الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة كالخاس الجزائري 9

مزوار محمد سعيد

2014 / 9 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




فلسفة كالخاس الجزائري 9

تبدأ الحكاية من الأخت الثالثة التي لا تختلف عن كافة الجزائريات في التفكير البسيط، فحين تلتف لحظات الضعف بالفرد الإنساني يصبح الإنسان عجينة كريهة التكوين، وعليه يسير الفرد الإنساني غير مدرك ما يدور من حوله سوى شذرات، وعلى هذا المبدأ يظهر الألم جليلا وغير مكترث لما يحصل للإنسان، لأنّ الحياة قد تأخذ أجمل ما يمكن للإنسان استغلاله، فالفرد الذي لا يؤمن بحياة البشر، هو غير قادر على فهم نفسيات هؤلاء البشر.
نعم! تبدأ الحكاية من لحظة ضعف، تبدأ بالأحرى عند استغلال تلك اللحظة الموسومة بالضعف، ولكنّ الثقة التي تتولّد عن لحظات الضعف هي الهوّة الكبرى، عندما يشعر الإنسان بعدم الجدوى من وقوعه في دائرة لحظات الضعف، لأنّ الكلأ الذي يحرق الناس هو نفسه الذي ينميهم، والعلم الذي ينفع الإنسان هو ذاته الذي يهلكه، والفلسفة التي ترتقي بالبشر هي التي قد تجعلهم يقعون في اللغو والهدر.
مستغلي ضعف البشر كثر، هم مصاصي الأحلام في كل زمن، أو في سائر الأزمان، وعلى هذه القاعدة يتبنى الفرد الإنساني مشروعا يائسا، يهرب من حالته الضعيفة ويمقتها، ويصرخ من الألم، فيعاد إلى الألم، إنها مؤلمة لحد الجحود في اللحود.
لا تكفّر الدمعة عن هول الذنوب، لا يجعل المراعي كافة الأبقار سعيدة، لأنّ امتلاك الأشياء لا يعني امتلاك بهجتها كما جاء على لسان إحدى جميلات العرب الجدد، وهي التي تسطّر الكثير من علوم الأرض وفلسفات السماء، وكأنّ العالم هو القدر، وكأنما الإنسان هو ضحية هذا القَدَر، ففي ليل يكيد البشر لأخيه من البشر، وعلامة ذلك أنّ المصالح هي العليا بينما الروح الإنسانية هي أرخص من ان تسأل الذات البشرية عن وجودها.
للروح ذرّ روحانيتها التي تزعم الوجود، ومن غلاف الإنسانية يقتات الموجود، ومن علاقات البشر يظهر المعدن النقي من حامل الشائبة، وعلى أساس المنازل يرتصف البشر، إنّ لكلّ منا علامته التي تؤسس لما هو قادر على فضح الصورة التي تعشق الاختباء، فكم من فرد عالج المأساة بالملهاة؟
رزق الأرواح لا يضاهيه زوج من العفاريت، إنّ متعة الأمور ليست في فداحتها، وإنما هي تشتمل على ما تملكه في غمرة من التعطيل بين ما يمكن الأخذ به على كافة المستويات، لا أحد بإمكانه معرفة ما يخبئه الغد له، لكنه يستطيع شرب العلامات التي تترجم إلى مَلَكات الرسائل التي تسير وفق فضائل المصاعب، إنّ المسالك التي قد يختارها الفرد مكرها ليست سوى تعبير عن ضعف أخلاقي، حتى الأخلاق تحتاج إلى أخلاقها، ومنه يتولّد جميع ما يمكن تحذير الإنسان من الإفراط في التعبير عن إنسانيته لأنها قد تكون قاتلة.
ليست الحياة كما تظهر للكثيرين، لأنّها ليست قادرة على معرفة ما يجعل الفرد الإنساني سعيدا، حتى أنّ المسار المعتاد لأيّ فرد في أيّ ثقافة هو بمثابة تعطيل للنحو الثقافي المبدع، كون أنّ الفرد الإنساني هو غير معروف إن كان على بيّنة من أمور تختزل علامات تموقع الذات بالنسبة له، حيث يتغيّر الفرد على حسب ما بإمكانه الخروج منه، وعلى غبطة الأوهام قد يضيّع الفرد الإنساني كل جميل في حياته البالية، حيث انّ البشر يحاول جاهدا تحديد بوصلة اللؤلؤة السوداء، قبل أن يكتشف بأنّ من أهداه إياها كان مدركا بأنها لا تعمل ولا ترشد.
تنغمس النفسية البشرية في تخيّل أهدافها، ويعود البؤس المنتشر ليخيّم بجانب قصر التفاؤل، كون أنّ الفرد الإنساني هو الحامل لكلّ خيارات المفاتيح الوجلة، على مبدأ العودة تشتاق الروح إلى هدف ترويحها، لابد من العودة، لابد من نفض الغبار من على عيون العقل، لا سبيل لوجود الإنسان إن لم يعود بين الفينة والاخرى، إنّه باب من أبواب النجاة.
سبيل الفلسفة أن تجعل الفرد الإنساني يستيقظ، أن ينظر إلى الهفوة التي تتمرّد عليه كلما سار على نشوة متأرجحة الوجود، ما وُجد الإنسان من أجل أن يكون مذموما خانعا، وإنما لحياته ثمن لا يدفعه سوى هو، لا يكون هذا الثمن من جسمه بل هو يدفعه من جسده، إنّ العصور على اختلافها تتناول إنسانا واحدا، وكوني باحثا في الإنسان فإنه هو خير الموجودات وأشرفها، وكوني إنسان فانا أبحث في إنسانيتي قبل كلّ المباحث الأخرى.
عاقبة رائعة تلك التي يتفطن إليها الإنسان وهو على وسادة الإعدام الاجتماعي، ما أجمل هذ النوع من الإعدام وما أعذب ذوقه وهو ينال مني، ألا أنّ المرء هو الأقدر وهو الأجدر وهو الأخطر في كافة الأوقات والظروف، فسواء كان الإنسان هالكا أو مهلكا فإنني شخصيا افضل أن أكون مهلَكا، إنه الخلاص، إنه لخلاص رائع من ظرف اجتماعي مكبل بما رسب فيه من نجاسة الماضي، معظم القابعين معي في واقع كهذا يقدسون الماضي ويجلونه إلى مستوى القداسة، كون أنّ العالم ليس سوى أمرا غالبا ما يكون عنوانا لبقا لكافة أنواع المشتريات الروحية، لم أجرب الخمر في ايّ من أيامي، لكنني أتمنى لو أنني أشعر بما يشعر به ذاك المذهب لعقله، لكن !!
لا يمكنني أن أجربه، لأنني لا أحمل ثقافة شعبية تجعلني أرى الجنة محصورة في زجاجة، ولكنني أحدس مذاقه وتأثيره، كون الكثير من الأمور تنبؤ بأنّ معظم من هم حولي وأنا منهم هم سكارى، ليسوا سكاري بخمر ينتقدونها، وإنما هم سكارى بماض يعشقونه ويطبقونه في عصر مخالف لتكوينه.
تقوى الذات هو من تقوى الروح، لا أحد، أكرر: لا أحد بإمكانه أن يدفع فاتورة خاطئة المقصد، لكنني أكاد أجزم بأنّ الكثير من البشر يدفعون أقساطا من أرواحهم دون دراية منهم، فعلى أسس العنـاد ينام الضمير دون هلوسة، هذه الأمور تجعلني كثير التفكير، وتصنع مني كافرا بمجتمع لا آخذ منه سوى الاسم.

