان مجيد

2014 / 9 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قد يتوهم من يقرأ العنوان بأني أجد السياسة و العمل بها يؤدي حتمآ الى الفساد و ألأفساد ، و هذا ألأستنتاج لدى البعض أنما يعود الى بعض المفاهيم الخاصة بألسياسة هي : ( فن الممكن ) و هذا برأي أنما هو نوع من ألأنتهازية أو ( البركماتية ) ، التي لا يتوفر لها الغاية الحقيقية التي من أجلها أبتكر الأنسان السياسة و العمل بها ، فأني أعتبر من وجهة نظر أجتماعية أن أسمى ما أبتكره ألأنسان من النظم الأجتماعية هي السياسة ، هذا طبعآ بعد أن أبتكر التنظيم العائلي و تشكيل اولى اللبنات لتكوين المجتمع ، و البعض يذهب أكثر من ذلك بأن يعتبر السياسة و العمل بها هو السوء بعينه ، لأنه ــ ومن وجهة نظر هؤلاء ــ لايمكن لأي عامل بألسياسة أن يخرج منها دون أن يكون قد تلوث بكل او بعض من هذا السوء ، ومن وجهة نظري لا أرى ــ أن ألأصل بألسياسة و العمل بها ــ لا هذا ولا ذاك ، أنما أرى ــ وكما أشرت ــ أن السياسة كانت من تلك المدركات ألأجتماعية السامية للأنسان ، و بطبيعة الحال لم تبق السياسة على ذلك الشكل و الغاية التي ظهرت بها و ذلك نتيجة لتطور المجتمعات ، حيث أصبح المجتمع الواحد عبارة عن مجموعة من الكيانات ذات الطبيعة الأقتصادية و الفكرية و الثقافية و الدينية و ألأثنية ، و أصبح لكل من هذه الكيانات غايات و اهداف حاولوا أن يترجموها من خلال أشكال مبتكرة من السياسة ، و كانت تلك تتمثل بمعظم أهداف أفراد ذلك الكيان أو غيره ، و أن الوسيلة المستخدمة للتعبير عن تلك الأهداف هو ألأستحواذ على كل ما يساعد على تجميع محركات القرار السياسي بيدها ، و أن أهم تلك المحركات ما يتعلق بعوامل أستمرارية الوجود المادي للبشر ، الا وهو الفعل ألأقتصادي المتمثل بوسائل و عوامل ألأنتاج ، لذلك فأن أصحاب القرار السياسي أدركوا ذلك فقاموا بألأستحواذ على تلك الوسائل و العوامل لكي يتاح لهم التحكم بألفعاليات ألأجتماعية ألأخرى ، كألثقافية و الفكرية و الدينية ، لكي تكون عوامل أضافية للتحكم بمصير المجتمع أفرادآ و جماعات ، وقد يبرر اصحاب القرار السياسي مشروعية أعمالهم تلك ألى عوامل عدة منها : عامل القوة بأنواعها ، و أن أخطر ما يعتمدون عليه لتبرير مشروعيتهم هي : المعتقدات الدينية التي تحتل مساحة واسعة من ذهنية أفراد المجتمع ، لذلك ظهرت أشكال متعددة من الكيانات السياسية التي تربط بين الفكر الديني و المؤسسة السياسية ، وحتى يومنا هذا نجد أنظمة سياسية تعتمد في عملها و أستمرارية وجودها على ذلك التحالف بين السياسة و الفكر الديني ، فأصبح للكيان السياسي ذراعان فاعلان في أستمرارية تلك ألأنظمة و هما ألأقتصاد و الفكر الديني ، عندها ستكون تشكيلة تلك ألأنظمة ثلاثية ألأبعاد : الفكر الديني و السياسة و ألأقتصاد ، و أن هذا الثالوث يساند بعضه بعضآ و هذه التشكيلة موجودة في معظم ألأنطمة السياسية القديمة و حتى البعض منها المعاصر بصورة او أخرى ، فقد يطغي ركن من اركان هذا المثلث على الركنين ألأخرين في ظرف معين و قد يعود التوازن مرة أخرى ، الى أن تحتدم التناقضات بين هذه الأركان مما قد يتيح لفئة أجتماعية أخرى لتنقض على النظام القائم لتحل محله منظومة سياسية أخرى ممثلة لتلك الفئة ألأجتماعية الناهضة ، ومن المحتمل أن تمر تلك المنظومة السياسية الجديدة بنفس مراحل تحول المنظومة او النظام السياسي السابق و تحصل ذات النتائج المتحققة لسقوط النظام السابق لذات الأسباب أو لأسباب أخرى كضرورة لطبيعة الحياة الأجتماعية المتحركة و التي تنسجم مع طبيعة تلك الفئة ألأجتماعية ، و ان كل ذلك ما يحصل ألا بسبب الفساد الذي أكتنف مراحل تحول تلك ألأنظمة ، و الدليل على وجود ذلك الفساد هو اننا لو استعرضنا التأريخ السياسي للمجتمعات لم نجد نظامآ سياسيآ حافظ على وجوده متوازنآ مع أستمرارية الوجود البشري ، فقط نرى ذلك موجودآ في ضمير الفكر ألأنساني و الذي يتم التعبير عنه من خلال ألأنتاج الفكري و المتمثل بألأعمال الأدبية التي تحمل صفة ( مدن الله ) او ( المدن الفاضلة ) التي ستبقى الحلم الذي تحلم به الشعوب من اجل سعادتها و ذلك بتحقيق العدالة ألأجتماعية ، اما في واقع الحياة المعاشة ــ و ان ذلك لايعني انه شئ حتمي ــ لا يوجد نظامآ سياسيآ خاليآ من الفساد ، أي انه يراعي التعبير عن العدالة ألأجتماعية غير ممكن التحقق بل العكس فأن الطبيعة التكوينية للمجتمع المستمدة من طبيعة الأنسان هو ان ألأصل فيها العدل و المساواة ، و التأريخ يثبت أنه هناك ومضات تأريخية تأكد أنه من الممكن تحقيق مثل هذه ألأنظمة ولو لفترات قصيرة ، ألا ان عدم أستمرار مثل هكذا أنظمة أنما يعود الى عدم أدراك طبيعتها ألأنسانية الراقية ، التي ترى بمشروعية الحقوق الطبيعية للأنسان ، مما يجعل الفئات المناقظة لها ــ مع انها أقلية ــ ان تستغل ما تؤمن بها ألأغلبية لها و لغيرها ، ولذلك تنقض على ألأكثرية مستخدمة أبشع الوسائل و ألأدوات السياسية و غيرها للسيطرة على النظام السياسي و العمل على ديمومة مثل هذه ألأنظمة مستخدمة أبشع الوسائل غير ألأنسانية لتحقيق مصالحها الذاتية على حساب مصالح المجموع ، و ليس التأريخ فقط يعطينا مثل هذه الحالات فقط بل الحاضر أيضآ يؤكد لنا مثل تلك الحالات حيث أنه بمجرد مرورك على أحدى وسائل التواصل الحديثة يريك تلك الصور البشعة لسيطرة المفسدين على واقع الحياة ليست السياسية فقط بل كل ما يرتبط بها من أقتصاد و أجتماع و ثقافة و دين بل حتى أبسط الحقوق الشخصية ، وان هذا لايحتاج الى أثبات بل أنه يعلن عن طبيعته بأوضح الصور . و أخيرآ أود ان أشير ان المفسدين أنواع متعددة و أنها متناقضة فيما بينها لأختلاف مصالحها بسبب طبيعة تكوينها ومعتقداتها و ثقافاتها ، ألاان هذه الفئات المفسدة تعمل على تظافر جهودها و تتحالف فيما بينها أذا ما تطلبت مصالحها ، ألا أنها بمجرد أن تتحقق مصالحها ينقلب بعضهم على بعض الى ان تسود الجماعة الأكثر أنكارآ لحقوق ألأنسان و العدالة ألأجتماعية ليسود أسوأ شكل من أشكال الفساد و ألأفساد . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أنتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الحالة الرابعة لنزع حجاب المتظاهرات.. هل تتعمده الشرطة ا


.. استشهاد طفلين وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا




.. طلاب جامعة بيرزيت يطردون السفير الألماني من المتحف الفلسطيني


.. نتنياهو: سنواصل الحرب حتى تحقيق أهدافها كافة بما في ذلك تنفي




.. باتيل: إذا لزم الأمر سنحاسب مرتكبي الجرائم بقطاع غزة