الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء الذات والشخصية المثالية

أكرم حبيب الماجد

2014 / 9 / 4
المجتمع المدني


أن الناس مراتب :
- منهم الأعلى صاحب العقل المؤيد .
- ومنهم الأدنى صاحب العقل المتصرف .
- ومنهم بين الأعلى والأدون ، يتفاضلون بالدرجات .
فالضابط المرتبي هو العقل ، أي عقل محاط بالأنوار ، وعقل محاط بالأستار ، وبينهما وسط أعلى من هذا ودون ذاك .
هكذا خلقه الله ، ومحال أن يحصل على أكثر مما قدره الخالق ، وصير قابليته ، وعلى أساس ذلك يكون سعيه ، ويطلب غايته .
وبتلك القابليات المختلفة بين البشر ، يختلف السعي ، ومثلها الغايات .
ومن هنا يكون أصل الأصول في بناء الذات تقويم العقل بتعليمه وتفهيمه .
ولكن قد يكون العقل غير متحصل في مرحلة من المراحل الأنسانية لأي سبب من الأسباب ، فيسعى بدل ذلك الى التربية النفسية للفرد تحت أمرة العقل مع بساطة حكمه اللأئقة بالنفس المطلوب تربيتها . أي يكون التركيز على تربية النفس مع بساطة الأحكام ، بشرط أن لاتخرج عن كونها أحكام عقلية .
وهكذا حتى تتلبس النفس شيئا فشيئا بأحكام العقل ، فيقوى أساسها ويشتد عودها ، ومن ثم يغلب على تصرفاتها التعقل ، فتكون نفس عاقلة ، بعد أن كانت نفس غير عاقلة .
وهذه التربية النفسية يمكن أن تستعمل مع نفس غلب عليها عدم التعقل ، أو مع نفس غلب عليها التعقل ، ولكنها في صفة أو صفات غير عاقلة أو ضعيفة فيها ، فتربى بهذا الوجه اليسير من التربية .
ويبقى الكلام على أي ضابط نربي العقل أو النفس لنبني الذات ، ونصل الى المقام الكمالي الذي خلقنا لأجله ؟.
هل الضابط هو العقائد ؟.
هل الضابط هو الولاء للأولياء والمميزين ؟.
هل الضابط هو أحكام الشرع ؟.
وهكذا هناك أسئلة كثيرة يمكن درجها في ذلك .
لمعرفة هذا كله ، وللإجابة عن الأسئلة المذكورة وغيرها ، لابد لنا أن نعرف
أولاً : أن الإنسان إبتدأ لينتهي ، أي أبتدأ بحسب خلقته وقابليته من مبدأ ما ، لينتهي عند غاية ما ، وعلى ذلك لايزال يسعى حتى ينتهي الى مقامه وكماله الذي هو ثمرة وجوده ، ولايمكن أن تكون النفس هي قائدة السير الطويل والسلوك المتنوع الموافق لسنن الخلق ، وحكمة الوجود ، وذلك لأنانيتها وتعارض أهوائها ومختلف شهواتها المتجددة ، ولعدم تعلق هواها بضابط الحق العام ، أي المهم عند النفس تحصيل طلباتها سواء كانت بحق أو بباطل ، وهذا مما يفقدها السير والسلوك الموصلين الى المقام المحمود والكمال الإنساني .
وأيضا جميع الضوابط المذكورة : عقائدية ، أو ولائية ، أو شرعية ، أو غيرها ، لاتفي بالغرض على تمامه وكماله ، لانها تكون في الكثير منها تقليد ، ومجرد طاعة خالية من العلم والفهم الحق الكاشف عن اسرار السير وقابليات النفوس وقدراتها.
وعليه فأقرب الضوابط وأيسرها في تحصيل الكمال الإنساني والمقام المحمود ، سواء كان بتربية العقل مباشرة أو بتربية النفس على اساس بساطة احكام العقل ، فإن الضابط الحق هو الحق . أي تربية العقل والنفس على العلم بالحق والعمل به .
- وخلاصة ما تقدم : أن بناء الذات لمختلف مراتب الإنسانية ، وتحصيل الشخصية المثالية ، يكون بتقويم الحق فيها ، حتى تكون الذات هي الحق .
وهذا لايعني أنه يجب أن يكون الأنسان أفضل الخلق وأعلاهم مرتبة عددية ، وإنما فضل وعلو مرتبة تعينية ،أي كل مرتبة تتعين في مقامها المناسب ، ولو كان عبدا خادما ، ضيق القابلية ، قليل العقل .
إذ من أدرك نفسه ، وعرف قدر قابليته ، وتصرف بحدوده ، فذلك من الفضل ايضا للعبد الخادم ، لأن الناس مراتب ودرجات .
وعليه لاتضع رفيع ، ولاترفع وضيع ، مادام ذلك شأنه وقدره الحق ، وإلا جئت بالباطل ، ومنه تعرف أيضا : لِمَ الأديان أقرت بالعبودية ، وعتقت ؟ .
ومثل ذلك جميع مراتب الأنسانية أعلاها ، وأدناها ، وبينهما ، ضعها حيث هي ، وانت منهم ، فضع نفسك حيث قابليتك ، ووجودك ، ولاتتجاوز حدودك ، فترد قهرا بحكمة الوجود ، وسنن الخلق الى مقامك اللأئق بك ، سواء كان عاليا أو دانيا ، أو بين ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر