الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن أي دعوة إلهية تتحدثون؟

نهاري عبد القادر

2014 / 9 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نرى اليوم دولة كالدنمارك وما جاورها من الدول الاسكندنافية تحقق اعظم انجاز في تاريخ الحضارة الإنسانية وهي تقف على اروع ما حققه الإنسان حيث تشير الاحصائيات الحديثة أن نسبة الاجرام تكاد تنعدم فيها نتيجة الاجراءات التشريعية المتخذة فيها، فقد تحولت السجون فيها الى شبه مدارس و مراكز تهتم بإعادة التأهيل الفكري والذهني للمسجون فيتحصل فيها على ما يصحح أفكاره وأخلاقه وما يجعله يدرك مدى خطورة ما قام به ومدى سوء الفكر الذي كان يسيطر عليه، وكل هذا بفضل التقدم الفكري الحضاري لهذه البلدان الذي يعكس ما وصل إليه العقل الانساني المفكر و المجدد لنفسه وفق ما تقتضيه معطيات الزمان تماشيا مع تقدم المعرفة الإنسانية.
وعلى عكس كل هذا، نرى في عالمنا المتخلف فكريا تيارات رجعية متخلفة فكريا تدعوا الى الرجوع الى الماضي وفق معطيات تجاوزها الزمن فنراها تدعوا الى القتل و الجلد و الرجم وتقطيع الأيدي بحكم تطبيق شرع الله و تحت شعار: دفاعا عن رسالة جاءت رحمة للعالمين تدعوا الى إله هو أرحم بالعبد من أمه !!
وكثيرا منا اليوم أيضا، نراهم ينتقدون ما تقوم به داعش في كل من سوريا و العراق في حين إذا جزأت أفكار داعش وفق ما جاء به الفقه الموروث وعرضتها الواحدة تلو الأخرى لوافقوها جميعا، ولعل الشائع بين الناس اليوم هو كون داعش لا تمثل الإسلام !! وأنا أتساءل: عن أي اسلام تتحدثون؟ فإن كان ما تتحدثون عنه هو دعوة محمد فالإنسان الحضاري المتمدن العارف بالإنسانية أولى و أحق بها، وان كان ما تتحدثون عنه هو الاسلام المدون في كتب الموروث فإن داعش تمثله حقا وهو ليس بريئا منها لأنها صنيعته فما تقوم به هذه الجماعة الاجرامية الغير انسانية هو تطبيق حرفي لما جاء في كتب الفقه وهو ما روج له الفقهاء عبر أربع عشر قرنا من الزمن.
ولعل كل ما يحدث اليوم من دعوات الجهل من قتل و ذبح وغيرها بحكم انها أحكام إلهية و دعوة ربانية هو في حقيقة الأمر هوس ديني تعيشه الأنفس التي تنازلت تماما عن عقلها الذي هو ميزة بني آدم وابتعدت عن رؤية الواقع بأعينها واتبعت ما رأى سلفها في زمانه مَثَلها كمثل الأعمى الذي لا يرى العالم إلا من خلال ما قيل و قال.
الإنسان ابن بيئته وزمانه ومن خلالهما يستوعب أفكاره فيؤثر ويتأثر ولا يمكنه أن يعيش خارج هذين الحدين فلا يمكن له أن يدرك معطيات من عاش قبله كما هم أيضا لم يكن من الممكن لهم أن يتكهنوا لما كان سيعيشه هو اليوم، فما أنعمه الله علينا من عقل وبصيرة وحواس هو صالح لفهم الوجود مادام بين حدي بيئته و زمانه، وان التاريخ ليشهد أن المعرفة الإنسانية تسير منذ نشأة الإنسان وفق منحنى تصاعدي الى أجل مسمى، فكل جيل يأتي هو أدرى بالوجود من سابقه، ومهما عظمت مكانة من كان قبلنا من شخصيات وعلماء و زعماء لو عادوا الى الحياة اليوم ما استطاعوا أن يكونوا بقدر العظمة التي كانوا عليها وسيجدون أنفسهم مجبرين على اتباع ابناء هذه البيئة و هذا الزمان ولعل النبي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال: " لو كان موسى عليه السلام حيا ما وسعه الا أن يتبعني" كان مدركا تمام الإدراك لهذه الفكرة فهو بالنسبة له أكثر ادراكا وفهما لمتطلبات الوجود في زمانه مثلما نحن اليوم أكثر فهما لمتطلباتنا وأكثر فهما للوجود في زماننا من اي شخص عاش قبلنا.
إنه ما من شيء أجمل للإنسان من أن يكون حرا طليقا، وأنه ما من حرية أجمل من حرية العقل وأن يطلق العنان لفكره ليسير في صراط فطرته التي فطره الله عليها نحو فهم هذا الوجود فالإنسان قبل كل شيء جزء من هذا الموجود وعلى هذا الإنسان أن يرى العالم بعينيه لا بعيني غيره ممن سبقوه في الزمان و المكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اليس هذا تناقض في قولك ام هي مجاملات؟!!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 9 / 8 - 04:10 )
عن اي دعوة الاهية تتحدثون؟؟.الدعوة الالاهية التي يتحدثون عنها هو الاسلام؟؟. او ليس من يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين؟؟.ما هو الاسلام؟؟.هل الاسلام هو ما سطر في كتب الحديث فقط؟؟. لا ياخي. ان ما تطبقه داعش هي اوامر الاهية منصوص عليها في القرآن نفسه .افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها؟؟.وهذه الآية تنطبق على كل من يتنقد داعش ويدعي انها زاعت عن الطريق. اما استنادك على قول محمد لو كان موسى ..... ـ فلماذا لم يقل عيسى ـ فانت تعرف جيدا ما ذا تعني السياسة ومتطلباتها.(فإن كان ما تتحدثون عنه هو دعوة محمد فالإنسان الحضاري المتمدن العارف بالإنسانية أولى و أحق بها ) هل حقا تقصد ما تقول ام انها تورية؟؟. ماهي دعوة محمد؟؟. اليس دعوة محمد هو القرآن؟. فهل الانسان الحضاري اولى بما جآء به القرآن؟.ام تعني ان ما سنته الحضارة من قوانين هي اولى من دعوة محمد وبهذا تنسف الدين الاسلامي من اساسه واي اولوية هنا يا رجل. كن صريحا مع نفسك وقل: الاسلام جاء لـ بيئته فقط وهو دعوة بشرية هدفها الاصلاح آنذاك ونحن ادرى بـشؤوننا.اما الاعتراف بان الاسلام دين سماوي هو الاعتراف بداعش وارهابها.


2 - مراوغة
جابر بن حيان ( 2014 / 9 / 8 - 10:36 )
مراوغة ليس لها ثبات فهل انت مع الاسلام ام ضده اذا كنت مع الاسلام فداعش تمثله احسن تمثيل واذا كنت ضد الاسلام فالدانمارك لا علاقة لها بالسلام


3 - استدراك
جابر بن حيان ( 2014 / 9 / 8 - 20:27 )
اردت ان اقول الدانمارك لا علاقة لها بالاسلام

اخر الافلام

.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج


.. 101-Al-Baqarah




.. 93- Al-Baqarah


.. 94- Al-Baqarah




.. 95-Al-Baqarah