الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأشياء الحقيقية

محمد ابداح

2014 / 9 / 7
المجتمع المدني


لطالما تسائلت عن مدى أهمية وضرورة وجود الجملة المطبوعة على المرآة الجانبية لسيارتي والتي ورد فيه بأن ( أبعاد الصور التي تبدو في المرآة ليس حقيقية ) ، فما يهم هو أن ترى الأشياء المتحركة أو الثابتة حول سيارتك كي تنتبه لها أثناء قيادتك وخصوصا عند المنعطفات، إلا أن موقفا حدث معي صباح الخميس الفائت جعلني أعيد النظر في التأمل بحقيقة الجملة السابقة، فقد توجهت إلى عملي في صبيحة ذلك اليوم وأذكر بانني قد أحضرت قهوتي معي للسيارة لأنني خرجت متأخرا قليلا فلم يتسنى لي احتساءها في المنزل ، فلست ممن يفضلون شرب القهوة في السيارة، وعلى أية حال فور دخولي لطريق المطار أسرعت قليلا في القيادة ، ولكن لاحظت بأن سيارة سوداء مسرعة خلفي تضيء لي الفلاشر ( الضوء العالي) بشكل متكرر وملفت للنظر ، وقد بدت لي كشبح أسود يطاردني، مما أربكني كثيرا ، وكان يطلق زامور سيارته أيضا ، مما أربكني الأمر فاعتقدت بأنه يحثني على الإسراع أكثر، ولكني لم اعره انتباها، ولكنه استمر في إطلاق زامور سيارته بشكل مستمر وإضاءة الفلاشر، فقمت بالإسراع قليلا في القيادة كي ابتعد عنه واختصارا لشره، وبعدها تخلصت منه ومن ازعاجه المربك حقاً، خفّضت سرعتي قليلاً ثم اشعلت سيجارة وانا افكر فيما حدث، محاولا تفسير تصرف ذلك السائق الطائش والمتسرع، وقبل أن أنهي سيجارتي كنت قد وصلت لأول إشارة مرورية فتوقفت عندها، وما إن فعلت ذلك حتى أصطف بجاني الأيمن ذلك الغراب الأسود ، وأطلق زعيق سيارته مجددا فنظرت إليه بغضب شديد وأشرت بيدي له وصرخت ماذا تريد ؟ ، فاشار إلي بيده أن افتح النافذة، ففعلت ذلك وأنا أجهز في عقلي بعض الألفاظ السيئة كي أرميه بها قبل أن تضيءالإشارة الخضراء، ولكن ما إن فتحت النافذة من جهة اليمن ، حتى بادرني بابتسامة قائل يا أخي نمرة سيارتك سقطت في وسط الشارع قبل خمسة أميال !!! ، وأحببت أن أخبرك بذلك !!
أضاءت الإشارة اللون الأخضر ، فذهب ذلك الشخص من أمامي ، وأدرت سيارتي عائدا من الناحية الثانية المعاكسة بعد الإشارة خمسة أميال أخرى بحثاً عن نمرة السيارة والتي لم أجدها ابداً، مما إضطرني للإبلاغ عنها في قسم الشرطة ، ودائرة السير لاحقا من أجل استخراج بدل فاقد.
ومن حينها كلما نظرت لمرآة السيارة الجانبية، تذكرت كم هي هامة تلك التفاصيل الصغيرة والتي لانلقي لها بالا، ومن بينها أن نحسن الظن بغيرنا وألا نتسرع في الحكم على الأشياء، ولكن الطريف في الأمر بأنني نظرت إلى نفسي بالمرآة طويلا بعد ذلك الموقف ، ثم قلت لنفسي .. لا ليس لهذه الدرجة فإنه حتما أنت الذي تبدو في المرآة وليس شخص آخر.
محمد ابداح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون


.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر




.. كل يوم - خالد أبو بكر: الغذاء ينفد والوقود يتضاءل -المجاعة س