"... الختم والآجر، لم يأتيا بعد، بالمصير المحتوم
(...) وكرجل رحيم، أظهر له من رحمته... "
(غلغامش: أسطورة بابلية)

علاقات الروح هي التي تحدد مباهج الحياة، ليست بالضرورة أن تتعلق الروح بروح أخرى، فلو تمكنت من التعلق بما هي ترجحه عبر العقل فإنها ستكون سعيدة كما كانت تأمل أمي حين سمتني بـ: سعيد.
ما أحاول نقله إلى الناس هو أنّ الإنسان لا يمكن حصره في الماضي، هو مخلوق المستقبل بعيونه الخاصة، لما يحب الفرد الخضوع للجماعة دون أن تحاول هذه الأخيرة تفهمه، يا له من مخلوق يحب قداسته، ولكنه لا يشتريها، إنه يجعل من طريقه ساحبا ومعلقا وكثير الرجاء، على قطعة تسعد كثيرا عند إذلاله، وتعاقبه جدّا إن هو أراد لروحه المزيد من الحرية.
صدقوني!!
أنا لا أملك الكثير من الخيارات في حياتي، لكنني أتجاهل الكثير منها لا لحجة سوى أنها قد أصبحت بالية، لا خير في أمة تعشق الثقوب البالية، وعليه أنا اليوم أتمنى "لو كنت ترابا"، ليس يأسا مني، ولكن يأسا من اليأس الذي يئس دون إذن من اليأس الصالح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: إسرائيل تريد الدخول إلى رفح.. لكنّ الأمور


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق الحالية بين حماس




.. صحيفة يديعوت أحرونوت: إصابة جندي من وحدة -اليمام- خلال عملية


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. نتنياهو يعلن الإقرار بالإجماع قررت بالإجماع على إغلاق قناة ا