الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة كالخاس الجزائري 7

مزوار محمد سعيد

2014 / 9 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا يهم ان كان الإنسان غير مركز على قضاياه في الحياة، فما هو مهم بنظري هو حياة الفرد خلال حياته، ولا تهم أيضا مقادير أو معايير إنسانية الإنسان، ما دام أنّ العلوم أو الفلسفات، الدين أو الخرافات قد تكفلت بذلك، وهذا لوضوح في الرؤيا التي جعلت من فواتح التيه وعناوين الضياع جلسة حميمية في كافة تفاصيل اللغز الكونيّ. لتبدأ الأيام بخطوة باتجاه وهج الصمود الأداتي في وجه العالم، لتحتل عناوين الأخبار معلومة طبخت بليل دامس في قاعة قليلة الضوء، أين يتواجد عدد لا بأس به من زعماء العالم المختفين، أنا لا أقصد تلك الأسماء التي يعرفها الصغير قبل الكبير في كل مساحة من هذا العالم، وإنما أنا أقصد بعض المغامرين المضاربين الذين حوّلوا العالم إلى حظيرة تضمّ ما طاب لهم من خدم وجواري؛ ولأنّ العالم أصبح ضيق جدا أمام البسيط، فقد زاد تعقيدا أمام الفيلسوف المتحمس الصابر لأغوار الأهوال، لأنّ هذا الكون بالنسبة إليه شذرة بسيطة من نوس أعظم، نوس يحمل بين زوايا فؤاده جرحا أبلغ في التعبير عن ما خفي عن كافة المتابعين، فلا يُعطى الحاضر سوى فكقطعة نقدية يخرج من ظلامها لتشتري النور، أو القليل منه. فهي تعبير عن حنين قبل أن تكون تعبيرا عن أنين، لأنّ من الأشجار المباركة هناك الزيتون وقبله التين؛ ومن الحيوانات الأسطورية هناك العنقاء وكذلك التنين، فما الخلاف في أنّ لكلّ عصر صيغته الإلهية، صيغة جعلت الإنسان أكثر بشرية مما هو ظاهر أمامه، صيغة أحبت السلطة والسطوة، وهي على استعداد للعدول على كلّ ما من شأنه إعادة الأمور إلى نوسها الجليل، فما الفرق؟ لا بد من تكرار تراتيل الولاء بلا كلل، حين يمضي البؤس بين صفحات الكفّ البشرية غير مبد للخجل، حين يلبس التفلسف عمامة صحراوية عتيقة، وحين يسامر العلم كلّ جداته من الفلسفات، علينا أن نرتاح للحظات، لأن المصير هو اليوم غير متعلق بالذات، وإنما بحث عن ذاته هو قبل الأخرين حين أدلى بدلوه في ساحة الجمهورية دون غيرها من الساحات، فيا للمأساة! يا للمعاناة!! وتعود قطرات النبيذ تتدفق من على جوانب كأس زجاجية محاولة إحاطة الجميع بالقليل من الذهان، كأنها الإنسان مستسلما على سجادة الإيمان، فما الذي يفرّق بين مبتهل يغيب عقله بنص، وبين من يغيب عنه بتأثير كأس؟ ما الفرق؟ حينما يرفع الصارخ صوتا لا بأس بالاستماع إليه عندما يسكن الهدوء الكون، وتعود الرقصة اللقيطة لأخذ مكانها على مسرح الحياة، لتطمع في علامات قد تؤدي بها إلى نبوة مستهلكة، لكن الفرد الإنساني هو الأقدر على الثبات، لأنّ نومه على رصيف شارع في وسط واشنطن هو نفسه النوم على قارعة أزقة حلب، ولكن مع اختلاف طفيف وتعديل نحيف للأحلام، فالحالم بلاس فيغاس ليس هو الحالم بالسبحة أو القرطاس؛ الأمران ليسا سيان؛ منذ ستينات القرن الماضي نادى رجل أسود المظهر خليطا من البيض والسود قائلا: أنا أحمل حلما ومضى، كانت تلك فاتحة لقرآن جديد وإسلام غريب، ومع ذلك بقيت تلك الكلمات تنير مواقع أحجار الطريق، ذاك الذي يقود إلى نهايته من خلال البداية، ذاك الذي خصّ الكثيرين بألم وليد، وعليه بكى فيلسوف قرطبة بألم كبير، بكى قدرا ولد مشلولا في بيئة جاهلة بالفلسفات، لا تفقه سوى بطنها أو أصابع بطونها بلا عودة إلى تعقيل الإمكانات والقدرات، إذ هناك فرق غير بسيط ما بين أن تكون من الموجودين أو تكون من الخائنين، وما المغزى؟ فهناك أغلبية لا تهتم، بل أنها تضع الأحوال على قارعة الأحلام التي ولدت من أرحام الشوارع، ما ذنب الزانية التي زنت بواسطة فكرها؟ ما ذنب الجماهير التي أحالت المستقبل هوسا لا يدركه إلا هالك، وما أخبار السلاطين والممالك، بل ما خبر الملِك الملاك؟ هذه الرؤيا هي الأخطر إن ما هي أحيلت على العتاب، إن ما هي تمرّدت على العقاب، إن ما هي عوقبت بغلق الأبواب وتجرع السراب، ليعود شبح عاشقات الفيلسوف إلى صلب الموضوع، فتحاول إحداهنّ كشف عذريته بلا وجل، عذرية حافظ عليها الفيلسوف باقتدار، فهو لا يحبذ أن يكون كغيره من الرهط الفاجر المتفاخر، ولأنه رجل مختلف عن غيره بواسطة نوس الجلالة فهو قادر على إحلال النباهة محل الجهالة، إنه قادر على قلب ميزان الاعتماد إلى خصم للعمادة، وعليه فإنّ عاشقة الفيلسوف استأثرت بما تحمله بين فخضيها الأنيقيْن، وبما لها من براعة في سرد القصص، فراحت تحاول عبر تقنياتها المغرية أن تسكت عقل الفيلسوف إن هي استطاعت، لأنها مؤمنة بأنّ عقله هو آخر حاجز أمام شفتيْه وما يحمله بين رجليْه، فهذه العاشقة تدرك جيّدا أنّ فيلسوفها أقوى إن كان مستكينا في مجال هدوء نهديْه، بينما هو غير قادر على التحكم بذاته إن ما هو فقد عصارة مخيْه، ولهذا عملت العاشقة جاهدة على أن تضع فيلسوفها في حالة الاضطراب، حاولت عبر صيغها المهتمة بما لديه، حاولت بمحاولاتها التي استهدفت منارة الفيلسوف فضربت على أوتار عواطفه وما يجيد تكبيله من إثارتيْه، لكنها لم تستسلم، لأنها قالت لخلجاتها: هناك أمر ما يدفع "الفيلسوف" إلى عدم الاكتراث بما هو عليه. في المقابل يرى الفيلسوف حكايته هذه مع عشيقته كحكاية ألكسندر مع أميرة بابل، وعليه هو يشتاق إلى النهاية قبل أن يخوض البداية، بداية هي الأصعب من حيث المخاطرة على من يستخدمون نوس عقولهم من أجل تسيير حياتهم، وعليه فإنّ الفلسفة أمام العشق كحالة الفأس أمام الشق، الكل يتهافت من أجل منفذ آمن لما يرونه خطرا، إلا الفيلسوف فإنه يدخل الأخطر ليزداد امتصاصا للخطر، حال عالجتها الفلسفة منذ أن ولدت في أيونية، وتربت على أرض تساليا، وتكوّنت بين لفافات حبات الرمال الساخنة، كما أنها عادت لتستهلك شباب شظف صوف الثلج الأوربيّ، وسبحت في مياه إحدى البحيرات الكبرى على أراضي العالم الجديد. لأنّه ليس بمقدور كلمة واحدة أن تجمّل معاني الإنسان، ليس باستطاعة الفرد أن يكون في ظل الزمان، لأنّه أكبر من أيّ برهان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط


.. النازحون يعبرون عن آمالهم بنجاح جهود وقف إطلاق النار كي يتسن




.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: نتنياهو ولأسبابه السياسية الخاص


.. ما آخر التطورات وتداعيات القصف الإسرائيلي على المنطقة الوسطى




.. ثالث أكبر جالية أجنبية في ألمانيا.. السوريون هم الأسرع في ال