الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حدود العلاقة بين العقل والنقل عند أبو حامد الغزالي

علي رمضان فاضل علي

2014 / 9 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حدود العلاقة بين العقل والنقل عند أبو حامد الغزالي
اختلف الباحثين حول رؤية أبو حامد الغزالي وتوفيقه بين العقل والنقل : هناك من ينفي هذه العلاقة على اعتبار أن الغزالي رفض الفلسفة وهناك من يثبتها على اعتبار أن هناك نفحات عقلية في بعض المواضيع التي تناولها الغزالي .
في بعض المواقف نجد أبو حامد الغزالي يعلي من قيمة العقل علي النقل , وفي مواقف أخري يلوم من يقدم النقل علي العقل ففي كتابة الاقتصاد في الاعتقاد يلوم علي بعض الفرق ومنهم الحشوية التي كانت تعتمد علي التقليد وتأخذ بظاهر النص وكان يري أن هذه الفرقة وقعت في التناقص عندما اعتمدت علي التقليد وابتعدت عن الاجتهاد في استنباط الأحكام بواسطة العقل.
يري أنة لا توجد معاندة بين الشرع المنقول والحق المعقول اذ يقول" إن من ظن من الحشوية وجوب الجمود على التقليد، واتباع الظواهر ما أتوا به إلا من ضعف العقول وقلة البصائر. وإ-;-ن من تغلغل من الفلاسفة وغلاة المعتزلة في تصرف العقل حتى صادموا به قواطع الشرع ، ما أتوا به إلا من خبث الضمائر. فميل أولئك إلى التفريط وميل هؤلاء إلى الإفراط ، وكلاهما بعيد عن الحزم والاحتياط. بل الواجب المحتوم في قواعد الاعتقاد ملازمة الاقتصاد والاعتماد على الصراط المستقيم، فكلا طرفي قصد الأمور ذميم. وأنى يستتب الرشاد لمن يقنع بتقليد الأثر والخبر، وينكر مناهج البحث والنظر، أو لا يعلم انه لا مستند للشرع إلا قول سيد البشر صلى الله عليه وسلم، وبرهان العقل هو الذي عرف به صدقه فيما أخبر، وكيف يهتدي للصواب من اقتفى محض العقل واقتصر، وما استضاء بنور الشرع ولا استبصر ؟ فليت شعري كيف يفزع إلى العقل من حيث يعتريه العي والحصر ؟ أو لا يعلم أن العقل قاصر وأن مجاله ضيق منحصر؟ هيهات قد خاب على القطع والبتات وتعثر بأذيال الضلالات من لم يجمع بتأليف الشرع والعقل هذا الشتات. فمثال العقل البصر السليم عن الآفات والاذاء . ومثال القران الشمس المنتشرة الضياء. فاخلق بأن يكون طالب الاهتداء . المستغني إذا استغني بأحدهما عن الآخر في غمار الأغبياء ، فالمعرض عن العقل مكتفيا بنور القران ، مثاله المتعرض لنور الشمس مغمضا للأجفان ، فلا فرق بينه وبين العميان. فالعقل مع الشرع نور على نور، والملاحظ بالعين العور لأحدهما على الخصوص متدل بحبل غرو"
في هذا النص نري أبو حامد عمل علي التوفيق بين العقل وبين النقل فبدون العقل لا يمكن فهم النقل وبدون النقل لا يستطيع الإنسان التعرف علي الغيبيات التي لا تدرك إلا بالحواس , ولكنة في موقف أخر ينقض الرأي الأول ويقصر البصيرة وإدراك الغيبيات علي فيئه قليلة من الخواص وهؤلاء هم فقط من شرح الله صدورهم , ومنحهم نعمة البصيرة أما غيرهم فعوام يضرهم العلم فيقول مؤكداً هذا الرأي : " نور العقل كرامة لا يخص الله بها إلا الآحاد من أوليائه، والغالب على الخلق القصور ، فهم لقصورهم لا يدركون براهين العقول كما لا تدرك نور الشمس أبصار الخفافيش. فهؤلاء تضر بهم العلوم "
الخلاصة
من النصوص السابقة يتضح أن أبو حامد الغزالي كان يرغب في التوفيق بين العقل والشرع من جهة ومن جهة أخري وضع حدود علي العقل , وعلي التفكير , وجعل العقل والتفكير محصوران فقط في إثبات صحة وصدق النقل فإذا خرج العقل عن الإطار الذي رسمه له أبو حامد الغزالي فان صاحبة يقع في المحظور ويكون من الضالين المضلين , وجعل خاصية الفهم والبصيرة وإدراك الغيبيات قاصرة علي فيئه صغيرة فقط هي الفيئة التي كرمها الله ومنحها هذه المنحة الإلهية. معني كلام أبو حامد الغزالي أن الإنسان إذا فكر واعمل عقلة في النصوص الدينية ولكن تفكيره هذا تمخض عن رأي مخالف لرأي أبو حامد وزمرته فان صاحب الرأي والنظر يحكم علية بالكفر كما حدث مع الفارابي , وابن سيناء عندما جاء رأيهم مخالفاً لرأي الغزالي في بعض القضايا الفلسفية المتعلقة بالغيبيات . من هنا يمكن القول ان ابو حامد الغزالي جعل العقل فقط في خدمة النقل , وهذا ما أدي الي الجمود الفكري والابتعاد عن الاجتهاد واعمال العقل في النصوص الدينية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين