الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية الإقصاء_ الإدماج القسري في الجانب التعليمي للاجئين الفلسطينيين في لبنان

رهان القيمري

2014 / 9 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كتب فرانز فانون بأسلوبه البلاغي الجميل ونثره اللاذع في كتابه معذبو الأرض، عن قيام المستعمِر بتفريغ الزمن وتجميده عند المستعمَر، والتساؤل هنا هل تُمثل دولة لبنان مع كل سياسات التضييق التي تقوم بها فيما يتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، عنجهية المستعمِر والتي تدفعه إلى الإدعاء بأنه يعرف، وبالتالي يسمح بنفسه بتحويل الأمور حسب مصالحه وأهدافه، والاستدلال على ذلك اعتبار التوطين الفزاعة التي كثيراً ماستخدمتها الحكومة اللبنانية لتبرير هذه السياسات، باعتبار اللاجئين كتلة سياسية مؤقتة تنتظر العودة.
فعلى الرغم من أن المستعمَر(الفلسطينيين اللاجئين في لبنان) يشعر بسبب شروط حياته اليومية، أن أقصى مايتمناه بأن يتوافر له فرصة للتعليم والعمل وبشكل طبيعي دون تمييز، الا أنه لايزالون يعانون من التهميش والعزلة تارة، والادماج القسري تارة أخرى.
ولقد حاولت في هذه الدراسة التركيز على ثنائية واضحة (الإقصاء_ الادماج القسري) في الجانب التعليمي باعتبارها مرتبطة بذلك الكائن(الطالب الفلسطيني) الذي يُعتبر جزء لايتجزأ من حالة الإقصاء– الإدماج القسري في لبنان المهمش والمدمج قسرياً، باعتبار تلك الحالة تؤكد على وجود نوع من التراجع الكارثي والتفكك المتنامي للمستوى التعليمي والذي أدت إلى تثاقف دراسي سلبي، فالمتعلم الفلسطيني لم يعد له الرغبة في الاستمرار في الجو المدرسي نتيجة مايجبر عليه من عوائق وتضييقات تحد من من طموحه التعليمي وتطلعاته التربوي وبالتالي يحد من ثقفته بنفسه، ففي الوقت الذي يُجبر المتعلمون الفلسطينيون في لبنان على تلقي المنهاج اللبناني- المبني على فكرة خصوصية الهوية اللبنانية مقابل التغاضي هوية هؤلاء المتعلمون- فإنهم يقصون اجتماعيا واقتصادياعن سوق العمل.
واعتمدت تلك الورقة، إلى إبراز إشكالية أيدولوجية سوسيولوجية، تمثل حالة استثنائية خاصة بتعليم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وذلك من خلال مفارقتان (حدين) الأولى: تركز على معايير التدامج القسرية بين الفئة الوافدة والمجتمع المضيف، والتي تتعلق بإدماجهم القسري في الجانب التعليمي، والثانية: اعتبارهم مؤقتي الإقامة، مرفوضين مهمشين، تصل لدرجة افتقارهم إلى حقوقهم وإقصاءهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فوضع اللاجئين في لبنان يتسم بالحرمان والتجريد من حقوقهم الأساسية.
وفي ذلك الجانب تكشف تلك الإشكالية عن اللاتكافؤ الواضح في الفرص والانتهاكات الحقوقية التي شرعتها الدساتير/القوانين اللبنانية، والتي جعلت الكثير من الطلاب فقدوا الدافع والحافز للتعليم. فالتثاقف القسري من المشكلات الحقيقية التي تظهرجلياً داخل مدارس الأنروا والتي تؤثر على الحافز لاستكمال التعليم للطلاب الفلسطينيين في لبنان، فهي تمثل ثقافة السيد (لبنان) بالعبد (اللاجئين الفلسطينيين)، والتي تظهر جليا من خلال المقاربات التالية: المقاربة الأولى : تصور قومي ضيق للانتماء الوطني الفلسطيني في المقرر الدراسي اللبناني والتي تقتصرفقط على ورقتان يتيمتان تختزلان وطن_ حسب ماوصفها الباحث راجانا حمبة_ في كتاب تاريخ الصفين التاسع الأساسي والثانوي الأخير. حيث لا تتعدى المعلومات داخلها التعريف بالحركة الصهيونية وأساليبها في احتلال فلسطين، إضافة إلى نبذة عن الحروب العربية الإسرائيلية وبضع فقرات تتحدث عن اتفاقية سايكس بيكو و وعد بلفور.وهما على ضآلتها، غير مطلوبتين للامتحانات الرسمية، والسبب، أن الأونروا ليست حرة بالتصرف كما تشاء_ فهي تلتزم بما تفرضه وزارة التربية اللبنانية_ لكونها تتبع المنهاج اللبناني بموجب اتفاقيات تبرمها مع البلد المضيف. أما المقاربة الثانية فهي: محدودية تمكن اللاجئين الفلسطينيين من الحق في تقلد الوظائف في لبنان، والتي أدت بدورها إلى تنامي ظاهرة النفور من محيط المؤسسة التعليمية وفقدان المعنى للتعليم حيث أن النظام التربوي داخلها ظل بعيدا عن الاهداف المنشودة بإعداد الأفراد للالتحاق بسوق العمل، كونه يُعتبر مفصولاً عن الحياة اليومية، نظرا لغياب التطبيق من الحق في تقلد الوظائف بحكم قوانين العمل والتوظيف التمييزية للسلطات الرسمية اتجاههم، فإغلاق مختلف المهن أمام اللاجئين الفلسطينيين قلّل كثيرا من إيمانهم بالجدوى الاقتصادية للتعليم. أما بالنسبة المعيقات / المثبطات التي يواجهها الطلاب الفلسطينيون في لبنان في الميدان التربوي والبيداغوجي، والتي تعود إلى : أ- خلفيات الطلاب الإقصائية الإجتماعية الإقتصادية، مما يجعل الطلاب يتعثرون في حياتهم الأكاديمية والتي تدفعهم إلى ترك مقاعد المدرسة من أجل الحصول على عمل مأجور/ مهنة لإعالة أسرهم في سن مبكرة وفي الورش غير الآمنة وغير المضمونة صحياً، ب- تراجع في مستويات التعليم لدى مدارس الأنروا بلبنان التي تقوم بتأمين الخدمات التعليمية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فالمؤسسة التعليميةأصبحت فضاء عائق يفقد الكثير من خصائصها ووظائفها التربوي المؤسسة، وذلك بوجودعدة تعقيدات كازدحام الصفوف/ القاعات التي تضم الواحدة منها مابين 50-55% طالباً في كثير من المدارس، الترفيع الآلي، ارتفاع في معدلات الرسوب العبء التدريسي و انتشار ظاهرة إساءة معاملة التلاميذ من قبل المعلمين والعلاقة الضعيفة بينهما، غياب وضعف الأنشطة اللامهجية والنشاطات الإبداعية، عدم صلاحية العديد من مباني المدارس وسوء تجهيزتها، النقص الشديد في الوسائل التعليمية الحديثة (المكتبة، أجهزة حاسوب، مختبرات وملاعب)، تقليص خدمات الأنروا في المجال التعليمي بسبب العجز المالي لديها، تتبع الأنروا نظام الفترتين بسبب قلة عدد المدارس مقارنة بعدد الطلاب، عدم توفر دورات تأهيلية للمعلمين، عدم توفر التقنيات الحديثة لمواكبة المناهج الجديدة وقلة عدد مدارس التعليم الثانوية(مثلا يوجد ثانوية واحدة لأربعة مخيمات في منطقة صور) ... الخ ، ج- الطلبة الفلسطينيين في لبنان يواجهون مشكلة متابعة دراستهم الجامعية، حيث أن الأنروا لاتتدخل في التعليم مابعد الثانوي للفلسطينيين وبالتالي فإن الجامعات اللبنانية_ التي هي تعتبر متاحة لجميع الطلبة المقيمين في لبنان_ تصنف الفلسطينيون في خانة الأجانب الأمر الذي يلحق بهم الضرر من ناحيتين : الأولى ، عدم تمكن عددا كبيرا منهم من الالتحاق بالجامعات اللبنانية الحكومية(كالجامعة اللبنانية مثلا) لأن حصة جميع الأجانب الغير اللبنانيين من إجمالي عدد الطلبة هي 5% فقط. والثانية، عدم قبولهم في كليات العلوم والطب والهندسة والصيدلة والزراعة والصحة العامة والتربية التي يقتصر الالتحاق بها على المواطنين اللبنانيين. وبهذا تبقى الجامعات الخاصة الباب الوحيد أمامهم ولكن هذا الباب مكلف حيث تصل الاقساط أحيانا إلى 1500/ 2000 دولار امريكي سنويا بحسب الجامعة والكلية الجامعية، إضافة إلى محدودية المنح والقروض التي تقدمها المؤسسات لدعم للطلبة المقبولين في الجامعات الخاصة.
وتبقى المفارقة هنا فإنه على الرغم من تلك المعوقات والحالات (الإقصائية– الادماجية) التي أدت إلى تدهور العملية التربوية في مدارس الأنروا في لبنان، إلا أن هنالك بقعة ضوء تسهم إلى حد بعيد بوجود نوع من التحدي الإيجابي لدى الطلاب الفلسطينيون واستبصارهم لأهمية التعليم _ باعتباره رأسمال ثقافي_ في حياتهم وارتباطها في تحديد نوعية الحياة التي سيحظى بها هؤلاء مستقبلا، خصوصا في مجتمع لاجئ لا تشكل فيه الملكية أو رأس المال من مكونات حياته الإقتصادية.
وبالتالي رفض فكرة الإقصاء من خلال أيدولوجية البيو سياسية(bio- politics) والتي تعتبر الفلسطينيين أجساداً لابد من إطعامها وإيوائها دون أن يكون لها دور/ حضور، وبأنهم يمثلون كتلة سياسية مؤقتة تنتظر العودة ولذلك فإن اللاجئون يعتبرون التعليم هو عامل أساسي يساهم في ضحد تلك الأيدولوجية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا