الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السقيفه من منظور إسلامي ( نقد لمقال قديم )

صلاح شهاب
باحث

(Salah Shehab)

2014 / 9 / 6
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


حاولت مرة أن أنشر مقال خاص بي في حقل الدراسات التاريخية , فكتبت مقال مطول بعض الشئ مستغلا لنشر سيد القمني مقال له بجريدة القاهرة التابعة لوزارة الثقافة المصرية , فقمت بكتابة رد وتفنيد لمقاله المنشور , ثم نمط مقالي جيدا , وتوجهت للمؤرخ الراحل عبادة كحيلة لارى رايه فيما كتبت , أعجبه بعض الشئ , وقام شاكراً , بإصلاح بعض الأخطاء الإملائية , وأعطاني كارت خاص به للمساعدة في نشره , توجهت على إثرها لكاتب كبير لمحاولة نشر مقالي بجريدته التي يرأس تحريرها , قرا مقالي , ثم اثنى به بعض الشئ , ولكنه للأسف لم ينشره يومها , ثم تناسيت الآمر , لأني في الحقيقة كنت على علم مسبق بصعوبة النشر .

أحاول مرة آخرى اليوم جاهداً بنشر المقال الذي يعد توجهه إسلاميا خالص في موقع يعبر عن الفكر اليساري العلماني , ورغم أن هذا يعد غريباً بعض الشئ , إلا أنه سيكون عزاءي الوحيد لعدم نشره في المرة الآولى والتي كانت من حوالي اربع سنوات , وسأقوم بنشره دون تغيير أو تبديل أو حتى مراجعه لإفكاره , ليكون بهيئته الآولى , فأرجو أن يحوذ بعض من إعجابكم , فأنا لم أغير فيه شئ سوى العنوان فقد كان بعنوان " ستظل السقيفة هي أول قمة إسلامية لحماية كيان الدولة الناشئة " , المقال طويل بعض الشيء , فقد كان كالتالي : " فوجئت يوم الثلاثاء4/5/2010 م بمقال منشور في جريدة القاهرة الإسبوعية لسيد القمني : تحت عنوان ( الإستثمار الإنتهازي للدين في قمة سقيفة بني ساعدة ) يطرح فيه القمني أفكاراً خاطئة في محاولة منه لقراءة الحدث التاريخي بعد وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم – فقررت الرد على ماجاء بمقاله في محاولة لاستبيان الحقيقة التاريخية وتجريدها من التأويل الخاطئ للنص , ولسوف يكون هذا شرف لي و لأي باحث أراد قراءة جديدة ليوم السقيفة , التي تعد بحق أول قمة إسلامية لوضع أسس الدولة الإسلامية الناشئة في محاولة من صحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – لإنقاذ الكيان الذي تركه الرسول , والحفاظ على ترابطه وتماسكه , لقد ذكر القمني ووضع منهج لمقاله على أساس أن المحرك في يوم السقيفة ومحور النقاش فيها هو التعصب القبلي بين فريقي الصحابة من المهاجرين والأنصار , وحاول رسم إطار محدد بأن كل فريق منهم كان ينافس ويجاهد الآخر للحصول على مكاسب دنيوية – التي ليس من شأنها أن تعيب الصحابة فقط ولكنها تعيب الدين الإسلامي كله , الذي جاء لينادي بمساواة البشر كافة , ومحاولة اظهاره بأنه لم يستطع نبذ التعصب القبلي والقضاء عليه – فكيف لدين ملئ الدنيا عدلاً ونوراً أن لا يستطيع تغيير نفوس من تحملوا العبء الأكبر على أكتافهم وحملوا راية التنوير لنشر هذا الدين إلى العالم أجمع .

من قال أن التنافس في يوم السقيفة كان محاولة منهم لإستثمار انتهازي للدين حسب أسبقية كل منهم وعطائه , وهذا بعينه تأويل للنص التاريخي , فليس معنى المشاورات والحوارات التي دارت بأنها كانت من أجل مكاسب دنيوية , ولكنها كانت رؤاهم الخاصة لحمل اللواء وراية التوحيد , ليكون على عاتق من يحملها المسير على نفس الطريق الذي خطه الرسول – صلى الله عليه وسلم – قبيل الوفاة لنشر الدين في ربوع البلدان ونواحيها , ودليلنا على ذلك تقشف ابي بكر الصديق وزهده , فلو كان يريد مكاسب دنيوية أو سلطاناً في الأرض لما كان يذهب في أول يوم بعد توليه الخلافة إلى السوق , ويحمل فوق ظهره دقيقاً ليتلمس قوت يومه , ويثبت ذلك أيضاً رقع جلباب عمر الذي دانت له الأرض من مشارقها إلى مغاربها , ونحن لاننكر تنافس الصحابة على الزعامة بعد موت الرسول , ولكننا بناء على ما أورده الأستاذ / محمد راتب النابلسي , حيث قال بأنها صفة لم تكن فيهم وأنها لحظية ذهبت عنهم مسرعة بعد التيقن واختيار الصواب .

لقد كان جدالهم في يوم السقيفة يدور حول من الأحق بقيادة الدولة للعبوربها من عسرة كان ممكن ان تعصف بكل ما تم بناؤه بعد غزوات وتضحيات ودماء شهداء اريقت في سبيل نشر رسالة التوحيد وبناء دولة مترابطة فمرض ووفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم دون ان يعقب أو يخلف على المسلمين من احد جاء سريعا خاطفا لعقول الجميع فلقد رأينا عقول كثيرة طاشت ولم تستطع تحمل واستثاغة خبر وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم – فكيف سنتصور ماذا سيفعله العرب حديثو العهد بالاسلام بعد الإعلان عن الوفاة , وهذا ما تم بالفعل حيث ارتد كثير من القبائل العربية عن الدين ورفضت دفع الجزية لدولة المدينة وهذا ما قابله أبو بكر – رضي الله عنه – بكل حزم وقوة وبعد أن قال كلمته الشهيرة " والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله لحاربتهم عليه " .

وليس معنى النظام الذي استحدثه الصحابه باقتصار رئاسة المسلمين على المهاجرين أو أن تئول الخلافة إلى شخص أبي بكر أن تصبح مدينة الرسول ( أصر الكاتب بذكر اسمها القديم يثرب كلما تطرق للحديث عنها ) فيئاً لقريش و كأنها بخلافة الصديق ستصادر من أهلها الأنصار لصالح مهاجري قريش .

أما الرد على ملاحظته الثانية لقوله إن ماتوضح من خطب الصحابة بحسبان الرسالة المحمدية موجهة للعرب وحدهم دون الناس , وعدم الإشارة للفرس أو للروم وغيرهم كقول سعد بن عبادة " حتى استقامت العرب بسيوفنا لأمر الله طوعاً وكرهاً " فهذا شيء طبيعي لأن حدود الدولة في ذلك الوقت كانت مقتصرة على القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية , وفتوحات الأقاليم الفارسية والرومية جاءت في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما – أي بعد حادثة السقيفة بسنوات وليس من المعقول ان تذكر اجناس لأقوام لم تدخل بعد زمرة المسلمين .

تجاهل الكاتب كل كتب التاريخ والسير التي تحكي عن حسن جهاد المسلمين ومعاملتهم لمن دان لهم بالولاء والطاعة وعدم التخريب والمساس لأي مدينة وقعت في أيديهم – محاولة منه لفرض تفسيره بقيام المسلمين بغزواتهم الأولى ماكان موجهاً إلا للسبي والفيء والغنائم وأن هذا كله كان مايطمح إليه العربي هرباً من قحط الصحراء , وأن ماقام به المسلمون في بدر كان لضرب تجارة قريش – وهذا مناقض للواقع الصحيح , لأن المسلمين قاموا بمحاربة قريش لاسترداد جزء صغير من أموالهم التي فاتها المهاجرون لهم فراراً بدينهم من البطش والتنكيل ولاكتساب حق ضائع لهم , وأنهم قاموا بحملاتهم المتتالية – التي اذهلت العالم بأسره – لنشر الرسالة السمحاء وإقامة العدل الذي تهاوى تحت جدران أعتى إمبراطوريتين في التاريخ الوسيط .

أما عن مدى صلاحية اختيار الصديق للخلافة فاعتقد انه كان الصواب بعينه فلم يكن هناك من هو أحق بها منه , فهو في المرتبة الأولى للمسلمين بعد الرسول – صلى الله عليه وسلم – وهو صاحبه الذي اختاره ليكون رفيقه في هجرته , وكما أن الله قدم المهاجرين على الأنصار فقد قدم الرسول أبا بكر على المهاجرين , فيذكر أن الرسول عندما اشتد به المرض قال لصحابته " مروا أبا بكر فليصلي بالناس " وكررها عليهم مرتين عندما راجتعه السيدة عائشة – رضي الله عنها – لا لشيء إلا لرقة قلب ابيها وبكائه عند قراءة القرءان , هذا بجانب أن الصديق أثبت أنه كان الأجدر بالخلافة بين الصحابة لمقدرته على التصدي لفتنة المرتدين من القبائل .

ولقد أورد كاتبنا أخطاء بالجملة هي كفيلة لدحض أفكاره التي طرحها , منها أن علياً – رضي الله عنه – كان زعيم اً للهاشميين , وأنا أسأل كيف يكون علي زعيم البيت الهاشمي وعمه العباس بن عبد المطلب على قيد الحياة ( توفى عام 32 ه ) كما انه ذهب بان معنى لفظ " أمير المؤمنين"الذي اختاره عمر بن الخطاب لنفسه هو أنه أميراً على أهل الجيل الأول من المهاجرين والأنصار وهذا أيضاً غير صحيح لأن اللفظ بمعنى المسلمين كافة من عرب وعجم – وذلك دليل على حنكة عمر بن الخطاب لأن الدولة في عهده ضمت شعوب عدة دخلوا جميعهم في الإسلام عن قناعة , فلقد ورد هذا اللفظ في القرءان الكريم دالاً على أهل الإسلام " .


معلومة بسيطة , ردي كان على ماتم نشره في جريدة القاهرة فقط لأن الموضوع أعيد نشره بموقع الحوار المتمدن بتاريخ 29 / 11 / 2011 بعنوان قمة السقيفة قراءة مخالفة , كما أنوه أن ردي كان من حوالي أربع سنوات مضت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء الاسرائيلي يستبق رد حماس على مقترح الهدنة | الأ


.. فرنسا : أي علاقة بين الأطفال والشاشات • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد مقتل -أم فهد-.. جدل حول مصير البلوغرز في العراق | #منصات


.. كيف تصف علاقتك بـمأكولات -الديلفري- وتطبيقات طلبات الطعام؟




.. الصين والولايات المتحدة.. مقارنة بين الجيشين| #التاسعة