الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة كالخاس الجزائري 10

مزوار محمد سعيد

2014 / 9 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




فلسفة كالخاس الجزائري 10
"يمكنكّ أن تقوم بأيّ شيء" هذه هي نقطة الانطلاقة التي على الفرد الإنساني القيام بها، إنها نصيحة من أبي خلال جلسة حميمية في منزلنا تحت أوراق نبتة الكروم، ويا لها من ملاحظة تختصر حياة بأكملها، حيث يعود الفرد الإنساني إلى حياته، أو دعوني أوضح: هو يعود إلى "تحدّي" حياته، والإقبال عليها وفق ما يمكنه العمل عليه من خلال ما هو متوفر لديه، لأنّ السقوط لا يعني الفشل.
ما أروع الحياة بمصاعبها ودموعها، إذ أنّ الفرد الإنساني يجد في هذه المشقات أسبابا عديدة للعيش، وعلى هذه الأسس يمكن للكثيرين تحمّل مشقة العيش على مساحة تزداد ضيقا تدعى الأرض، إذ تبقى هناك إمكانية في أحلك الظروف والسبل.
يجعل الإنسان من حياته مسخرة، لا تضاهيها تلك المكتوبة في الروايات، وإنما هي تلك العملية التي تريحه كلما طلب المزيد من العمر، خاصة وأنّ الأمور التي تعالج اللوازم المسترسلة هي عوامل تسبح في بحر من الفلسفات والأفكار، فلا بد من العمل الجاد، لا بدّ من الاسترجال في لحظات، حيث يتخلى الفرد الإنساني عن الفتات.
لا يمكن التركيز في خضم المواعدة الأبدية، لأنّ العامل المتحكم فيها هو لغز حيوي لا تدركه الشعبية الثقافية، وعلى مبدأ التنازل الذي يسكّن أوقات الضعفاء، فإنّ العلامة الفارقة في كلية العامل الإنساني هي تلك التي تخرج من قطرات عرقه، إذ يصبح الإجلال صفة مقدسة في براثين العمل الفكري، ويعود الإنسان إلى مسالك العمر، عندما يتحول فؤاده عن نواهد الجلاء، ومن هذه العملية البسيطة تتكوّن كل مؤهلات الفرد الإنساني، على أساس أنّ الحياة هي الأكبر، وبضغط نفسيّ واضح وصاف، تظهر الأعماق البشرية بسيطة من أجل الأخذ بالضعف، هو الملجأ الأسهل لمن يرهن حياته بيديْه.
لا يمكن ان توجد نهاية للطموح، ومن هذه المبادئ الأصيلة تتكوّن أغزر حسنات الأفعال، لأنّ الأقدار هي الأصلح للتكفّل برزق البشر، خاصة وأنهم يعوّلون على فترات النجاح المؤقت، إذ لا يمكنهم تجاوز ما يدور من قهر، حتى لوازم الأعمال هي جزء من عراقيل تبحث عن حب الفرد الإنساني مهما كلفتها المشقة من حمولات، ولأنّ الفرد ذاته هو عسير عن الفهم، فإنّ الفضاء الذي يقطنه أو هو شاغله هو مُلكٌ لما يسمى بطبقات العلاج الروحي، إنها مراحل تتابع بخيط رفيع ينسلخ من جادة النجوم المؤهلة للخلود، فلا أيّ من الأمور هي مبالغ فيها إن هي عادت إلى مجمّع الوجود.
ليس غريبا أت يحبّ الناس بعضهم على طريقة حب القطة لأبنائها، فهي من شدة حبها لهم هي تأكلهم إن هي اشتمت منهم روائح غريبة، وعلى هذا المنعطف الإنساني تبنى الكثير من أنواع العلاقات البشرية التي تتلون على حسب الوارد والمراجع، لكن لكلّ منها منهجه وطاقته الفعالة التي تقوده إلى مؤخرة التصنيف.
ينسى الفرد الإنساني إنسانيته أحيانا، فيغمض عينيْه، ويستدرك بهذه الخطوة مراحل قد فاتته من أجل الانطلاق من جديد، لأنه بالنسبة لي: لا يوجد أجمل ولا أروع ولا أسمى من فرد صلب لا يستسلم مهما كانت الشدائد، إذ العوامل التي ترد إلى الفرد الإنساني على قسوتها هي التي تدفع الكثيرين إلى المجد، إذ الإنسان هو العامل على تكوين الظرف الذي يسايره كوسام على صدر خشن، أو كبريق صاف نابع من أصابع أحد الرسامين حين تغمسها في دهانه النقي، فلا أحد لديْه العصا التي تحرّك حياته.
ما يهمّ البشر هو الإتيان بما ليس لديهم كمورد للعشق، فلطالما كانوا على هيئة أناس يجهلون ما يصدّر لهم، لأنّ أساطير العمق لا تتخلى عن مقصدها حين يُذكر الفرد الإنساني في حضرتها، ولأنّ العامل النفسي هو جزء من الروح، فإنّها هي التي تكوّن "العظماء" أو "الجبناء"، كلّ رهين باختياره.
يتناسى الرجل الميّت بأنه ميّت، يحاول مكفهرا إخضاع أمنيته الأبدية لشروط عادات مجتمعه البالية، ومع ذلك هو لا يأبه، يجلس على مقعد حديقة خشبي، يأخذ نفسا عميقا، يرفع رأسه محلقا بنظره في الأفق البعيد، ويتساءل: ما معنى الحياة؟ لربما لا يتمكن أحد من الإجابة عن سؤال كهذا، فلما لا نغيّر السؤال: ما الفرق بين أن يموت الإنسان في سنه العشرين، أو أن يموت في سنه العشرين بعد المائة؟؟ هكذا أفضل، إنه همس الرجل الميّت لذاته الوفية له وحده؛ فمنذ زمن وهذا الرجل يحاول هزّ ثقته التي لا تفارق حلمه، هو شخص شفاف، لا يجد أيّ حرج في التعبير عن خلجاته علنا، ربما هذا ما يجعله متميّزا، فعندما يتميّز الرجل بعواطفه تلك هي المفارقة، إذ على المجتمع أن يعيد النظر مرتيْن في إنسان كهذا، لأنّ الرجل هم محرومون من التعبير عن خلجاتهم، حرام عليهم أن يحبوا، محرّم عليهم أن يبدوه لغيرهم، وإن ما تجرأ واحد منهم وأقدم على هذه الخطوة، فمصيره معروف لدا الجميع، لكن بالمقابل: ما الفائدة من عقاب رجل ميّت أصلا؟ يكفيه موته. حين يجلس الإنسان مع عمره، ربما العمر بالنسبة لبعض الشر لا يتجاوز قيمة ذاك المقعد الخشبي، وعلى هذا الأساس يطوّر الإنسان ذاته ويملي إرادته على الكلّ، لا يمكن أن يجعل الفرد الإنسان حياته أكبر، هي تحمل حدودا معيّنة، فنظرة من الرجل الميّت كفيلة بأن يعود المرء إلى حضن إنسانيته المفقود، إذ العلامة الفارقة التي تجعل الإنسان حاضرا هي أعظم، أعظم من كلّ المسلمات التي لا تتنازل عن سيادة البعض، إنها الألغاز التي لا بد للبعض من العودة إليها، ومع ذلك فإنّ الرجل الميّت هو خارج إطارها؛ بل هو المتمرّد عليها ولو كلّفه ذلك أمانيه.

"... وفجأة علا الضحك الجارف بين صفوف الآلهة "المباركين"، عندما أبصروا "هيفايستوس" يلهث في أرجاء القصر(...) وذهب "زوس" الأولمبي، سيد البرق، إلى مخدعه، إذ كان يتوق منذ أمد إلى الراحة، بعد أن داعب النوم الحلو جفونه. فصعد إلى هناك ونام، وإلى جواره رقدت "هيرا" ذات العرش الذهبي... "
(الإلياذة: هوميروس)

يبقى موقف الرجل عنوانا بارزا لوجوده، هكذا لزم الفرد الإنساني مجده، وحدد مكانه ولقبه، فإن لم يكن التفكير هو الخلاص، فإنّ البأس سيعشش في كافة الزوايا والمحلات، وإن لم يعد النزيلة القاتلة إلى الرجل الميّت، فما جدوى موته؟ إنّ الأمور بأسبابها وهالاتها، وكلّ أمر لا يُعنى بما لديه من تلخيصات وتعابير، يجد أنّ الفرد الإنساني هو خال من التبجيل، لأنّ لعبة الحياة هي نواة تستغل الوهن الذاتي من أجل اصباغه بما لديها من ألـم، وعلى أسس التراحم يكون من المهم الأخذ بما لدا الفرد الإنساني من إهمال، كون أنّ الإنسان لا يمكنه التأجيل، تأجيل أجله. فالورود هي مصدر الرحيق، كما أنّها بعد السحق القاسي تولّد أعطر العطور، وإن كان الإنسان من أهمّ مزايا هذه الحياة، فعلى الإنسانية أن تكرر مسراتها كلّ حين، وعلى القرن المعوز أن يضاعف رصيده من المعرفة، فليس الإنسان دائم التواجد لأنّ أكبر من أن يكون في الموجود، ولأنّ نار الأسفل أسعر مما يحكى عليها، فإنّ المكانة المرجوة من العالم الآخر هي هوس يصيب السلّم المستهلك من طرف الكثيرين، إنّ الأمور ليست كما تظهر، وتغيير زوايا الرؤية هو تغيير كليّ للفكرة، فالمنشأ الفكري هو حالة يائسة تحاول التأسيس لما هو قادر على حفظ الكرامة المهدورة، لا يمكن أن تكون الإمكانية حكرا على القوّة، لأنّ الإنسان هو معلّم نفسه، ومهما قسى عليه الزمن هو الذي ينجي نفسه، ويكسبها كل ما تستحقه من نقاوة، كون الإنسان هو ملك مسجى بعذاب السبق المحجوز له من الازل.
ثورة القَدَر هي ثروة التقدير، أساس كل ما له صلة بالمعايير الجميلة للإنسان الذي يهتم كل الاهتمام بما هو عليه، ولأنّ الفرد هو معبّر شرس عن حياته، فإنّه المدبّر لقضاياه مهما يكن فإنّ العالَم لا سلم من ضرورات التراجيديا الإنسانية، فلم يحتفل المانغا في مخدعها سوى بعدما أن ضمنت شقاء مجملا لمن يدّعون الاستملاك لكل ما يدبّ فوق هذه الأرض، فلا السلطان هو سيّد الزمان، ولا العرفان هو طريق النجاة بالنسبة للإنسان.
ما أطيب العيش وفوق الفرد الإنساني جبل لا يترنح، وما أروع الحياة التي تؤخذ بالتقسيط، وما ألذّ الدنيا وهي تكشف عن كلّ مفاتنها للإنسان كعاهرة حاملة للمبادئ، وما أظلم الأفراد إلاّ رجلا فقد كل شيء، ولم يرهن أيّ شيء، في سبيل مراهنته على عقله، هذه حال الحياة عندما يقسوا الفرد الإنساني على مَلَكاته المبذولة من أجل تمكين الإنسان من التعلق بالمقولات التي تعبّر عن الإمعان.
آخر الكلمات هي تلك التي تحمل خلاصة دهر بكامله، فخطوات الإنسان المحسوبة على مرقده المقدس هي بمثابة أفاعي لا تظهر، لكنها تترصده كلما أرادت، لأنّ الحكمة هي البلسم الذي لا يخضع للمعيار المضبوط، لأنّ الناس في خلواتهم أبشع بكثير وهم متمسكين ببريتهم من تلك الصورة الحضارية التي يتعلقون بها في العلن، إنها أمور واضحة لأولي الألباب كما هو يبدوا.
أحببتُ أن أكون معلّما لذاتي قبل أن أكون ناصحا للآخرين، فرشد الرجال هو من سلامة مرشديهم، وافضل من يرشد الفرد إلى طريقه هي تلك العملية التي تركز على الإنسان كفردانية، وإلا لما وجدت القبور في الحالة الاعتيادية فرادى!
كل من لا يحب ذاته هو ظالم لها بطريقة مباشرة أو غير ذلك، إنه سر من خبايا اليومي بالنسبة للفرد الإنساني، وفي طيف رموش الزلل، يكون من الضروري الإبقاء على قواعد اللعب في إطار إدراك ما هو فعّال للفاعلية ذاتها، كون أنّ المجتمع أصغر من أن يُطاع.
لا يجد الإنسان حرجا من التعبير عما يدور في جوفه، فكونه يحاول التغلب عما يريده، فهو لا يملّ من العودة إلى مكانته الاولى، إنها مكتسبات العالـَم؛ وعلى خريطة الأرواح تبدوا روح الإنسان براقة بلا رجعة إلى البدء الأوّل، فيكون عليه أن يسير وفق بوصلة فكرية-ثقافية-فلسفية متميّزة، لأنه لا يكتف بما يعود إليه من دون سبب، إنها حالة بشرية عالية الدقة والتجريد، ولكـنه قادر على التمييز، تلك العملية التي تُظهر صوره الجميلة من بين أهم العلامات المتواجدة بين الناس والأناس.
جميع أفكار البشر تحركه فكرة وحيدة، فمهما بلغ التعقيد فإنها تقبع في نواة ذاك المعقد، وكأن الإنسان لا يمكنه التعود على ما لديه، ليجد ذاته قائمة على ما يصنعه، ومن هذا استنتج الحكماء انّ الفكرة هي أهم من الصنع، فبلا الأولى لا تكون الثانية تماما، بينما قد توجد الثانية عرجاء بدون الأولى، وهي مفارقة جديدة/قديمة في عالم التواجد العام للكيان الإنساني.
علامات الأفراد نابعة من عمق الروح، ولكل روح ما لها من مجلات للحركة والتعبير، إذ يمكن التصديق على الأرواح طبقا لما تملك وما تستطيع توسيعه، فهي بهذا تعود إلى كافة الأفراد من أجل سلك المسالك التي تجعلها قادرة على فرض وجودها أو التناغم مع ما يمكنها من الوجود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: إسرائيل تريد الدخول إلى رفح.. لكنّ الأمور


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق الحالية بين حماس




.. صحيفة يديعوت أحرونوت: إصابة جندي من وحدة -اليمام- خلال عملية


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. نتنياهو يعلن الإقرار بالإجماع قررت بالإجماع على إغلاق قناة ا