الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبودية الأجر

محمد ابداح

2014 / 9 / 5
المجتمع المدني


عبودية الأجر هو مصطلح يصف إستغلال القوى الإقتصادية للفئات المعتمدة بشكل تام على العمل مقابل إجور غالباً لاتتناسب وحجم الأعمال المنجزة، وبحيث ينعدم الفرق في الحقوق والواجبات بين حالة توظيف أو إمتلاك العامل، وقد ظهر هذا المفهوم في بداية القرن التاسع عشر مع ظهور الأفكار الإشتراكية المناهضة للأنظمة الرأسمالية، ليشمل حقلاً واسعاً من الأعمال المختلفة ، فعلى سبيل المثال يعتبرالعمل عند شخص ما نتيجة انعدام الخيارات الوظيفية الأخرى نوعا من أنواع العبودية وفق هذا المفهوم(1)، وكان من أهم المنظرين لهذا الفكر( كارل ماركس)، في فترة الثورة الصناعية، ويرجع أصل المصطلح إلى المظاهرات العمالية خلال منتصف القرن التاسع عشر،وفكرة ان ثمة تشابه بين أجر العمل وبين الرق بدأ الحديث عنها من قبل المعارضين للرأسمالية(2)، وكان المدافعون عن العبودية في الولايات الأمريكية الجنوبية، يدفعون بأن العمال كانوا أحرارا فقط بالاسم ولكنهم عبيد المجهود المضني الأبدي، وبأن عبيدهم كانوا في حال أفضل من أوضاع العمال في الولايات الشمالية.
وقد أوضح (كارل ماركس) فكرة عبودية الأجر، على أنها تحد من شأن الوجود والاستقلال الفردي، باعتبارها قائمة على مادية الجسد والحرية وسبغ الطابع المادي البحت عليهما، فوفق رأي ماركس فإن البروليتاري ( العامل)، هو ملك الطبقة البرجوازية ، وهي الطبقة التي تشتري عمل العبد فقط ، والبروليتاري لايملك شخصية قانونية، فهذا الوجود مكفول فقط للطقبة المتنفذة، والعبد خارج هذا النطاق وفقاً لتعريف ماركس، كما أن العبد هو ملك لصاحبه، فقيمة العبد للماك هي أعلى من قيمة العامل الذي قد يستقيل، أو يسرح من العمل، أو يستبدل، لهذا السبب، ولا يسرح أو يطرد العبيد مثل عمال الأجور، ويقوم صاحب العبد باستثمار أفضل من حيث مبلغ المال الذي يصرفه على عبيده، لهذا السبب، في أوقات الكساد الاقتصادي، لا يمكن، طرد العبيد كما يسرح عادة بعض العمال، وهنالك العديد من الاستراتيجيات والنضالات المتبناة من عبيد الأجور، التي أسفر عنها بداية تشكل النقابات، ومراكز الضمان الاجتماعي التي تستطيع الحد من الظلم الناتج عن عبودية الأجر، وبخلاف العبد يستطيع عبد الأجر إختيار رئيسه، وأسوأ خيار بالنسبة لعبد الأجر هو إما العمل عند رئيس أو مواجهة الفقر، وحين يرفض العبد أن يعمل، فثمة جملة من العقوبات عليه مواجهتها كالضرب والحرمان من الطعام، أو القتل(3)، غير أن الجدل الدائر حول طبيعة عبودية الأجر، كان يعتقد بشكل عام أن تهديد الموت جوعا هو ما يجبر الفئات المستضعفة للعمل في ظل ظروف لاإنسانية، كعمال المناجم في العديد من دول العالم ، وكي لانذهب بعيد أذكر أني في عام 2007 ذهبت للمشاركة بأحد المعارض الدولية في الشارقة، وقد وجدت بأن أجور عمال النظافة في معرض ( إكسبو الشارقة) يتقاضون 250 دولارا شهرياً ، وتلك الأجور منخفضة جدا وبشكل استثنائي وبمعدل 16 ساعة عمل يوميا، وكان غالبية العمال من دول آسيوية كباكستان والهند وبنغلادش، وقد علمت مباشرة من بعض هؤلاء العمال أن أصحاب العمل يتنصلون من إلتزاماتهم أمام العمال ، علاوة على أن العامل يدفع 2500 دولار مقابل تأشيرة عمل ملحقة بعقد عمل ، وهذا عمل غير قانوني أصلاً، لكن يوجد سماسرة لهذا النوع من العقود ، وعليه فيمكن القول بأن عبودية الآجر قد حلّت مكان العبودية بمفهومها التقليدي، وربما كان تقاطع مصالح أصحاب العمل مع مصالح العمال، أدى لوجود النقابات العمالية والتي باتت هي الأخرى منابر سياسية لتبادل المصالح الخاصة ، بيد أن من يتخيل أن التجار وأصحاب النفوذ لايجتمعون كما يجتمع ممثلي القطاعات العمالية والنقابية، فهو كمن يريد إدراك المحال، فالسادة يجتمعون دائماً وبأجواء يمكن وصفها بالحميمية!، وهم متفقون فيما بينهم على عدم زيادة أجور العمال، وإن فعلوا فسيكون ذلك لغايات التهدئة وذ التراب في العيون فقط، وللعدة أسباب أهمها وأبسطها بذات الوقت أن غالبية الشركات الضخمة والناجحة، يكون مدراءها أو أعضاء مجالس إدارتها إما وزراء أومسؤولين سابقين أو لاحقين في دول تلك الشركات، وبعبارة أخرى فهم أصحاب نفوذ وقرار، ولذا فهم لن يقوموا بسن تشريعات تأتي على حساب مصالحهم الشخصية، وذلك لتخفيض الخسائر وجني المزيد من الأرباح!.
المحامي محمد ابداح
____________________________________________________________
1- فرانكس تايلور، تاريخ الطبقات الإجتماعية ،(غير مترجم)، ص 184، جون إستلر ، ناشرون وموزعون، 1994م، الترقيم الدولي: ISBN 978-0-8153-0342-8.
2- الحرية والعبودية في ظل الرأسمالية الحديثة، مقدمة لكارل ماركس، ص 124، (غير مترجم)، مطبعة جامعة كامبردج 1986م.
3- الحرية والعبودية في ظل الرأسمالية الحديثة، مرجع سابق، ص 127.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون


.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر




.. كل يوم - خالد أبو بكر: الغذاء ينفد والوقود يتضاءل -المجاعة س